و تفجر ابن زیاد غضبا والله لا تفارقني حتى تأتيني به
. وجاءه الجواب هادئة ثابتا..
ثبات الجبال:
- والله لو كان تحت قدمي ما رفعتها عنه.
الأقتلتك.
- اذن تكثر البارقة حولك.
هجم الأرقط على زعيم «مراد» وجره من شعره، وسدد له ضربة هشمت انفه.یا کوفة.. يا مدينة عجيبة... ايتها الغانية اللعوب.. یا مومس ترید كل يوم بعلا.. لم تضيعين أبناءك؟ این مسلم ایتها الغادرة؟!..
خيول الدوريات تجوس المدينة الخائفة.. الخائنة.. يبحثون عن رجل مكّي مدني اسمه مسلم.. مسلم حقا.
- لم يبحثون عنه؟..
- انه يحمل اشیاء ممنوعة.. اشياء خطيرة. يحمل سيفا علوية. وقلب حسينية. يريد تهريب الثورة- في هذا الليل والناس نيام؟!
العيون الحمراء ترقب المدينة.. ومسلم في بيت طوعة.. رجل انقطعت به السبل، وضاقت عليه الارض بما رحبت، ولا ملجأ له سوى مهند في يمينه.وطوعة.. المرأة العجوز.. تتأمل اسدأ جريحا من ليوث محمد.. يقبض على قائمة سيفه. لقد طلع الفجر، و آن للنهاية ان تبدأ.
- انهم كثيرون.. مئة أو يزيدون.
- لا عليك يا أمة الله لقد حان اللقاء.
رأيت عمي امير المؤمنين - في المنام - يقول لي:
انت معي غدا...
اقتحمت الذئاب منزل طوعة، ولمع السيف العلوي كبرق سماوي.. ودوی رعد مهيب له صوت مسلم:اقسمت لا أقتل الأحرا
وإن رأيت الموت شيئا نكراالرجل الغريب القادم من رمال الجزيرة، يقاتل لوحده في المدينة المشهورة بالغدر، والرجال الذين ابتسموا له بالأمس يكشرون عن انیاب مسمومة.. ملوثة بالصديد.
وصرخ «ابن الاشعث» مستمدة
- الرجال.. الرجال.
ويستنكر قصر الامارة:
-ويلك انه رجل واحد.
- اتظن انك ارسلتني الى بقال من بقالي الكوفة!..
انه سيف من اسياف محمد.وعجزت السيوف أن تكسر سيفه.. والرجل مايزال يقاتل.. يقاتل بضراوة اسطورية.. الجراح النازفة.. الظمأ.. الاعياء.. غامت المرئيات أمام عينيه.. وتوالت الطعنات.. طعنات الغدر. الخناجر المسمومة تنغرز في جسده. وتهاوئ الجبل. الارادة الفولاذية عجز الجسد عن مواكبتها. تراخت قبضته. ولما انتزعوا سيفه بکی. وتعجب الذين حوله.. لم يدركوا سر البكاء.
القافلة تطوي الصحراء.. والنجوم المحتشدة في السماء ترسل اضواء واهنة، فتبرق ذرات الرمال، والقافلة التي سبقت قوافل الحجيج في مغادرة مكة تنساب في بطون الأودية.. وخشخشة الاشواك تبوح باسرار الليل.
وصادفهم رجل في «الصفاح» يريد العمرة. - من الرجل؟
- الفرزدق بن غالب.
- هذا نسب قصير.
- انت اقصر نسبة مني. انت ابن رسول الله ولاح سؤال عن الكوفة.. عاصمة ابيه واخيه. - قلوبهم معك وسيوفهم عليك.
اية قلوب تلك لا تنقاد لها السواعد.. القلوب الخائفة قلوب ميتة..انها قطعة لحم باردة.