الفصل " الثاني والثلاثين "
" نهايــــــــــــة "
_ وقف عبد الرحمن بالسيارة أمام منزل والد سارة والفتيات حوالي الساعة الخامسة " مش فاهمه أنت جايبني هنا ليه؟ " رد بنفاذ صبر " ما أنا قولت ليكي يا ريم كل خميس بنتغدي هنا والجمعة بنتغدا مع بابا وماما " " ماشي أنا وانت نيجي ليه هنا هما متجوزين من بعض , أحنا كده بنتطفل عليهم " " أولا احنا بنيجي هنا يوم الخميس من أيام أحمد وسارة بس ما كانوا مخطوبين , ثانيا أنا قولتلك هي المرة دي بس عشان عم شاكر أصر عليا عاوز يتعرف عليكي هو وطنط " .
استغربت كثيرا من تلك العائلة فعائلة زوجات أخوته يريدون التعرف عليها بينما والدها ووالدتها لم يجلسوا مع خطيب أبنتهم سوي مرة واحده! .
صعدت معه ووجدت العمل علي قدم وساق بالأعلى لتحضير السفرة مع الوالدة ورحب بها السيد شاكر كثيرا والسيدة وفاء أيضا واستغربت كيف يحبونها هكذا؟, وتمتمت لنفسها " البيت ده أوفر في كل حاجه! " , " ده يوم المني لما نشوف عروسة عبد الرحمن " ونظر لها السيد شاكر وقال " كلي يا بنتي متتكسفيش أنتِ الوقتي زي سارة وأمل وأية بالظبط , وكل يوم خميس بيتجمعوا هنا وأنتِ وعبد الرحمن لازم تيجوا " وأشار لعبد الرحمن " مش عشان خطبت مش هعرف أغلبك في الطاولة لاااا ده أنا جامد اوي".
ضحك له عبد الرحمن " طبعا يا عمي " , تكلمت ريم ببرودة عندما سمعت كلمه " لازم " هي لا تحب أن يملي عليها أحد أفعلها خاصه شخص غريب " سوري يا عمو بس أنا وعبد الرحمن لسه بنتعرف علي بعض وصعب نيجي " حرج السيد شاكر كثيرا وتلعثم في الكلام " مش قصدي يا بنتي والله البيت بيتك تشرفي وقت ما تحبي " تركت أية الملعقة من يدها ونظرت نظره شر واضحه لريم هجم عليها محمد وضمها بشدة ليحجب عنها رؤيه ريم وأخذ يتمتم في أذنها " أهدي يا منـــــار أهدي يا منـــــــار!! " أخذت تتململ بشدة " أبوس أيدك عديها مصدقنا الواد يوافق يتجوز , أمسحيها فيا أنا ربنا يخليكي " أخذت أنفاسها تعلو وتهبط وبالكاد حاولت السكوت ونظرت الي طبقها واخذت تصدر أصوات بعصبية بالغه في الطبق , " أيــــــــة! " " أيوة يا بابا " " كلي من غير صوت " فالسيد شاكر يعرف أبنته جيدا , وصمت الجميع بعد ذلك .
حالما أنهو الطعام شكر الشباب السيدة وفاء بشدة علي طعامها الشهي كعادتهم وحمل الشباب والفتيات الاطباق وصاح السيد شاكر بحسام " الحقنا بالشاي الجامد بتاعك بقي " " تؤمر يا عمي " , نظرت ريم بغرابه نحوهم , كيف يطلب من ضيفه تحضير الشاي؟ جلست بعيدا وهم يحملون الأطباق وكان عبد الرحمن يعيد الكراسي الي مكانها ثم ذهب للجلوس الي جوارها " أنت بترجع الكراسي ليه أنت ضيف المفروض متعملش حاجه " قال لها بنفاذ صبر " ازاي تحرجي عم شاكر كده؟ " " أنا مبحبش حد يقولي لازم تعملي حاجه " " هو مش قصده حاجه وحشه وبعدين أنا قولتلك هي المرة دي بس يعني مكنش في أي داعي انك تحرجيه كده " أشاحت بوجهها بعيدا عنه هي لم توافق علي عبد الرحمن لأنها معجبه به هي فقط ملت الوحدة التي تعيشها وتمنت لو أن هناك من يؤنس وحدتها هذه .
فهي عاشت عمرها كله وحيده تقريبا ها هي قاربت علي التاسعة والعشرون ولا يمكنها التذكر متي مضت يوم مع والدها ووالدتها فهم مشغولون للغاية بأبحاثهم ومؤتمراتهم وسفرهم ودرجاتهم العلمية ولم يلتفتوا لها في يوم من الايام وبالرغم من نبل مهنه الطب إلا أنها كرهتها للغاية ورغم تفوقها ودراجاتها العليا إلا أنها رفضت تماما دخول كليه الطب فهي لا تنوي امتهان تلك المهنة أبدا لن تترك أولادها للمربيات كي يهتمون بهم لا بل تريد ان تهتم هي بهم وترعاهم وترعي زوجها ولم يكتفي والداها بتركها وحدها لا بل و عزلوها عن العالم ايضا فلم يكن هناك أحد جيد كفاية بالنسبة لهم كي يصادقها أو يتقدم لخطبتها وهي أكيده تماما من انهم وافقوا علي عبد الرحمن لسمعته الجيدة ومكانته بين رجال الأعمال ولا لشيء أخر .
أنتهي الشباب من توضيب المنزل وهي تشاهدهم باستنكار لما يضحكون دائما؟! , جاء الصغير بالدومينو وركض نحو عبد الرحمن ومعه كراس وشهادة له " شاطر يا فارس برافوا عليك دراجتك جميلة " " أنا عاوز أبقي مهندس زيك " ثم نظر الي ريم وابتسم لها بشدة " ولما أكبر هخطب عروسه حلوة زي عروستك " ضحك كل من ريم وعبد الرحمن بشدة , وفرك عبد الرحمن رأس الصغير بمرح " أنت بتعاكس خطبتي وأنا اعد! " ثم نظر لها وهي تضحك هكذا لم يرها من قبل وهي تضحك , يعلم بداخله أنها فتاة جيده ويتمني حقا لو يشعر قلبه بها .
دخل السيد شاكر ومعه كيس وركضت الفتيات نحوه وكل واحده تهتف " أنا يا بابا أنا يا بابا " أشار بإصبعه عليهم جميعا ثم قال " ولا وحده فيكو " ظهر الإحباط عليهم وتذمرت سارة " ليه بقي يا بابا؟ " , " ريم اللي هتختار الأول تعالي يا ريم " خجلت كثيرا قال لها عبد الرحمن وهو يضحك " روحي مش هتندمي " ذهبت علي مضض وفتح لها الكيس الممتلئ بالحلوى المختلفة وكل أسبوع كان يختار السيد شاكر فتاة ويعطيها الأولوية باختيار النوع الذي تحب , أخذت واحده بحرج وعادت الي عبد الرحمن ثم قال السيد شاكر " سارة " " أيوة بقي " واختارت وذهبت الي أحمد كي يفتح لها المثلجات ويساعدها لأن يدها لا زالت مجبرة , انقلبت الآية واصبح أحمد يساعد سارة بفعل كل شيء تقريبا وكلاهم كان فرح بهذا فسارة سعيدة باهتمامه بها وهو سعيد لأنه يرد لها أي شيء مما فعلته لأجله من قبل , أما عبد الرحمن فشعر بالآسي كثيرا في نفسه أنها تتجنبه وترتعب كلما رأته وترتعش بشدة , ولكن أمام الجميع تتعامل بطريقة عاديه مما جعل الكل ينسي ما حدث .
صاح محمد " وإحنا يا عم شاكر نسيتنا ولا إيه؟ " " لا يا سيدي أهه " وأخذ يقذف لكل منهم بالحلوى المفضلة لديه , وبعد ذلك صاح أحمد " أنا اللي هلعب معاك أنهارده " ونظر الي سارة " أبوكي هيتغلب يعني هيتغلب " ضحكوا كثيرا عليه وبعد ذلك وأثناء اللعب هجمت الفتيات علي والدهم وأخذن يدغدغنه ويقبلنه بشدة وهو يضحك بمرح معهم وكأنهم صغار , كانت ريم تشعر بحسرة كبيرة فهي لا تتذكر متي قبلها والدها أخر مرة , " أنا عاوزة أمشي " " لسه بدري " " لا أنا تعبانه وعاوزة أمشي " نظر لهم كلهم يودعه بعينه فهو سوف يشتاق لجمعتهم هذه بشدة ولكنه مضطر علي ترك كل شيء وراءه والرحيل سلم علي السيدة وفاء والسيد شاكر وشكرهم بشدة وذهب معها وهو صامت الي أن نزلت أمام منزلها ورحل هو الأخر , ارتمي بغرفته وهو حزين لن يجتمع معهم مرة أخري , لن يعيش في المنزل الذي بناه كي يظل مع أخوته , سوف يذهب للسادس من أكتوبر ويدير الفرع هناك وأشتري أرض وبدأ ببناء منزل له هناك أيضا , لن يستطيع العيش معها تحت سقف واحد عليه بتعلم نسيانها عليه ذلك ولا يوجد حل آخر ..... .
_ ارتمت ريم تبكي بمرارة علي سريرها أن الفتيات يعاملنها بحب خاص سارة ووالدها ووالدتها لمجرد أنها خطيبه أخو أزواج بناتهن , وشعرت بحسره وهي تتذكر كيف يمرح السيد شاكر مع الفتيات والأم الحنونة التي تضم كل من فتياتها بشدة وتحاورهم ," لما أنا محرومة من كل هذا؟ " , سمعت صوت والدتها فمسحت دموعها وهرعت نحوها تضمها بشدة " في إيه يا ريم؟ " " أصلك وحشاني أوي " " طيب سبيني الوقتي أنا تعبانة موت وعاوزة أنام " وأزاحت يدها ودخلت وتركتها , بكت بشدة وندمت لأنها فعلت ذلك حتي أن حضن والدتها كان بارد , لقد كان حضن السيدة وفاء التي رأتها اليوم لأول مرة أدفئ من حضن والدتها , أخذت تبكي وتنوح علي مرارة عيشها مع أب وأم لم يلتفتوا لها في يوم من الأيام وعن الوحدة التي تعايشها في هذا المنزل الضخم .
***
بعد أسبوع بالضبط كان موعد عيد ميلاد محمد وتم تزين الحديقة بالأضواء والزينة وكل العائلتين اجتمعوا حول محمد يهنئوه ويعطوه الهدايا , أهدته أية هدية رائعة جعلته يصيح فرحا ويحملها ويدور بها , لقد كانت كاميرا حديثة تمني بشدة أن يشتريها وبعد التهنئة والغناء صاح محمد بهم " أنا بقي عندي هديه ليكو كلكوا " , وأشعل الشاشة العملاقة الموجودة بالحديقة وانسابت ألحان الرائعة
Adele
When we were young
كتبت كلمات هذه الأغنية بعرض الشاشة كلها وغاص قلب سارة بصدرها وصاحت بمحمد " أوعي يكون اللي في بالي؟ " أشار لها علي علامة الصبر ثم انسابت الكلمات وظهرت صورة لأية وهي في السادسة من عمرها وتفقد أسنانها العلوية وتضحك بشدة للكاميرا صاحت الفتيات بوالدتهن " لا يا ماما حرام عليكي " عاتبن والدتهن وضحك الجميع عليهن , ثم ظهرت صوره أخري لأمل وهي في الرابعة وترتدي ملابس سباحه مضحكه ومبتلة للغاية ثم صورة لسارة تنظر للكاميرا ببلاهة وشعرها أشعث للغاية , ثم صوره لوالدهم يحمل أية فوق أكتافه وأقدامها تتدلي عليه يحمل سارة علي ذراع وأمل علي ذراعه الأخرى والثلاثة يصيحون فرحا ويرفعون يديهم عاليا بالهواء وكذلك السيد شاكر يصيح , ضحك الجميع بشدة ودمعت عين السيد شاكر والسيدة وفاء وبعد عده صور للفتيات وفارس , جاءت صورة لعبد الرحمن وهو يرتدي زي الضابط وهو في السابعة من عمرة ضحكوا بشدة وغطي عبد الرحمن وجهه من الإحراج وبعد ذلك صوره لأحمد وهو في الخامسة يبكي و يسيل أنفة ضحكوا بشدة عليه , وصاح أحمد " الله يحرقك يا محمد! " وكذلك صورة لحسام وهو ينظر ببلاهة وراء الكاميرا ويضع إصبعه في فمه وصوره لمحمد وهو يصيح فرحا فوق أرجوحة وانسابت الصور الي أن كبر الشباب وصورة لأربعتهم وهمم فوق يخت ويرتدون زي السباحة فقط ونظارات شمسية ويضمون بعضهم البعض , وبعد ذلك أصبحت الصور تضم العائلتين بدأ بعقد القران لسارة وأحمد واليوم الذي قضوه معا والنزهة بالنادي وفرح أحمد وسارة وأفراحهم وأيام الجمعة ويوم مصالحه أحمد وسارة ويوم مصالحه أمل علي حسام وأيه تضع لحسام المكياج الوهمي للكدمات ثم كتب بالخط العريض
" وأخيرا وصل أخر فرد بالمجموعة "
وظهرت صوره كبيرة لريم وبعد ذلك صور لخطبتها مع عبد الرحمن وهي ترتدي الشبكة , دمعت عين ريم وقال محمد لها " أنا حاولت أجيب صور ليكي وأنتِ صغيرة بس معرفتش أوصل لطنط " وبعد ذلك انتهي الفيديو مع انتهاء الأغنية :
It was just like a movie
It was just like a song
When we were young
وأنتهي الفيلم بالصورة الجماعية العابثة لهم التي التقطوها ثاني يوم العيد وأخرج عصا التصوير وهم دامعون ومتأثرون بالفيلم جميعا والتقط لهم" سيلفي "جماعي جديد وصاح قائلا " سيلفي التأثر " وضحك الجميع عليه بشدة .
دهشت ريم كثيرا فهي لم تكن تعلم بأن هناك أحد التقط لها صور أو أهتم بها حتى وقاومت دموعها بشدة , اما عن السيد شاكر فقال لمحمد بتأثر بالغ " فديو رائع يا محمد والله كبرتوا بسرعة قوي عقبال ما تصور ولادك وافرح بيهم يا رب " مسحت السيدة وفاء دموعها " يا رب يا شاكر يا رب " , أصفر وجه محمد فالسيدة وفاء والسيد شاكر لا يعلمون بأن محمد لا يستطيع الأنجاب حزن الجميع لمحمد وتمزق قلب والدته عليه أما أية فقرصته من وجنته بشدة وجعلت الجميع يضحك عليه وذهبت خلفه وأشعلت الموسيقي بصوت عالي علي أغنية
What do you mean ? , for Justin Bibber
ووقفت أمامه واخذت تشير بيدها علي علامه ما الذي تقصده؟ ثم صاحت به " لو مرقصتش معايا هرقص مع أحمد " وقف وهو يبتسم لها , هو يعلم جيدا انها تريد التخفيف عنه أمسك يدها وذهب معها ووضع ذراع علي خصرها وأمسك بالأخرى يدها وأخذ يقول كل منهم للأخر بمرح
What do you mean ?
ثم صاح أحمد فجاءه وهو يرفع يده بشكل مضحك وأخذ يردد تلك الجملة بصوت عالي ويرقص مكانه وهو جالس مما جعل الطاولة كلها تضحك بشدة ثم وقف ومد يده نحو سارة فسلمتها له أخيرا بعد أن نزعت الجبيرة وذهب نحو أية ومحمد وجعلها تدور حول نفسها عدة مرات وأمسك بخصرها وهي وضعت ذراعيها علي كتفة وأخذوا يرددون معا
What do you mean ?
ثم تبعه حسام يهز رأسه بشدة مع الموسيقي وصاح بأمل " أشمعني أنا يالا " وذهبوا للرقص مع أخواتهم , ثم توسط حسام حلبتهم الصغيرة وأخذ يرقص بشدة وكأنه بملهي ليلي ويصدر حركات جميلة وهو يشير الي صدرة فانضم له محمد وهو يرقص بحركات أكثر مهارة وعبث منه وضحكت الفتيات بشدة عليهم , أزاحهم أحمد بيده ثم صاح وهو يشير الي نفسه " وسع للكبير " وأخذ يرقص بمهارة كبيرة , أخذت الفتيات تصحن بشدة ويصرخن مرحا وكل واحده تشجع زوجها الحبيب , جاء فارس وهو يشاهدهم بانبهار ويصفق بشدة وأخذت سارة يده وجعلته يدور حول نفسه بمرح ثم ذهبت الفتيات نحو السيد شاكر وأخذن يصحن بشدة " شيكو , شيكو , شيكو " نهرهم السيد شاكر " بس , عيــــب , ولاااااد" ثم وفجاءة تمايل معهم هو الأخر وإنما بحركات الرقص البلدي ضحك الجميع بشدة حتي دمعت أعينهم .
كان عبد الرحمن يصورهم جميعا , ويشعر بغصة في قلبه , سوف يحرم منهم جميعا , سوف يحرم من ضحكهم ، عليه بالابتعاد الي الابد " ولكن لما كتب علي أن أعيش العذاب أنهم كالهواء بالنسبة لي " وتمني لو أنه يستطيع أن يمرح ويضحك معهم الآن مثلما يفعلون .
ذهب أحمد ليرد علي هاتفه بعيدا عن صخب الموسيقي وركض فارس نحو عبد الرحمن يريد أن يرقص معه " هات الكاميرا وانا هكمل الفيديو وروح أنت معاه " قالت له ريم بهدوء , لم يستطع ان يقاوم " اللعنة أنا أعشق عائلتي وأعشق منزلي ولا أريد أن اتركهم أبدا " , ذهب مع فارس الذي كان يقفز فرحا فهو يعشق عبد الرحمن بشكل غير عادي .
كانت سارة تصفق بمرح وفجاءة وجدت فارس يمسك بيدها ويهزها بمرح نظرت له وهي تضحك وحالما رأت عبد الرحمن غابت الضحكة عن وجهها , شعر بوجع شديد في قلبه فهو يري الرعب في عيناها كلما أقترب منها بعد أن كان أمانها أصبح أكبر مخاوفها , أيعقل هذا ؟! , أخذ فارس يلوح بكل من يد سارة وعبد الرحمن ثم سحبت سارة يدها من فارس ووقفت الي جوار أية .
عاد أحمد وفرح بعبد الرحمن وضمه له بذراع ثم ذهب وضم سارة بالذراع الأخرى ونظر لكل منهم وكأنه يشجعهم علي الحديث ابتسمت سارة لأحمد ثم نظرت الي عبد الرحمن وابتسمت له , فابتسم عبد الرحمن هو الأخر فرح أحمد كثيرا وصاح بهم " أيوة بقي البيت كان رخم قوي وأنتو زعلانين " فالوضع كان غريب علي أحمد كثيرا لقد اعتاد علي وجود الاثنين معه في حياته اليومية ويعلم أن لسارة معزة خاصه عند عبد الرحمن وكذلك سارة تحبه وتحترمه كثيرا لما فعله معهم , ضحكت سارة واستأذنت وذهبت لتجلس الي جوار ريم , هي لا تزال تشعر بالرعب منه ولكنها تعلم جيدا أن أحمد قضي الفترة الماضية ممزق بينهم بشدة وهي لا تريد أبدا أن تكون سبب لخلاف بين الأشقاء .
تمتمت لها ريم بعد أن تركت الكاميرا " أنتو كنتوا متخانقين " " شدينا شويا في الشغل " " أزاي؟ " , " أصل أنا ضيعت ملف مهم وشدينا شويا بس أنا اللي غلطانة " " أنتِ بتشتغلي معاهم من زمان؟ " " أها بس قريب هعد , في مشروع مهم قوي شغال الأيام دي ولما يخلص هسافر أنا وأحمد سياحة وبعدين أعد " " أحمد اللي عاوز كده؟ " " لا بالعكس هو عاوزني أشتغل بس أنا عاوزة أرتاح شويا وأهتم بنفسي وبالبيت أكتر من كده " " باباكي طيب قوي " قالتها وهي شاردة تنظر للسيد شاكر , ضحكت سارة " لا بقولك إية ماما بتغير مووت ميغركيش الطيبة اللي باينه قدامك دي " ضحكت ريم وكذلك سارة ثم أردفت سارة " أنتِ صعبانة عليا أوي " , دهشت ريم " ليه؟ " " أصل شكلك هاديه وعلي نياتك والعيشة هنا مش عاوزة كده , لازم تفتحي عنيكي كويس وتراقبي كل حاجه عشان ميتعملش فيكي مقلب يطلع من دماغك " ضحكت ريم وقالت " مش فاهمه يعني إيه؟ " نظرت لها سارة بحدة .
" يا بنتي لازم تبقي صاحية ومفوقه حتي وأنتِ نايمه يعني مثلا أوي تطلعي السلم لو النور مش مفتوح تحت أي ظرف من الظروف " شحبت ريم ونظرت بقلق نحو الشباب الذي يرقص ثم نظرت لسارة بقلق " ليه؟ إيه اللي هيحصل؟ " ذهب الضحك عن سارة ونظرت الي تلك البلهاء الجالسة أمامها وقالت بحدة " قولي إيه اللي مش هيحصل , مبدأيا أكيد حسام أو محمد وقفين مستنين علي السلم ومعاهم ماسك يقطع الخلف , أو هيفرقعوا فيكي بومب وصواريخ " ضحكت ريم ثم قالت " مش في أسانسير أطلع علي السلم ليه؟ " " يا صلاه النبي!! وأنتِ فاكرة أنهم مش عارفين , في قواعد لركوب الأسانسير يا ماما , لازم تتأكدي أن النور مفتوح وتبوصي كويس عشان تتأكدي أن محدش مستخبي فيه وتمسحي الأرض بعينك وأي مكان ممكن يخبوا فيه حاجه وتتأكدي أن مفيش صواريخ وبعد ده كله لما تركبي تفضلي تدعي ربنا عشان مينزلوش سكينه الكهربا وتفضلي متعلقة في الهوا " " ياااه للدرجة دي! " قصت عليها سارة ما فعله محمد ليلة زفافها وجعلت ريم تضحك بشدة " والله زي ما بقولك كده طلع من ورا الكنبة والدنيا كانت ضلمة وأنا أصلا كنت جايبي أخري من التوتر ... " وجاءها صوت زوجها من الخلف وصاح بها " ده أنتِ كنتي عامله حته دماغ يوميها يا سارة " وتكهن عليها يقلد صوتها " أطلع بره! , دور وشك! , ممكن أطفي النور " ثم صاح بها " كنت ههبب إيه أنا بأم النور يوميها مش فاهم !! " .
وقفت وكتمت فمه بيدها وتوسلت له " خلاص أبوس أيدك " " أنا عاوز أعرف أنتِ كنتي شاربة إيه يوميها؟ " رددت بدلال " مانجه " تراجع عن حدته وهز رأسه " خلاص إن كان كده مش هتكلم " وضحكوا بشدة جاء الشباب والفتيات وأخذ يقصوا علي ريم مقالبهم معا وأخذت تضحك هي بشدة نظر عبد الرحمن نحوها فهي لا تضحك معه أبدا ونظرت له هي الأخرى فابتسم لها .
ذهب الشباب للتنزه بالحديقة وتركوا عبد الرحمن مع عروسة ولكنها تهجمت حالما ذهبوا عنها خاصة الفتيات , وقالت له بشرود " ممكن أمشي " " لسه بدري " " معلش خليني أروح أحسن " " براحتك أتفضلي " , تذمرت السيدة نور" لسه بدري يا ريم " " معلش يا طنط اصلي تعبانة وعاوزة أرتاح شويا " وودعتهم وتمتعت بحضن السيدة وفاء ولم تتركها سريعا .
ظلوا صامتين طوال الطريق هي وعبد الرحمن , هو يفكر بأن مكوسه في السادس من أكتوبر سوف يجلب عليه التعاسة هو يريد البقاء مع عائلته ما هذه الحيرة! , أما هي فقلبها كان يقطر لوعه تريد أن تكون سعيدة مثلهم رغم انها لا تشعر بأي شيء نحو الجالس الي جوارها ولكنها عندما رأت الحب في تلك العائلة أرادت الدخول لها ومعرفه أسرارهم علها تصبح سعيدة مثلهم في يوم من الأيام .
تمتم بهدوء والسيارة واقفة أمام منزلها " عندك مانع نسكن معاهم؟ " التفتت له " مش كنت بتقول في بيت بيتبني في ستة أكتوبر! " زم شفتيه " أيوة بس في عندي شقة في البيت وكده ممكن نقرب معاد الفرح " غاص قلبها بصدرها عندما سمعت كلمه الفرح , " مش عارفه عاوزة وقت افكر تصبح علي خير " ونزلت سريعا , " وأنتِ من اهله " تمتم بوهن وحالما دلفت الي الفيلا تركها وأنطلق .
وعندما عاد الي المنزل لم يجد أحد مطلقا هكذا ظن في البداية , والزينة وكل شيء تم إزالته ثم لمح حركه خفيفة علم جيدا أنها لها فذهب نحوها بهدوء وهو واضع يديه في جيبه .
ارتبكت كثيرا فيما تفعله وحملت الأطباق وكيس هدايا وهمت بالذهاب سريعا ولكنه وقف وسد عليها الطريق , ارتعشت هي بشدة بحيث أخذت الأطباق تصدر أصوات مزعجة , قال بوهن شديد " سارة من فضلك مفيش داعي تخافي مني كده " حاولت الذهاب من أمامه ولكنه سد عليها الطريق مرة أخري , " طيب خليني أشيلهم أنا عشان أيدك " " لا شكرا " تمتمت بخفوت شديد وحاولت المرور من يساره وهي تنظر للأرض لم تجرأ علي النظر له , سألها بتوسل وقد شعر بوجع كبير لخوفها الشديد هذا منه " طيب أيدك عامله إيه الوقتي؟ " لم ترد عليه وذهبت سريعا وهي خائفة للغاية .
نزل حسام وحمل منها الأطباق وقال " لسه في حاجه؟ " " لا دي أخر حاجه " وصعدوا معا بالمصعد , " تعالي يا سارة أعدي معانا لحد ما أحمد يرجع " " شكرا يا حسام بس ورايا كام حاجه عاوزة أخلصها " " ماشي يا سيتي تصبحي علي خير " كان أحمد أصر علي ايصال والده ووالد سارة الي المنزل .
أخذت حمام سريع وبدلت ثيابها واندست بالفراش وأمسكت قلبها وأخذت تستغفر بشدة وتذكر الله لما تلك الغصة اللعينة التي تصيب قلبها , تشعر بأن شيء سيء للغاية سوف يحدث , رغم أن أحمد محي كل شكوكها وعاملها بطريقة أكثر من رائعة , ولكنها تشعر بأن شيء سيء سوف يحدث ولا يمكنها أن تمنع نفسها من الخوف , وبعد ما فعله معها عبد الرحمن , أقسمت علي أنها لن تفضي بمخاوفها لأحد او تجعل أحد يعلم بحزنها أو همها سوف تكون مسؤولة عن نفسها ولن تعتمد علي أحد أبدا بعد اليوم سوي زوجها الحبيب .
دخل أحمد وخلع سترته وبدل ملابسة وفرش أسنانه وأرتمي علي السرير بمرح الي جوارها " ها أزي أيدك أنهارده؟ " , " أحسن الحمد لله بس خايفه أحركها بردو " " عشان بس أنهاردة أول يوم تسيب الجبس تلاقيكي حاسة أن في حاجه غلط بس بعد كده هتتعودي " " عرفت منين يا قرد " وداعبت وجنته بمرح , " يا بنتي أنا كنت مدشدش بعد الحادثة , أنا مركب في رجلي الشمال بس شريحة ومسمارين " .
نظرت سارة له بآسي ثم ضمت وجهه بكفيها " بزعل أوي يا أحمد لما بسمع منك الكلام ده , وبندم كان نفسي أبقي حنبك وقتها قوي " أبتسم بوهن فهي لم تكن معه او تعرفه , ولم تكن السبب في الحادث ومن كانت السبب تركته وتخلت عنه , وتلك الجالسة أمامه تشعر بالندم لأنها لم تكن موجودة في حياته بوقت محنته حتى ولو لم تكن تعرفه حينها ! .
قبل يدها ووقف وذهب الي مكانه وضمها باليد الأخرى وامسك بالهاتف وفتح صفحته وأنزل عده صور علي جروب العائلة الجديدة وبعد ذلك أخذ يتصفح المواقع فهو أصبح مهوس بها بشدة , استكانت سارة الي صدره , ودعت ربها أن يدم عليها تلك النعمة فهي تشعر بسعادة بالغة كلما جلس الي جوارها حتى وأن لم يتكلم معها " أحمد " " هممم " " أنا فكرت كويس وكنت عاوزة أخد رأيك في موضوع الصدقة اللي هنطلعها عشان ربنا كرمنا وقمت لينا بالسلامة " أبتسم ونظر نحوها " تعرفي أن بابا بدأ في المسجد اللي كان نادر يبنيه لما انا أفتح " هزت رأسها " أيوة أنا خلصت ورقة أول أمبارح " " ها قررتي إيه؟ " " أمممم هو الموضوع هيكلفنا أكتر مما كنا عاملين حسابنا " " ماشي بس إيه؟ " .
" نعمل عمليه لحد كفيف مش قادر يعملها " ترك الهاتف ونظر لها ولمعت عيناه , أمسكت بوجهه " أنت مش متصور يا أحمد اللي أحنا حاسيين بيه مش حياتك بس اللي أتغيرت حياتنا كلنا أتغيرت وانا أولهم مش مصدقه الفرحة اللي بحس بيها لمجرد أنك بتبوص ليا ونفسي أي حد أتحرم منها يحس بيها " .
تنهد أحمد بتأثر وقال " أنا موافق هتبدأي أمتي " " بكره " " ههههه بسرعة كده " " أيوة في حاله وهروح أشوفها في جمعيه ـــــــ " " خلاص وأنا هاجي معاكي أن شاء الله " , أسندت رأسها علي صدره وهي سعيدة ورجع هو الي هاتفه ولام نفسه كان يجب أن يفكر بهذا , لقد انعم الله عليه بالنظر مرة أخري "كان يجب أن افكر هكذا وأساعد من هم مثلي" .
ومن ناحيه أخري شعر بذنب كبير يثقل قلبه ، فسارة تبدو أكثر روعة كل يوم عن سابقة وتصعب عليه الكثير من الاشياء ....... .
تمتم " عارفة لو ربنا قادرني هعمل العملية دي كل سنه لواحد " ابتسمت له بشدة " ربنا يقدرك علي أكتر من كده كمان يا حبيبي " .
_ وفي اليوم التالي في المكتب مر أحمد علي سارة بغرفة الملفات وأطل برأسه من خلف الباب , خطف أنفاسها من الفرحة فهي تسعد كثيرا عندما تراه يتحرك ويري " ريم هنا " " بجد! " " أها تعالي أما نسلم عليها " أمسكت بيده ورغم عنها أصدرت أشاره بأصبعها كي يلتفت الي اليسار , نظر لها محذرا ثم قال بمرح " يموت الزمار " " ههه أسفه والله بنسا " "يا الهي يا لي من حمقاء , ولكني ظللت لأكثر من ثلاث أعوام أسير معه وأنا أصدر الإشارات الي يده كي يسير بها " .
شعرت بالخوف فهذه أول مرة تدخل الي المكتب بعد ما حدث وحاولت إخفاء رعبها ورعشتها عن أحمد بشدة " إيه النور ده؟ " " أهلا يا أحمد أزيك " " أزيك يا ريم " " أزيك يا سارة " وسلمت كل منهم علي الأخرى , عبث أحمد معها " عبد الرحمن لحق يوحشك من امبارح للنهاردة ولا إيه؟ " خجلت ريم ونظرت الي الأرض فهي جاءت كي تخبر عبد الرحمن انها لا تمانع بالسكن معهم في المنزل الكبير وانها ايضا ترغب بقضاء يوم الخميس لدي أهل سارة , بينما سارة ضربت أحمد علي كتفه كي يصمت ولا يحرج الفتاة .
نظر أحمد لعلبه هدايا ولعبد الرحمن وهو ممسك بساعة في يده " يا سيدي يا سيدي علي الهدايا , مش هتلبسها ولا إيه؟ " كان عبد الرحمن ممسك بالساعة ولم يستطع أن يخلع ساعة سارة من يده فهو لم يرتدي غيرها منذ أن أهدته إياها , خلعها علي مضض تحت أنظار أحمد وريم أما سارة فلم تنظر نحوه واخرجت هاتفها وادعت عمل شيء ما ولكنه يعلم تمام العلم أنها تتجنب النظر له , ورغم أنها تركت سلساله وارتدت سلسال أحمد إلا إنه خلع الساعة بصعوبة كبيرة وأرتدي ساعة ريم وشكرها بابتسامه مهذبة علي محياه .
نظر أحمد الي الساعة التي خلعها عبد الرحمن واعجب بها وخلع ساعته وارتداها ونظر لها بأعجاب " الساعة دي حلوه أوي مبروك عليا ماشي يا عُبد " ووضع يده أمام سارة " إيه رأيك؟ " نظرت له محدقة " اقلعها ورجعها يا أحمد " " ليه بقي دي جميلة عليا!! " " مينفعش نجيب هديه ونرجع ناخدها تاني " قالت بنفاذ صبر , " هي دي ساعة عيد الميلاد اللي فضلتي تحوشي ليها أربع شهور " سأل ببلاهة وسط حنق عبد الرحمن الذي ينظر ليد أحمد شزرا بينما سارة خلعت الساعة من يد أحمد وهمست له " أنت ناسي الاهداء اللي عليها مينفعش تاخدها " ووضعت الساعة علي المكتب وقالت لريم " تعالي لما افرجك علي الشركة " وأخذت يدها وذهبت بينما نظر أحمد مرة اخرى نحو الساعة بإعجاب , أخذها عبد الرحمن من أمامه وخلع ساعة ريم وارتدها مرة أخرى " وأنا اللي قولت هتقول خلي إيه يا عبد الرحمن أنت بقيت بخيل ولا إيه؟ " , نظر عبد الرحمن للورق الذي أمامه وقال لأحمد ببروده " هي بتاعتي هسبها ليك ليه يعني! " " غريبة يعني عمرك ما عزيت عليا حاجه " " لا أتعود بقي من هنا ورايح ويالا علي مكتبك " , ذهب أحمد وهو مستنكر ولكنه يظن بأن عبد الرحمن يمزح خرج وأغلق الباب وأغلق عبد الرحمن هو الأخر الساعة حول يده بحزم ووضع ساعة ريم بعلبتها والقي بالعلبة في الدرج وتمتم بوجه جامد " معتش هسيب حاجتي لحد تاني يا أحمد , حتى لو الحد ده كان أنت " وعلم في تلك اللحظة أنه سوف يترك ريم فهو لا يريد أن يتحمل شعورة بالذنب نحوها يكفيه ما هو فيه ولكنه لم يعرف كيف سوف يخبرها بذلك بعد .
***
" يا رب أستر , يا رب الرحمة من عندك ".
وقفت سارة تتمتم بشرفة السيدة نور وقد غلي قلبها من القلق علي أحمد الذي تأخر , لقد مر شهر وثلاثة أسابيع منذ ان أصبح يري ومنذ أسبوع فقط أصبح يقود سيارته الجديدة والفارهة , كان فرح بها للغاية ورغم قلق سارة من أن يقود السيارة إلا إنها لم تستطع أن تقول له شيء يمكن أن يجعل فرحته تخبوا بها .
حاولت للمرة المائة الاتصال به ولكن الهاتف مغلق , ندمت كثيرا ليتها لم تستمع له لقد أصيبت بزكام هذا الصباح وأصر عليها بالجلوس في المنزل وأيضا نكثت بوعدها وتحدثت مع عبد الرحمن لأول مرة منذ ان صاح بها لكي تخبره بأن أحمد لم يعد من العمل بعد وان الساعة أصبحت السادسة وهي لا تعلم عنه شيء منذ الظهيرة .
والآن الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ولا آثر له علي الإطلاق كان قلب السيدة نور هي الأخرى يغلي علي ولدها , أين يمكن أن يكون ذهب! فهو لا أصدقاء له هنا أبدا وصديقة ماجد الذي يعمل بأستراليا سوف ينزل بعد شهر من الآن الي مصر , الي أين يمكن أن يكون ذهب؟ .
جاء عبد الرحمن من الخارج وصعد السلم سريعا بغضب كان الجميع في انتظاره عله يأتي بخبر ما عن أحمد ركضت سارة إليه وسالت بلهفه " ها يا ابيه أحمد فين؟! هو مجاش معاك ؟!! " كان عبد الرحمن غاضب للغاية وحالما استوقفته سارة أشتعل الغضب به أكثر وصرخ بها متناسي وجود العائلة كلها " بتعيطي وعامله في نفسك كده ليه؟ هو عيل صغير هيتوة ومش هيعرف يرجع البيت ده راجل قد الحيطة وعارف كويس قوي هو بيعمل إيه " .
وضعت سارة يدها علي فمها تكتم بكاءها غير مصدقه ما يقوله عبد الرحمن ونهره أخوته وأبوة بشدة خاصه السيد شهاب الذي صعق من ابنه وطريقه معاملته لسارة الخشنة هذه! " في إيه يا عبد الرحمن بتزعق فيها كده ليه حرام عليك قلقانه يا أخي " زمجر عبد الرحمن ردا علي والده " يعني أنتو يا بابا مش عارفين أحمد وخروجاته هتالاقيه غطسان في أي داهيه شوية مع شلته القديمة ما هو اتنيل ورجع لها " حالما نطق بهذه الجملة تهللت اسارير عائلته كلها وتذكروا جميعا أن هذه أحدي أسوء عادات أحمد وكان يفعل بهم هذا كثيرا قبل الحادث الذي أصابه جلست السيدة نور أخير وضربت وركيها " كده يا أحمد! والله بس اما ترجع وانا اللي قولت عقل خلاص وكبر وبطل حركاته دي " .
وذهب محمد الي سارة " معلش يا سارة والله إحنا نسينا الموضوع ده خالص بس أحمد فعلا كل كام اسبوع كان بيغطس كام يوم وميقولش لحد فينا أبدا ولا حتي كان بيتصل علينا ، بس أما يجي والله هنبهدله عشان قلقك ده " هزت سارة رأسها غير مصدقه " لا أحمد مستحيل يعمل كده كان هيقولي علي الاقل او يبعت رساله في حاجه تانيه حصلت " كانت سارة تبكي بشدة وذهب لها حسام هو الآخر " والله يا سارة مفيش داعي تعيطي وتقلقي كده إحنا اللي نسينا انو بيعمل كده بس والله دي طبيعته وكلها يومين وهتلاقيه ظهر وفتح تليفونه " لم تسمع سارة منهم شيء وهمت بالصعود خلف عبد الرحمن ولكن أية استوقفتها بغضب " أياكي تطلعي له بعد ما زعق فيكي كده أنتِ فاهمه " سحبت سارة ذراعها من أية وصعدت راكضه أنها لا تبالي بأي شيء سوي الاطمئنان علي أحمد غضبت أية وصعدت الي الأعلى وقال حسام لأمل " يالا احنا كمان مفيش لينا لزوم هنا هو مش هيظهر قبل تلات اربع ايام " وبعدهم صعد محمد .
جلس عبد الرحمن علي سريره وأخرج ورقة ممزقة عند نهايتها وكرمشها بيده مرة أخري وتمتم بغل " والله يا أحمد لما امسكك في ايدي ما هرحمك " .
طرقت الباب بهدوء واشتعل هو غيظا لأنه يعلم أنها هي من يطرق الباب زمجر من خلفه " أمشي يا سارة من هنا " " ارجوك بس يا ابيه دقيقه وحده " كانت تبكي بشدة فتح الباب علي مضض ولم يكلف نفسه عناء النظر لها بل ظل ينظر الي الفراغ " حضرتك متأكد ان هو مع اصحابه ولا بتخمن بس! " .
شعر بشيء يغلي ويفور بداخله وهم بسحق ذراعيها أسفل قبضته الحديدية كي يعبر عن حنقه منها ولكنه تراجع في أخر لحظه عندما تذكر معصمها الذي كسر ، فانحني نحوها واقترب من وجهها كثيرا وقال بغيظ شديد وسط رعبها منه " أنتِ فاكره ان الدنيا مفيهاش غير أحمد بتاعك ده؟ أنا عندي حياتي الخاصة ومش الخدام بتاع سعدتك أنتِ جوزك أمشي من هنا وحسك عينك تقربي مني بأي شكل من الاشكال تاني أنا مش فاضي للعب العيال بتاع جوزك" كان تهديد واضح من كل ذرة بجسده جعل سارة ترجع خطوة الي الوراء من الرعب وحالما رفع رأسه صفق الباب بوجهها ونزلت هي الي الاسفل تجر ذيول خيبه الأمل والذل خلفها .
نزل الي الأسفل حوالي الساعة الرابعة كي يحضر كوب قهوة فالصداع يفتك برأسه فتكا من كثرة غيظه وتفكيره طوال اليوم وكلمات الرسالة اللعينة تطرق برأسه كالمطرقة ، لمح شيء متكور علي نفسه بكنبه الصالة خاصتهم ومن الانين وصوت بقايا البكاء علم أنها هي توجه نحوها بهدوء وشعر بالشفقة عليها فما ذنبها هي في كل هذا؟ كل جريمتها أنها احبت أخوة الأناني وعصر قبضه يده من الغل وأقسم علي أنه سوف يجعل أحمد يدفع ثمن فعلته هذه .
انحني امامها وتمتم بهدوء شديد " سارة " افاقت سريعا وشددت قبضه يدها علي ساقيها ودفنت رأسها بركبتها وبكت من جديد ، أنها مرتعبة منه بالطبع فهو لا يفعل شيء في الآونة الاخيرة سوي الصراخ عليها جلس الي جوارها وتكلم بهدوء شديد " يا سارة أحمد مش هيرجع الوقتي روحي ارتاحي في شقتك وخودي حاجه للبرد شكلك تعبان أكتر من الصبح " نظرت للأسفل ولم ترد عليه تكلم بنفاذ صبر " يا سارة إحنا الفجر روحي إرتاحي شويا وهو لو جه أكيد مش هنخبي عليكي ! " .
تمتمت بخفوت شديد وتردد " أصل . أمم . أصل أنا عمري ما نمت في الشقة لوحدي " وتساقطت دموعها " عمري ما نمت من غيرة " أخذ يستغفر الله ويهدئ نفسه قدر الإمكان لم يعد يحتمل ضعفها هذا أبدا ، حاول أن يطيب خاطرها قليلا " خلاص يا سارة اهدي شويا " هزت رأسها موافقه ولكنه يعلم جيدا أنها تخشي فقط أن يصيح بها مرة أخري " سارة أنا عاوز اقولك حاجه مهمه " .
نظرت له باهتمام شديد وظنت أنه سوف يخبرها شيء ما عن أحمد " أنا . أنا عمري ما شوفتك عبئ عليا أو مسئوولية أنا عملت اللي عملته في المكتب عشان كنت مضايق أني خلاص مبقاش ليا لازمه في حياتك ومعدتيش هتعتمدي عليا تاني أنتِ متعرفيش أنتِبالنسبه ليا إيه كل اللي عاوزة سعادتك وراحتك يا سارة وميهمنيش أي حاجه تانيه " نفض رأسه من تلك الوساوس لا يمكنه أن يخبرها بهذا الامر مطلقا عليه بدفنه داخله الي الأبد ونظر الي عينيها التي تتطلع له منتظرة كلامه بفارغ الصبر وتمتم بوهن " سارة أنا . أنا اسف سامحيني " هزت رأسها ولم تتكلم بشيء ، " أطلعي نامي فوق وارتاحي وانا كمان كام ساعه هقلب عليه الدنيا ومش هرجع إلا بيه " " بجد يا أبيه! " " ايوة أطلعي بقي أحسن ما اغير رأي " أطاعته وصعدت وتوجه هو ناحيه الثلاجة وحضر شطيرة جبن وسكب كوب عصير وصعد الي غرفتها وطرق الباب ، ناولها الشطيرة والكوب وأشار بأصبعه محذرا " انا هعدي عليكي قبل ما أمشي ولو السندوتش ما اتكلش والعصير ده اتشرب مش رايح في حته فاهمه ولا لأ ولو سمعتك بتعيطي حسابي معاكي هيبقي عسير أنا بسمع دبه النملة " ابتسمت سارة وهزت رأسها موافقه " تصبحي علي خير " " وانت من أهلو " .
وفي عبد الرحمن بوعده لها وفي حوالي الساعة الثامنة بدأ رحلة البحث عن أخيه ولم يعد الي المنزل في هذا اليوم وبدأ القلق يستولي علي الجميع .
حل اليوم الثالث وما من خبر عن أحمد وأخبر محمد الجميع ان عبد الرحمن راسله وانه علي وصول ، نزلت سارة الي الحديقة وظلت تزرع بها ذهابا وإيابا وهي تدعوا الله أن يكون بخير , ظلت هكذا الي ان دلفت سيارة عبد الرحمن وركضت سارة نحوها بسرعة , وجدت عبد الرحمن يضع رأسه علي المقود وكأنه نائم ودب الذعر في قلبها بشدة عندما لم تجد أحمد معه فتحت الباب البعيد عن عبد الرحمن " أبيه أحمد فين؟ " , حالما ذكرت أسمه تذكر ما شاهده منذ قليل وجثه أخيه الموجودة بثلاجه المشرحة .
" يا أبية رد عليا من فضلك " .
رفع رأسه ورأت الدموع بعينه وكذبت عيناها وكذبت غصة قلبها اللعين التي تطرق قلبها منذ مده وتمسكت بأخر أمل أن يقول عبد الرحمن شيء ما يهدأ روعها , كان يبكي بشدة لم تره يبكي من قبل , وتمتم بوهن " البقاء لله " رفعت كلتا يديها بوجهه وأخذت تشير بيدها رافضه وتهز رأسها بشدة , راقبتها السيدة نور من شرفتها , ونزلت دموع سارة حاره حارقة تحرق بجلدها , لقد علمت منذ البداية انها لن تظل مع أحمد فلا يمكن أن تحصل علي كل تلك السعادة ولكن أن يذهب هو لم تصدق هذا أبدا , وازدادت هستيرية هزها لرأسها بشدة كبيرة ثم فقدت كل شيء له علاقة بهذا العالم الواهي وسقطت علي العشب لتصدر عن السيدة نور صرخة مدوية جعلت المنزل كله ينتفض حتي أن جدرانه اهتزت لمرارة تلك الصرخة .
" أحمـــــــــــد !!! " .
نهاية الفصل .حينها فقط سوف تعلم المعني الحقيقي لكلمه الظلام والعتمة وسوف تعلم أن ظلام الدنيا لا شيء مقابل ظلام الآخرة , وحدك تماما دون أي مساعده .
وكل الأحباء رغم حبهم لك إلا إنهم بالنهاية سوف يتركوك صدقا فرغم حبهم الشديد فلا أحد يمكنه البقاء معك حتى لو لأول ليلة.
تعلم المعني الحقيقي للحيرة وقتها، هل فعلت في حياتي الماضية ما يكفيني لمواجه هذا العالم الجديد ؟ وتذكر جيدا وضعها حلقة بأذنك قبل فوات الأوان، لا تغتر و تتباهي بأفعالك فالله وحده يعلم ما الذي قبل منها وما الذي لم يقبل منها .
الله وحده يعلم ما هو رصيدك ببنك الحسنات الخاصة بك , البنك الذي يجب أن تضع به أعمالك وتكدسه بها كي يقف الي جوارك في يوم الحشر
ولا تمل يوم لا بل ساعة لا بل لحظه من أن تملئه فلا شيء مضمون ولا شيء أكيد فربما تظن أنت أن رصيدك لا بأس به ولكن بعد الفرز وإخراج العطب والصالح
سوف يتبقى القليل القليل وحتى هذا القليل لن يفيدك بشيء أبدا
وإنما هي رحمه الخالق بك ولا شيء أخر , نذنب ويغفر لنا ويعطنا بدل الفرصة مائه ومع ذلك هل نستيقظ هل نفوق من غفوتنا ؟ للأسف الشديد لا نفكر هكذا إلا بعد فوات الأوان
وأين كان تفكيرنا هذا طوال عمرنا ؟ لا أعلم فأنا ......
"حائر "
أنت تقرأ
مذكرات حائر الجزء الأول "الحلم المستحيل" بقلم هالة الشاعر
Romantizm_ خلعت الدبلة وخاتم الزواج كي تنظف الأطباق , أنهم لا يعنوا أي شيء لها ولكنها تخشي أن تغضبه ولا تريد إعطاءه فرصة كي يؤلمها مرة أخري, لكنها نسيتهم بالمطبخ تلك الليلة وصعدت الي غرفتها, وحينما رآهم وهو يشرب جن جنونه, صعد وطرق الباب بعنف فتحت له الباب وك...