7

445 66 2
                                    


وفى «ذات عرق» كان الحسين جالسا يقرأ كتابا بين يديه.. وبـين
يديه ايضا الصحراء المترامية.. صحراء لا نهاية لرماها.. وبين يديه
وقف النارج حائرا لايدري أين مساره. ومز به رجل كان في الكوفة منذ ايام.
هز الرجل رأسه آسفا:
- السيوف مع بني امية والقلوب معك.
- صدقت.
- ماذا تقرأ يابن رسول الله؟
- كتابا من أهل الكوفة وهم قاتلي.. فاذا فعلوا ذلك لم يدعوا لله
محرما آلا انتهكوه.
- انشدك الله فى حرمة العرب.
ومضئ الرجل الى وجهته... ومضئ التارج بعد أن عرف مساره..
كان يسير باتجاه يختلف قليلا عن جهة الكوفة. هناك بمحاذاة النهر
سكون اللقاء.. سيبني التارخ في تلك البقعة احدئ مدنه الخالدة.
وفي «الخزيمية» لوت النوق اعناقها.. توقفت هنيهة.. اصغت الى
هاتف عجيب:

الا ياعين فاحتفلي بجهد
فن يبكي على الشهداء بعدي
على قوم تسوقهم المنايا
باقدار الى انجاز وعد
ومتم الحسين:

- القوم يسيرون والمنايا تسري اليهم.
- او لسنا على الحق يا ابي؟

تأمل ابنه الاكبر.. فحن الى جده...
- بلى والذي اليه مرجع العباد.
- يا ابت اذن لا نبالي.
وفاضت عيناه شوقا الى جده.

وفي «الثعلبية» قال الحسين لرجل تاهت به السبل.. لايدري أي
الطريقين يسلك.
- يا أخا العب لو لقيتك بالمدينة لاريتك اثر جبريل في دارنا..
افعلموا وجهلنا؟! هذا مما لا يكون!
ومضئ الرجل حائرا لايدري أي الطريقين يعني النجاة.. طريق
الحسين أم طريق الحياة.
ومضت القافلة لا تلوي على شيء. الى الكوفة كانت الخطى تتجه، ولكن القلوب كانت تهفو الى مدينة أخرئ.. مدينة لم تولد بعد.
كبر صاحب للحسين:

- رأيت النخيل.. نخيل الكوفة.
استنكر آخر:

- ما بهذا الموضع نخل.. وانما هو اسنة الرماح وآذان المخيل.
ونظر الحسين:

- وأنا اراء ذلك.. أليس هنا ملجأ؟.

- نعم «ذو حسم» جبل عن يسارك.
وأناخت النوق.. هوت بأثقاها الى الارض.. توقفت سفن الصحراء. توقفت لتتأكد من اتجاه البوصلة.. أو لتواجه القراصنة..
قراصنة التاريخ.
الكوفة خائفة. جلست ذليلة فى حضرة ابن زياد.. وزياد يشير بسوطه.. فتتساقط الرؤوس.. وتطيح الايدي. وانحنت الرقاب
«للأرقط». لقد انتصر بجيشه الوهمي القادم من الشام الكوفة كلها
أسيرة فى قبضته.. تنقاد له طائعة.
يصرخ فيها:
- اقتلوا آل الحسين..
إنهم اناس يتطهرون.
وينتظم العبيد عبيد الدنيا جيشا عرمرما يقوده «المحة».
المهمة خطيرة.. القبض على القافلة.. فارس يقود الف فارس
مدجج السلاح يجوبون الصحراء بحثا عن قافلة صغيرة..
قدر عجيب ساق هذا الرجل.. جعله فى طليعة الذين يريدون
اغتيال الحرية.. وهو «الحر» كما سمته امه..

رواية ألم ذلك الحُسـين ؏ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن