الثانى
راقبت مغادرة بخيبة أمل ؛ ترى ما الذى يخفيه وراء قناع الجمود الذي يعتلى وجهه دائما .
زفرت بضيق وغادرت ايضا نحو مكتب الأطباء فورا . كانت تتحرك بغضب شديد لا تدرى مصدره .
لا تعلم لم شعرت به يغادر جريحا !!!فتحت الباب بإندفاع لتتعلق بها الأعين ، نظرت إلى رائف فورا : دكتور رائف تسمح ؟
قطب جبينه ، يعلم أنه تجاوز مع رامى . لكنه كان غاضبا بشدة . لم يتحمل رؤيتها ترافقه .
لم يتحمل أن تمنحه ما تاق إليه ولم تهتم لأمره .وقف واتجه نحوها لتتقدمه فيتبعها بصمت . ابتعدا عن المكتب مسافة كافية لتلتف له بحدة : اقدر اعرف ايه اللى انت عملته فى الكافيتريا ؟
رفع رأسه بشموخ زائف وتجاهل الإجابة : عملت الصح .
نظرت له بتحدى : اللى هو ايه ؟
دقق النظر لوجهها بحدة : عرفته إنه إنسان غريب . دى مش حاجة مجهولة ولا صعب تتعرف . كل المستشفى بتتكلم عن غرابة اطواره وانطواءه .
ارتعدت بغضب : وانت بصفتك ايه تعمل كدة ؟؟ وازاى تحرجه بالشكل ده ؟ واحد بيحط حدود لعلاقاته انت مالك ؟
مالى انت ..
نطق بها بتهور لتنظر له بحدة فيتابع : ايوه مالى انت . وماتقوليش مش واخدة بالك من اهتمامى بيكى .
عقدت ساعديها : لا واخدة . وانت كمان واخد بالك انى مش ببادلك نفس الاهتمام .صمت لحظات وكل منهما ينظر للآخر بتحدى حتى قال : ورامى بقا اللى مهتمة بيه ؟
رفعت حاجبيها استنكارا : اظن مايهمكش وماحبش تدخل في شئونى اكتر من كده .
همت لتغادر ليستوقفها : داليا !!!
توقفت ليقف أمامها : يعنى ماليش مكان في حياتك ؟
دارت على عقبيها لتواجهه : يا رائف انت زميل عزيز وليك مكانة عندى مقدرش أنكرها . بس مش اكتر من كده .
هز رأسه بوجه شاحب وعاد يتساءل : ورامى ؟؟
هزت كتفيها : لسه معرفش مكانه فين وهيقف فى مكانه ده ولا هيقرب بس اللى اعرفه انى اتوجعت لما انت وجعته وده ازعجنى جدا
عاد يهز رأسه : أنا آسف يا داليا . عن اذنكوغادر عابرا الرواق إلى غرف المرضى فهو لا طاقة له بالحديث أو الاستماع .
______
غادر رامى المشفى دون أن يحظى بالفرصة التى تمناها . اعاده رائف إلى موقعه الذى ظن أنه تجاوزه منذ سنوات .
لكن مؤكدا لم يفعل .لم يتوجه للجامعة بل عاد للمنزل ، ليس تلك الحجرة التى يرى نسخته المشوهة فى كل ركن فيها .بل إلى شقته الصغيرة التي حصل عليها مؤخرا .
جال بالارجاء .
ليس هنا ذكريات مؤلمة .
لكن هل يعنى انتقاله نهاية صورته المشوهة !!؟ بالطبع لا . إنها تحيا داخله لتعذبه طيلة العمر . لا مفر منها .. لا مفر .جلس على الأرضية الباردة ينظر أمامه بشرود .
يرى كل نظرة شفقة تركت أثرا في روحه .
كل نظرة اشمئزاز تركت جرحا فى روحه .اغمض عينيه حين ارهقته الذكريات ليغيب عن الواقع برغبة كاملة
_____
أنت تقرأ
حكاية مشوه
General Fictionحادث أودى بحياة أقرب الناس إليه وحكم عليه أن يحيا منبوذا للأبد. أمامه طريقين ؛ إما التسول و إما الإجرام . لكنه أراد أن يخلق لنفسه طريقا ثالثا .عزة نفسه تمنعه التسول وإن هلك جوعا ، و قلبه النقى يمنعه الإجرام رغم ما تعرض له من تنمر وجحود هل ينجح ؟؟ أ...