السادس والثلاثين "خروج الشيطان"

7K 293 31
                                    

الفصل " السادس والثلاثين "
" خروج الشيــــــــطان "
ظن الجميع ان عبد الرحمن بعد فعلته هذه سوف يهدأ ويرحل عنه الشيطان الذي يسكنه , ولكن ما حدث أن عبد الرحمن تحول ...... للشيطان نفسه .
ظلت سارة منهارة من البكاء والصدمة لعدة أيام وتشكر الله انها لا تذكر شيء من ذلك اليوم , فهي لا تتذكر سوي نظرته الغاضبة وعناق ساحق كاد ان يهشم عظامها , جعلها تفقد قدرتها علي التنفس وبعد ذلك اغشي عليها من شدة الرعب .
كانت هذه المرة الاولي لسارة التي تحاول الانتقام من أحد ما , حتي انها لم تكن تنتقم لنفسها بل كانت تنتقم ل أحمد فهي لم تتحمل اهانة عبد الرحمن له ولكن ما حدث حقا انها انتقمت من نفسها .... .
كلما تذكرت ما حدث معها كانت ترفع يدها لا اراديا الي فمها وتتذكر طعم الدماء من اثار عناقه الساحق وتركض الي الحمام وتقف تحت المياه الساخنة وكأنها سوف تنسي ما حدث بهذه الطريقة !! .
وبعد عده ايام استعادت صحتها بفضل عناية محمد وأية لها , جمعت اغراضها الهامة بحقيبة وعزمت علي ترك المنزل بل وترك مصر كلها , اجل سوف تذهب بلا غير رجعه رغم كرهها الشديد لذلك إلا انه اهون عليها مائه مرة من الوجود الي جوار هذا الشيطان اللعين الذي تزوجته .
طلقها ام لم يفعل هذا لا يهم فهي لا تنوي الزواج بتاتا مرة اخري , كانت تتمتم لنفسها " يا اللهي فانا لم اتم السابعة والعشرون بعد واصبحت متزوجة ثلاث مرات يا له من امر مقيت ومقرف! , اقسم اني لن احكم علي أي احد بعد الآن , اشعر بالاشمئزاز من نفسي كلما اتذكر ذلك الأمر , كان علي ان اكون اقوي واقاومهم جميعا " .
_ كانت لاتزال تتواصل مع هشام من فترة لأخري سوف تخبره عن حاجتها الي عمل وتذهب من هنا هي اكيده من انه سوف يساعدها .
تأكدت من ذهابه وارتدت ملابسها وقررت الذهاب دون ان تودع احد من المنزل , اما بشأن السفر حتي وان لم يوافق والدها بهذا الامر سوف تهرب من المنزل , لم يعد لديها أي شيء تخسره فهي تكره كل شيء حولها تريد الذهاب بالصندوق ولا شيء آخر.
نزلت بهدوء شديد كي لا ينتبه لها أحد , نزل المصعد الي الاسفل كم تمنت لو تودع غرفتها بشقه أحمد ولكن لم تعد تملك مفاتيح للشقة , حالما نزلت من المصعد جرت الحقيبة ونظرت في حقيبة يدها , وتأكدت مرة أخري من جواز السفر، أجل انه بحوزتها .
صعقت حالما رات الاقدام الواقفة امامها رفعت رأسها ببطيء والتقت نظرتها بالنظرات التي تقدح شر , ذهبت انفاسها ما هذا الحظ التعس الذي لديها كان من المفترض ان يعود بعد سبع ساعات ونصف من الآن! .
_" اقدر اعرف رايحة فين ؟! " كان الشر يقطر منه تقسم انه " شر صافي "
ادعت القوة واخذت الحقيبة وحاولت السير ولكنه سحق ذراعها بقبضته , رفعت رأسها وتحدته " انا مش هخاف من حد تاني وهمشي من هنا وهتطلقني " " فعلا! " رفع حاجبه متحديا اياها.
حاولت نزع ذراعها من قبضته، لكن هيهات من تكون هي في قوته!! , زمجر من بين اسنانه " انجري علي فوق حالا احسن لك " " مش هطلع " جرها من يدها علي السلم بينما اخذت تصيح وتضرب كتفه بيدها , خرجت السيدة نور علي صياح سارة بالتمثال الحجري المتحرك الذي يجرها من ذراعها بعنف " سبها يا عبد الرحمن وكفاية لحد كده " صاحت به السيدة نور .
لم تبكي سارة وقاومت دموعها بشدة واخذت تصرخ وتضرب كتفه كي يتركها ولكنه لم يهتم , وقال بلهجه محذره للسيدة نور " انا مش نبهت محدش يدخل " ولف ذراعه حول خصرها وحملها بسهولة الي شقتها واخذت تستنجد هي بالسيدة نور " الحقيني يا طنط نور " صعدت السيدة نور خلفهم واخذت تتوسل ابنها كي يتركها ولكنه قذف به الي الداخل واغلق الباب بالمفتاح وصاح من خلف الباب " ابقي وريني بقي هتخروجي من هنا ازاي يا ست هانم " ونظر للسيدة نور " قسما بالله لو الباب ده اتفتح وانا مش هنا لهطربق البيت علي دمغها " ونزل سريعا اخذت السيدة نور تهدئ في سارة التي تصرخ باسمها " افتحي لي يا طنط نور " " اهدي يا سارة مش معايا المفتاح والله , اهدي يا حببتي " , ظلت هكذا الي ان صمتت سارة التي غابت عن الوعي , نزل وهو معمي من الغضب ونظر نحو حقيبة يدها وجزء من جواز السفر ظاهر انحني واخذه واخذ هاتفها والقي بالحقيبة وركل حقيبة السفر بقدمه وخرج .
لقد نسي هاتفه ورجع لأخذه ولم يتوقع ان يجدها تفر هاربة هكذا , صاح بحسين وهو بسيارته " عارف يا حسين لو مدام سارة خرجت من باب  الفيلا تحت أي ظرف من الظروف " , نظر له حسين برعب " هفضي المسدس ده في دماغك " كان يهدده وهو موجه المسدس الي رأسه , ارتعش حسين " حاضر يا سعادته البش مهندس " .
ذهب الي مكتبه والقي بجواز السفر في الدرج وأغلقه وفتح هاتفها وتفقد حسابها , وقرأ عده محادثات ومن ضمنها حديثها مع هشام عن السفر الي الامارات .
والتمع الشر في عينيه " يا انا يا أنتِ , انا خسرت الدنيا كلها بسببك والله لتندمي علي اليوم اللي اتولدتي فيه يا سارة " .
***
خرج قبل موعد العمل بساعتين وذهب الي المنزل وفتح الباب وجدها نائمه علي الارض أمام الباب وفزعت عندما دخل , انكمشت علي نفسها منه " قومي " قالها وهو يشير بيده بنفاذ صبر , ضمت ساقيها لها ونظرت له شزرا , ذهب نحوها وجذبها بعنف واجلسها علي الطاولة رغم عنها ووضع عدة اوراق امامها , زمجر بها " امضي " نظرت له ببلاهة " اه صح من حقك تعرفي بردو , ده بقي يا ستي تنازل عن اسهمك ليا وهتنقلي كل الاملاك اللي باسمك ليا بما فيهم شقتك اللي أنتِ بتموتي فيها " " لا الفلوس دي كلها هتروح صدقه جاريه علي روح أحمد " .
دون أي مقدمات صفعها علي وجهها ولم تصدق سارة هذا ابدا وظلت مدهوشة منه نزع الدبابيس عن طرحتها بحده وجذبها من شعرها بشدة وقال من بين أسنانه " مش عاوزة اسمع نفسك بتعارضيني في حاجه وامضي قبل ما روحك تطلع في ايدي يا سارة , وقسما بالله لو شوفتك لابسه الطرحة قدامي تاني لهخلي ايامك اسود من شعرك اللي في ايدي ده فاهمه ولا لاء "  " انت ايه؟ انت طلعت شيطان , انا ازاي انخدعت فيك كده! انت مش بني ادم " " عليكي نور يالا يا شاطرة " انا بكرهك وبحتقرك " , ضحك ضحكه شيطانيه " تمام كده هو ده اللي انا عاوزة , امضي " لم تعد سارة تحتمل الالم اكثر من ذلك وقد تمزع شعرها بيده , امسكت بالقلم بيد مرتعشة وتنازلت له عن كل شيء , حالما انهت توقيعها ترك شعرها اخيرا , " خدت اللي انت عاوزة , طلقني بقي " " اطلعي علي اوضتك ومش عاوز اسمع نفسك " " انت عاوز مني ايه انا عمري ما اذيتك في حاجه ليه بتعمل فيا كدة؟! " كانت سارة تبكي بشدة .
" قولتلك اطلعي علي اوضتك " كان يتكلم بصعوبة , صرخت به فجاءه " مش هطلع , دي مش اوضتي , وده مش بيتي ولا عمرة هيكون بيتي " جرها من شعرها ولم يعر صراخها او الأمها أي انتباه وقذف بها الي السرير بشدة , وحذرها بإصبعه " لما اقول كلمه تتسمع وإلا متلوميش غير نفسك بعدها " صاحت به " انت بتتشطر عليا فاكر نفسك راجل كده " ,  , " لاااا ده انا راجل غصب عنك ولو نسيتي يبقي افكرك يا سارة " .
وهم بخلع سترته ولكنها اغمضت عيناها ورفعت ذراعيها الي رأسها واخذت تصرخ بشدة رهيبة وبصوت عالي للغاية وكأن هذا آخر شيء سوف تفعله في حياتها كلها , ظلت تصرخ مده لابأس بها وعندما فتحت عيناها لم تجده بالغرفة , جرت نحو الباب واغلقته بالمفتاح وهرعت علي الخزانة كي تخرج قميص أحمد لتشعر ب الامان ولكنها تذكرت انه بالحقيبة بالأسفل فارتمت تبكي علي السرير لوعه حظها .... .
في الثامنة مساءا طرق الباب عليها بشدة افزعتها " عاوز ايه؟ " " افتحي الباب " " لاء " " اوكيه , لما اكسره مش هصلحه وهيفضل مفتوح علي طول " " خلاص هفتحه " , فهي تعلم جيدا انه لو ركل الباب ركله واحدة سوف ينتهي امرة .
فتحت الباب ولم تنظر له " انا جعان " " وانا مالي! " " امال مال مين !! , انزلي اعملي ليا اكل" , ارادت ان تسبه سبه قذرة ولكنها تراجعت فهو سوف يؤلمها بعدها كثيرا وجسدها كله اصبح كدمات ولن تحتمل المزيد , اطرقت رأسها بآسي " هغير وانزل " دخل رغم عنها واخذ يعبث بملابسها واختار بيجاما قصيرة الاكمام ولها بنطال جميل لونه احمر , اما النصف العلوي كان ملون بالأبيض والاحمر " البسي دي " ورمي بها علي السرير وترك الغرفة .
اغلقت الباب وارادت الصراخ بشدة ولكنها تذكرت الصندوق وكم تريده , لذلك قررت مسايرته الي ان تحصل عليه , ارتدت البيجاما وسرحت شعرها بصعوبة فرأسها يؤلمها بشدة من قبضته الحديدية ونزلت الي الاسفل وحضرت الطعام وذهبت نحوه وقالت بهدوء " العشا جاهز " وهمت بالصعود " راحه فين؟ " قالها بحدة كبيرة ارعشتها , نظرت له بخوف " اعدي كلي " " مش جعانة " " تنبيه الصبح مكنش واضح؟! " ارتعشت شفتها ومنعت نفسها من البكاء بشدة وذهبت مكرهه .
عندما اظهرت ذراعيها ظهر عدد لابأس به من الكدمات وحالما نظر لها رفعت يدها تلقائيا تمسد ذراعيها , لمع الآسي في عينيه لحظه علي حالها ثم ازاحه بسرعة كبيرة , لا لن يشفق عليها مرة اخري يريد ان يكرهها ويخرجها من حياته الي الابد .
حاولت سارة تناول أي شيء ولكنها لم تحتمل الإهانة والمذلة ف ارتعشت يدها بشدة واخفضتها سريعا اسفل الطاولة كي لا يراها , حاولت ان تكون هادئة قدر الامكان كي تأتي بغرضها منه وضعت بضع لقيمات في فمها بصعوبة باللغة وبعد ان انهي طعامه حملت الاطباق وذهبت له وقالت بكل الهدوء الذي حاولت جلبه الي صوتها " ممكن اجيب الشنطة من تحت " نظر لها بحدة , " اصل فيها فرشه اسناني وحاجتي " نظر للتلفاز مرة اخري وقال بصوت بارد " يعني عقلتي " كتمت غيظها بشدة ومنعت يدها من نشب اظافرها بوجه وهزت رأسها موافقه .
رغم انه راها الا انه ادعي العكس " مش سامع صوتك يعني " قاومت البكاء بشدة " ايوة " " كويس عشان لو مكنتيش عقلتي مكنتيش هتشوفي اخواتك " نظرت نحوه بسرعة , فرفع حاجبه مستنكرا " امال أنتِ فاكره ايه كل حاجه من هنا ورايح بحساب , بكرة ارجع الاقي الغدا جاهز وأنتِ اعده علي السفرة , غير كده مش هتخرجي من الشقة مفهوم؟ " .
ضمت قبضتها بغل رهيب "حالما احصل علي حقيبتي سوف اغرز سكين بعنقه واستريح منه" , اخفضت رأسها وهزتها موافقه , وقف من جلسته ثم انحني نحوها وقال بهمس شيطاني في اذنها " مش سامع صوتك! " " حاضر " قالتها بخفوت شديد , بصعوبة باللغة استطاع رفع رأسه مرة اخري وقال بصوت خالي من الحدة " انا اللي هنزل اجبها " .
ذهبت سارة من امام نظرة وهو يلعن نفسه , عليه بالكف عن الشعور هكذا نحوها ولكن كيف بعدما ارتدت هكذا وتركت شعرها واقترب منها هكذا كيف له الا يتعلق بها! , نهر نفسه بشدة : "ايها الابله انك تزلها يجب ان تنتقم , لقد خسرت كل شيء بسببها هي , يجب ان تكرهها وتنساها وتخرجها من حياتك الي الابد ".
اتي بالحقيبة وصعد بها الي الغرفة وكذلك حقيبة يدها وضعهم وذهب ثم رجع مرة اخري " لما أتأكد انك عقلتي هبقي اديكي التليفون " وذهب الي غرفته , أوصدت الباب خلفه بسرعة واخرجت العلبة من الحقيبة وذهبت بها الي السرير وفتحت العلبة بلهفه وشوق المدمن الي جرعته ولم يرتاح بالها إلا بعد ان فتحت اول زجاجه عطر وتنشقت رائحتها بقوة , لتري أحمد يتجسد لها من جديد " يا اللهي كم اشتقت له ", وبدأت بطقوسها واحده تلو الأخرى الي ان غفت علي قميص له .
***
استسلمت سارة الي الأمر الواقع بعد أن حدثت والدتها عن رغبتها بالانفصال عن عبد الرحمن التي نهرتها بشدة متعللة بسمعتها وبكلام الناس وان عبد الرحمن زوج جيد , وأن والدها سوف يصاب بسكتة قلبية إن علم بذلك وهولت الأمر كثيرا عليها .
دب اليأس في سارة ومع مرور الوقت أصبحت تنصاع الي كل أوامره دون نقاش فكل ذلك لا يهم , ما يهم حقا هو أن ينتهي اليوم وتوصد الباب عليها وتخرج الصندوق وتنام علي ملابس أحمد وهي تضمها لها بشدة كي تحلم به .
وفي يوم خالفت أوامره ونزلت الي شقه أيه وهي واجمة بعد أن أخذت تتذكر جيدا أنه لا يوجد أحد لأحمد بالإسكندرية لما ذهب الي هناك؟! .
فتح محمد الباب وسألته سارة مباشرة " أنتو ملكوش أي قرايب في إسكندرية ؟ " أصفر وجه محمد " لأ " " أحمد راح هناك ليه؟ " " أممم صاحبه ماجد مامته من إسكندرية " " ماجد مكنش هيجي قبل شهر وأنا وأحمد كنا بنخطط هنفسحه فين لما ينزل " هز رأسه نافيا بأنه لا يعلم شيء , دمعت عيناها بشدة " حاول تفتكر يا محمد إيه اللي كان هيوديه هناك " " صدقيني يا سارة معرفش " أطرقت رأسها وصعدت السلم في آسي، تأكد من دخولها الي شقتها وأخبر أية بأنه سوف ينزل الي الأسفل وأخذ حسام معه ونزل الي والدته .
_ " أوعي تكون قولت ليها؟ " " لأ طبعا " نظرت لهم " حد من البنات يعرف؟ " قالا معا " لأ " , دمعت عيناها بشدة " مش لازم سارة تعرف أبدا لو عرفت هتدمر حرام كفاية لحد كده , لو عرفت أن مروة أسكندرنية هتروح فيها " وأردفت بصعوبة " وكمان إحنا منعرفش مش لازم نظلم أخوكو أحمد كان بيحب سارة وأنا متأكدة أن عمروا ما فكر يخونها " " ممكن عبد الرحمن يقولها؟ " سال محمد " لأ أخوك ميعملش كده أبدا " بينما قال حسام وهو هائم " هو ده عبد الرحمن يا ماما ؟ ده واحد محدش فينا يعرفه خالص قبل كده ".... .
*** **** ****
وعندما ذكر حسام سارة بتبرع كانت أوصته به , أخبرته بأنها لم يعد لديها أي مال الآن وأنها تنازلت عن كل شيء لعبد الرحمن , صاح بها غاضبا مما فعلته ولكنها أخبرته بأن لا حول لها ولا قوة معه ولم تستطع فعل شيء , فذهب هو محمد كي يستردوا حقها .
" أنت فاكر أن مورهاش حد؟ رجع لها حقها أحسنلك يا عبد الرحمن " رد باستهجان شديد " هتعمل إيه يعني!, علي العموم  الفلوس دي انا اللي عملتها يعني حقي ورجع لي وهي اللي سابتها يعني مفيش ضدي أي حاجه قانونيا " قال محمد بغضب " وربنا يا عبد الرحمن مش خايف منه؟ اللي أنت بتعمله ده حرام , أنت جرالك إيه مش كفاية اللي راح مننا؟! " " خلصتوا؟ هويني بقي منك ليه " كان يتكلم بسخريه شديدة منهم وطردهم بعدها من المكتب .
فهو أخذ المال فقط كي يضعفها وتنسي فكرة السفر , أما عن حسام ومحمد لم يكن أي منهم ليسكت عن حق سارة , فالساكت عن الحق شيطان أخرس ولكن ما هدأ بالهم ان كل شيء بالشركة يخص سارة لا يزال باسمها فقرروا انتظار عوده أخوهم القديم كي يحدثوه من جديد ... .
أما عن سارة فقد نفذ ما لديها من مال وحزنت كثيرا لأنها اعتادت أن تتصدق لأحمد ومجوهراتها كانت بشقتها ولا تستطيع الوصول اليها , ولم تجرأ علي التصرف بشبكتها من عبد الرحمن ولم يكن لديها سوي سلسال أحمد الماسي ولم يطاوعها قلبها أنت تتصرف به فهو أخر هداياه لها وكتمت حزنها هذا وقررت أن تزيد من عدد الأجزاء التي تقرأها لأحمد يوميا كي تعوض هذا النقص .... .
*** *** ***
_ خلعت الدبلة وخاتم الزواج كي تنظف الأطباق , أنهم لا يعنوا لها أي شيء لها ولكنها تخشي أن تغضب عبد الرحمن ولا تريد إعطاءه فرصة كي يؤلمها مرة أخري , نسيتهم بالمطبخ تلك الليلة وصعدت الي غرفتها , وحينما رآهم وهو يشرب جن جنونه , صعد وطرق الباب بعنف فتحت له الباب وكانت نصف مستيقظة , جذبها بعنف وألصقها بالحائط .
قالت بذعر " في إيه أنا معملتش حاجه؟! " زمجر بها " أنا منبه عليكي كام مرة متقلعيهمش من أيدك؟ " ارتعشت شفتها في خوف وشعر هو بغصة في قلبه " والله نسيتهم أنا كنت بغسل الأطباق ونسيتهم " وفركت ذراعها بعد أن تركها من ألم قبضته .
أمسك يدها وألبسها إياهم وأنخفض نحوها وقال محذرا ولاكن لهجته بدت واهية جدا مقارنتا بسابقتها " متتكررش تاني " هزت رأسها موافقة فهي لا تحتمل بطشه بها , أما هو فلم يستطع مقاومة شعرها المسدول ووجهها الملائكي وهي ناعسة هكذا وأنخفض نحوها وقبل وجنتها , صعقت سارة منه ومن قبلته الصغيرة علي وجنتها وهم بتقبيلها ولكنها هربت الي غرفتها وأغلقت الباب جيدا ووقفت مرعوبة ظنت أنه سوف يركل الباب ويدخل يفتك بها مثلما فعل من قبل ولكنه لم يدخل , بل ظل جامدا مكانه وأغمض عينيه من شدة الألم والشوق لها وبعدها نهر نفسه بشدة ونزل الي الحديقة وظل يزرع بها ذهابا وإيابا , يريد أن ينساها ولكن كيف السبيل الي ذلك لقد حاول مرار وتكرار , لسنوات ولم ينجح وها هي الآن زوجته وفي منزله ويجب عليه نسيانها الآن , أيفعل هذا؟! .
_ كانت والدته تشاهده من الأعلى دون أن يشعر , وشعرت بآسي شديد نحوه ونظرت نحو صورة أحمد التي لا تفارقها وتضعها بكل مكان ورجعت بذاكراتها الي يوم دفن أحمد قبل عام من الآن ...
كان الجميع يتشح بالسواد وأولادها الثلاثة يبكون بشدة وهم يحملون أخيهم الحبيب خاصة عبد الرحمن , نظرت لهم جيدا لثلاثتهم ببذلهم السوداء وهم ينزلون أحمد الي داخل القبر ,  " من المفروض أن ينزلني أنا أولادي الأربعة الي القبر , ولا أشاهد أنا ولدي ينزله أخوته , أرحمني يا الله " .
كان عبد الرحمن يومها منهار للغاية لم تره ضعيف هكذا أو واهن مثل هذا اليوم وظنت أن هذه أخر مرة سوف تري بها عبد الرحمن هكذا ولكنها كانت مخطئه , لقد بدي منهار أكثر يوم أن أعتدي علي سارة كان واهن ونادم وضعيف لم تره هكذا أبدا فهو دائما قوي دعامة فولاذية لها ولكل من بالمنزل , ونزلت دموعها لطالما كان عبد الرحمن جيد لم يرهقها في يوم من الأيام مثلما فعل أخوته , لطالما كان عاقل مجتهد يذاكر ويعمل لم يرهقها يوما بالقلق لأنه يسهر أو يسافر مثل أخوته الثلاثة , وتعلم كم ضحي وتعب وسافر كي يبني الشركة والمنزل .
ونزلت دموعها حسرة لو أن سارة فعلا الفتاة التي أراد الزواج منها قبلا وأحمد تزوجها هذا يعني أنه تعذب كثيرا , لقد قارب علي الاربعين من عمرة وعلية بأن يعيش حياته وهي تعلم تمام العلم أن سارة لا تحبه وتحب أحمد يا له من أمر مؤلم انها تتلوي من اللوعة علي ولدها المفقود وعلي والدها  الكبير وحظه السيئ وقررت مساعدته ..... .
أثناء نزوله صباحا كي يري والده قالت له ببرود " أنت وسارة هتتغدوا معايا أنهاردة " لم ينظر لها وقال ببرود هو الآخر " ماشي هبقي أقول لها " فسارة أصبحت لا تخرج من شقتها سوي بأذنه هو ولا يسمح لها بالذهاب لأية أو أمل في كل الأوقات وكذلك السيدة نور والبيت كله مستنكر من تعسفه عليها وحاولوا التكلم معه ولكن لا شيء يحدث .... .
***
" أنا مش مصدقة أنو وافق أني أنزل " قالت سارة وهي مع السيدة نور بالمطبخ " أنتِ يا سارة فاكره عبد الرحمن زمان " حاولت أن تذكر سارة بأنه لم يكن هكذا أبدا , تنهدت سارة ولم تتكلم وأخذت تقلب الطعام أمامها .
" أنا مش عارفة هو ماله؟ ده أطيب واحد في أخواته " ردت سارة دون وعي " مفيش حد أطيب من أحمد " تمالكت السيدة نور نفسها بشدة وربتت علي ظهر سارة " طيب محولتيش تتكلمي معاه وتعرفي ماله " نظرت سارة نحوها بسرعة " أتكلم مع مين؟! " " مش جوزك يا بنتي " ارتعشت شفة سارة بشدة لما تشعر بكل هذا الحزن كلما أخبرها أحد ما بذلك ؟
" بعد أذنك يا طنط " وصعدت الي غرفة أحمد ونامت علي سريرة وهي تضم وسادته الي حضنها , تألمت السيدة نور بشدة وحاولت تجميع شتات نفسها " فاطمة خلي بالك من اللي علي النار " وصعدت لسارة بالأعلى وربتت علي ظهرها وضمتها لها " مش عارفة أعيش من غيرة يا طنط مش قادرة نفسي أروح ليه قوي " .
يا الهي أمدني بالصبر فهذا ولدي وهذا ولدي وهذا قدرك وأنا رضيت به " سارة حببتي أنتِ عارفة أنا بحبك قد إيه؟ " هزت سارة رأسها وقالت بصدق " أنا عمري ما شوفت منك حاجه وحشة أبدا بالعكس حضرتك زي ماما بالظبط " " يعني هتسمعي كلامي ومش هتزعلي ؟ " هزت رأسها  " معدش ينفع تيجي هنا يا سارة " بكت سارة بشدة " حتي أنتِ يا طنط , خلاص كلكو نسيتو "  الله وحده يعلم كيف تمالك السيدة نور وقلبها مفطور علي أولادها الثلاثة , أجل فسارة الأبنة التي لطالما حلمت بها بشدة .
" يا حببتي ده عشانك أنتِ , أنتِ الوقتي علي ذمه عبد الرحمن أديله فرصة , أنا عارفة أن اللي عملة ميتعملش بس أنتِ عارفاه كويس يا سارة وعارفاه زمان هو مكنش كدة خالص , ده أنتِ كنتي بتحبية ومكنش حد ياخد باله من حاجته ولا من اكله زيك ودايما توقفي معاه وتقولي هو عشان مش متجوز حقة يتاخد فاكره " " بس أنا كنت بحبه ساعتها زي أخويا , لكن الوقتي أنا مش بحبه زي أخويا ولا عاوزاه جوزي " وبكت بشدة " أنا عاوزة أحمد " " أدي نفسك فرصة طيب " هزت رأسها نافية .
أغمضت السيدة نور عينيها من الألم " براحتك يا سارة بس اللي بتعملية ده حرام , حرام أوي كمان عبد الرحمن جوزك وليه عليكي حقوق وأنتِ عارفه كويس أن ده حرام وأهمالك ليه وحبك لغيرة خيانة كبيرة ربنا هيحسبك عليها " صعقت سارة " بس . بس أنا مش قصدي كده أبدا أنا بقوله كتير يطلقني وهو اللي مش راضي " " ولو يا سارة ده أمر واقع والواقع اللي أنتِ عيشاه بيقول أنك مراتو ومينفعش تحبي غيرة , استغفري ربنا يا سارة " قالت سارة بدهشة ممزوجة بالألم " يعني أنا خاينة!! " ربت السيدة نور عليها مرة أخري " استغفري ربنا يا سارة" .
ظلت سارة مدهوشة ودخلت في حاله غريبة وشردت وظلت هكذا الي ان أتي عبد الرحمن الذي نظر بريبة نحوها , ما الذي حدث لها؟ .
وبعد تناول الغذاء طلبته السيدة نور في مكتب السيد شهاب ودخل لها جلست أمامه " أنا أتكلمت مع سارة عشانك أنهاردة " وقف بحده " أتكلمتي معاها عشان إيه ؟ " رجعت للوراء وقالت ببرود " في أنها تنسي أحمد وتحاول تتقبلك كزوج ليها " نظر لها بدهشة هل والدته من أتي بذكر نسيان أحمد؟!! " طيب وأنا مالي " علمت السيدة نور أن عبد الرحمن يكابر , تنهدت بشدة ثم وقفت " أنت حر بس اللي بتعمله  ده ب يبعدها عنك ملاين الأميال لو عاوز تقربها ليك لازم تعاملها كويس وتخليها تشوف أخواتها براحتها تاني وترجع تزور والدتها براحتها " ونظرت بداخل عينيه " وتعاملها بحنان عشان ترجع تطمن ليك تاني " وخرجت وتركته .
***
_ دقت الساعة التاسعة مساءا وأنتهي البرنامج الإذاعي.
كانت الإذاعة عادة تحبها وأصبحت تلازمها أكثر بعد أن عرفته , كي تسمع وتشعر مثله , وضعت أغراضه أمامها وهي تبكي بشدة لأنها سوف تراها للمرة الأخيرة , وضعت بطاقة الذاكرة في الجهاز اللوحي كي تشاهد صورة للمرة الأخيرة.
دارت أغنيه شيرين " كده يا قلبي " وكأن من بالإذاعة يراقب المنزل كله وارسل تلك الأغنية كي تعزي أحزانهم , وانسابت الألحان الحزينة الي أذانهم :
كده . كده يا قلبي يا حته مني يا كل حاجه حلوة فيا .
كده . كده هتمشي وتسبني وحدي في الحياة والدنيا ديا .
وفي تلك الأثناء كانت السيدة نور تضم صورة أبنها اليها بشدة وهي جالسة في حجره نومه تودعها بعينها وبقلبها وتشعر بألم شديد وكأن أحمد فارقها حديثا.
وانسابت الكلمات مرة أخرى
كده . كده يا قلبي يا حته مني يا كل حاجه حلوة فيا .
كده . كده هتمشي وتسبني وحدي في الحياة والدنيا ديا .
في تلك الأثناء كان محمد ينزل صور أخيه عن حائط الصور فمحمد كان لديه حائط كامل للصور يعلقها عليه , أخذت دموعه تسقط بشدة ويده ترتعش وهو يزيح صور أخيه الحبيب ويناولها لأية التي تمسك بالصور وتبكي هي الأخرى ولكن هذه هي أوامر السيدة نور كي يساعد الجميع سارة وعبد الرحمن .
وحالما نزع تلك الصورة التي التقطها له وهو ينظر للكاميرا بعبث , ارتعشت يده بشدة وبكي بحرقة كبيرة ونزل من علي السلم ومسح أنفه بعنف وقال لأية بصعوبة وهو يعض علي شفتيه من الألم الذي يأكل في قلبه " عارفه , هو أول واحد أدالي كاميرا , كانت هديه في عيد ميلادي , وفضل يشتري ليا أفلام ويشجعني " ولم يتمالك أكثر من ذلك وأجهش في بكاء حاد وارتمي في حضن أية وهي الأخرى أخذت تبكي بشدة فهو كان لها نعم الأخ ولولاه لما رأت محمد أبدا وأخذ يتمتم كل منهم من بين شهقاتهم   " الله يرحمه ويغفر له " .... .
وإنساب اللحن الي غرفة سارة مرة أخري :
يعني إيه ؟ يعني خلاص أنا مش هشوفك تاني
مش هلمسك , مش هحكي ليك عن حاجه تعباني  
كانت سارة تشاهد صورة معها للمرة الأخيرة وتشعر بلوعة حارقة وكأنها سوف تفقده من جديد مرة أخري , يا لها من أيام يا لها من ذكريات وحتي الذكريات سوف تحرم منها وأخذت ملابسه وضمتها لها بشدة رهيبة.
وانسابت الألحان مرة أخري تاركه المنزل زاحفة الي راديو القاعة الرياضية حيث أنهك عبد الرحمن نفسة بالملاكمة ولكن صوت صراخ سارة وتوسلها لم ينتهي من طرق رأسه وشبح أحمد الذي أشتاق له وفارقة منذ ذلك اليوم المشؤوم الذي لمس فيه سارة , أجل هو مشتاق كثيرا الي أخيه الحبيب  لتصل الكلمات الي أذنه.
كنت روحي لما كان جوايا روح
عمري ما أتخيلت أنك يوم تروح
مش فاضلي مني غير حبه جروح
لتسقط دموعه علي فراق أخيه الحبيب بشدة وشعر بألم حارق يغزو كل خليه وذرة بجسده من ألم الفراق خلع قفازيه ونزع قميصه عنه وقفز الي حمام السباحة عل المياه الباردة تهدئ من روعه وألمه قليلا وبعد ذلك أخذ نفس عميق ونزل الي القاع عل أصوات الصراخ التي تطرق رأسه تصمت قليلا ...
يعني إيه ؟ يعني خلاص أنا مش هشوفك تاني
مش هلمسك مش هكحي ليك عن حاجه تعباني
دخلت الألحان عبر شقة حسام وأمل وهو واقف علي كرسي وينزل الصورة المكبرة لأخيه وانتهت أمل من تجميع صورة بالشقة كلها وأي غرض أو هدية كان قد أتي به لهم كي لا تتذكره سارة.
نزل حسام وهو ممسك بالصورة وتتساقط دموعه بكثرة , أجلسته أمل وحاولت تهدئته رغم أنها كانت تبكي هي الأخرى , مسح عينيه بشدة وقال بلوعة " الله يرحمه كان طيب قوى وعلي طول يحب يعمل مقالب ويضحكنا " وبكي حسام بشدة ونظر الي أمل الباكية بلوعة أمامه وقال والدموع تحرق عينيه " كفاية أنو السبب في أني أشوفك " ضمته أمل لها بشدة وبكي هو وكأنه فقد أخوة اليوم لا من عام .... .
أنهت الألحان مهمتها هنا وصعدت مرة أخري كي تنهي ما جاءت لفعله :
مع السلامة يا حبيبي وفي أمان
عمري ما هقول يوم عليك ماضي وكان
عمري ما أنسا مهما طال بيا الزماااااان
وفي تلك الأثناء كانت سارة تعيد أغراض أحمد الي الصندوق وتودعها بقلبها وعينها , و السيدة نور خرجت من غرفة أحمد وأغلقتها بالمفتاح وهي تبكي بشدة.
_ خلعت بطاقة الذاكرة ووضعتها فوق الملابس وأغلقت الصندوق بهدوء شديد وقالت شيرين بتأوه في أخر الأغنية
عمري ما أنسي مهما طال بيا الزماااان أأأأأأه
وقتها صرخت سارة بشدة " أأأأأ ه " فهي تشعر بأن قلبها أنشطر الي نصفين من شدة ألمها وتمتمت بأسي من كل قلبها " سامحني يا أحمد , مقدرش أبقي خاينة بس قلبي ربنا العالم بحاله " , وضعت الصندوق بعيدا وارتمت تبكي بمرارة رغم أنها لا تحب زوجها إلا أنها لا تريد أن تكون خائنة , ومرارة فراق ذكريات وأغراض أحمد الآن لم تقل في الألم شيء عن فراقه بالمقابر أثناء دفنه ..... .

نهاية الفصل .
Please vote if you like it 😍 😊

مذكرات حائر الجزء الأول "الحلم المستحيل" بقلم هالة الشاعر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن