- ایها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتى أعظكم بما هو حق لكم علي، وحتى اعتذر اليكم من مقدمي عليكم. فإن قبلتم عذري وصدقتم قولي وأعطيتموني النصف من انفسکم کنتم بذلك أسعد، ولم يكن لكم على سبيل. وإن لم تقبلوا مني العذر ولم تعطوا النصف من انفسكم فأجمعوا أمركم وشرکاءکم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين.اختلطت الكلمات مع بكاء مرير انبعث من قلب الخيام........ توقف الحسين عن إلقاء الخطاب.. أمر أخاه «أبا الفضل» وابنه علي الأكبر»: اسکتاهن، فلعمري ليكثر بكاؤهن.....
عاد الصمت ثقيلا..
سکوت عجیب همين على كل شيء ما خلا ريح خفيفة كانت تحمل كلمات الحسين:- ایها الناس إن الله تعالى خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال متصرفة بأهلها حالا بعد حال. فالمغرور من غرته والشقي من فتنته فلا تغرنكم هذه الدنيا فإنها تقطع رجاء من ركن اليها وتخيب طمع من طمع فيها. وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم، وأعرض بوجهه الكريم عنكم. أحل بكم نقمته. فنعم الرب
ربنا وبئس العبيد أنتم، أقررتم بالطاعة و آمنتم بالرسول محمد، ثم انکم زحفتم الى ذريته وعترته تريدون قتلهم. لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم.. فتبا لكم ولما تريدون.
انا لله وانا اليه راجعون..
هؤلاء قوم کفروا بعد ايمانهم، فبعدة للقوم الظالمين...
الكلمات تخترق الآذان تتغلغل في القلوب..
شعر الحر بأن زلزالا يضرب دنیاه.
راح يصغي الى دوي الانقاض وهي تتراكم في اعماقه:
هل أنا في كابوس؟
.. ماذا أري؟
.. ماذا اسمع؟ رباه ماذا افعل؟!راكب الناقة مايزال يرسل کلمات يبعثها مع الريح.. على اجنحة الفكر..
- ايها الناس انسبوني من أنا، ثم ارجعوا الى انفسكم وعاتبوها وانظروا هل يحل لكم قتلي.. ألست أنا ابن بنت نبيكم؟
وابن وصيه وابن عمه؟
وأول المؤمنين بالله والمصدق لرسوله؟..
أو ليس حمزة سید الشهداء عم أبي؟!
أو ليس جعفر الطيار في الجنة عمي؟..
أو لم يبلغكم قول رسول الله لي ولأخي هذان سیدا شباب أهل الجنة؟فإن صدقتموني بما أقول، وهو الحق والله ماتعمدت الكذب منذ علمت أن الله يمقت عليه أهله ويضر به من اختلقه، وإن كذبتموني فإن فيكم من اذا سألتموه عن ذلك أخبركم. سلوا «جابر بن عبد الله الانصاري» و «أبا سعيد الخدري» و «سهل بن سعد الساعدي»
و «زيد بن أرقم» و «أنس بن مالك» يخبرونكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله لي ولأخي. أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟.صرخ صوت شيطاني يريد أن يبتلع كلمات الانبیاء، صرخ الأبرص
- إنا لا ندري ما تقول؟؟
هتف حبيب، وكان رجلا على أعتاب السبعين:
- أشهد أنك صادق ماتدري ما يقول.
قد طبع الله على قلبم البركان الثائر يستأنف إرسال حممه:
- فإن کنتم في شك من هذا القول، أتشكون اني ابن بنت نبیکم، فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري فيكم ولا في غيركم، ويحكم!
اتطلبوني بقتيل لكم قتلته!
أو مال لكم استهلكته أو بقصاص جراحة؟!.وقفت القبائل عاجزة ان في طينة البشر قابلية الانحطاط .. الانحطاط حتى المسخ.. قابلية تشبه الجاذبية في الاجسام. الكوفة مثقلة بالاثم والغدر.. قلبها مع الحسين وسيفها يمزق قلبه.
ونادئ الحسين بصوت جوهري:
- یا «شبث بن ربعي» و یا «حجار بن أبجر» و یا «قیس بن الأشعث» و یا «زید بن الحارث» ألم تكتبوا الي أن أقدم قد أينعت
الثمار واخضر الجناب وانما تقدم على جند لك معدة؟
تعالت أصوات مذعورة..
أصوات فئران خائفة:
لم نفعل.. لم نفعل.
- سبحان الله!
بلى والله لقد فعلتم..
ايها الناس اذا كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم الى مأمن من الارض صرخ قيس بن الأشعث، وقد التمعت عيناه بالغدر:- أولا تنزل على حكم ابن عمك؟
فإنهم لن يروك الا ما تحب، ولن يصل اليك منهم مكروه.
- انت اخو أخيك. أتريد أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل؟
لا والله لا اعطيهم بيدي اعطاء الذليل ولا أفر فرار العبيد... عباد الله اني عذت بربي وربكم أن ترجمون. اعوذ بربي وربكم من كل متکبر لايؤمن بيوم الحساب.