الفصل السابع "فرحه العيد"

9K 328 22
                                    


الفصل السـابع
"فرحه العيـــــد"

سافر بعدها بعده أيام عبد الرحمن وبدأ في المشروع مباشره، كان يعمل ليل نهار وإذا تبقي له ساعة او اثنين كان يقضيهم في صالة الألعاب الرياضية، يلعب بعنف وعصبيه شديدة، كي يفضي ما بداخله من طاقه وقوة وحنق .... .
بعد عده أشهر بدأ جسده يتغير وأصبح أكثر قوة من ذي قبل وأكثر ضخامة، فخطته كانت إجهاد نفسه في العمل والرياضة كي يتمكن من النوم ليلا ولا يفكر فيما يحدث معه.
اقترب العيد الكبير ومع إلحاح والدته عليه اضطر للنزول قبل العيد، أثناء وجوده ب شرم الشيخ حاول ترك المجال لنفسه للتعرف إلي أي فتاة لكنه لم يكن يخرج معها مرة حتى يشعر بالاشمئزاز منها فكلهن متشابهات يركضن وراء الاسم والمال ولا احد يهتم له هو.. لشخصه.. كما انه لم تكن هناك واحده لها دفء عيناها وطيبه قلبها،  ناهيك عن صعوبة فعل ذلك فهو لم يصادق فتاة من قبل!.
ظن خاطئا أن البعد سوف ينسيه ولكن لوجودها معه في نفس العائلة كان الامر اشبه بالمستحيل، فهو أن لم يرها كان يسمع أخبارها يوميا تقريبا دون أي قصد منه، فذات يوم كان يكلم والدته علي الهاتف ليطمئن عليها واذا بها تخبره وهي غارقه من الفرحة ان أحمد وسارة يفعلون اشياء غريبه بالحديقة وبعد فترة فطنت الي ان سارة علمت أحمد عده اشارات صغيرة تتلمس بها اصابعه دون ان تتكلم ليعرف أحمد اذا كان امامه شيء ما ام لا، ويتحرك الي اليمين او اليسار او يصعد ام ينزل، وبالفعل بعد التدريب ليوم جمعه كامل اصبح أحمد افضل حالا ويمشي بثقه اكبر واسرع.
عاد عبد الرحمن قبل العيد بيوم وفوجئ الجميع به وكيف اصبح ضخم البنيه وبارز العضلات.
_ يوم الوقفة  دلفت سارة مع أحمد الي باب الحديقة وهم متعبون للغاية "مش لو كنتي بتعرفي تسوقي كنا ترحمنا شويا" أنبها أحمد بنزق  " هحاول والله يا أحمد بس مواعيد مدرسه السواقة داخله مع مواعيد الشغل وأنا بصراحه بروح تعبانة مش هقدر أنزل تاني!".
لم تعد سارة تخبره بأن يحذر او يصعد او ان هناك عائق بل تلمس كل اصبع خاص بإشاراته الخاصة، كان أحمد سعيد جدا بتلك اللغة الخاصة بينهم والتي اخترعتها سارة خصيصا له "بتتخنقوا علي ايه كده؟!" شهقت سارة عندما رأته ولم تتعرف عليه بسهولة في الضوء الخافت، اتسعت عيناها "معقوله حضرتك شكلك اتغير خالص يا ابيه" "عبد الرحمـــن!" صاح أحمد ومد يده في الهواء التقط عبد الرحمن يده واجتذبه في عناق رجولي بحت ملئ بالمشاكسة.
"ازيك يا سارة عامله ايه؟" ومد يده يسلم عليها، " الحمد لله يا ابيه، حضرتك اللي عامل ايه وعملت كده ازاي؟!" ضحك بخجل " عادي شويه تدريبات"  "لازم تقول لأحمد عليها بقي عشان يبقي زي حضرتك " التفت لها أحمد سريعا "قصدك ايه؟ أنا عندي عضلات بس هي اللي بتطلع لجوا!"، واخذ يستعرض وكانه لاعب كمال اجسام ، ضحكت سارة علي أحمد كثيرا "اعد في جنب كده أنت وعضلاتك الخفية! " نكس رأسه أرضا " ماشي يا سارة بتعيرني ! " وجلسوا الي المظلة.
رغم كل شيء فهو اشتاق لهم ولمزاحهم معا وضحكهم ..... وضحكها.
جاء محمد وجلس يرتاح الي جانب عبد الرحمن "انسي يا أحمد الحلاق زحمه جدا معرفتش ادخله اصلا شكلك هتعيد كده"، قال أحمد بغضب مبالغ "انت السبب أنا قايلك من بدري انت اللي اعدت تتلكع"، جاء حسام واخذ اصبع موز واخذ يأكل منه ويقول بعدم مبالاة "بطل زعيق بقي يا اخي مفيش غيرك في البيت ولا ايه؟"، "محصلش حاجه يا أحمد العيد دايما بيبقي زحمه"، قالت سارة بخفوت لتهدئه " محصلش حاجه ايه بس يا سارة مش شايفه منظر دقني عامل ازاي هصلى بكره ازاي كده بس؟"،" والله دقنك ناعمه وجميلة، وعلي العموم لو معرفتش تحلق هحلق لك أنا" ، قالتها بمرح وعبث كي يضحك، ابتسم أحمد بالفعل "بس بدل ما تطلع في دماغي واخليكي تحلقي ليا".
قال محمد بتهكم "السوبر سارة يا تري في حاجه حضرتك مبتعرفيش تعمليها؟" ووضع اصبع موز امامها وكانه مكبر للصوت.
زمت فمها حنقا منه "شايف يا أحمد اخوك بيتريق عليا ازا " " اثبتي لي انك بتعرفي تعملي كل حاجه واحلقي ليا انتِ" قال أحمد بمكر ، اغتاظت بشدة منهم " والله انت كمان؟ ماشي .. طيب ايه رأيك إن أنا اللي هحلق ليك " واشارت الي نفسها بزهو ممزوج بعند.
صاح محمد ينادي علي والدته من أسفل الشرفة " مامــــــــا "، نظرت السيدة نور وقالت بحنق " مش أنا منبه عليك متصرخش كده يا محمد؟ " لوح لها سريعا "تعالي بس انزلي في حاجه مهمه سارة هتحلق ل أحمد" رفعت الام حاجبها وبعد دقيقه كانت بالحديقة، ضحك عبد الرحمن عليها " في ناس بتتورط " زمت سارة شفتيها بحنق شديد من محمد "وانت مالك انت هتقول للشارع كله" ، ودفنت وجهها بكتف أحمد "اخوك فضحني خلاص" و ضحك الاربع اخوة عليها.
جاءت السيدة نور "ها يا سارة خلصتوا شرا لقيتو حاجه مناسبه" "اه يا طنط ان شاء الله يعجبك" ، واخرجت سارة الكيس الذي يوجد به ملابس جديدة لأحمد "اه حلو فعلا تلبسهم بالهنا يا حبيبي".
قال محمد بمكر "لفي ودوري اوي أنا راشق هنا لحد ما تحلقي له" وكرر أحمد بطفوليه " اه أنا راشق هنا لحد ما تحلقي ليا" "وبعدين فيكوا بقي بطلو تغيظوني ، شايفه يا طنط!"
"بس يا محمد لا أخوك يتعور"، اتسعت عين سارة دهشه "حتي أنتِ يا طنط!!" ، ضحك الاربع اخو بشدة علي سارة المهزومة، خبطت سارة علي الطاولة بيدها بحزم مصطنع " عارف  بس لو حاجه الحلاقة موجوده كنت حلقت له الوقتي .. وحالا" قال حسام بتكهن " الوقتي! وحالا!! لااا ده الموضوع كبير، روح يا بني جيب طلبتها لما نشوف عاوزة ايه؟" نظرت له شزرا "ماشي يا حسام ليك يوم، عاوزه رغوة حلاقه، وماكنه جديدة ومش مفتوحة، وازازه مايه ، وطبق، وفوطه، ومناديل".
قال محمد بتكهن "ماكنه جديدة ومش مفتوحة توكيداتك رهيبة" وضحكوا مرة اخري عليها.
اتي محمد بالأغراض وهو يصيح متهكم وهو يحمل المياه "يا رب ولد، يا رب ولد" ، نظرت سارة علي الاغراض بترفع وقالت " عاوزة فوطه " "اهه " واعطاها محمد المنشفة "لا دي صغيرة أنا عاوزة واحده كبيرة" وعقدت ذراعيها رافضه البدء قبل ان يأتي بكل طلباتها ، قال حسام بملل "روح يا بني جيب اما نشوف اخرتها معاها!"، اتي محمد بالمنشفة ولكنها كانت عملاقه للغاية "بطانيه اهه عشان متطلعيش بأي حجه تانيه".
"ربنا يسمحكوا كلكوا" تمتمت سارة بغضب طفولي، اخرج محمد مائه جنيه ووضعها علي الطاولة "رهان علي 100 جنيه انها مش هتعرف تحلق له" اخرج حسام وعبد الرحمن هو الآخر النقود علي انها لن تنجح بتلك المهمة واراد أحمد هو الاخر اخراج النقود ولكنها صاحت به "أحمد!" .
وضعت المنشفة العملاقة عليه بينما استكان هو الي كرسيه وغاص به للأسفل ثم أنتفض سريعا "استني استني" وضم يديه بدرامية
  "اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان سيدنا محمد عبده ورسوله" ثم اردف
" تقدري تتفضلي " "بقي كدة!" قالت له مستنكره، اراد حسام ومحمد ارباكها واخذوا يصدروا اصوات ويطرقون بشدة علي الطاولة، نظرت الي السيدة نور وتمت بنبرة حاسمه وكأنها سوف تدلف الي غرفة العمليات
"لو عاوزة أحمد يعيش يا طنط متخليش حد يلخبطني" زمجرت السيدة نور بحدة "ولااااااد سكوت اخوكوا ممكن يتعور"
وضعت سارة الرغوة علي ذقن أحمد كلها ثم مسحت يدها بالمنشفة واشارت الي محمد "تعالي نور ليا بدل ما انت اعد ملكش لازمه كده!"، اطاعها وبدأت سارة بحلاقه ذقن أحمد بحذر شديد ورقة بالغه استسلم أحمد لها وبدي وكأنه غارق في النوم كان الجميع يشاهدها ولم يتحدث احد قط .
احس عبد الرحمن بشعور غريب وتمني بشدة لو انه هو الجالس مكان اخيه، سالت السيدة نور وقد بدت منومه هي الأخرى "حلقتي قبل كده؟" هزت رأسها نافيه "بس كنت بشوف ماما بتحلق ل بابا ساعات"، قال عبد الرحمن وهو منوم
"يا بختك يا عم شاكر" ابتسمت له سارة ابتسامه ساحرة ثم اكملت عملها، وبعد عده دقائق مسحت وجهه جيدا وبللت المنشفة بمياه نظيفة ومسحت وجهه مرة اخري كي تزيل أي اثر للصابون، واخرجت من حقيبتها كريم مرطب ووضعته برقه علي وجه أحمد الذي كان مستمتع الي اقصي درجه بالحلاقة.
بعد ان انتهت امسكت الهاتف من محمد واخذت تتفحص وجه أحمد جيدا ثم قالت والسرور يتملكها "ولا شعره ولا خدش" وعقدت ذراعيها منتصرة، تمتم أحمد وهو كالنائم "خلاص خلصتي" ضحكوا بشدة عليه، جلس واخذ يتحسس ذقنه ثم هتف " اه يا قرده ده أنتِ عملتيها احسن من الحلاق!" ابتسمت واغاظتهم جميعا توجهوا كلهم نحو أحمد واخذوا يتحسسوا ذقنه "فعلا ناعمه جدااا" خطف حسام المنشفة من اخيه ووضعها عليه ثم هتف "أنا اللي عليا الدور" ضحكوا كثيرا عليه، "عشان تحرموا تتريقوا عليا الفلوس اللي راهنتوا عليا بيها كل واحد فيكو يطلع ضعفها الوقتي علي الطرابيزة وانت كمان يا استاذ أحمد" هز أكتافه رافضا
"ليه بقي؟ أنا كنت واثق فيكي من الأول مش كده يا ماما؟" ضحكت والدته "طلع وانت ساكت"، اخرج كل منهم النقود وهم كارهين خسارتهم امامها.
اخذت المال واخذت حقيبتها وتوجهت نحو البواب الذي فرح كثيرا بهذا المال وعندما عادت كان الأربعة يشعرون بالخجل منها لقد تهكموا عليها كثيرا، قالت لهم بمرح " خلاص هسامحكوا المرة دي بكره العيد كل سنه وانتو طيبين "
"وانتِ طيبه يا حببتي" قبل أحمد رأسها وعيد الاخوة علي بعضهم البعض وقبلوا امهم وهي الأخرى قبلتها "بعد اذنك بقي يا طنط أنا همشي" "ليه يا سارة لسه بدري يا حببتي؟" "معلش اصلي مش ساعدت أمل وآية في شغل العيد وكمان لو مروحتش الوقتي مش هلحق العدية بابا بيجيب الفلوس الجديدة الوقتي" ضحك أحمد وقال لها  ولا يهمك يا حببتي أنا هديكي احلي عديه" "لا يا سيدي عديه بابا لها طعم تاني وبعدين بقولك دي فلوس جديدة محدش لمسها غيرنا!!"، ضحك حسام وقال "والله يا سارة انتوا عندكوا حاجات غريبه زي اغنيه الخطوبة والفلوس الجديدة" اتسعت عيناها دهشه "انت مش عارف اغنيه الخطوبة؟!"
هز رأسه متهكم "لا ازاي يا دبله الخطوبة عقبلنا كلنا" وأردف الاثنين معا "دي اهم من الشبكة نفسها" ضحك كثيرا "مشاء الله كلكوا ماشين علي نفس الطريق" .
وشرح لهم اهميه الأغنية عند امل وضحكوا معا، جاء السيد شهاب وسلم علي الجميع وقال ل أحمد "نعيما يا أحمد بس مش كنت قصيت شعرك بالمرة" فنظروا كلهم نحو سارة، رفعت يدها مستسلمة " أنا تخصص دقن بس " ليضحك الجميع عليها.
قال محمد عابث "ها يا بابا مش هتعيد علينا؟" "لا ازاي طبعا هعيد عليكوا" واخرج عده اوراق نقديه جديدة تماما واعطاها كلها لسارة "الله يا عمو كلها جديدة كل سنه وحضرتك طيب"، سال عبد الرحمن "وعرفت منين بقي يا بابا " ضحك السيد شهاب "من زمان وشاكر يدوخ كل عيد علي فلوس جديدة ويقول لي لو مش جديدة مش هيخدوها وينكدوا طول العيد" ضحكت سارة وقالت " بابا ده حبيبي " سألها أحمد " اشمعني أنا معيدتش عليكي لسه " وهم بإخراج النقود ولكنها منعته "متتعبش نفسك لو مش جديدة مش هاخدها" ثم اردفت "أنا اتأخرت أوي يا أحمد لازم امشي" "اممم تزعلي لو خليت عبد الرحمن يوصلك لوحده اصلي بجد تعبان" ربتت علي ذراعة بحنان "لا يا حبيبي مفيش مشكله ارتاح انت" " عبد الرحمن ممكن توصل سارة؟" وقف من كرسيه علي الفور"طبعا دقيقه اخرج العربية".
ودعت سارة الجميع وذهبت الي السيارة وركبت الي جوار عبد الرحمن ، "آسفة يا ابيه تعباك معايا" نظر لها وهو يبتسم وهي لا تعلم مدي سعادته لوجودها الي جواره "مفيش تعب ولا حاجه أنا كنت زهقان وعاوز اخرج بس مش عارف اروح فين"، اخرجت هاتفها بعد ان وضعت حزام الامان واخذت تعبث به قليلا ثم اتصلت بأختها "اها أنا في الطريق، طيب ماشي تمام، حاجه تانيه، لا أنا كده مش هحفظ ابعتيهم في رساله، خلاص تمام"، وبعدها اخذت تعبث بالهاتف وكأنه ليس موجود الي جوارها، سعل قليلا كي يلفت انتباهها "حضرتك واخد برد!" امسك بحلقه وهو يعلم بانه بألف خير "يمكن كده" "الف سلامه عليك" ابتسم لها وانتفخ صدره "الله يسلمك" رفعت سارة رأسها وتأملت الخارج والزحام والزينة المعلقة بالخارج وتنهدت واسندت راسها الي الخلف وقالت بما يشبه الهمس "العيد في مصر جميل"، كان عبد الرحمن غير مسرع وساعده زحام العيد علي ذلك "أنتِ كنتي مسافره برا مش كده؟" تجهم وجهها وهمهمت "اها"، " مكنتيش بتحبي العيد هناك؟" هزت راسها نافيه "لا خالص" " بس الامارات بلد جميلة " اكتسي الآسي والحزن وجهها " هي جميلة فعلا ونضيفه ومستوي المعيشة أعلي بس مفيهاش روح او.. بمعني اصح أنا مش لاقيه نفسي فيها " "معاكي حق وأنا في شرم رغم انها في مصر بس محستش بالعيد الا لما رجعت هنا " ابتسمت سارة والتفتت له "عشان العيد العيله والصحاب قبل المكان"، هز راسه موافقا "صح" وتحدثت بلهفة بعد أن تذكرت شيء " زمان اغنيه العيد شغاله ممكن اشغل الراديو؟" ضحك كثيرا " زي اغنيه الخطوبة كده " ضمت شفتيها بغضب طفولي "حتي انت يا ابيه! " "لا يا سيتي اغنيه العيد شغليه طبعا" ، ولم يكد ينتهي من انهاء جملته حتي تذكر الأغنية الموضوعة ولكنها كانت سمعتها بالفعل "حضرتك بتحب الأغنية دي؟" تنهد وقال بآسي "بقالي فترة مبسمعش إلا هيا" " أنا بحبها اوي مع انها بتخلي الواحد زعلان، بس فيها حاجه بتخليني اسمعها علي طول" ضحكت ثم اردفت "الأغنية دي السبب ف اني اتعلم انجليزي" ابتسم عبد الرحمن "ازاي؟"
" وأنا صغيرة في الاعدادي مثلا كانت بتيجي في الراديو و في العادي كنت بقلب لما اغنيه اجنبي تيجي، بس الأغنية دي كنت بسبها واسمعها وأنا مش عارفه منها غير كلمه واحده 
some body
  ومرة في مرة عرفت كلماتها واول ما تشتغل اسرح وابلم
معرفش ليه " ثم نظرت له "زمانك بتقول عليا عبيطه مش كده؟" "لا ابدا أنا كنت بسمعها واسرح جامد ولسه لحد الوقتي" والتفت وغمزها بمكر " يبقي أنا كمان عبيط ولا ايه؟" ذهب صوتها من الحرج" اسفه يا ابيه والله مكنش قصدي " واحمر وجهها بشدة، ضحك بسخريه "عادي يا سارة أنا طبعا عارف انو مش قصدك ، أنتِ بتخافي مني كده ليه؟" " لا ابدا.. بس حضرتك اكبر مني وليك احترامك طبعا " .
تنهد في آسي "انها تضع بيني وبينها بدل الحد مائه حد!"  حاول الابتسام والخروج من ذلك الموضوع "ومن ساعة الأغنية دي بقي وأنتِ بتحبي انريكي" هزت رأسها نافيه "لا أنا ساعتها اصلا مكنتش اعرف مين اللي بيغنيها وكان اخري في الاغاني الحب الحقيقي ومكنتش بسمع اصلا اغاني، هي الأغنية دي بس اللي كنت اسرح واسبها غصب عني، وبعدها بسنين كتير سمعت اغنيه اجنبي بردوا وعجبتني اوي اوي ولما عملت سرش عليها عرفت ان اللي بيغنيها واحد اسمه انريكي ايغليسياس ومن ضمن اغانيه كانت موجوده اغنيه
some body
ضحكت اوي ساعتها وعرفت أنا ليه اتعلقت بالأغنية التانيه
بدون أي سبب " قال بهدوء "
why not me ?
" "عرفت منين يا ابيه؟!" هز أكتافه بإحباط " خمنت "  "حضرتك تعرفها؟"
ادار المشغل عده مرات الي ان وجد الأغنية " فعلا هي دي " ابتسم ونظر لها
"عشان أنا كمان حبيت الأغنية دي بس مكنتش اعرف مين اللي بيغنيهم إلا من كام شهر بس" .
لم يعد يستطيع فهم أي شيء لقد اثرته الأغنية الأخرى وقد وصفت حاله بشكل دقيق هي الأخرى، لقد كان معجب بكل من الاغنيتين واذا بكل منهم تنطبق كل الانطباق علي حالته هو!!.
ضحكت سارة "يعني ذوقنا طلع واحد" هز راسه موافقا " صدفه غريبة مش كده؟" سألها باهتمام، إلا أنها لم تنتبه له " أها .. ابيه من فضلك ممكن انزل هنا " استغرب أمرةا "لسه بدري علي البيت" "أنا عارفه بس عاوزه اجيب شويا حاجات للبيت" اوقف السيارة والتفت لها بكل جسده "ممكن اجي معاكي ولا تضايقي؟" " لا ابدا مش هضايق بس مش عاوزة اتعب حضرتك معايا "
لو بسخرية في الهواء "يا سيتي أنا اصلا زهقان مش عاوز اروح" " اطمن علي الاخر علي ما نجيب اللستة اللي امل كتباها مش هتلاقي وقت للزهق خـــــــــــــــالص ! " وأشارت بيدها علي أن هذا الأمر نهائي .
دلفت سارة الي " المركز التجاري " وبدأت رحلتها ب الصيدلية حيث استأذنت  عبد الرحمن بأنها لن تتأخر، وبعدها صعدوا الي حيث البقالة، لقد كان الجو زحام وملئ بالناس واغنيه العيد تدور بصوت عالي ابتسمت سارة بشدة وهي تنظر للزحام وتحدثت بحماسة "ايوة كده هو ده العيد" رفع يده علي اذنه وكانه ينصت الي شيء هام وقال لها "اغنيه العيد اهه مش حارمك من حاجه " ضحكت بشدة
"ربنا يخليك لينا يا ابيه".
اخرج لها عربه كي تضع فيها مشترياتها وجرها وذهب خلفها واخرجت هي هاتفها واخذت تقرأ محتويات الرسالة وتأتي بالأغراض المكتوبة وعندما لم تستطع الحصول علي احد الاغراض من الرفوف العليا "استني يا أوزعه" واحضر هو الغرض "لسه واخد بالك يا ابيه أنا اوزعه من زمـــــــان" "شوفتي لو مكنتيش خدتيني معاكي ، الموقف كان بقي ايه الوقتي؟" افتعلت سارة الحيرة  "فعلا معاك حق" وضحكوا سويا.
استمتع كثيرا معها رغم الزحام الشديد وبينما هو في قمه سعادته معها وقد كان نسي كل شيء تقريبا افاقته كلماتها علي الواقع المرير "السنه الجايه هشتري حاجه العيد مع أحمد مش كده يا ابيه؟" ، ازدرد لعابه فجأة وقد افاق من احلامه وتغيرت ملامح وجهه تماما "أ  . أ طبعا . ان شاء الله".
فهمت تردده بشكل اخر وتركت الاغراض من يدها وسألته بوجل "ابيه ممكن حضرتك تجوبني بصراحه" ارتبك كثيرا أيعقل ان سارة تشعر به " تلعثم قليلا
"ط . طبعا . أتفضلي اسألي" واصبحت انفاسه متلاحقة للغاية، "هي العملية فيها أي خطورة علي أحمد؟" هدأ روعه للغاية واغمض عينيه بسعادة وشعر براحه كبيرة "لا يا سارة معتقدش" ترددت "اصل أنا قلقانه عليه اوي لو فيها أي خطورة علي حياته بلاش يعملها احسن" "مش أنتِ نفسك أحمد يشوف؟" كان يتكلم بتعب كبير، "اه طبعا بس خايفه اوي وكل ما بفكر فيها بخاف اكتر"
"متقلقيش أحمد هيعملها عند احسن دكتور في مصر ادعيلوا ربنا يقومه بالسلامة"  " يا رب يا ابيه ".
حملوا الاغراض وهموا بالخروج وعندها تذكرت شيء وعضت شفتيها لإحراجها من عبد الرحمن "أنا اسفه بس نسيت حاجه" "لا بدا هنطلع فوق تاني" "لا أنا بس هجيب هديه لفارس من محل اللعب هنا" ، ابتسم لها "طيب يالا أنا كمان عاوز اجبله هديه" عندما دخلوا المحل كان يوجد دميه للأطفال جميله للغاية داعبتها سارة بأصابعها وهي تضحك لها ثم غاصت داخل المحل كي تختار سيارة جديدة لفارس الصغير، وعندما انتهت من الشراء خرجت ووجدت عبد الرحمن يحمل الاغراض وكيس لعب كبير توقعت انه لفارس، خرجوا واتجهوا الي السيارة وفتح لها عبد الرحمن الباب وادخل هو الاغراض للكرسي الخلفي للسيارة ثم فتح الباب واعطاها الدميه "الله يا ابيه انت جبت العروسة دي" وداعبتها قليلا لف عبد الرحمن وركب السيارة، سألته بسذاجة "هديه لمين دي يا ابيه؟" قال وهو يضحك علي طريقه احتضانها لها  "لعروسه قصيره اسمها سارة" اتسعت عيناها دهشه " بجد ! ليا أنا .. بس أنا كبرت اوي علي الحاجات دي" ضحك مقهقها " فعلا مهو واضح كده " .
بعد ربع ساعة وصلت السيارة الي عماره سارة وساعدها بالأغراض الي ان وصلت الي باب الشقة "بابا هيفرح اوي لما يعرف انك معايا" "لااا معلش يا سارة اعفيني لازم اروح الوقتي" تذمرت بحرج " يبقي حضرتك مكنتش زهقان وأنا عطلتك" "ابدا كل الحكاية اني عاوز الحق الحلاق إلا إذا أنتِ هتحلقي ليا، هدخل معاكي حالا" ضحكت له "خلاص براحتك يا ابيه" وبعد ان نزل السلم نظرت له من الأعلى صائحة "ابيه" نظر لها سريعا "كل سنه وحضرتك طيب وشكرا علي العروسة" سعد كثيرا "وأنتِ طيبه يا سارة" واشار لها مودعا.
عندما دخلت سارة الي المنزل اخذت منها أمل وآية الاغراض وفتحوها كلها، واعجبوا بالدمية كثيرا، سالتها امل بحماسة "أحمد اللي جبهالك مش كده؟"،
طقطقت سارة بلسانها باسمه " تؤتؤ لاء ده ابيه" .... .
***
مر اليوم الأول من العيد ببطيء وملل رهيب علي اولاد السيد شهاب فعبد الرحمن جلس امام التلفاز يقلب فيه بلا هدف ومحمد كل اصدقائه سافروا الي شرم الشيخ او الغردقة وأحمد لم يستطع الخروج مع سارة لان عائلتها تجتمع اول يوم العيد، اما حسام فقد حبس نفسه بالغرفة بعد مشادة كلامية بينه وبين والد صافي الذي اتصل به البارحة واخذ يتوعده ويهدد ان لم تحصل ابنته علي الطلاق وكل اغراضها سوف، وسوف ، وسوف .... .
إلا أن كل ذلك لم يؤثر في شعره من حسام فهو لا يهتم لكل هذا الهراء، بل ما يهمه حقا هو صافي، لقد رن هاتفه البارحة وكان اسمها علي الشاشة دق قلبه سريعا دقات مجنونه ولم يعرف ما العمل أيعقل انها اتصلت كي تعيد عليه؟
فهذا هو العيد حيث الكل يتسامح وينسي .. رد عليها وقد كان في نيته ان يكلمها جيدا وربما فتح صفحه أخري معها، إلا أن الصوت لم يكن صوتها ابدا، لقد كان صوت والدها الغاضب والحانق علي حقوق ابنته المادية، يخبره بأن المحامي لن يتركه ولن يسمح له بالعبث بأغراض ابنته وحقوقها.
لقد كانت تلك القشة التي قسمت ظهر البعير مثلما يقال، لقد ثار وغضب وحنق الي ابعد درجه واقسم علي ألا يدعهم يهنئون بشيء حتي لو كان هذا آخر عمل لديه وحنق من نفسه أكثر وشعر بالاشمئزاز من قلبه البالي الذي يعشق انسانه لا تستحق أي من مشاعره الجميلة نحوها.
اما اليوم الأول عند سارة فكان ملئ بالأحداث والأهل الذين اتو منذ صلاه العيد الي أخر اليوم والجميع يتبادل التهاني والمباركات حول عيد الأضحى.
في أخر اليوم حوالي الساعة الحاديه عشرة والنصف رن هاتف أحمد الذي رد بعتاب مبالغ فيه
"كده يا سارة كل ده سايباني؟!! أنا موت من الزهق والله ومفيش أي حاجه اعملها او حد اكلمه" "معلش يا حبيبي والله خالو لسه ماشي حالا ويدوب غيرت هدومي واخدت دوش عشان اكلمك طول الليل براحتي" زفر بعمق "وحشتيني اوي أنا اتعودت اشوفك كل يوم انهارده كان رخم بشكل" فرحت لاشتياقة وردت بمرح محبب " معلش بكره هيبقي جميل جدا اوعدك بكده، بس الأول كلم بابا كان عاوزك " " ايوه يا أحمد ازيك يا حبيبي، كل سنه وانت طيب يا ابني، أنا كلمت بابا عشان نقضي اليوم سوا بكره بس هو قالي انو مسافر أنا مستنيكوا كلكو بكره عشان نقضي اليوم سوا، ماشي يا حبيبي تنورا ان شاء الله، سارة معاك".
" ايوة يا أحمد تيجي من بدري بقي عشان نلحق نعد مع بعض" "حاضر إن شاء الله" "ومتنساش ابيه ومحمد وحسام" " إن شاء الله " قضمت شفتيها وتوترت " اممم عاوز اقولك حاجه بس متزعلش، واضح ان أنا اللي عليا الدور في غسيل الاطباق ربع ساعه نص ساعه بالكتير واكون خلصت وهكلمك علي طول والله" تنهد مطولا " ماشي يا سارة متتأخريش " همست بمرح "أحمد" "نعم" "كل سنه وانت طيب" ابتسم كثيرا "وانتِ طيبه يا حببتي" .
***** **** *****
فرحت أمل وسارة كثيرا لانهم سوف يمضوا الغد برفقه أحمد وإخوته بينما آية لم تعر الأمر أي انتباه.
رن جرس الباب بعد الظهر وفتح السيد شاكر الباب ورحب بكل من أحمد ومحمد وعبد الرحمن ، رحبت سارة هي الأخرى بهم كثيرا و والدتها، بينما غابت البسمة عن وجه أمل عندما علمت ان حسام أعتذر عن الحضور فشعرت بخيبة أمل كبيرة تطرق قلبها.
اجلست سارة أحمد ووضعت لهم تحيه العيد وجلسوا يتحدثوا ويضحكوا علي فارس الذي اخرج كل العاب وملابس العيد لعبد الرحمن كي يتفرج عليها ويبدي اعجابه الشديد بها.
همس أحمد لسارة "عاوز اعيد علي فارس" "فارس تعالي سلم علي ابيه أحمد يالا "، جاء فارس راكضا "ازيك يا ابيه" قبل أحمد راسه وقال له "الحمد لله يا فارس كل سنه وانت طيب" واعطاه كيس هدايا كان يحمله محمد، فرح فارس بالهدية ولكنه ركض نحو عبد الرحمن كي يشغلها له، يبدوا أن أحمد لاحظ تجنب فارس له وحاول أن يجتذبه إلا إنه لم يفلح، ربتت سارة علي كتفه بحنان "ربنا يخليك يا حبيبي هديه جميلة" ابتسم أحمد رغما عنه لها مبتلع غصته.
بعد فترة اخرج فارس لعبه الورق  والدومينو كي يلعب الجميع جلس محمد وآية وأمل ووالده سارة للعب الورق، والسيد شاكر وعبد الرحمن يلعبون الدومينو بينما اكتفي فارس بمشاهده عبد الرحمن، كان الجو جميل والجميع يمرح ويلعب.
كان عبد الرحمن سعيد بهذه العائلة كثيرا وبالجو المرح هذا حتي ولو لم تكن عائلته هو، ولكن لأنه يعلم بأن حسام تعيس وحده بالمنزل لم يكن يشعر بالارتياح، استأذن من السيد شاكر واتصل بأخيه  "حسام ازيك الوقتي؟" رد ب اقتضاب "الحمد لله " "ما تلبس وتيجي بقي بلاش رخامه!" بصوت جامد جاوبه" لا أنا مش عاوز أشوف حد"، نظر عبد الرحمن نحو أمل التي رأي خيبه الامل في عيناها حالما لم تري حسام وعلمت بانه لن يأتي "تعالي بس ومش هتندم يا حسام " .
كانت السيدة وفاء تُعيد بعض الاكواب للمطبخ وحينها سمعته "أنت بتكلم حسام قوله اني زعلانه عشان مجاش" " بقوله والله يا طنط كلميه أنتِ جايز يقتنع بيكي اكتر" " ايوة يا حسام يالا يا حبيبي تعالي  أنا عامله مشويات انهارده هتاكل صوابعك وراها" "معلش يا طنط  مرة تانيه مش هقدر انهارده" " كده بردو اول مرة اطلب منك حاجه تكسفني؟" خجل منها كثيرا "خلاص يا طنط تحت امرك" اغلق عبد الرحمن الهاتف وقال للسيدة وفاء وهو يضحك " ايه ده ؟ بس في ثانيه كده؟! أنتِ طلعتي مش سهله يا طنط لازم تيجي تشتغلي معأنا في الشركة هتوفري كتير اووي" ، ضحكت السيدة وفاء بخجل للإطراء الذي قاله لها عبد الرحمن.
بعد حوالي النصف ساعة طرق الباب و توجهت أمل تفتحه إلا أن حالها تغير تماما بعدما فتحته.
"ازيك يا أمل كل سنه وأنتِ طيبه" أحمر وجهها واطرقت راسها الي الاسفل وتمتمت بخجل "وانت طيب اتفضل"، دخل حسام وقد دهش من المنظر الذي رأي ، لقد كان اخوته يضحكون ويمزحون بشدة وخلعوا ستراتهم وجلسوا بحريه وراحه مع الفتيات بملابسهم الزاهية الجميلة، سلم علي الجميع وقال لعبد الرحمن الذي شمر عن كميه ويقف أمام المشواة بالشرفة ويلوح عليها بورقة كبيرة "الله ينور يا شيف".
قرر عبد الرحمن إنه هو من سوف يقوم بتلك المهمة وسارة كانت تساعده، جلس حسام وقد تغيرت حالته قليلا الي الافضل نظرا لهذا الجو المرح الفرح.
بعد فترة استغل انشغال الجميع وذهب الي نافذة كبيرة في الصالة وظل ينظر للخارج ، "حسام"، التفت الي الصوت الخافت الذي نطق اسمه برقه، ليجد أمل تحمل كوب عصير له.
"شكرا يا امل" وحاول رسم ابتسامه علي وجهه، ظن انها سوف تعطيه العصير وتذهب إلا أن وجهها كان يقول انها تود قول شيء ما، نظر لها برهه ثم قال "شكلك عاوز يقول حاجه"، ارتبكت ونفت بسرعة " لا ابداا " ثم عضت شفتها السفلي وقالت بخفوت "بصراحه اه .. بس خايفه تضايق" تعجب منها "اضايق ازاي مش فاهم؟" "يعني تضايق مني" كان صوتها يخرج بالكاد.
اراد ان يعرف ما تود أمل قوله "لا ابدا اوعدك مش هضايق"  زمت شفتيها ونظرت للأرض "بكره هتنسي"  اتسعت عيناه دهشه فأكملت بسرعة
"انت وعدتني انك مش هتضايق أنا والله عرفت بالصدفة و.... حسيت انك مضايق وعشان كده مكنتش عاوز تيجي انهارده" استغرب كثيرا من اهتمامها "أنا فعلا كده بس أنتِ عرفتي ازاي؟!"، ضمت يدها بشدة ونظرت للأرض "عشان أنا مريت باللي انت بتمر بيه الوقتي"  ارتفع حاجبه بعدم فهم "مش فاهم!" وضع الكوب من يده واقترب منها "أنتِ مطلقه؟!" كانت عيناه متسعه من الدهشة "لا انفصلت بحاول اتطلق بس مش عارفه لسه" أشار نحوها غير مصدق "بس . بس أنتِ لسه صغيره أنتِ في الجامعة مش كده؟" هزت راسها بآسي "أنا اتجوزت 6 شهور وانفصلت من سنه وبحاول اتطلق من وقتها بس مش عارفه" "ليه؟" ، هزت كتفيها بآسي "مش راضي يطلقني وبيعند معأنا".
لمح شبح صافي امامه ونظر الي يدها الفارغة من الدبلة وبدل من ان يتفهمها نظر لها نظره احتقار واشمئزاز "طبعا حضرتك مش عاوزة تتنزلي عن حاجه من حاجتك او حق من حقوقك وهو مش راضي يطلقك عشان يربيكي" وامسك معصمها الأيسر ساحق إياه "أنتِ حتي مش لابسه الدبلة مع انك لسه علي ذمه راجل تاني، خلاص مدام بقيتي برا بيته تعملي اللي أنتِ عاوزاه"، كان حنقه غير عادي والشر يقطر من عينه المحمرة.
كانت أمل مذهولة ولم تقوي علي التكلم حتي ولكن دموعها كانت أقوي واستطاعت الهرب من عيناها، " اتكلمي مش مكسوفه من نفسك كل اللي همك تاخدي حقك وتدوري علي مقطف تاني يصرف عليكي مش كده؟"، حنقت منه كثيرا "لا مش كده" انتزعت أمل يدها من قبضته واخذت تفركها وتكلمت والمرارة تقطر من فمها.
"أنا خرجت بالهدوم اللي عليا وحتي الدبلة هو كان خدها مني وهو بيعند معأنا عشان مش عاوز يدلي حتي هدومي وأنا مش عاوزة منه حاجه بس مش عاوزة اعرفه تاني، وأنا غلطانه اني جيت كلمتك لأني فكرتك متأثر وزعلان علي مراتك بس واضح إن كلكو زي بعض اللي يهمكوا الفلوس وبس".
واستدارت لتركض نحو غرفتها ولكنه وقف امامها بسرعة "أنا اسف . أنا اسف والله يا أمل أنا مش عارف أنا عملت كده ازاي" نظرت له ببلاهة وتذكرت الرسالة وكلماتها المطبوعة في عقلها، اردف والآسي يقطر منه "أنا اتلخبطت وشوفتك قدامي صافي وأنا كان نفسي اقول لها الكلام ده ، والله أنا معرفش حتي انك متجوزة سامحيني من فضلك" كانت أمل تبكي وتنظر للأرض وتشعر بإهانة شديدة لم يعرف ما الذي يجب عليه فعله "أمل أنا حيوان أنتِ جيتي تطمني عليا وأنا اهنتك من غير ما اقصد والله، سامحيني أرجوكى" واخرج منديل واراد ان يمسح دموعها إلا إنها رجعت الي الخلف مصدومة من جرئتة، ف اعتذر بسرعة "أنا اسف .. أنا اسف " وضرب راسه بكفه "أنا مش عارف مالي أنا منمتش بقالي كام يوم والظاهر اني بخرف خلاص"، تركت يده معلقه بالهواء وجرت نحو غرفتها، ووقف حسام يعض شفتيه من الندم "استغفر الله العظيم، إيه اللي أنا هببته ده؟!" .
بعد فترة هدأ حسام وخرج لهم مرة اخري حيث بدت السعادة علي الجميع جلس الي جانب محمد الذي كان يشاكس فارس ويخبئ منه إحدى العابه، ربت السيد شاكر علي كتفه فجاءة "نورتنا يا حسام" ازدرد لعابة بصعوبة "ربنا يخليك يا عمي" " ايوة كده كلنا اتجمعنا ناقص ابوك والسيدة الوالدة بس" هز راسه يوافق عمه وحدث نفسه بآسي "وبنتك اللي أنا زعلتها يا عمي!" .
" فارس روح شوف أمل راحت فين بقالها شويا مش باينه " قالت السيدة وفاء ، ركض فارس ليراها وغاص قلب حسام بداخله وتساءل "معقوله لسه بتعيط؟" عاد فارس وعادت هي الأخرى ممسكه بصينيه عليها بعض المكسرات والمقرمشات قدمت للجميع وهي تبتسم لهم.
قال محمد مازحا "أنا بحب اللوز اوي" "اللوز كله تحت امرك" وابتسمت له وتجاوزت حسام  ثم سالت أحمد "بتحب ايه في المكسرات يا أحمد؟"  "اهلا أنا دايس معاكي في أي حاجه عيشي حياتك" ضحكت له هو الآخر ووضعت بعض المكسرات في يده.
كانت سارة تساعد عبد الرحمن بالشوي إلا انها لاحظت ان أمل تجاوزت حسام فهتفت لأختها "أمل أنتِ نسيتي حسام ولا إيه؟" ، رجعت له علي مضض وقف لها وقال هامسا بصوت معذب "مش هاخد إلا لما تسمحيني"، كانت تنظر الي الارض ولكنها ابتسمت رغما عنها، فهمس "عشان البسمة الحلو دي هاخد واحده" وجلس وهو يضحك وضعت الصينية وذهبت سريعا.
انتهي الشواء تقريبا وهتف أحمد صائحا "سارة أنا جوعت اوي والريحة رهيبة معتش قادر استحمل" "عشر دقايق بالظبط" قالها عبد الرحمن.
" اعملك ساندويتش؟"  رفض عبد الرحمن مستنكر " يا سلام يا ست سارة اشمعني هو بقي هيستني زيه زينا " توسلت له ببؤس" حرام يا ابيه ساندويتش صغير بس" "لا ولا حته وحده"، صاح محمد يشاكسها هي وأحمد "المساواة في الظلم عدل" ونظر نحو آية التي كانت مشغولة طوال الجلسة بهاتفها ولم تنتبه لأي منهم.
انتهي الشوي اخيرا وعندما بدأ عبد الرحمن بتناول اول قطعه قال متفاخرا بنفسه "الله عليك يا بودي والله أنا خساره في البلد دي" ضحك الجميع عليه لثقته بنفسه وقال أحمد معترض "بوصي يا طنط بعد كده عبد الرحمن ملوش دعوي بالشواية أنا دوخت من الجوع!" "يا حبيبي معلش ، بس والله نفسه حلو يا أحمد" ضحك الجميع علي عبد الرحمن مجددا .
بعد تناول الطعام حمل الجميع الأطباق الي الداخل وساعدت سارة أحمد في تنظيف يده ودخل كل من حسام ومحمد المطبخ، " مش عاوزين أي مساعده؟" قال محمد ، نظرت آية نحوه شزرا وخرجت، ضحك حسام علي أخيه خفيه وبعدها دخلت سارة الي المطبخ المليء بالأطباق وقالت "الحمد لله أنا آخر وحده عملاهم أمبارح" تحدثت آية باقتضاب"أمل اللي عليها الدور" جاءت السيدة وفاء هي الأخرى
"تعالي يا حسام يا حبيبي متتعبش نفسك هما هيعملوا كل حاجه" "لا ازاي يا طنط  ، وبعدين ده الرسول عليه افضل الصلاة والسلام كان بيخدم نفسه بنفسه" رفعت سارة حاجبه مستنكرة  وهمست له "من امتي الايمان والتقوي دول!"  همس هو الأخر بحنق يكاد يضربها بشيء في رأسها الحشري " اتكتمي أنتِ مالك؟" .
رفع رأسه " زي ما عبد الرحمن عمل شوي جميل، أنا كمان الشاي بتاعي لا يعلي عليه ارتاحي أنتِ يا طنط  واحنا هنعمل كل حاجه " وانحني نحو امل سألا اياها برقه " ممكن تقولي ليا الشاي فين ؟ " أشارت له علي مكانه، وبعد برهه سألها عن السكر وآخري عن الملعقة وهكذا الي ان تحدثت معه اخيرا، وبعد ربع ساعه خرج الجميع من المطبخ والعمل منجز علي خير وجه.
اذن العصر واقترح السيد شاكر ان يصلي بهم جماعة، ساعدت سارة أحمد الذي بدي محرج للغاية للوضوء بمكان لا يعرفه، وطمأنته بانها سوف تدخل بعده الحمام وترتبه وألا يشعر بأي حرج.
صلي السيد شاكر إمام بهم وصلت الفتيات كل واحده بغرفتها، وبعدها جلس الجميع يشرب الشاي والهدوء والراحة بادية علي وجوههم.
اخرج أحمد من جيب سترته ظرف به اوراق نقديه كلها جديده واعطاها لسارة وقال لها بحب "كل سنه وأنتِ طيبه" ، فتحت سارة الظرف وهتفت بفرح " كلها جديدة محدش لماسها قبل كده" ثم ترددت "بس .. دي كبيرة اوي دي عديه تكفي الشارع كله!" "مفيش حاجه تغلي عليكي" ، "تاعب نفسك كده ليه بس يا أحمد؟" "ولا تعب ولا حاجه يا طنط بس خليكو شاهدين أنا عيدت عليها لعشر سنين قدام عشان متجيش تتكلم بعد كده" ضحك الجميع لمزاحه وأخرج عديه لفارس هو الاخر الذي ركض نحو والده ولم يهتم لرقمها "جديد يا بابا" ربت الاب عليه وقال بسخريه "طبعا يا ابني هو حد يقدر يديكو حاجه تانيه!!" وعيد أحمد علي كل من أمل وآية آلاتي تسألن "واحنا كبار كدة؟" ، طبعا هفضل اعيد عليكو علي طول احنا اخوات من هنا ورايح".
عيد حسام هو الآخر علي الفتيات وفارس، واخرج عبد الرحمن عديه لهم ايضا ولكنه اعطي سارة مغلف صغير به عده أوراق من فئه المائة دولار الجديدة تماما بالطبع.
اخرج محمد عديه واعطاها الي آية الجالسة الي جواره فنظرت له باحتقار "إيه ده!" اتسعت عيناه واخذ يهز بالورقة "جديده متلمستش!" قال محمد بحنق  نفخت مدعيه الغباء "والمطلوب؟"  مد يده لها "كل سنه وأنتِ طيبه خوديها" تمتمت باشمئزاز واضح "وانت طيب مش وخداها" وذهبت وتركته في دهشته، لما تكرهه الي هذا الحد فهي تتحدث وتتكلم الي الجميع اما هو فلا تطيق النظر له!!.
صاح عبد الرحمن بمرح "ها عاوزين تخرجوا فين؟" صاح فارس وأخذ يركض بالمكان ويصرخ من فرط حماسته "الملاهي" ضحكوا كثيرا عليه، همست سارة لأحمد "مش مشكله احنا مش بنخرج في العيد إلا مع بابا" عجب منها " معاكي اربع رجاله يا سارة خايفه من إيه؟!" "مش قصدي بس بلاش نتعبكوا معانا"، ربت علي يدها "لا مفيش تعب ابدا" وسأل أحمد "ها يا عمي هتيجي معانا " "لا اعفيني أنا بقي سارة معاكوا اهه فيها الف بركه" قاطعه عبد الرحمن بمرح "إحنا إن شاء الله هناخودهم كلهم لوكشه واحده" ضحك السيد شاكر تعب عليكوا كده يا عبد الرحمن " " ولا تعب ولا حاجه إحنا هنتمشي بالعربية شويا" صاح فارس "ونروح الملاهي" ربت عبد الرحمن علي رأسه وقال مرددا                     
"ونروح الملاهي".










نهاية الفصل

مذكرات حائر الجزء الأول "الحلم المستحيل" بقلم هالة الشاعر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن