الجزء العاشر

89 10 16
                                    

مقاطعة "بولونيا" اليوم!
       
اندهش كونها مقاطعة تقع فى مدينة أخرى وبعيدة الى حد كبير وبالنسبة للوقت فهذا يعني انهم سيعودان فى الغد!

لكنه سرعان ما اخفى دهشته فهذا عمله وهو مُجبر على ذلك!

رسم ابتسامة مصطنعة مرة آخرى وأومئ لها ثم أغلق جميع الانوار وارتدى حذاءه وأغلق منزله.

-تستغرق هذه الرحلة من أربع ساعات الى خمسة بالسيارة- 
قالها لها وهما فى المصعد
-أعلم ذلك! -ردت سارة بحماس-                       
-امممم ، حسنًا -رد راج ثم التفت يزفر ويمسح على شعره الناعم بيده باختناق!                        
                     
وصل المصعد الى الاسفل فخرج راج ليمد يده لها كما يفعل الناس للملوك ثم خرج هو واغلق المصعد خلفه.

ركض أمامها سريعًا ليفتح لها الباب الخلفى للسيارة فركبت سريعًا ثم لف حول السيارة وركب هو الآخر وبدأ فى القيادة.

-تودين حلوى؟ -قال محاولًا كسر الصمت السائد بينهم!

-لا شكرًا لا أريد .. إضافة الى ذلك أنا لا آكل الحلوى! - ردت سارة-

-حسنًا... فأنا اعلم أنه ليس هناك حلوى تتناول حلوى!
قال جملته الأخيرة بصوت منخفض.
-عفوًا-
ردت عاقدة حاجبيها حيث رآها من المرآة!

-لم أقل شيئًا- قالها قبل أن يضحك خفية من شكلها!

ساد صمت لدقائق فوجدها تُخرج كتابًا من حقيبتها زبدأت فى القراءة بهمسات صغيرة!

-ما هذا أهى من محبي القراءة؟.. اذن هى أيضًا تُحب القهوة والأجواء المُملة من المحاضرات العلمية والثقافية و لا تحب المُزاح.. هى من تلك الناس المُملة... تبًا!- قالها فى نفسه باستياء.

ظل صوت هماستها الخافتة يسود السيارة حتى سكت فجأة...لم يكن يهتم بهذا الصوت لذلك لم يلحظ اختفاءه.

ومع وقفة السيارة المفاجئة انتفضت سارة قائلة بصراخ :تاليا!

التفت لها فعلم أنها غفوت محتضنة كتابها بل وكانت تحلم أيضًا!                                 
قال باحراج وخوف: -لقد وصلنا آنستى... آسف لم أكن أعلم بغفوتك لذلك لم أكترث أن أفيقك قبل ان تقف  السيارة و...
-حسنًا حسنًا لم يحدث شئ ولا تتأسف.
-قالتها وهى ترتجل من السيارة بإحراج                   
نزلت من السيارة وتركته يُفكر فى الإسم الذى صرخت به..
"تاليا" يبدو من الاسم انه اسم أُنثى! من الممكن ان تكون أُمها او أُختها أو...
قطع وصلة أفكاره صوتها الخافت: راج أعتقد وصلنا!

أومئ برأسه ثم ابتسم وقال: آسف شردت قليلًا!

نزل من السيارة فوجدها واقفة متكتفة مُدمعة العينين تنظر الى السماء بحزن بالغ!
-هل لتاليا علاقة؟ هكذا همس لنفسه فى عدم فهم قبل أن يتوجه صوبها.    
تحمحم بأدب فمسحت دموعها وانقطعت وصلة أفكارها والتفتت اليه مبتسمة مما جعله يشعر بالشفقة عليها وبعض الحزن.

-تتظاهر بالابتسامة ولكن نظرتى لها خلسة كشفت ما بها من حزن وضعف!
-هكذا قال فى نفسه قبل ان يتصنع ابتسامته ويذهب ليقف بجوارها.

-اذن الى أين تريدين الذهاب هل لمكان معين ام نتجول فى الشوارع ونرى نحن الشوارع؟-سألها 
باستفسار وهو ينظر اليها فالتفتت اليه وابتسمت قائلة: نعم لنتجول فى شوارعها ولكن أولًا أود زيارة ما انا قادمة إلى تلك المقاطعة لأجله.. الجامعة المشهورة، قرأت عنها من قبل وحقًا تتوقت لرؤيتها إنها عريقة!

-اذن فلنذهب اليها- قالها بابتسامة نمت على محياه آثر هذا الحماس الذى ظهر فى عينيها!

ظلوا يمشون ويتجولون فى الشوارع متجهين حيث تلك الجامعة فاستوقفته قائلة
:اننى اتضور جوعًا هل لنا ان نأكل أولًا فى هذا المطعم!... رائحة البيتزا به شهية -

قالتها وهى تشير على مطعم يقفان بجواره تنبعث منه رائحة الطعام

-نعم، فأنا أيضًا جائع وأريد ان أستريح قليلًا! -قالها بتعب مصتنع
فضحكت سارة بطريقتها الطفولية وضحك هو الآخر وذهبا حيث هذا المطعم.
أدم: اذن هل لى أن أكل أيضًا مثلهما!        

ضحكت سارة وقالت :بالطبع !
ثم دخلا حيث المطعم.
دفعت سارة باب المطعم برفق ودخل راج ورائها واختارت طاولة فى آخر المطعم بعيدة عن الهدوء... كانت الأجواء هادئة فتشعر بارتياح فقط من النظر أنوار خافتة وموسيقى هادئة بصوت منخفض لا كلام او ضوضاء فقط

تلك الهمسات الصغيرة وطرقات المعالق على الاطباق.

جلست سارة وجلس راج أمامها واختار كل منهما ما يريد أكله.                                        
ظلت توزع نظراتها فقط على المكان وكلما نظرت اليه وجدته ينظر لها خلسة لم تكترث او تهتم وبما تهتم وهى فى هذا المكان وهذا الطعام مع هذا الهدوء!
انغلقت كل الاضواء عن هذا المطعم الواسع عدا قطعة دائرية ظلت مضيئة وتقدم ثنائي يبدو أنهم سيؤدون عرضًا ما!
-هذا ما استنتجته-
وبالفعل تغيرت الموسيقى لمعزوفة جميلة لا تقل فى رقتها وهدوئها عما سبقتها وبدآ الثنائي بالرقص... لم تكن المعزوفة غريبة عليها فهى نفسها التى رقصت عليها فى المسابقة!

لم تعى ما تفعله فتركت الطعام من يدها و  جرت حيث تلك القطعة الأرضية المضيئة وبدأت بالتمايل والرقص بتناغم كبير مما آثار دهشة الجميع...
ما بال تلك المجنونة؟
-همس راچ لنفسه فى احراج-

أغمضت عينيها و رقصت بمهارتها المعهودة حتى توقفا الثنائي الراقص عن رقصهما ووقفا يشاهداها! 

طريقتها اللولبية و دورانها على اطراف اصابعها وخفتها كفراشة... كانت تخطفه إليها وتسرقه!

كيف يصمد هذا القلب الضغيف أمام إغواءِ حبها؟

وقعت فى حُبِها من رقصة!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن