فى حجرة متواضعة للغاية فوق أحد الأبنية المتواضعة ايضا يجلس رامى ؛ ذلك الفتى ذو السبعة عشر ربيعا ممسكا بكتاب وهو ينظر له بتركيز شديد فالغد هو آخر اختبارات الثانوية العامة وعليه أن يجتازها بتفوق كما الأعوام السابقة من دراسته .الحجرة لا تحوى سوى فراش متهالك ومكتب خشبى بالإضافة لخزانة ملابس من ضلفة واحدة وفى أحد الأركان يقبع موقد غاز وبعض الاوانى الغير مجلية جيدا .
لا يحيد رامى بعينيه عن كتابه ولا يفقد تركيزه رغم ما يشعر به من ألم بالرأس وكأن الألم مجرد صوت يخبره أنه على قيد الحياة .
بدأ يدون بعض الكلمات بخط أنيق ، من يرى تلك الأصابع الشبة متلاصقة لا يصدق أن هذا الخط الأنيق كتب بها .
أنهى اخر ملاحظاته ،نظر لأوراقه نظرة رضا ، نهض عن المقعد الخشبى ليتوجه لخزانة الملابس فقد خفف ملابسه نظرا لشدة حرارة الجو لكنه سيتجه للخارج الأن وعليه أن يخفى نفسه داخل كومة من الملابس .
ارتدى سترة بأكمام طويلة ورفع غطاء الرأس ليخفى معظم وجهه ثم ارتدى قفازات أخفت كفيه ايضا واخيرا تلك النظارات الشمسية ذات العدسات الكبيرة لتخفى اغلب وجهه .
اتجه للخارج بخطوات ثابتة ليهبط الدرج متوجها لمكتبة يتعامل معها منذ عامين لبيع ملخصات ومذكرات دراسية يقوم هو بتلخيصها وكتابتها ويقوم صاحب المكتبة بتصويرها وبيعها .
تجمعات من الطلبة هنا وهناك بالقرب من المكتبة مجرد رؤيتهم أدت لإهتزاز خطواته لكنه تحامل على نفسه وتجاهل نظراتهم المريبة لهيئته واتجه لداخل المكتبة .
قابله صاحب المكتبة بحفاوة كبيرة فكل هذا التجمع بالخارج ينتظر اوراقه .
وقف صاحب المكتبة ويدعى أحمد بمجرد رؤية رامى يدخل من الباب : اهلا يا رامى يا بنى . اتأخرت ليه النهاردة .رفع رامى يده بالأوراق : معلش يا عم احمد المادة كبيرة انت عارف التاريخ .
امسك احمد بالأوراق ينظر لها بسعادة وهم بالتحدث ليقاطعة دخول أحد الطلبة : ها يا عم احمد ماتكلم اللى بيجيب لك الملخصات عاوزين نلحق نذاكر .
رفع احمد عينيه ليقول : الملخصات جت . نص ساعة تجهز .نظر المتحدث إلى رامى بريبة وغادر للخارج ليتنفس رامى براحة : ادينى فلوسى يا عم احمد علشان اروح .
مد احمد يده لدرج أمواله ليخرج ورقتين فئة المائة جنية يقدمها ل رامى الذى ابتسم للمال الذى يجنيه بسعادة ليتناوله من احمد ويهم بالمغادرة ليوقفه قائلا : بقولك ايه يا رامى يابنى ؟
توقف رامى ليقول أحمد : بما إنك هتاخد إجازة وتبقى فاضى ، اجيب لك شوية كتب تعمل لهم ملخصات فى الإجازة هديك فى الملخص خمسمائة جنية !!
توقف رامى لسماع المبلغ : ليه يا عم احمد كتب إيه دى ؟
احمد : كتب جامعة . ها قلت إيه ؟
رامى : موافق يا عم احمد بكرة وأنا راجع من الامتحان هعدى اخد اول كتاب .وانصرف رامى بخطوات سريعة بينما ابتسم أحمد لموافقته فهو يكسب ألاف الجنيهات من تلك الملخصات التى يكتبها رامى منذ عامين . وبهذه الطريقة سيكسب أموالا إضافية وكذلك سيفعل رامى الذى يرى أنه يمد له يد المساعدة لكنه فى الواقع يستغله لمصلحته الخاصة .
توجه رامى من فوره لشراء بعض الحاجات الضرورية ليعود فورا إلى غرفته .
اغلق الباب بهدوء ليتنفس براحة لتخلصه من الأعين التى تتعلق به لمجرد مروره بالقرب ويبدأ في نزع تلك الملابس عنه .خلع السترة لتظهر التشوهات بطول ذراعه الأيمن والتى طالت رقبته ووجهه حتى أعلى رأسه التى خلا جزء منها من الشعر نظرا لهذا التشوه الذى وأد نمو شعره بالجزء المصاب .تجاعيد منفرة بطول رقبته أثرت على حركتها بشكل كبير لكنه اعتاد التعامل معها ، وتجاعيد اكثر تنفيرا حول فمه وعينه اليمنى بينما الجزء الأملس من رأسه والذى خلا من الشعر بلون أحمر مؤلم للقلب .
خلع قفازاته لتظهر أصابع كفه الأيمن الشبه متلاصقة حيث يلتصق بنصره بوسطاه حتى العقلة الثانية ، لكنه سيتخلص من هذا الالتصاق فى أقرب وقت ورغم ذلك لا يشعر بالحماس وكأنه لم يعد يسمح للسعادة بالدخول لقلبه الصغير الذى لم ير أقرانه بالعمر منه الحياة بعد كما رآها هو.
توجه للمرحاض الملحق بالغرفة ليفتح صنبور المياة ويخلع عنه ما بقى من ملابسه لعل برودة المياة تلطف تلك الحرارة التى ألهبت جسده نظرا لملابسه التى يضطر للتخفى فيها من نفسه قبل التخفى من أعين الناس .
أنهى حمامه ليقرر الحصول على قسط من الراحة سيفيده كثيرا في تجديد نشاطه وإعادة التركيز كما سيخلصه من ألم رأسه هذا .
تمدد فوق الفراش ليغفو فى لحظات تحت تأثير الألم والارهاق لكنه رغم نومه العميق ينتفض على فترات حين تخترق الذكريات المؤلمة أحلامه .
انتظرونى مع حلقة جديدة يوميا 💖
أنت تقرأ
حكاية مشوه
General Fictionحادث أودى بحياة أقرب الناس إليه وحكم عليه أن يحيا منبوذا للأبد. أمامه طريقين ؛ إما التسول و إما الإجرام . لكنه أراد أن يخلق لنفسه طريقا ثالثا .عزة نفسه تمنعه التسول وإن هلك جوعا ، و قلبه النقى يمنعه الإجرام رغم ما تعرض له من تنمر وجحود هل ينجح ؟؟ أ...