10

357 50 4
                                    

مادت الكوفة بأهلها، واهتزت الارض تحت الأقدام. كتائب جنود مذعورين تتحرك في كل اتجاه.. عيون زائغة لأشباه رجال تحمل اسلحة القتل.. تنطلق الى خارج المدينة.
«زجر بن قیس» يقود خمسمئة فارس.. يتجه صوب جسر «الصراة». |
وخرج «الشمر» في أربعة آلاف مقاتل، و «الحصين بن نمير» في أربعة آلاف، و «شبث بن ربعي» في ألف، و «حجار بن أبجر» في ألف.. وتتابعت الكتائب تلو الكتائب.. جنود يشبهون في ذلتهم الاسرئ.. قلوبهم مع الحسين وسيوفهم تستهدف قلبه.
حيات وأفاع تتلوى..
تزحف باتجاه «الفرات».
وبدأ النهر أفعى خرافية تتمدد وسط الرمال....
وفي الكوفة، مطرت السماء ذهب يخطف الأبصار ويسلب الألباب،واجتمع زعماء «القبائل» تحت المطر، فلم يبرحوا حتى طمت رؤوسهم بالذهب، والأرقط ينثر الأموال ويوفر العطاء.. يلق حباله وعصيه، فاذا هي حيات وعقارب تسعى.
وافتتنت «المومس» بابن زیاد، فنسيت ذكر الحسين. قالت بخلاعة:
مالي والدخول بين السلاطين..
قهقهه «الأرقط».
دوت ضحكة شيطانية في أرجاء القصر.. جيوشه تحاصر القافلة.. تمنعها من العودة. - وقعت في قبضتي يا حسين..
ها أنا أرتقي قمة المجد.. سيدخل بوابة قصري قائلا:
حطة. أنا ابن زیاد ابن... ابي سفيان.. صخر بن حرب.
افتر الرجل الأبرص، فظهرت أنياب حادة.
- لا تقبل من الحسين الا النزول على حكمك. إنه الآن في أرضك، فضيق عليه الخناق.
ما لهذا الأبرص؟!.. صوته كفحيح الأفعى. الخنزير يريد للنخل آن پرکع.. والنخل الباسق يعشق الفضاء، والا مات واقفة.
الأرقط يجيد «الشطرنج». ينقل جنده وقلاعه.. يحرك فيلة وخنازير وبيادق تحلم بحكم «الري وجرجان».
الأرقط يعرف «أصول اللعبة». من يمينه تتدلى مشانق وحبال، ومن شماله يسيل ذهب اصفر يأخذ بالألباب. والبيادق الفئران تفت مذعورة.. تحمل سيوف خشبية.. وتمتلى جيوبها فضة أوذهبا....
والأرقط الذي تلبس وجهه جلد الأفعى يتمدد في «النخيلة»، يراقب بیادته بحذر وترقب. هناك رجل سيدمر لعبته.. سيلقف سيفه كل حباله وعصيه.. وجيوشه الوهمية.
صرخ الأرقط بالرجل الأبرص. ا
. اكتب «لابن سعد»: أما بعد؛ اني لم أبعثك الى الحسين لتكف عنه ولا لتمئيه السلامة. انظر، فإن نزل الحسين وأصحابه على حكمي فابعث بهم إلي، وأن أبوا فازحف اليهم حتى تقتلهم وتمثل بهمن
كخنزير راح الشمر يجري صوب أحلامه المريضة.. تفوح منه رائحة الموت، وآلاف الضحايا ترقد في عينه المنطفئة.. ومن عطفيه تنبعث حرائق ودخان، وروائح أجساد محترقة.
سلم الكتاب الى «قائد الجيش»، وراح ينظر اليه خلسة بعين نصف مغمضة. أما عينه الاخرى فقد بدت هوة سحيقه تعشعش فيها العناكب.
ادرك الرجل الذي ناهز السبعين أن الأبرص قد جاء يسرق منه أحلام قديمة.. جميلة تحکی جمال مدن «الري» و «جرجان».
- قبحك الله وقبح ما جئت به.
والله لا يستسلم الحسين. إن نفس ابيه بين جنبيه.
. فخل بيني وبين العسكر.
- بل أنا الذي أتولى ذلك.
عقربان يتنافسان في الصحراء.. ينعب في صدرها بوم وغراب.. يتنافسان على الفوز في سباق من الخسران المبين.

رواية ألم ذلك الحُسـين ؏ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن