5

603 81 8
                                    

- انهم لن يدعوني اعيش بسلام..
انهم يريدون الفتك بي، حتى لو تعلقت بأستار الكعبة..
انهم يطلبون مني شيئا عظيم..
هل رأيت النخيل ينحني أو الجبال؟
هیهات .. هيهات.
- ولم العراق؟ أليس هناك مكان آخر؟ العراق الذي قتل اباك واغتال اخاك، وسلم المنبر لمعاوية!..
. ولم الذهاب الآن ألا تمكث قليلا.
- إن لم اذهب اليوم ذهبت غدة، وان لم أذهب غدة ذهبت بعد غد، وما من الموت والله بد.. وإني لأعرف اليوم الذي قتل فيه.
تنبعث من الأرض اسئلة.. تتفجر علامات استفهام سرعان ما تتلاشى أمام كلمات سماوية كأنها تأتي من وراء استار الغيب.
ينظرون فلا يرون سون بیارق اموية.. سيوف تقطر غدرة وخناجر مسمومة..
اما هو فيرى ينابيع تتدفق.. أنهارة وسواقي انه يرى ما وراء الآفاق.. يرى المستقبل القادم من رحم الايام.
عجيب أمر هذا الرجل.. يحاول أن يلوي القدر.. أن يقهر کل شياطين الأرض.. أن يهزم نظاما مدججا بالسلاح.. كيف؟!

بقافلة صغيرة.. سبعين أو يزيدون.. اطفال ونساء.. وتصغي الصحارئ لكلمات متمردة ثائرة.. كلات تختصر النبوات.. تبدأ بسم الله. مجراها ومرساها...
- هذا ما أوصى به الحسين بن علي الى اخيه محمد بن الحنفية.
ان الحسين يشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله.. جاء بالحق من عنده.
وان الجنة حق، والنار حق، والساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور.
واني لم اخرج اشرة ولا بطرأ ولا مفسدة ولا ظالمة، وانما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي.
أريد أن آمر بالمعروف وأنهی عن المنكر، وأسير بسيرة جدي، وأبي علي بن أبي طالب.
فمن قبلني بقبول الحق، فالله أولى بالحق، ومن رد على هذا اصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين...
انطلقت الثورة وصدر بيانها الأول. أسلحتها الصبر والمقاومة والموت.
الموت سلاح.. بل حياة.. حياة.. كيف؟
اجل.. إن من موت كريمة سيحيا.. سيحيا إلى الأبد..
هكذا علمني أبي قال على شاطئ الفرات بصفين:
الموت في حياتكم مقهورين، والحياة في موتكم قاهرين.
قصر الإمارة يجثم فوق الكوفة.. نسر هائل جاثم على فريسته.. غرأب اسطوري ينعب فتطير الرؤوس وتطيح الايدي..
ذئاب جائعة تعوي من بعيد.. وكلاب مسعورة تنبح.. وليل حالك مليء بالاسرار والغموض.. ورجل ارقط مجهول النسب اسمه ابن زیاد بن ابيه.. ابن الليلة الماجنة. الرجل الارقط بدا مفزعة تلك الليلة.. شیطانا مريدا يفكر ويدبر، فقتل کیف فکر.. يتشبث بمخالب نسر .. يهدد بجنود قادمين من الشام. فستطيع القبائل، وتنحني الرقاب.. وتتساقط الرؤوس...
التفت نحو هاني بن عروة، وصرخ بعصبية:

۔ اتیت بابن عقيل الى دارك، وجمعت له السلاح؟
قال هاني بثبات:
- أفضل لك أن تمضي الى الشام، فقد جاء من هو احق بالامر منك..

رواية ألم ذلك الحُسـين ؏ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن