الوصية

1.3K 14 0
                                    

   يدق جرس المدرسة معلنا انتهاء الدوام المدرسى تستقيم تلك المتعبة من مكانها محاولة تمديد جسدها بعد يوم دراسى متعب ؛خرجت من المدرسة متجهة إلى منزلها .

نسيت أن أعرفكم بطلتنا : لانا فى الثامنة عشرة من عمرها فتاة مرحة متفائلة محبة للحياة ؛ قصيرة بعض الشئ ممتلئة قليلا ليست بالنحيفة ولا بالبدينة ؛ أكثر ما تحبه فى هذه الحياة عائلتها و أصدقائها .
عند خروجها من المدرسة قابلت صديقتيها المقربتين عند البوابة  : نادية، و ماريا
أكملن طريقهن وسط أحاديث طويلة عن يومهم و كيف كانت أحداثه بالنسبة لكل واحدة منهن .
كان الجو جميل و السماء صافية فقررن التوجه إلي المتنزه للاستمتاع قليلا بالحديث وسط الطبيعة  الهادئة و أصوات الطيور الرقيقة .
مضت نصف ساعة و لم ينتهى الحديث و لكنه توقف فجأة بسبب رنين هاتف لانا ، لقد كانت والدتها فأجابتها لانا بابتسامة مشرقة  : مرحبا أمى ؛ و لكن سرعان ما تغيرت ملامح وجهها و لم تنطق بحرف ثم أغلقت الخط وسط تساؤلات صديقتيها : ما الذى حدث ؟!
هل هناك خطب ما ؟!
بقيت بلا حراك لفترة و لكن عندما بدأت صديقتاها بهزها مع الإلحاح الشديد فى الأسئلة استفاقت ثم هزت رأسها كما لو أنها كانت فى عالم آخر و فجأة أجهشت بالبكاء لتلتف صديقتاها حولها فى قلق شديد لتردف بصوت مخنوق : لقد رحل ..... رحل جدى و تركنا.
ظلت تبكى و صديقتاها تحاولان تهدئتها و لكن بلا جدوى فأدركت ماريا (صديقتها) أن على لانا رؤية جدها قبل مراسم الدفن فأخبرت نادية بذلك
ليقوما بمساعدتها على النهوض ثم استقلوا سيارة أجرة حتى وصولوا إلى المنزل ؛ كان المنزل مكتظا بالناس فقد حضر الجميع من عائلة و أصدقاء و نظرا إلى أن جدها كان يعيش معهم فى نفس المنزل فقد كان جثمانه هناك .
دخلت لانا غرفة جدها بخطوات متثاقلة بالكاد تحملها قدماها فقبلت جبينه بحنان ثم عانقته مدة من الزمن استغرقت حوالى دقيقة كاملة لتتمكن من الابتعاد عنه ثم خرجت من الغرفة و لم تنطق بحرف كأنها أرسلت كل ما كان يجول فى خاطرها من كلمات و ذكريات فى ذلك العناق .
عند خروجها من الغرفة كان المنزل يموج بأصوات البكاء و مواساة أفراد العائلة لبعضهم البعض ؛ بدأت بتحريك نظرها يمينا و يسارا بحثا عن والدها حتى وجدته جالسا على كرسى والده بلا حراك كأنه جسد بلا بروح فقررت أن تتقدم نحوه لتقدم له العزاء محاولة مواساته على فراق سنده و مصدر قوته فى الحياة ؛ عندما وصلت إليه وضعت كفها على يده وقبلتها ثم قالت : كان جدى رجلا عظيما استطاع أن يحفر اسمه فى قلوبنا ، صحيح أنه غادر و لكنه لم و لن يموت بداخلنا ، لنحيي ذكراه و لتكن خير ابن لأبيه ، شعرت فى تلك اللحظة بيد تربت على كتفها لتجد أعمامها الاثنين وقد التفا حولهما .
بعد لحظات من كلمات ابنته بدأ يسأل نفسه كيف له أن يكون بتلك الحالة و ابنته هى من تواسيه ؟!
فسرعان ما احتضنها فى حنان و طلب منها أن تصعد لغرفتها لتبدل ثيابها .
غادرت لانا غرفة الجلوس تاركة الإخوة يتحدثون سويا عما يجب أن يحدث فى مراسم الدفن و أنهم يجب عليهم أن يتجهزوا لاستقبال العزاء و ما إلى ذلك من أمور .

زواج إرثحيث تعيش القصص. اكتشف الآن