الحلقة السابعة

12.7K 656 94
                                    

الحلقة الأخيرة
بعد أيام وصله خطابا من الجامعة حيث تم تعينه كمعيد نظرا لتقديره طيلة أربعة أعوام متتالية .
أسرع يقتنص فرصته للتقدم بحياته خطوات للأمام ، أصبحت حياته اكثر صعوبة فهو صباحا يعمل بالجامعة ومساءا يعمل بالمشفى ويقضى النصف الأول من الليل فى الدراسة لرسالة الماچستير ورغم كل ذلك اوجد ساعتين يوميا لعمل اضافى فقد توقف عن العمل بالتنظيف لكنه يعمل على مراجعة حسابات بعض المتاجر .
لم تنقطع علاقته بعم نصير بل أصبح يساعده طيلة تفرغه مساعده كاملة .
نسى رامى امر تشوه ذراعه ولم يحاول أن يجرى جراحة أخرى وكأنه لم يعد يتألم نفسيا .كلما ساعد مصابا قل الألم النفسى داخله وكأنه كان يحتاج لهذه المشفى .لقد ساعده العمل بها أكثر مما ساعد هو المصابين .
ذلك اليوم الذي تم استقبال أول مريض بذلك المشفى كان اليوم الأصعب بحياة رامى ، لم يعد لحجرته تلك الليلة بل ظل واقفا بباب غرفة المريض الذى لم يكن سوى طفل فى العاشرة . طيلة الليل يراقب بابه بقلق ، وكأن قلبه داخل الغرفة .
شعر أن الزمن عاد به لتلك الأيام التى قضاها في ذلك المشفى فى غيبوبة تأثرا بإصابته .
ولكنه اليوم فى المكان الذي احتاج وجود شخص به لأجله ولم يكن هذا الشخص موجودا مطلقا .ومذاك اليوم عاهد نفسه أن يكون بهذا المكان دئما لدعم كل من يحتاج إليه بكل طاقته ..وبكل ماله ايضا
*****
خمس أعوام مضت حصل فيها رامى على شهادة الماجستير وتقدم بعمله لكن حياته لم تتغير بعد ، لازال يقطن تلك الغرفة ، لازال يعمل بالمشفى ومعظم دخله يتبرع به للمرضى .
لكنه سعيد رغم حياته المؤلمة ، رغم جسده المشوه ، رغم بساطة حياته رغم كل شيء هو سعيد بالنهاية ،يشعر أن ثمة هدف تم تحقيقه وسمة حيوات تنتظره ليحياها ..حيوات عديدة عبر كل من يساعد في إنقاذه ..سيحيا بحياتهم جميعا .
تلك النيران في ذلك اليوم الذي فقد فيه الكثير احرقت جسده ،لكن لم تحرق روحه وقلبه .
تألم كثيرا وكثيرا لكنه يشعر أن روحه سكنت .
يرى كل يوم صورة ذلك اليوم وأصبح يتبعها الكثير من الصور التى مرت بحياته التى رغم قصرها إلا أنها كانت طويلة حافلة بالألم الذى تمكن من قهره ليستمر بقلب نقى وروح طاهرة .
لم يعد ذكرى ذلك الحريق يؤلمه ..لم يعد فقدان أسرته يشعره بالوحدة .. أصبح يرى حياته من منظور آخر ..يرى أنه مر بكل هذا ليكون بهذا المكان فى النهاية .
المكان الذى يحتاجه فيه الكثيرون .. ربما فقدانه أسرته أهله ليقاتل لأجل أسر أخرى تحتاج من يقاتل لأجلها.. ربما ليالى الألم اهلته لينزع الألم عن هؤلاء المتألمون .
أصبح رامى اليوم يشعر بالسكينة والرضا عن حياته الأليمة
حياته كمشوه ساعدت الكثيرين للتخلص من ذلك التشوه .لن يترك طفلا يعانى ما عاناه ..لن يسمح أن يمر طفل بما مر به فهو غير واثق أن أحدهم يمكنه أن يتخطى ما تخطاه هو .
تمت بحمد الله

حكاية مشوه
انتظروا الجزء الثاني

بقلم قسمة الشبينى

حكاية مشوهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن