إنه الله يا صاحبي

41 4 4
                                    


استعرت من هدية إسدالها وسجادتها، توجهت للمغسلة و نويت الصلاة وتهيأت للوضوء، بدأت بالبسملة وغسلت يدي، بعد أن توضأت جيدا توجهت لغرفتى وأنا أردد:"أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أشهد أن محمد عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين"كما علمتني هدية.

بَسَطَت المصلية بإتجاه القبلة واستفتحت الصلاة بدعاء:" اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الابيض من الدنس اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والبرد والثلج"

حاولت قدر الإمكان أن أتمهل في الصلاة وأن أتامل كل كلمة أقولها، تمنيت أن أصل للخشوع وأقيم الصلاة حق إقامة، حتى لا تكون صلاتي مجرد قيام وقعود، وفي السجود تذكرت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم"أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء"( رواه مسلم). فأطلت من السجود حتى أشعر بذلك القرب، وتركت نفسي تردد كل دعاء تعرفه.

شعرت بالرضا والراحة بعد التسليم من الصلاة وجلست قليلا على السجادة اذكر الله، صحيح انى لن اصل للخشوع بهذه السهولة حتى لو رغبت بذالك، وصحيح ان صلاتى لم تخلو من السهو ولكن مع التعود والمواظبة والرغبة الصادقة سأتلافى هذا السهو واقيم الصلاة كما امرنى الله.

تذكرت حوار كان قد دار بيني وبين هدية ذات مرة، قلت لها:"يوما ما سيتخطاني الموت بحوافره، وينهش لحمي بأنيابه، ويفت عظامي ويفتك بجسدي، ولن يتبقى مني إلا ذكرى تحمل في تابوت ويلقى بها داخل حفرة ظلماء.

عندما أفكر في ذلك فإنى أتسائل'ما العُقْبَى من الحياة إذا كان الموت مصيرنا في النهاية؟'

'ما الجَدْوَى من كل لحظة نعيشها مادامت ستمضي وتصبح ذكرى مركونة داخل مكب الماضي ونفايات الأحداث؟!'

'ما المعنى من كل شيء مادمنا سنتخطاه ونتناساه وكأننا لم نعشه من الأساس؟!!'.."

فأجابتنى بتلك الثقة المعتادة وعيناها تشعان أملا: "العقبى من الحياة هو ذكر الله، نحن نعيش هذه الحياة برمتها لنعبده، قال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (56)(الذاريات).

اللحظات التى نذكر الله فيها ستبقى حية خالدة ولن تموت أبدا ولن ننساها أو نتناساها ، بل الساعات التي تمضي ولا نذكر حبيبنا فيها سنندم عليها ، حتى إن السلف الذين سبقونا قالوا "ليس يتحسر أهل الجنة على شيء إلا على ساعة مرت بهم ولم يذكروا الله سبحانه فيها"   (معاذ بن جبل).

لذلك عزيزتي انحري أفكار الزيف من رأسك وقومي اذكرى الله"

خَلَعَت الإسدال واتكات على السرير، وأنا أحمل بين يدي كتاب كانت قد أعطتنى إياه هدية وحثتني على قراءته، إسم الكتاب 'لأنك الله'، أدرت صفحاته بعشوائية ولمحت بعض الكلمات مظللة دون الأخرى، لابد وأن هدية قد ظللتها، بدأت بقراءة الكلمات المظللة من كل صفحة أولا:


زهرة نازفةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن