الجُزء الاول

89 7 9
                                    

يدخُلان و صوتُ ضحِكاتِهما يتعالى بِلا ايّ ادنى اهتمام للرائحة التي لا يعرفُ احُدُهما عن ماهيتها، مُمسكانِ يد بعضهما البعض و ترتفعُ اقدامُهُما الى مِقبضِ الباب ما ان يصلا اليه اذ بهِ يُفتح..... قدمانِ كبيرة تفصِلُ بين يديّ طفلين صغيرين فيسقُطا ارضاً و يتغطى جسميهُما بالدخان الآتي مِن الغرفة التي فتحها لهما قاتِلُ حياتِهُما.
بعدَ ثلاثةِ ايام امسكَ رئيسُ الشُرطة بيدِهما و همس في اذُنيهِما:
سـ اعتني بِكما و ازورُكُما من فترةٍ لأخرى.
امسك الفتى بيدِ صديقتِه و قال:
لا تحزني سـ يُصبِحُ لدينا اصدقاء كُثُر هنا.
الفتاة؟ وجهُها متبلد المشاعر لم تُظهر ايّ ردة فعل على كلام اي شخصٍ في الايام الثلاثةِ الماضية، هل هذا مُتوقع من طفلة بِعُمر ٦ سنين؟ او فتى يتكلم كثيراً لكن مشاعره من المستحيل ان تظهر عليه بعِمر ٨ سنين اللعنة على القتَلَة.
دخلا الميتم و استقبلتهما احد البالغين و طلب رئيسُ الشُرطة ان تكون لهما غُرفةً خاصة بعيدة عن بقية الغُرف و منفردة.
وافقوا على طلبه و شكر الطفل الصغير رئيس الشرطة و امسكت بِهما البالِغة و ذهبت بهما للغرفة و تركتهما على انفراد و اغلق الطفل الباب و انار الغرفة و ذهب للفتاة فهمس وهو يواسيها:
هيسا، لا تحزني انا حقاً اتمنى ان يكون هناك شيء بامكاني فعله لكنني فقدت عائلتي مِثلك لا يستطيع شخصٌ مواساة شخص آخر لديه نفس معاناتِه.
ردت هيسا وهي تحبس دموعها:
كيم، انا اشتقت لعائلتي، هل اشتقت لعائلتك مثلي؟
صرخ كيم:
هل اصبحتُ كيم بعد ان كنتُ تاي تاي؟
نظرت هيسا و عينيها اغرورقت بالدموع ثم قالت بصوت باكِ:
آسفة فقط ظهرت مني بلا قصد تاي تاي لا تصرخ
ذهب كيم تايهيونغ الى سريره و استلقى و غطى وجههُ بالوسادة ثم قال بصوتٍ خفيف بالكاد سمعته تاي:
هيسا، انا ايضاً حزين...حزين بشكلٍ لا احدَ يعرفه سواك، لكن ما دمنا اثنين يجب على أحدنا ان يكون غير حزين، ما دمت غرِقت اودُ اخراجكِ من الحزن، انتِ على الاقل.
اقتربت الطفلة منه و قالت:
نحنُ اطفال، هل هذهِ هيَ الطفولة التي شاهدناها في الافلام؟، هل الطفولة ان ترى عائلتك تحترق امامك؟ ان يمرّ قاتل حياتك امامك و لا تستطيع فعلَ شيء؟ هاه تاي تاي؟
تاي:
اظن اننا سننسى مع مرورِ الوقت.
هيسا:
هل تظنُ هذا حقاً؟
تاي:
لا اعلم، لنتجاهل ربما ننسى.
طُرِقَ الباب و دخلت رئيسةُ الميتم لتُرحبَ بِهم و اقتربت من هيسا و ربتت على رأسِها حتى وصلت قشعريرة جسد هيسا الى الرئيسة ثم ابتعدت بابتسامة و اردفت:
لا تقلقا، سيمر مع الوقت هيا اتبعاني الى صالة الطعام
من المؤكد انكما جائعان.
تاي:
لا، لا أُريد.
هيسا "لا رد"
الرئيسة:
كما تشائان.
ذهبت و لم تُغلِق الباب بعدها و بعد عدة لحظات من الصمت تذمر تاي و اردف:
تشه من تظن نفسها لتتحدث معكِ هكذا، ولم تغلق الباب ايضاً.
قفز و اغلق الباب و اغلق إنارة الغرفة ايضاً.
هيسا لم تتحرك ساكنة، واضعةً يديها فوق رأسِها و غير مُغطاة بأي شيء.
نظر إليها تاي و اخذ حِرام و غطاها بِه و ذهب لينام في سريرِه لكنه تذكر شيئا ما ففتح النافذة ليمر من خلالها النور و بدأ ينظر لارجاء الغُرفة، انها مليئة بالغُبار و التفت لـ هيسا لتسعُل قليلاً، كيف لم يلاحظا هذا حتى الآن؟ تسلل تاي الى حمامٍ قريب و اخذ دلو و ملأهُ بالماء و رأى يداً صغيرة تمتد لتأخذ الدلو من يديه و تذهب به للغرفة و بحثَ عن اي شيءٍ قد يساعدهما بالتنظيف فاحضر بعضَ ادوات التنظيف و بدءا يُنظفان الغرفة بلا صوتٍ ولا تعابير قبل ان ينتهيا سمِعا صوتَ خطواتٍ مُتثاقِلة في هذا الممر، الى ان وصلت الخطوات لنهاية الممر، لغرفتهِما أُديرَ مقبض الباب و دخلت فتاة تحمل بيدِها طبق حساء و ملعقتين نظرت لمنظرهم وهم ينظفون، فتى بعمر الثامنة و فتاة بعمر الست، يا لهُ من منظر، الاهمُ من ذلك انهم لا يعرفون التنظيف فـ وضعت الطبق في طاولة قريبة من الباب ثم اغلقته و سحبت المِمسحة من يديهما و دفعت بهما الى الطبق و اردفت:
اشرباه، انه دافئ.
نظرا لها بغرابة ثم تلعثمت و قالت:
نسيت ان اعرفكم بنفسي، انا اصغر فتاة في هذا الميتم انني بعُمرِكِ اخبرتني الرئيسة ان اسمكِ هيسا، انا اسمي مينا، هل يمكننا ان نُصبِحَ اصدقاء؟
بادرت بـ يدِها مُشيرة الى هيسا ان تُصافِحها بوجهها.
نظرت هيسا ثم بادلتها المُصافحة و سحبت الممسحة من يدها و قالت بصوت خفيف:
لا اريد، سأُكمل التنظيف.
اكتفت مينا بالنظر و الابتسامِ لها و تاي يُنظف معها ثم دسّت مينا يدها في جيبها و اخرجت ثلاث انواع من الحلوى و انتظرت الى ان انتهيا من التنظيف ثم مدت يدها و قالت:
اختاروا ما يُعجبكم منها و انا سآخذ النوع الذي يبقى.
اكتفيا بالنظر اليها بِلا ردة فعل و لم يمد أحدهم يدهُ ليأخذ الحلوى فـ حزِنت مينا و قالت بصوتٍ طفولي:
لِمَ لا تتكلمانِ معي؟ كل من في الميتم لا يحبني، كنتُ آملُ ان تفعلوا فقط خذوا هذه من يدي ولا اريد شيئاً آخر.
اخذ تاي واحدة و اخذت هيسا و قالت مينا بابتسامة مُعبرة مع بعض الدموع:
اشكُركُم، اراكم لاحقاً.
اردفت هيسا ببطء و بصوتها الخفيف كالمعتاد:
نستطيع ان نصبح اصدقاء لكن ليس الآن.
ابتسمت مينا و ذهبت.
و اغلقا الانوار و قالت هيسا:
اتعلم ماذا يا تاي تاي؟
تاي:
ماذا؟
هيسا:
انا انتهيت.
نظر تاي فـ اغرورقت عيناه بالدموع و قال:
هيسا، لا يمكن لشخصٍ أصبح كلّ حياتي ان ينتهي قبل حياتي.
لم ترد هيسا عليه فقط تنهدت قليلاً و اكلت حلواها و نامت.
تاي ظلّ ينظر للسقف الى ان نام.
في منتصف الليل نهضت هيسا بلا سبب ثم قالت ببطء:
حلم.
ذهبت للمطبخ وفي طريقها تاهت و جلست تنظر لجميع الابواب و تفتحها بلا صوت و بلا طرق و فتحت باب رئيسة المديرة لـ تراها تشاهد التلفاز..."ماذا تشاهد يا ترى؟
ما هذا؟ تعذيب؟ هل يعقل انها سادية مثل الشخص الذي في كتاب... كتاب... ماذا كان اسمه؟ لا يهم لماذا تتابع هذه الاشياء؟ يا الهي! ماذا تفعل! لقد ضربت نفسها"، أغلقت هيسا الباب ثم مشت قليلاً وعادت، ان الرئيسة تصرخ وهي تضرب نفسها!! ستموت اذا لم تضرُب احداً هذهِ السادية بنظرةٍ سريعة قبل ان تغلق الباب رأتها الرئيسة، تهرب بسرعة، لقد تاهت لا تعلم اينَ غرفتها الرئيسة تلحقها بنظراتٍ غريبة عينيها متوسعة ليست كما رأتها اول مرة، انها حقاً سادية.
مرت هيسا امام ممر ضيّق و دخلته، يبدو ان الرئيسة اضاعتني هذا جيّد، اظن انها قد هدأت ساذهب للغرفة، بدأت تبحث عن الغرفة وفي طريقها رأت مينا فاشارت لها بلا صوت.
مينا:
هل اردتي شيئاً؟
هيسا:
هل لكِ ان تدليني على غرفتي؟
مينا:
حسناً ما بالُ عينيكِ متورمة؟، آه بكاء؟.
هيسا:
لا لقد اكتشفت شيئاً لكن ارجوكِ لا تخبري احداً.
مينا:
ماذا؟
هيسا:
الرئيسة، انها سادية.
مينا:
ماذا يعني؟
هيسا: يعني انها تستمتع بـ ضربِ غيرها.
توسعّت عينا مينا قليلاً فاستغربت هيسا:
ماذا هناك؟
قشعريرة جسد هيسا قوية هذهِ المرة، التفتت ببطء شديد فرأت ما توقعت أن ترى، الرئيسة ورائها وقد سمعتهما.
الرئيسة:
اتبعاني.
مينا بهدوء:
هيسا ماذا سيحدث الآن؟ انا خائفة.
هيسا:
لستُ اقل منكِ.
أدخلتهما الرئيسة غرفتها و فتحت باب يقعُ خلف مكتبها بهِ درج، نزلت بهما حتى وصلت القبو اجلستهما في كُرسي و ربطتهما، لم تقاوم شيئاً هيسا عكس مينا.
تناولت الرئيسة سلكاً رأتهُ قريب من المدخنة و ضربته بكفها بخفة وهي تنظر لهما.

نهاية البارت الاول.

نيرانٌ توّلد صدمات.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن