استيقظ فى الصباح بنشاط وثمة حماسة تجرى فى دمه تُرى هل سيقابلها اليوم ؟اليوم هو ثانى يوم له فى كلية الطب حيث رآها أمس فى الكافيتريا وذهبا معًا الى الحفلة الكبيرة مع تجمع الطلاب ليتعارفوا وهكذا ولكنه سلط نظره عليها ونسى الكل من حوله!
جذبته بجمالها وأحس من الوهلة الاولى أنها غريبة ومختلفة لا يعرف فيما هى مختلفة ولكنها مختلفة فى شئ ما داخلى!وكأنه رآها من قبل وشعر بالاحساس نفسه!
تنهد براحة ولكنه عقد حاجبيه بندم عندما تذكر ما قاله لها و نعته لها بأن قلبها اسود!
تأفأف بضيق ثم قام ليستحم ويرتدى ملابسه ويذهب حيث تلك الجميلة.
ركن السيارة فى المكان المخصص و نزل منها وطار الى الحديقة ظل يبحث بعينيه عنها ولم يجدها حتى دقت ساعة المحاضرة دلف حيث قاعة محاضرته وهو يشعر بالضيق ولكنه لم يفقد الامل فمن الممكن انها سبقته الى الجامعة ودخلت قبله!
ولمَ لا؟مر الوقت سريعا على الجميع عدا هو.. ظل طوال الوقت يلتفت حول نفسه يبحث عنها عله يراها ولكن ليست موجودة...لم يكن يركز فى شئ او يتذكر شئ سواها.
ظل يعصر ذاكرته لعلها قالت له اى شئ آخر عنها..ولكنه الى حد الآن لا يعلم الا اسمها وبعض الذكريات القليلة التى لا تساعد فى شئ.
كان يرآها فى كل فتاة يُقابلها!
تلك اللهفة والتعلق أوحت له بشئ واحد.. شئ كبير و كأنها أصبحت جزء من حياته مثلًا!طوال حياته مقتنع انه لا شئ كهذا فى الحياة وأنها مجرد كذبات فى الأساطير والافلام... كيف من الممكن أن يُحب شخصًا من حوار بسيط دار بينهما أو من نظرة واحدة ويصبح كل حياته بعدها!
لكنه الآن آمن بذلك....ولكن أين هى الآن؟"ستجدنى بين صفحات هذا الكتاب أدم" رنت الجملة فى أُذنه
هرول مسرعا الى سيارته وطار على منزله يبدو أنه سيجد ضلته الآن.
دخل شقته بعد حوالى ُربع ساعة ودخل لتحضير كوبًا من القهوة.. ذهب الى السرير محتضن كوب القهوة فى يد وكتابها الوردى اللون كلون ما كُتب به باليد الأخرى."قامت من سريرها بنشاط وشئ جديد يدور فى عقلها.. ستُكون صداقات... ستكسر حاجز الخوف من هذا المجتمع ستسعى جاهدة بأن تُغيير فكرة أنها مريضة بمرض الرهاب الاجتماعى..
-انا قوية.. لست خائفة ولا يوجد شئ يدعو للخوف فلا يوجد شبح فى الخارج.. لن يُغير أحد مبادئي فأنا اقوى من ذلك انا أستطيع الصمود
-هذا ما ظلت تردده وهى ترتدى الزى المدرسى الخاص بها-وبتلك الكلمات وهذا الموقف تذكرت موقف حدث معها فى صغرها عندما بدأت تتعلم الباليه... منذ حوالى سبع سنوات :
عادت لمنزلها بعد يوم حافل بالعروض الضخمة التى أُقيمت فى مدرستها الفاخرة.. لم تُبلى حسنًا فى عرضها الصغير الذى قامت به بمفردها..كانت متوقعة أفضل من ذلك... خجلت بشدة عندما رأت النظرات الساخرة من عيني زميلتها الواقفة بجوارها تراقبها وهى تتمايل بجسدها النحيل على مقطوعة موسيقية "لبيت هوفن"... أحست أن السماء انطبقت على الأرض.. أرادت ان تنشق الارض و تبتلعها فهى كانت امام العديد من كبار الرجال فى بلدها و بعض الوزراء و جميع طالبات المدرسة والقليل من أولياء الامور..
-حشد عظيم شاهدنى وانا أؤدى هذا العرض السيئ- هكذا همست فى داخلها قبل ان تنزل من أعلى المسرح مهرولة وانفجرت فى البكاء.
اغلقت باب غرفتها على نفسها وكسرت الطوق الوردى الذى كانت ترتديه وألقت جسدها على السرير وظلت تبكى وتنتحب حتى غلبها النعاس وظل صوت بكائها يتردد صداه فى الغرفة
.. أفاقت على صوت فتح الباب نظرت فوجدتها أمها
أشاحت بوجهها بألم جرت لتعلو سريرها فتقدمت أمها وجلست بجوارها.. نظرت اليها وقالت بحنو: كنتِ رائعة اليوم يا عزيزتى!-انتِ ايضا تسخرين منى!
جميعكم تسخرون منى أنا حقًا استحق السخرية.. قالتها قبل ان تُكمل نوبة بكاءها.-ولمَ انا او غيرى نسخر منكِ؟
تذكرى عزيزتى ان من يسخر منكِ يكن أقل منكِ... انتِ كنتِ مُبهرة اليوم والجميع سعد بكِ كونك اصغر من رقص باليه على هذا المسرح وايضا كنتِ وحدك من تؤدى الرقصة على نغمة ليست بسهلة للرقص عليها باحترافية!
إنه انجاز يا عزيزتى هذا ليس فشلًا بتاتًا!انهضى فقد اقترب موعد تدريب الباليه.. بكاؤك لن يُجدى نفعًا فى شئ... والفشل الحقيقى هو ان تكررى نفس الخطأ مرتين و انا اعلم جيدا انكِ لستِ فاشلة ولن تكونى كذلك أبدا... تذكرى ان بداية العظماء عقبات وتعركل فى اشياء ومواقف عدة.. وتذكرى انكِ ستكونين عظيمة يا صغيرتى!
أفاقت من شرودها على امها التى تنادى باسمها حتى تلحق حافلة المدرسة التى وصلت للتو!