20والاخير

447 51 9
                                    


- لقد أمر ابن زیاد بقتل أولاد الحسين.
وانبرت زینب بشجاعة ابيها:
- لا يقتل حتى أقتل دونه.

ونادى مناد باقتسام الغنائم، فتنازعت القبائل الرؤوس، زلفي إلى ابن زیاد حاكم المدينة الغادرة.

ارتفعت رؤوس مقطوعة فوق رماح.
قافلة من العمالقة يتقدمها رأس سبط آخر الانبياء يحمله الأبرص.

سبعون رأس أو يزيدون لم تنحني لغير الله..
فارتفعت فوق ذرئ الرماح وكان في مقدمتها رأس آخر الاسباط.

وكان الفتى المريض يجود بنفسه، فقالت عمته وهي تخترق جدران الزمن:

- مالي أراك تجود بنفسك یا بقية جدي وأبي واخوتي، فوالله ان هذا العهد من الله الى جدك وأبيك، ولقد أخذ الله میثاق أناس لا تعرفهم فراعنة الأرض، وهم معروفون في أهل السماوات، انهم يجمعون هذه الاعضاء المقطعة والاجسام المضرجة فيوارونها، وينصبون بهذا الطف على لقبر أبيك لا يدرس أثره ولا يمحى رسمه على كرور الليالي والأيام وليجتهدن ائمة الكفر وأشياع الضلال في محوه وطمسه، فلا يزداد اثره الا علوا.

منظر الدماء والجثث المتناثرة هنا وهناك والسيوف المكسرة والسهام المغروسة في الرمال.. تحكي ملحمة رهيبة سطرها رجال قهروا الموت، وفجروا في قلبه نبع الحياة، وأماطوا اللثام عن سر
الخلود.

تقدمت امرأة تعدت الخمسين من العمر إلى جسد تعرفه، رعته صغيرا و راقبته كبيرا و شهدته ممزقا بحوافر خیل مجنونة.

جثت زینب عند مصرع آخر الاسباط؛ الجسد الممزق ساکن بلا حراك.
لقد غادرت الروح التي دوخت القبائل.
دست زینب يديها تحت جسد أخيها..
رفعت بصرها الى السماء إلى الله..
وتمتمت بعينين تفيضان دمعا

- تقبل منا هذا القربان... یا الهي.

وألقت «سکينة» بنفسها على جسد أبيها العظيم واعتنقته، وغمرتها حالة من الاستغراق.

كانت تصغي الى صوت ينبعث من اعماق الرمال..
همهمة سماوية عجيبة تشبه صوت والدها الراحل:

- شيعتي ما إن شربتم عذب ماء فاذكروني.💔
أو سمعتم بغريب أو شهید فاندبوني.

الملمت القبائل خزيها..
عارها الأبدي تريد العودة الى الكوفة..
و «سکينة» ماتزال تتشبت بالجسد المضمخ بالدم.

هجم الأعراب من القبائل وجروها بعنف وراحوا یکعونها برؤوس الرماح حتى استوت على ناقتها.

عشرون امرأه ثكلى، وفتى عليل، واطفال يتامی مذعورون؛ هو كل ما غنمته القبائل في اطول يوم في التاريخ.

اما الرؤوس فقد راحت تتسابق فيها الخيل بشرى الى الارقط حاكم المدينة المشهورة بالغدر.

غادرت القبائل شواطيء الفرات..
تركته وحيدا يتلوى في الصحراء كأفعى حائرة.

وغادر موكب السبايا والعيون الحزينة تتلفت الى اجساد متناثرة فوق الرمال کنجوم منطفئة.. إلى أن غابت عن البصر؛ وساد صمت رهيب ما خلا انين خافت ينبعث من اعماق الأرض المصبوغة بلون ارجواني.

🎉 لقد انتهيت من قراءة رواية ألم ذلك الحُسـين ؏ 🎉
رواية ألم ذلك الحُسـين ؏ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن