القا.24.تل

1K 76 5
                                    

*هيلين هاكمار"
جسدي متعب جدا لدرجة لا تحتمل، انا نائمة منذ ثلاثة ايام على هذل السرير المزعج في هذه الغرفة البيضاء التعيسة، لم يخبرني احد شيء بخصوص عائلتي. بل الاصح اني لم ارى احدا عدا ذلك الطبيب المسؤول عن حالتي، اراه دائما ينتظر امام سريري عندما استيقظ ولكنه مصر ان لا يخبرني بشيء.
ولكن كفا! حان الوقت لاعرف كل شيء! لست طفلة ليخبئو شيئا مهما كهذا عني! من حقي ان اعرف ما هي حالة عائلتي، حاولت النهوض عن السرير ولكني اشعر بألم بمفاصل جسدي كله، وصلت بصعوبة وضغط على الجرس لتأتي الممرضة، ولكن ذلك الطبيب هو من دخل من الباب، ابتسم بلكف واقترب مني،تابعته بنظراتي حتى وصل الى جانبي ولكنه لم ينطق، بل بدأ بتفقد المصل المغذي الموصول بيدي ومن ثم الآلات التي لا اعرف لما هي موصولة بجسدي.
"اين هي عائلتي؟"
اغمض عيناه وكأنه يتألم من شيء ما ومن ثم فتحها ونظر الي بعطف.
"حسنا، جميعنا نظن بأن الوقت حان لهذه الخطوة"
نظرت اليه بحاجبين معقدان ونظرات تسائل، ماذا يقصد بجميعنا؟ وعن اي خطوة يتكلم؟
جلس على الكرسي الموجود امام السرير
"حسنا هيلين، سأبدأ ولكن عديني ان تكوني هادئة وتحاولي تفهم الوضع"
اول شيء خطر على عقلي هو انه حدث مكروه ما لعائلتي، قلبي ينبض وكأنه يحاول اخباري بشيء مهم ولكن بلغة لا يمكنني فهمها، هززت رأسي بصعوبة محاولة تحضير نفسي للذي سأسمعه.
"اول شئ، نحن لسنا في عام 2014 بل في عام 2020"
اغمضت عيناي محاولة فهم ما يحاول قوله، ولكنه اكمل قبل استيعابي لجملته الاولى
"انت تعرضت لحادث مع عائلتك في عام 2014 و ادى هذا الحادث ل..."
توقف واخذ نفسا عميقا، نظر الى عيناي بعمق واغمض عيناه بتعب
"اسف، هذا الحادث ادى الى خسارتك لعائلتك كاملة"
توقفت الدنيا عن الدوران في هذه اللحظة، وكأن شيئا ما انقض فوق قلبي واوقف نبضه، الدمعة تتوسل الي لاتركها تبلل خداي ولكن شيئا ما في داخلي يمنعها. اكمل الطبيب كلامه
" اسف لهذا، تعرضت لحادث مشابه ادى لدخولك في غيبوبة لمدة سنة ونصف، و بسبب ضربة قوية تعرض لها رأسك اصبت بفقدان جزئي لذاكرتك، عمرك الآن ليس 14 عاما بل 19 عاما"
اغمضت عيناي محاول  استيعاب ما قاله، كل هذا ثقيل على قلبي حقا، لا ادري على ما علي البكاء، على خبر فقداني لعائلتي، ام على خبر اني فقدتهم منذ 5 سنوات وانا لا اتذكر هذا، ام على خبر اني نمت لمدة سنة ونصف دون حراك، هذا يوضح الم المفاصل الذي اشعر به.
اقترب مني وامسك بيدي، افلت يديه بسرعة وابتعدت عنه قليلا، عصت الدمعات اوامي وبدأت تبلل خداي ولكني لا اجد كلمات استطيع وصف الالم الذي اشعر الآن به.
"هيلين انظري الي، ا...انا سوار، س...سوار إليت نحن معا منذ سنتين حسنا؟ لم اترك للحظة ولن اتركك ابدا! يمكننا تجاوز هذا سويا، ه...هيلين انظري إلي!"
نظرت الي بتمعن، حاولت تذكر وجهه ولكن لم استطع، خبأت وجهي خلف يداي الصغيرتين وبدأت البكاء بصوت عال، لا استطيع تحمل هذا! لا يمكنني تحمل كل هذا الالم!
شعرت بيدين تلتف حولي، لم اعطي اي ردة فعل
"هسس،حسنا هيلين،هذا صعب جدا، ولكني معك،الجميع معك! نحن هنا لأجلك،لن نتركك وحدك"
"لا احتاج لأحد" (عطسة)
اشتد بكائي مع كشف كذبتي! نعم انا اكذب، انا بحاجة لاحد ابكي بحضنه
"اريد الخروج"
هز رأسه، سنخرج اليوم"
_____________________________________
نزلت من السيارة بمساعدة سوار، دخلت الى حديقة منزلنا، في هذا المنزل،في كل زاوية يوجد ذكرى لعائلتي، عند هذه الشجرة كنا نلعب انا وسيف دائما! عند هذه الطاولة كانا امي وابي يشربان القهوة يوميا.
بللت الدمعات خداي مرة اخرى دون ارادتي، توقفنا امام باب المنزل لثوان قبل ان يفتح الباب وتظهر منه كارين.
رميت نفسي بين يديها بسرعة وبدأت البكاء بصوت عال، وهي كذلك، ظهر من خلفها بعض الاشخاص، لم اعرف منهم سوا عمر جان عمي وخالتي، الثلاثة الاخرون غريبون تماما عني.
عانقت خالتي وعمي بين دموعي وشهقاتي. جلسنا جميعنا بصمت بعد مدة في غرفة الجلوس، نظرت الى الارجاء بألم، امي كانت تحب مشاهدة الافلام على هذا التلفاز، وابي كان يجلس هنا ليقرأ الجريدة.
"كيف تشعرين؟"
كسر الصمت ذلط الشاب الذي يجلس امام كارين
" كفتاة تعرضت لحادث وفقدت ذاكرتها، ونامت طوال عام ونصف ونهضت لتسمع خبر موت عائلتها من جديد"
اخفض رأسه بألم
"اسف... انا لم اقصد..."
قاطعته
"ما اسمك؟"
"ا..اويغار"
اخذت نفسا عميقا
"هل كنت اعرفك؟"
هز رأسه مع ابتسامة باهتة "نعم"
نظرت الى سوار
"هل سأستعيد ذاكرتي؟"
اريد استعادتها حقا، اريد تذكر كل هؤولاء الاشخاص امامي، اريد تذكر كل شيء حدث طوال هذه السنوات الخمس، هز رأسه
"نعم، نحن جميعنا هنا لنساعدك على هذا"
"كيف، ومتى؟"
اخذ نفسا طويلا ونظر الى الجميع، الحميع ينظر اليه وكأنهم يريدون جواب يطفئ حريق قلوبهم، اعاد انظاره الي مجددا
"يتغير الوقت من شخص لآخر، سنحاول تذكريك بأشياء حصلت طوال هذه السنوات، هذا سيساعدك على التذكر بوقت اقصر"
هززت رأسي
نظرت الى الطفلة الموجودة بيد عمر وابتسمت
"من هذه؟"
"ابنتي" ابتسم وهو ينطق هذه الكلمة وكأنها اقدس كلمة موجودة على وجه الارض
"تزوجت!"
امسك بيد الفتاة التي تجلس امامه ونظر اليها بحب
"نعم"
شعرت بشوء لاني لا اتذكر زواج اعز اصدقائي، اخذت نفسا عميقا
"هل كنت موجودة؟"
هز رأسه نافيا بحزن، هززت رأسي بتفهم، نظرت الى سوار
"قلت اننا معا منذ عامين، نحن... كيف تعرفنا؟"
ابتسم وكأنه يتذكر شيئا يسعده
"سأخبرك بكل شيء في الوقت المناسب، يجب ان لا تتعبي نفسك كي لا نتطر للعودة الى المستشفى"
هززت رأسي
تدخلت خالتي "ما رأيك بالبقاء عندي؟"
هزظت رأسي معارضة
"بقائها هنا سيساعدها على تذكر بعض الاشياء، يعني من الممكن ان يساعدها"
وافق سوار كلام هذا الشاب
"نعم، هذا افضل، فليذهب الجميع سأبقى معها هنا"
نظرت الى الشاب الذي تكلم قبل قليل
"وانت من؟"
اقترب مني بأبتسامة تخفي الم خلفها
"باريش"
امسكت بيده الذي مدها امامي وتصافحنا
نهض الجميع واتجهو نحو الباب بصمت، توقف عمي واستدار الى سوار
"اعتنيت بها طوال هذه المدة، ثقتي بك كاملة، لا تخذلني"
ما هو نوع العلاقة التي كانت موجودة بيننا؟ جلسنا كلانا بصمت بعد ذهاب الجميع، نظرت الي بتمعن، عيناه السوداء، شعره الذي يبدي عليه ملامح التعب، خطوط وجهه الحادة، وذلك الوشم الغريب على رقبته.ولكن اللعنة لم استطع تذكر شيء! ولا اي شيء! نزلت دموعي بصمت مجددا، قلبي يؤلمني حقا! من جانب لا استطيع تقبل موت عائلتي ومن جانب اخر لا استطيع تذكر شيء.
امسك سوار بيدي وادخلني الى غرفة نومي. جلس هلى الكرسي الموجود بالغرفة بينما انا استلقي على السرير، فكرة وجودي مع شاب لوحدنا في منزلي تخيفني ولكن عمي قال انه يثق به اي انه يعرفه جيدا، لا اعرف لماذا ولكن شيء ما بداخلي يخبرني ان هذا الشاب لن يؤذيني
"من الافضل ان ترتاحي، لا يحب ان تتعبي نفسك بالتذكر"
اغمضت عيناي بدون الرد عليه و غططت بأسئلتي التي لا يمكنني الاجابة على اي واحد منها.
"تصبحين على خير ايتها الكاذبة الصغيرة"
"تصبح على خير ايها ال..."
لم اكمل جملتي لاني لم اجد الكلمة المناسبة لاتمامها
"قاتل"
فتحت عيناي قليلا ونظرت اليه باستغراب
"هذا ما كنت تقولينه لي في كل ليلة"
اغمضت عيناي مجددا وغططت في نوم عميق.
_____________________________________

القاتل (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن