رامى الأخ الأوسط لثلاثة أبناء لوالديهم ذلك الرجل البسيط الذى لم يدخر جهدا لاسعادهم . يعمل بكد ليقدم لهم أفضل حياة يمكنه تقديمها لصغاره وزوجته التى تكافح معه ليصلا بهؤلاء الصغار لما يتمنون. لم يكن اى منهما يتذمر رغم ضغوط الحياة المهلكة مادام الصغار بخير فيمكنهما التحمل فقط لأجلهم.حتى كان ذلك اليوم ، كان يوما شديد الحرارة وقد أذاع التلفاز تحذيرات مشددة عن خطورة حرارة الجو ، الكل يستمع دون اهتمام فهذا هو حال الإعلام يبالغ ويغالى بكل الصغيرات التى أصبحت جزءًا من واقع البسطاء لا يفكرون فى تغيره لأن هذا التغير يرتفع عن واقعهم بمساحة شاسعة.
نوبة حرارة ولا شئ خطير . هكذا يظن اغلب الناس البسطاء ويستعينون على هذه الحرارة بأبسط ما يملكون، بعض الماء البارد، ربما مروحة متهالكة تزيد الحرارة لا تخففها لكنهم يتظاهرون أن الأمور بخير لتمضى حياتهم على هذا النحو .
كان والده قد عاد للتو من عمله يبغى قسطاً من الراحة لكنها غير متاحة فقد اخبرته زوجته أن إسطوانة الغاز قد فرغت تماما وهى لم تنه إعداد الطعام . حمل الأب الإسطوانة الفارغة ليعود بعد نصف ساعة يتصبب عرقا بأخرى ممتلئة يرفعها فوق كتفه وقد وضع أسفلها حاجز كرتونى فهى شديدة السخونة ولم يتحمل حملها دون حائل .
أسرع للمطبخ الضيق ليضعها بمكانها المخصص ، اوصلها بخرطوم الموقد واشعل النار ثم ترك زوجته لتعد الغداء البسيط ككل يوم.
جلس بتلك الردهة متوسطة المساحة هو وأبناءه الثلاث يتبادل معهم الحديث للإطمئنان على شؤونهم والإبتسامة تكلل وجوه الجميع فجميعهم يتخلل الرضا صدره ليرسم هذه الابتسامة.
مر بعض الوقت وفى لحظة دوى إنفجار هائل لتتحول الشقة فى لحظات لقطعة من جهنم .
صراخات تمزق القلوب صادرة عن الجميع بلا تفرقة ليرى رامى بعينيه أجساد أسرته وهى تحترق يتخبطون هنا وهناك كما يفعل هو فى محاولة لإخماد النيران التى تذيب لحومهم .
تراجع رامى خطوات من شدة الألم ليرتطم بالنافذة فيهوى خارجا والنيران تتأكله بلا رحمة .
لم يشعر بالوقت بعد ذلك ، كان ارتطام جسمه المشتعل بالأرض هو آخر ما شعر به .
أفاق ليجد نفسه ممددا فوق فراش معدنى وجسمه يختفى تحت الأربطة الطبية وساقه اليسرى معلقة فقد كسرت نتيجة لسقوطه
.
أغمض عينيه ليرى صورة والدته وجسدها يندفع بقوة خارج المطبخ لتسقط أمامه بلا حراك ثم صورة والده وشقيقيه وهم يتخبطون من شدة الألم .لقد رأى جسد أخيه الأكبر يسكن في لحظات بينما اندفع هو تاركا والده وشقيقه الأصغر يحترقان مثله لكن اندفاعه هذا أسقطه من النافذة التى لحسن الحظ بالدور الثاني ليكون هذا الساق المعلق ألم اضافى يضاف للنيران المشتعلة .
أنت تقرأ
حكاية مشوه
General Fictionحادث أودى بحياة أقرب الناس إليه وحكم عليه أن يحيا منبوذا للأبد. أمامه طريقين ؛ إما التسول و إما الإجرام . لكنه أراد أن يخلق لنفسه طريقا ثالثا .عزة نفسه تمنعه التسول وإن هلك جوعا ، و قلبه النقى يمنعه الإجرام رغم ما تعرض له من تنمر وجحود هل ينجح ؟؟ أ...