الفصل السادس

11.3K 312 5
                                    

كانَت تجلس على منضدة في إحدى الكافيهات وهي قد تحرَّرت من الأسود أخيرًا بعد وفاة والدها ؛ تنظُر مِن النَّافذة وتتطلَّع إلى الطَّريق بأعيُن شاردة ، هي الآن قَد امتلأت بالغضَب تمامًا من أسرة عمِّها ولكِنَّها لم تستطع أنْ تغضب يومًا مِنه ، مَنْ أحبته مُنذ أن كانَت طِفلة ؛ ولمَ لا فهي قد قضت مُعظم طفولتها معه ...

ليُقاطع شرودها صوت الكُرسي قبالتها وهو يُسحب ليجلس عليه أحدهم لتلتفت برأسها للأمام ...

رهف مُضيقة حاجبيها بتعجب : إياد !

إياد بإبتسامة واسعة زادته وسامة : عامله أيه ؟

رهف بتعجب : كويسه الحمد لله ، أنت بتعمل أيه هنا ؟

إياد : في الفترات بين الشغل باجي هنا أشرب أي حاجه

رهف : مش في كافيه في الشركة ؟

إياد مُتقزِّزًا : هو ده منظر كافيه أصلا ؟! أنا مش عارف حُسام بيشرب قهوه من الشركه أزاي

رهف : آه فهمت

إياد : أنتي بقى اللي بتعملي أيه هنا ؟ ده أنتي عُمرك ما خرجتي كده أبدًا

رهف رافعةً إحدى حاجبيها : لا والله بخرج بس أنت بقى اللي مكنتش موجود عشان تعرف

إياد بمرح : يعني كنت أقعد معاكم في إسكندريه مثلاً عشان أعرف

رهف : دمك خفيف أوي يا إياد

إياد بغمزة : يخربيت إياد وهي طالعه من بؤك

رهف وهي تُمسك فنجان القهوه أمامها : اتلم !

إياد : ليه العُنف ده طيب ! ده حتى أنا كنت ناوي أخدك ونتفسح شويه

رهف رافعة إحدى حاجبيها : وده من أيه بقى إن شاء الله ؟ مفكرني واحده من اللي أنت مصاحبهم ؟!

إياد وقد تغيرت نبرة صوته إلى الحُزن : على فكره يا رهف أنا عمري ما كلمت بنت وقابلتها وده غير إن بقالي أكتر من تسع شهور مكلمتش ولا بنت ومكنتش متخيل إنك تفكري إني ممكن أتعامل معاك كده

ثُم وقف وهمَّ بالرحيل ليُردف ...

إياد : سلام

رهف وهي تُحاول أن تلحقه : إياد ! إياد استنى !

إياد وهو يلتفت : نعم

رهف بإبتسامة : متزعلش مني

إياد بإبتسامة كبيرة : وأنا معرفش أزعل منك أصلا

رهف بإبتسامة أكبر : مش هتفسحني ؟!

................

كانت تقف في غُرفة تبديل الملابس تُهندم نفسها بعد أنْ ارتدت بدلتها الزرقاء وارتدت عليه المعطف الأبيض وأخيرًا وضعت سماعتها الطبية حول رقبتها وتنهَّدت بقوة ثُم خرجت تبحَث عن قسم الجراحة الذي مِن المُفترض أنَّها ستتعين به ...

الحب الأبديحيث تعيش القصص. اكتشف الآن