الثامن والثلاثين "الانهيار"

8.9K 270 16
                                    

الفصل الثامن والثلاثون
" الانهيار "

كان الجميع بالأسفل يتحدثون ويضحكون البعض يشرب العصير والأخر يتناول الطعام وكعادتهم دائما وأبدا تجاهلوا رغبتها بأن تبقي وحيدة بل أدعوا أن كل شيء علي ما يرام وأن ما حدث سوف يمر ولا شيء إطلاقا سوف يعيق حركه الحياة الطبيعية عن العمل .
_ "حسنا تبا لهم جميعا"، لقد مر أسبوع علي خروجها من المشفى بعد أن أصبحت بلا رحم ، بلا أمل.
– بعد أن أصبحت نصف أنثي ، نصف امرأة، أتعلمون لم تعد تعتبر نفسها امرأة بالأساس وكذلك ليست رجل بالطبع ، بل كائن سخيف يقف بالوسط بين الاثنين ، كائن مُدمر مُحطم لا يوجد له أي فائدة أو قيمه .
حقا لا تعلم لما لم تنتهي حياتها بإحدى تلك العمليات اللعينة مع أطفالها ولما هي علي قيد الحياة الآن؟! .
احكمت قبضه يديها علي الكرسي من الغيظ لا تريد أي مما يفعلونه حولها لا تحتمل تجاهلهم لمشكلتها، لا تحتمل أي من هذا ، "لما انا علي قيد الحياة الي الآن ؟!، أستغفر الله العظيم لم يخلق الله شيء عبثا لابد وأن لي فائدة لا اعلمها بعد".
وعند هذا الحد لم تستطع التماسك أخذت تفرك وجهها بكلتا يدايها وتستغفر بشدة وتلعن الشيطان البائس اللعين تعلم تمام العلم ما الذي يحاول فعله بها ورغم عنها كانت تشعر ببركان يفور ويغلي بداخلها، تقسم أنها كانت تشعر بكميه من الغضب والسخط والكره لم تشعر بها من قبل في حياتها كلها ولا تعلم حتي من أين لها بكل هذا الحقد والبغض! .
وما زاد الطين بله تجاهلهم لألمها والتعامل معها كأنها مصابه بنزلة برد وسوف تشفي منها بعد مده، "اللعنة عليكم جميعا لن أشفي ، لن أشفي مطلقا لا يوجد لدي حتي مجرد أمل أنه بعد عشرة سنوات من الآن سوف يقومون باختراع دواء يمكنني من الإنجاب لقد انتهيت لمدي الحياة".
رغم عنها أطالت فرك وجهها وانحناءة ظهرها وأُجبر الجميع علي الصمت وانهاء التمثيلية السخيفة التي يلعبونها عليها ، أنهم يزيدون من ألمها بشدة.. ذلك التجاهل يؤلمها ولا أحد منهم يريد أن يتركها وشأنها ، تريد أن تدفن نفسها بغرفة مظلمة وان تبكي وتصرخ الي أن يغشي عليها وتنفذ كل طاقتها ولكنهم لا يسمحون لها بالبقاء وحدها لمده خمسة دقائق   حتي!.
ازداد الصداع حده برأسها وأصبحت تفرك وجهها بشكل أكثر عصبيه من ذي قبل وكان علي عبد الرحمن التدخل ... .
_ نظر الجميع الي بعضهم ثم رشقوها بنظرة الشفقة والعطف علي حظها العسر، ربت عبد الرحمن علي ظهرها المنحني وتمتم " سارة أنتِ كويسه؟ اجيب ليكي المسكن " بينما تأوهت هي بصمت وحدثت نفسها "لا يمكن لمسكنات العالم كله تسكين ألمي هذا" .
لم ترد عليه ونظر السيد شاكر نحو عبد الرحمن بقلق وبدأ التوتر يستولي علي الجميع ، قال عبد الرحمن محاولا افتعال المرح " عارفين إحنا مروحناش شقة اسكندرية من زمان إيه رأيك يا عم شاكر تاخد أجازه وتيجي معانا " نظرت أية لعبد الرحمن وقررت الاشتراك في تلك التمثيلية " ايوة فكرة حلوة قوي وانا هقضي اليوم كله في البحر " ، ونكزت محمد " انا عاوزة مايوة " واشترك هو الاخر معهم " مايوة ايه إن شاء الله أنتِ متجوزة سوسن! " وحاول البقية افتعال الضحك علي ذلك الشجار الوهمي بينهم وتحدث محمد الي سارة التي تدفن رأسها بالطاولة ولم يعد لديها أي ذرة من القدرة لاحتمال أي من هذا حقا .
" شايفة يا سارة انا مش عارف أختك دي هتعقل أمتي؟ بقولك أنا مش عاوزها خوديها عندك ولما تعقل رجعيها ليا تاني أنتِ اختها الكبيرة ومسؤولة عنها مش كده يا عم شاكر " رد بوجوم " طبعا ، طبعا " أصبح الجميع ينظر بقلق نحو سارة التي لم تبدو بخير علي الإطلاق .
تكلم عبد الرحمن " إيه يا سارة مش هتدفعي عن أيه؟ أنتِ معتيش بتحبيها ولا إيه! " ، اصطكت أسنانها بشدة من كثرة غيظها ،  " لما يتعاملون معي وكأني طفل صغير بأس سوف يلتهي وينسي مشكلته بالحديث معهم ؟! " .
استمر الجميع بالتمثيلية السخيفة والضحك الوهمي بينما هي عضت علي شفتيها وغزا الألم كل شعرة وذرة بجسدها خبطت الطاولة بعصبيه ونظرت للجميع بحده أخرستهم في الحال وأفقدتهم قدرتهم علي النطق أيضا ونطقت بنفاذ صبر شديد وهي تحاول أن تضبط أعصابها قدر الإمكان " كفاية " نظر الجميع لها بقلق بينما وقفت هي وقالت والألم يقطر منها " حرام عليكوا اللي بتعملوة فيا ده ارحموني بقي ! " وقف عبد الرحمن " سارة ارجوكي اهدي صدقيني كل حاجه هتبقي كويسه " هزت رأسها غير مصدقة " مفيش حاجه هتبقي كويسه أنت مبتفهمش؟! " تدخل السيد شاكر ووقف هو الأخر " سارة " قالها بحزم ثم أردف " عيب كده واهدي شويا ده قضاء ربنا ولازم ترضي بيه يا بنتي " .
اخذت تهز رأسها بهستيرية غير مصدقة ثم تكلمت بألم شديد أوجعهم جميعا " انتو تغرقوني وبعدين تقولوا قدر ربنا !! " تدخلت السيدة وفاء وهي حزينة للغاية علي ابنتها الحبية
" إحنا ذنبنا إيه بس ؟! " " ذنبكوا كل حاجه " أرادت أن تقول لهم هذا وبشدة ولكنها تمالكت نفسها في أخر لحظة ولكن ما أضافة السيد شاكر جعلها تفقد تلك الشعرة التي تحاول التمسك بها كي لا تغرق في بحر الغضب .
تكلم السيد شاكر بحزم " لازم تفوقي وتشوفي بيتك وتخرجي من كل اللي أنتِ فيه ده فاهمه ولا لأ " وتحولت نبرة الي الرقة " انا عارف مصلحتك يا سارة اسمعي الكلام يا حببتي عشان متتعبيش اكتر من كده " " انت عارف مصلحتي ؟!! " سالت بشك والتفتت لعبد الرحمن " وطبعا انت كمان عارف مصلحتي " ثم لوحت بيدها علي جميع الجالسين وقالت بسخرية شديدة " ومن غير كلام طبعا انتو عارفين مصلحتي  " ثم نظرت الي والدها " مخطرش في بالك مرة أني عارفة مصلحتي ! " " سارة أهدي شويا " حاول عبد الرحمن أن يجلسها كي تهدأ قليلا ولكنها صرخت به .
" متلمسنيش ومتقوليش أهدي أنت السبب في كل ده عمري ما هسامحك أبدا أنت فاهم " نظر الجميع بشك نحو عبد الرحمن  وأرتبك هو ، ثم حاول جذبها كي يصعد بها الي الأعلى " يالا علي فوق عشان تنامي شويا " ولكنها رفضت وأخذت تقاومه ولم ترغب بالصعود معه أبدا وبعد عده محاولات صرخت صرخة مدوية أفزعتهم جميعا وأخذت تصرخ بعدها بشدة صرخات متتالية جعلت الصغير يبكي بشدة و أستولي الرعب علي الجميع .
حاول عبد الرحمن اسكاتها ولكنها كانت تستمر بمقاومته بكل طاقتها ولم تنصت له أبدا ، وبدأت تصرخ معلنه كرهها له أمام الجميع " بكرهك ، بكرهك بكرهكوا كلوكوا انتو السبب في اللي انا في ده انتو اللي دمرتوني " لم يعد يحتمل السيد شاكر صراخها الهستيري وذهب وصفعها علي وجهها كي تصمت وحزن الجميع عليها أحاطها عبد الرحمن بذراعيه وأخفي وجهها بعد هذه الصفعة وحاول تهدئة السيد شاكر .
بكت الفتيات بشدة وبدي السيد شاكر نفسه مصدوم من فعلته ولكنه لم يحتمل صراخها الهستيري هذا ، رفعت سارة رأسها من صدر عبد الرحمن ونظرت لوالدها وصعق الجميع منها ، لم تكن تبكي ولم تكن مدهوشة أيضا بل كانت تبتسم رسمت ابتسامه مقززة مخيفة علي وجهها ونظرت لوالدها وقالت بتحدي واضح من بين أسنانها " أنا بكرهك زيه بالظبط " ، كان الجميع تقريبا مصعوق من سارة فهي لم تتخط حدودها يوما من الايام مع أحد!.
تعالت أنفاس السيد شاكر بشدة غير مصدق ما قالته سارة للتو بينما هي التمع الشر في عينيها وقررت إيلام الجميع مثلما تتألم هي بالضبط ، " لما علي دائما أن أدفع ضريبة      أنانيتهم وجبنهم لا والله أقسم بالله لن يحدث هذا أبدا بعد اليوم " .
توتر محمد بشدة ولم يبدو علي السيد شاكر أو عبد الرحمن أنهم بخير أبدا فذهب وجرها من معصمها فهي تقريبا تقف بين قنبلتين موقتتين " سارة أهدي مفيش لزوم للي بتعملية ده إحنا والله بنحاول نساعدك " وعند هذا الحد افاقت سارة ودفعته بعيدا عنها ضاربه إياه علي صدرة وصرخت به هو الأخر " أنا بكرهك أنت كمان متجيش جنبي " تراجع محمد وتركها ولاذ الجميع بالصمت عداها هي .
تعالي بكاؤها " كلكوا سبتوه يعمل فيا كده كلكوا سبتوة يدمرني ووقفتو تتفرجوا ومحدش  ساعدني وانا عمري ما اتخليت عن حد فيكو أبدا " كانت تشير بعذاب نحو عبد الرحمن الذي احمر وجهه بشدة من التوتر لم يكن يعلم بكرة سارة هذا ، لقد ظن أن كل شيء أصبح بخير بينهم ، ضم قبضتيه بشدة وحاول التماسك " يالا علي فوق الوقتي حالا كفايه قوي لحد كده " " خلاص يا عبد الرحمن معتش هخاف أنك تضربني او تحبسني تاني خلاص مش هتعرف تخرسني " صرخت به سارة متحديه إياه ثم أشارت نحو والدها " حضرتك عشان تخلي مسؤوليتك مني ومن عبئي قررت تجوزني ليه وانت عارف كويس اني مش عاوزة اتجوزة بس أجبرتني واعدت تقنعني بحاجات وهمية عشان تخلص مني زي بالظبط لما أعدت أقولك علي مش عاوزني وأنت مسمعتنيش " قاطعتها والدتها " حرام عليكي يا سارة بابا كان عاوز حد يحميكي ويحافظ علي حقك كان خايف عليكي يا بنتي " ضحكت بهستيرية أثناء بكاؤها وأخذت تصفق بيدها بمرح وهمي " بتقولي إيه ؟! ... بتقولي هههه يحميني !! " واخذت تضحك وتبكي في آن واحد وأشارت بسخرية نحوه " ده يحميني ؟! " وتحولت نبرتها الي المرار منهم جميعا " ده أكتر واحد أذاني وهني في حياتي كلها " وتعالت شهقاتها وبكاؤها " هو اللي كسر أيدي وأحمد عايش انا موقعتش من علي السلم  و و .. و كمان " وانهارت بالبكاء " أغتصبني  ايوة ، بعد ما انتقمت منه عشان أحمد الله يرحمه جه وانتقم مني واعدت أصرخ واتحايل عليه عشان يرحمني بس مرحمنيش وبعدها فضل حابسني وكل ما اقوله يسبني في حالي يضربني ويصرخ فيا " وأشارت نحوهم " وكلكو كنتوا عارفين وعاملين نفسكوا عمي ، ولما قولت ليكي عاوزة أطلق ومش عاوزة أعيش معاه قولتيلي ابوكي هيروح فيها وصبرت واستحملت عشان خاطر بابا لكن محدش فيكوا وقف معايا ، محدش فيكوا ساعدني " .
اشارت نحو والدها " انت كنت عارف اني مش مبسوطة ومع ذلك سبتني " ونحو والدتها " وأنتِ كل همك ان بنتك تبقي متجوزة وبس مش مهم بقي هي عايشة أزاي " ونحو حسام ومحمد " وانتو المفروض انكو اخواتي بس مغيرتوش أي حاجه من الواقع اللي أنا عايشاه ويأستو وسبتوني ، حتي أنتِ يا طنط نور وقفتي معاه هو واعدتي تقولي لي لازم أسامحه ، اما انت يا عمي فحضرتك كنت عارف ومتأكد ان في حاجه غلط بتحصل ومع ذلك عملت نفسك مش شايف وقولت كفاية اللي انا فيه مش كده ؟! " .
كان الجميع مصعوق من مراره سارة لانهم تخلو عنها جميعا ، وعبد الرحمن كان يتصبب عرقا من كل جسده ولم يشعر بالخزي في حياته كلها مثلما شعر الآن .
وسارت نحو والدتها " أما بالنسبة لحقي اللي المفروض هو يحافظ عليه فأحب أقولك انكو سلمتوا القط مفتاح القرار وكل مليم أحمد الله يرحمه سابه ليا بقي باسمه هو ، دخل في يوم ومضاني علي ورق بالعافية بعد ما شعري طلع في أيده وخد كل حاجه " واخذت تصفق بصوت عالي بيدها لهم جميعا وقالت بسخرية " برافو بجد ونعم الحماية انتو فعلا حافظتوا عليا ، ده دليل واضح وعملي ليكو كلكوا بيثبت وبيوضح قد إيه انتو عارفين مصلحتي " .
كان السيد شاكر غير مصدق ما تقوله سارة ونظر شزرا نحو عبد الرحمن الذي ينظر للأرض بآسي " اللي سارة بتقوله ده حصل؟ " أزدرد عبد الرحمن لعابة وحاول التكلم ولكنه لم يستطع فاكتفي بهز رأسه بهدوء، نظر السيد شاكر حوله غير مصدق ولكن سارة لم تدعه ينهي كلامة وقالت بيأس شديد " اللي هتعمله الوقتي مفيش منه أي فايدة خلاص مش هيرجع أي حاجه راحت مني " ونظرت لهم جميعا " انا كنت فاكرة انكو عيلتي وبتحبوني بس لاء ، انتو كلكو زيه لأنكو سكتو " وأردفت بوجوم " الحاجه الوحيدة اللي اخترتها في حياتي راحت ومش راجعه " وعلي صوتها مرة أخري " انا عمري في حياتي ما هسامحكوا أبدا وزي ما أتخليتو عني انا كمان مش عاوزاكو ومن النهارده مليش أهل " وركضت الي الأعلى وبعد عده دقائق نزلت ومعها حقيبة ملابس صغيرة وطارت بسيارتها الي الخارج .

أفاق السيد شاكر من شروده ولم يصدق أن عبد الرحمن فعل بابنته ما فعلة وذهب نحو ابنتيه اللاتي يبكين بشدة وهز امل من ذراعها بعنف " كل ده حصل ومحدش فيكو قالي ليه ؟! " ارتعبت امل ولم تستطع الكلام ونزعت أيه نفسها من البكاء " إحنا مكناش عاوزين نزعلك يا بابا " صرخ بها أزاي تسيبو اختوكو كده ؟ " ولام كل من حسام ومحمد قائلا بآسي " المفروض انكو اخواتها هنا وبتاخدوا بالكو منها " كانت الدموع متحجرة بعين السيد شاكر واشار لزوجته الباكية وابنة الصغير كي يذهبوا ونظر الي عبد الرحمن " انا جوزتها ليك عشان تاخد بالك منها و تحمي حقها بس كنت غلطان أنت هطلقها وانا مش هجبرها علي حاجه تاني " وذهب خارجا وعندما حاول السيد شهاب التكلم معه أكتفي بقول " شكرا علي الأمانة اللي أمنتها ليك يا شهاب " ومضي وتركه ، لم يحتمل عبد الرحمن نظراتهم او بكاء امه واخوتها وصعد الي شقته بهدوء .... .
*** **** ****
قادت سيارتها والدموع تعمي عيناها مسحتها بحزم وما إن رأت لافتة تدل علي فندق حتي توجهت مباشرة إليه وحجزت غرفة وصعدت بحقيبتها الصغيرة وارتمت علي السرير بعد أن خلعت طرحتها فهي تشعر بأن الهواء نفذ من رئتيها ، دفنت رأسها بالوسادة وصرخت بكل قوتها واخذت تبكي بشدة .
ظلت هكذا حوالي ثلاث ساعات وبعدها أغشي عليها أو غطت في النوم لا أحد يعلم المهم انها لم تستيقظ سوي اليوم التالي ظهرا كانت أهدأ حالا ، جلست واجمه علي السرير تفكر بعدة أشياء :
_ لم يعد لدي منزل .
_ لا بد وان أبي يكرهني الآن .
_لا يوجد لدي عمل .
_ لا يوجد لدي مال .
وتساقطت دموعها _ لا يوجد لدي أطفال .
_ لن يوجد لدي طفل أبدا .
لما سوف أقاوم أو أحارب إذا ما الفائدة ؟!" ، امسكت بالهاتف وكتبت رساله نصية " انا أعده في فندق وبكرة أو بعدة هرجع البيت " واغلقت الهاتف مرة أخري فهي تعلم تمام العلم أن والدتها لم يغمض لها جفن ولابد وأنها قلقة للغاية .
ظلت واجمه هكذا لا تتحرك من مكانها تتساقط دموعها بهدوء وتفكر في كل ما يحدث معها ، تمنت بشدة لو أن هناك من يضمها الآن ويربت عليها وتذكرت أحمد وكيف كان يضمها كثيرا وفي كل الأوقات تقريبا ودائما كان يهمس لها بأطيب وأحلي الكلام الذي يجعلها تبتسم وتحمر خجلا .
تمنت لو أن له صورة حتي معها ولكنهم أخذوا كل شيء منها ، بل نزعوه نزعا منها كي تنساه رغما عنها وضحكت بألم " أكيد هما عارفين مصلحتي " كل شيء ينزع منها نزع ويفرض عليها .
أما عبد الرحمن فلم تعرف حقا بشأنه شيء ؟! ، وما الذي عليها فعله معه ؟ .
لقد أخبرها بأنها هي حب حياته وانه لم يستطع أن يتزوج بسببها هي ، ولكن لم تستطع فهم حبه هذا ابدا فهو عنيف وعصبي معها بشكل مبالغ فيه وتشعر بالرعب معه كثيرا فهو يغار بشكل موحش من أي ذكري تحمل أسم احمد، حتي احمد الصغير باتت لا تحمله أمامه وبدلت أسمه ب " حبيب خالتو " لأنه كلما سمعها تناديه التمع الشر في عينه .
بعدها هدأ عبد الرحمن كثيرا بعد أن باتت تتجنب أي قول أو فعل كانت تفعله مع أحمد ، ولكنها كانت تمثل عليه ولا تشعر بالراحة أجل تدعي فعل الأشياء كي تتجنب عنفة معها .
ضمت الوسادة لها وشردت دموعها علي وجنتيها ووجدت انه لا شيء حقا يستحق وبدأت تشعر بالوخز لأنها صرخت بالجميع هكذا وصرحت بكرهها لهم أنهم ليسوا بهذا السوء أكيد كما انها لم تفقد رحمها بسبب هذا الحمل وانما بسبب الورم وبعد أن هدأت فورة الغضب هذه بدأ الندم يصيبها لقد دمرت كل شيء بلحظة واحده لأنها لم تستطع أن تمسك بلسانها معهم نظرت الي السقف ورسمت بسمة باهته وتمتمت " يعني هي جيت عليهم ؟ ما انا خسرت كل حاجه " .
*** *** ***

مذكرات حائر الجزء الأول "الحلم المستحيل" بقلم هالة الشاعر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن