الفصل الرابع و العشرون

42.3K 1.7K 340
                                    

الفصل الرابع و العشرين

فتح باب شقته فى تكاسل و همة خائرة و تمنى من صميم قلبه ان لا يجدها بالداخل و لكن تلك الحركة الحثيثة التى يسمعها كانت لها و هى تعد له طعام العشاء .. تعجب من حاله فقد نزل عنها لشقة ابيه بحال و صعد اليها بحال مغاير تماما و حمد الله انه لم يتهور و يطاوع قلبه و يخبرها بمكنوناته و الا كان فى تلك اللحظة فى موقف يحسد عليه و خاصة بعد ما قرأ رسالة اخيه الراحل و ما تضمنته .. تنهد فى ضيق و هو يدلف للداخل و لم يلق التحية كعادته بل اندفع لحجرته كالطلقة حتى انها توقفت مدهوشة و هى تحمل الأطباق فى سبيلها لوضعها على المائدة و هى تراه على هذه الحالة المذعورة ..

تبعته فى هدوء و طرقت باب غرفته لكن لا مجيب فما كان له القدرة على الرد .. عاودت الطرق هاتفة فى بساطة :- العشا جاهز يا ناصر .. مش هتاكل و لا ايه !؟..

اخيرا وجد صوته و هتف فى اضطراب :- لا مش هاكل .. مش عايز ..

تنهدت فى تعجب و ما ان همت بالابتعاد عن باب الغرفة حتى عاودت الرجوع اليه فى تهور مدفوعة برغبتها فى معرفة ما يجرى و بالفضول لكشف حقيقة تمنعه عن تناول العشاء معها فهى ليست عادته فقد استشعرت فى الأيام الماضية كيف كان ذلك يسعده و ان اجتماعهما معا بات شئ مستساغ بل محبب له اذا جاز لها التعبير و ان لم تكن مشاعرها تخونها .. فقد بات يأنس لها و يستطيب عشرتها طرقت الباب من جديد فى اصرار هاتفة :- انا مش هاكل الا لو انت طلعت تاكل ..

هتف و هو يفتح الباب بعنف

مزمجرا :- عنك ما كلتى ..

ما ان فتح الباب و طالعه محياها المصدوم لقوله الجاف و تلك الدموع التى تترقرق فى تلك اللحظة على حافتى عينيها التى يعشق حتى صرخ بلا وعى منه :- فيه ايه ..!؟.. انتِ عايزة منى ايه ..!؟.. سبينى ف حالى بقى .. حلى عنى ..

و اندفع خارج الغرفة متخطيا إياها فى قسوة جعلتها تهتز حتى كادت تسقط مترنحة و خرج صافقا الباب خلفه فى شدة لتنفجر باكية و هى لا تعلم ماذا جنت حتى يكون هذا هو رد فعله ..

قفز هو درجات السلم لأعلى فى سرعة مدفوعا بتلك النيران المتأججة بصدره و التى اشعلتها نظراتها تجاهه ما ان فتح باب غرفته ليطالعها قبالته تلومه و تجلده .. تنهد فى ضيق و هو يجلس على تلك الأريكة بالسطح محاولا إلتقاط انفاسه فى تلاحق لعلها تطفئ بعض مما يعانيه و تخفف و لو قليلا من ذاك الوجع الذى يستشعره بروحه .. تمدد على الأريكة و هو يتحسس خطاب اخيه الذى أودعه جيب سترته التى ضمها حول جسده و هو يتمدد على الأريكة الخشبية و قد بدأت نسمة الخريف الليلية تشتد برودة .. انه لن يعاود الهبوط لشقته فلا قبل له لمواجهتها من جديد و تلك النظرات المتسائلة فى براءة ستظل تلاحقه بالسؤال عن جريرتها و لا اجابة لديه .. و بالمثل لن يستطع النزول للمبيت فى شقة ابيه و الا بدأت التساؤلات من هنا و هناك عن السبب الذى دفعه لترك شقته و النزول للمبيت بالأسفل..

رباب النوح و البوح .. ميراث العشق و الدموع ٣ .. مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن