الخامس
فى المشفى الذى انتقل إليه رائف بعد شهر ونصف من ذلك اليوم .
يقوم رائف بعمله الروتينى الصباحى حيث كلف اليوم بالمرور على غرف المرضى حين أقبلت عليه بهيئتها الملفتة .اى كان يلتفت مرغما لتلك الهيئة ، وجه برونزى برئ ، حجاب ملفوف بإتقان ، نظارة طبية تخفى معظم ملامحها الطفولية ، رداء طبى لم تنه ارتداؤه بعد وتقاتل لإدخال ذراعها الآخر واخيرا حقيبة كبيرة معلقة على ذراعها الأيسر بشكل عكسى .
دخلت بهيئتها الفوضوية بفوضى عارمة قائلة : اسفة . اسفة جدا اتأخرت فى الطريق .
نظر لها رائف ولطريقتها الحميمية فى التحدث إليه رغم أنه لا يعرفها مسبقا . هو يكره الفوضى ورغم ذلك لم يعلم لما تقدم بهدوء ليمسك طرف ردائها لتدخل ذراعها الآخر فتتنهد براحة وهى تعيد ضبط الرداء عليها .هز رأسه بأسف وتراجع ليتساءل : مين حضرتك بقا ؟
نظرت له بتعجب وهمت بالرد ليقول المريض ضاحكا: ههههه صباح الخير يا دكتورة امل .كدة تتأخرى علينا .
التفتت للمريض واهملت إجابة رائف مقتربة من الفراش : صباح الخير يا عم محمد . اعمل ايه بس الناس بقت عصبية جدا .مش عارفة اسوق العربية كله بيتخانق مع كله .عقد رائف ساعديه ووقف يراقب مراقبتها الدقيقة لمؤشرات المريض رغم الفوضى التى تعمها .
اتسعت عينيه وهو يراها تمسك مقدمة ملابس المريض وتتساءل بحدة : اعترف يا عم محمد . انت شربت قهوة ؟ صح ؟
تلعثم الرجل : صراحة يعنى ...
لتترك ملابسه وترفع إصبعها بتحذير طفولى : عم محمد
تنهد الرجل : ايوه شربت
لتضحك ضاربة كفيها ببعضهما : ما أنا عارفة. ههههه . مسموح بفنجان واحد بن فاتح فى اليوم .اكتر من كده مش هكلمك والله.
تهللت اسارير الرجل : لا وانا اقدر . فنجان واحد فى اليوم انت تأمرى يا دكتورة .خرجت بعد قليل من الغرفة يتبعها رائف وهو عاقد النية على توبيخها بشدة فمن ناحية لا يجب معاملة الجميع بحميمية ومن ناحية أخرى لا يجب السماح للمريض بشرب القهوة .
لكنها لم تمنحه فرصة ودخلت مسرعة للغرفة الأخرى بنفس الفوضى . لحق بها ليجد فتاة أخرى تقف أمامه ، ملامح جادة تماما . جبين مقطب وتحتفظ بيديها داخل جيوب الرداء .
نظرت للمريض دون أن تقترب منه : اخبارك ايه يا استاذ اسر ؟
نظرة المريض لها غير مريحة بالمرة . ويقسم أنه لولا وجوده لغازلها بلا شك .أمسكت تقريره اليومى وتطلعت فيه بتركيز قائلة : تمام جدا حضرتك حالتك مستقرة وزى ما قولت امبارح ممكن تسبب المستشفى المهم ما تشربش كحول نهائى .
ليقول المريض بلا مبالاة : لا خلينى فى المستشفى يومين لحد ما اطمن على نفسى .
تدخل رائف فورا : حضرتك مستقر والسرير ده فى ناس محتجاه وجودك هنا مالوش لازمة .
ليجيبه بوقاحة : أنا هنا بفلوسى يا دكتور .
هم رائف ليرد لكنها اسرعت : عادى يا استاذ بس مش هنسمح بأى تجاوز .
أنت تقرأ
حكاية مشوه
General Fictionحادث أودى بحياة أقرب الناس إليه وحكم عليه أن يحيا منبوذا للأبد. أمامه طريقين ؛ إما التسول و إما الإجرام . لكنه أراد أن يخلق لنفسه طريقا ثالثا .عزة نفسه تمنعه التسول وإن هلك جوعا ، و قلبه النقى يمنعه الإجرام رغم ما تعرض له من تنمر وجحود هل ينجح ؟؟ أ...