الفصل الثامن من الجزء الثاني

9K 442 22
                                    

الثامن

وصل رامى ذلك المساء إلى مكتب محمود وقد اعياه التخاذل الذى رآه من أبناء تلك العجوز .
حمدا لله أنه كان بلا عائلة .. بالكاد تحمل تخاذل عمه عن مساعدته وايواءه . فكيف سيتحمل هذا الصغير تخاذل كل هؤلاء !!!؟

كان محمود بمكتب المحاماه خاصته وقد فرغ لتوه من موعده الأخير ليدخل مساعده ويخبره أن رامى ينتظره من مدة ليست قصيرة .
أمره بإدخاله ليطرق الباب بعد دقيقتين تقريبا . سمح له بالدخول ووقف يستقبله ليتجمد مكانه فور رؤيته ..
إنه شاحب للغاية ويخيل إليه أنه سيفقد وعيه للتو . لكن رامى رفع رأسه بقوة غير متوقعه وهو يحيه برسمية : السلام عليكم . انا اسف انى جيت من غير معاد .

عاد محمود لمقعده بهدوء وهو يقول : تعالى يا رامى انت مش محتاج معاد .
اقترب رامى لينهض محمود عن مقعده مرة أخرى ويدور حول المكتب مشيرا لركن المكتب : تعالى نقعد هنا .
أومأ رامى وتبعه بصمت . جلسا ليتساءل محمود : اخبارك ايه يا بنى ؟
ابتسم رامى ف محمود يصر على إضفاء روح عائلية على كل لقاءاته به : الحمدلله بخير
محمود : مش باين .

صدم رامى لقوله . ترى هل أصبح واضحا أمامه لهذه الدرجة !!!
قاطع محمود شروده : اتكلم يا رامى . قول كل اللى جواك .

إنه يثق به . لذا لم يتردد كثيرا في التحدث ، لكنه لم يقص عليه حياته بل حدثه عن ذلك الصغير وجدته العجوز ليتطرق للحديث  عن العفن الذى استوطن فى المجتمع ليحاكم الضحايا ويحولهم ببراعة منقطعة النظير إلى جناة . ومع الوقت يقتنع البرئ بإجرامه فنرى ما نرى من جرائم تعبر عن افتقاد الإنسانية .
وكيف نسمح لأنفسنا بالتعجب من تلك الجرائم وايدينا ملوثة بدماء ضحاياها . ألسنا من ساهمنا فى إعداد وتجهيز هذا المجرم !!؟
كيف نندد بأفعاله !!!

تحدث رامى كثيرا وكعادة محمود كان مستمع جيد ومحاور قادر على استخراج مكنون قلب محدثه ببراعة .
مرت ساعتين تقريبا قبل أن يقول رامى : علشان كده انا بفكر في مؤسسة خيرية . يكون دعمها النفسى لضحايا الحروق الهدف الأول بعديه يجى الدعم المادى .
نظر ل محمود ليحثه على المتابعة : وضح لى فكرتك اكتر .
رامى : يعنى أول ما نعلن المؤسسة رسميا نطلب متطوعين للعمل . مهمتهم دعم ضحايا الحروق أو اى حوادث تؤدى لتغير مظهر الضحية . هنتواصل مع المستشفيات مش هنستنى الناس دى تدور علينا . احنا هندور عليهم ونوصل لهم . اللى مالوش أهل هنبقى أهله .
ابتسم محمود مشجعا : هى فكرة ممتازة بس هتحتاج تمويل كبير .. خصوصا انك هتتعامل مع ضحايا الحوادث اللى اتعرضوا لتغير كبير في مظهرهم الخارجى واكيد هيحتاجوا عمليات تجميل ودى مكلفة جدا .
رامى : إذا اقنعنا كل دكتور تجميل يعمل عملية واحدة مجانية في الشهر هنعالج ناس كتير جدا .

اتسعت ابتسامة محمود ، فرغم هيئة رامى المزرية لحظة دخوله إلا أن افكاره مرتبة بشكل جيد . هو لن يتخلى عنه : اول حاجة تعمل لى توكيل بكرة الصبح وانا هقدم على إشهار المؤسسة الخيرية لما نخلص الإجراءات نعلن عنها ونطلب المتطوعين زى ما قلت .
شعر رامى براحة ، لقد احتاج هذا الدعم الذى يقدمه محمود بطيب خاطر فابتسم اخيرا : ولحد ما حضرتك تخلص الإجراءات هكون كلمت اكتر من دكتور وإن شاء الله اقدر اقنعهم .
نهض محمود : خلاص متفقين . ايه رايك بقا تروح معايا نتعشا سوا ؟ نادية عاملة محشى .

حكاية مشوهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن