الفصل الأول

11.8K 190 9
                                    

الفصل الأول
" إذا كنت قاتلاً، لا تُحب!"
إذا كنت قاتلاً لا تقع في حب امرأة عنيدة قوية كالمدينة الشامخة.. بهية المحيا تشبه أول الليل وبداية الغسق أُلقي في عينها قطرة من الشمس،
وإذا كُنت سيداً فلا تُفتن بسلطان هوى ولا غرامٍ قاتل
لا تقع في حب امرأة إذا كشفت وشاحها عن وجهها أشرق قلبك وبات ليلك صباحاً 
فلن يكون لك حل إلا هي.. وشَربَة من قدح حبها..!
....
على حدود المدينة 
انتهت المحكمة، المتهم برئ؟!
انفضت القاعة وعلت الأصوات والمباركات على دماء أخيها!
السكين كان بيده والمتهم برئ..؟
الدماء على قميصه والمتهم برئ..؟
الشاهد موجود..
أخيها قُتل
والمتهم برئ؟!!
بقيت في القاعة لا تحملها قدميها للنهوض وسمعت أبيها :
( لقد أصدرت المحكمة قرارها، إنه برئ يا غسق )
هتفت بجمود عينها وزاغ قلبها يرتجف بداخلها:
(لقد رأيته.. قتله من ظهره.. !! )
أغمض أبيها عينه هاتفاً لعنادها:
( كان صديقه الوحيد كيف يقتله ؟ )
نهضت بردائها الأسود والنيران تأكل روحها :
" لذلك كان عليه أن يُعدم مرة بعد مرة ، هل فدية تعوض دماء محمد يا أبي؟ "
اقترب أبيها يمسك كتفيها :
" إنه – شهاب الدين سلطان – سيد جزيرة السلاطين والابن الأكبر لعائلة فيان يا غسق لن تشن الشرطة ضدهم أي عداوة إن نفوذهم يهابها الكثير "
هتفت بثورة :
"أبي هل تشكّ بما أقول هو قتل أخي؟"
أدار أبيها رأسه وظهره :
" لا أصدق إلا بما حكمت به المحكمة.. هو برئ وأنتِ خُيل لكِ "
ثارت غسق وارتفعت أنفاسها :
" لن تأخذ قرشاً من أموال الفدية يا أبي،  دماء أخي لن تعوضها أموال الجزيرة كلها، أما الثأر.."
نظرت أمامها وغارت عينها بدموع الانتقام :
" الثأر للأشراف والقصاص حُلَّ"
أمسكها أبيها من ذراعيها :
" أنتِ تحفرين قبرك وإذا وقعتِ لن ينجدك منهم أحد حتى أنا يا غسق، ضعي لسانك في فمك ولا تنطقين بحرف زائد وإلا لطمتك.. لقد أخذتِ البطاقة الحمراء من كبيرهم بعد ما أشعلت النيران منذ قليل هنا باحتجاجك وخطئك بكبير الجزيرة، سنغادر أنا وأنتِ ونختبأ حتى أستطيع أخرجك من البلد كلها.. هذا ما أستطيع مساعدتك به .. "

نفضت ذراعها من قبضة أبيها ونظرت له برفض تام لكل ما تفوه به،
أيهرب المجني عليه وتحلو الحياة للجاني؟
دماء أخيها ليست رخيصة، وهي ليست ضعيفة لتهرب وتترك مدينتها بكل تلك النيران المشتعلة بداخلها،
يد محمد التي أمسكتها ونظرة الوداع وعينيه التي لفظت الحياة منها ستبقى بعقلها وروحها ناراً مشتعلة حتى تقتص..!
" أسبقني للسيارة يا أبي هناك شيء لابد أن أنهيه"
أعترض وكاد يتفوه بما يضايقها فهتفت :
"أبي.. لن أفعل شيء أسبقني فقط"
غادر أبيها على مضض محذراً إياها..
بينما هي ولتّ وجهها متجهة له.. لم يحضر هو لقاعة المحكمة التي جعلها سرية ميزة أخرى له كونه حفيد السلاطين ..!
وهذا لقائها الأول به كعدو كقاتل أخيها وكمجرم،
ولم يكن ليسمح لها أحد لمقابلة الجاني، لكنه يسمح هي تعرف ما يفكر به وتعرف نفوذه وتعرف أنه ينتظرها !.

دخلت وليتها حملت السكين فعدة طعنات لن تطفئ نيرانها ولو مزقت جسده لن يشفي غليل نظرة واحدة من أخيها وهو غارق بدمائه..
وهو ينتظرها، ينتظرها منذ لقائهما الأخير الذي كان مثير للكوميديا في ساحة الجريمة أخيها يلفظ أنفاسه بطعنات في الظهر وهو القاتل.. مثير للكوميديا أن تشهد هي جريمته..
ثم كان صوتها القويّ يصدع في المكان :
"ألا ينبغي عليك الخوف من اللقاء بي؟"
نهض يقف أمامها يسألها :
"منكِ؟"
نظرت له بكره وغل وهتفت :
"ربما أحمل سكين وأقتلك به من الخلف على غرة مثلك"
ارتفع جانب فمه باستهزاء :
" لكنك لست بهذا الغباء"
اقتربت على شفا حفرة من الانفجار :
"كان صديقك.. لم يصادق أخي أي أحد في حياته سواك أنت كنت تعرف ؟"
"لسوء حظه..!"
أغلقت قبضتها وأي قوة تمنعها الآن من قتله.. من الفتك به!
هدوئها لم ينبع من سلام لكن من نيران تتقاذف لهبها بداخلها، هدوئها كان الهدوء الذي يسبق العاصفة..
كانت القضبان حائل بينهما، حائل لثورتها الخامدة وبروده الثائر، سألته باحتقار:
" وجهك يخبرني أن أخي ليس ضحيتك الأولى.."
" بالضبط.. "
كان يستفزها بكل ما أتى من قوة وذهب هدوئها أدراج الرياح وحلت لعنة بروده عليها، وهمست مرتعشة:
" لماذا قتلته.. ؟"
"هو كان لديه الإجابة اسأليه"
صرخت وهي تكاد تحطم وجهه :
"هل تستفزني تريد أن أحطم تلك القضبان وأسفك دمائك أيها اللعين لعنة الله عليك وعلى عائلتك الملعونة"
أمسك بالقضبان محذراً معقباً على ثورتها وحربها ضد جده :
" قصاصك.. ثأرك..  حربك معي أنا.. إياكِ أن تعلنين حرباً على العائلة هل تسمعين؟ "
تهدجت أنفاسها بفحيح :
"من أنت.. من أنت لتهددني؟؟... أقسم أن أقتص لدماء أخي ولصدقه لعهد الصداقة الذي خنته.. لموته بتلك الحسرة ولا أخاف من جزيرة أو مجموعة قتلة مثلك يحكمونها "
أخبرها بعين حمراء مكرراً :
"أخبرتك ثأرك معي أنا فقط لا تتجاوزين حدودك "
ابتسمت بجمود ممنهج :
"القاتل دوماً يولي وجهه نحو جريمته، لن تهرب وما بيني وبينك عدة شهور قليلة وقصاص بالعدل.. وجزيرة "
أدارت ظهرها معلنة انتهاء اللقاء كما أعلنت حربها ضده وغادرت تحت أنظاره المتوعدة الثائرة وقد أخرجته من عباءة البرود التي تعمد تلبسها وتركته على صفيح مشتعل ،

لطالما كانت -غسق الغناتي – قوية كمدينة محصنة لا يستطيع عدو أن يخترق حصارها.. لطالما تخرجه من طوره وتكشفه.
وهو يعلم أن غسق بتلك القوة للثأر،
لن يهدمها قتل أخيها ولا فقده لن يهدمها أي شيء هذا ما أصبح يتأكد منه..!
*****
على الشق الآخر من العالم في إحدى مدن السويد

نظرت من نافذة القطار السريع لا تملك سوى هاتفها وحقيبة ملابسها، ابتسمت ابتسامتها التي لا تفارق ثغرها وهي تجذب المعطف تلتمس دفئاً..
تركت أمها خلفها وتذهب له في موعد جديد لتداوي جروح الزمن بعد أن عثرت عليه أخيراً، فتحت صفحة جديدة وسطرت بها..
" إذا تحملت قليلاً فسوف يمر، ستؤلمك رؤيتي كثيراً لكنك ستشفى بها أعلم أن لقائنا الأول كان إعصاراً انتهى بالموت لكن علينا أن نلتقي مجدداً لأن القدر يلاحق كلانا وهذا يجعلنا نتألم كل دقيقة، لابد أن ننهي مهزلة الموت!  إنني لم أتِ إليك بكامل قواي إنما جرني القدر إليك جراً.. لننهي حكاية شبح الموت أو ..
نبدأ حكاية جديدة .. "
سورينا الغناتي

حقيبة ضخمة سوداء ومذكرة حمراء ورداء عربي غريب ببلد أجنبي، عينان كمطر الخريف الدافئ بهما الوداع يسكن، وجه نحيف عوينات مستديرة وابتسامة حزينة قوية ..
جلست ببطء على المقعد المجاور له تغمض عينيها لبرهة لا تستطيع وصف شعورها وهي أمام جريمتها الكاملة، نظرت لهذا الجسد الساكن لولا أنفاسه التي تتردد بصدره لاعتقدت أنه ميت!
ثم تنحدر نظراتها ليده الساكنة أمامها وهناك ندبتين عميقتين في معصمه جعلت قلبها يدق بقوة من الخوف!
نعم الخوف.. يبدو أن جريمتها لم تكن واحدة فقط كما ظنت سابقاً !
صعدت بنظراتها لوجهه الشاحب ثانية، تنفسها بات ثقيلاً وهي ترى رموشه الساكنة تهتز وكأنه على وشك أن..
على وشك أن يستيقظ !!
نهضت واقفة مفزوعة تراقبه ثم نظر لها فجأة..
هزتها تلك النظرة من أعماقها، أخبرتها بالكثير المخفي، أخبرتها أن إثمها لم ينتهِ بعد.. وصوته المبحوح يسأل برفض:
"أنا لا زلتُ على قيد الحياة ؟"
من قال أنه فقط لأنك تتنفس فأنت على قيد الحياة ؟
كانت فقط تنظر له تسجل كل ما يفعله بداخلها وكأنها تحسب إلى أي مدى كانت جريمتها، ولم تجب بينما هو حاول أن ينهض جالساً:
" من أنتِ؟"
"نادي ثائر"
وكانت على نفس الحالة الصامتة فسأل مستفسراً:
"لا تفهمين لغتي؟"
أجابت بالعربية:
" أفهمك "
أسند ظهره للخلف يسألها بلطف:
"أنتِ عربية إذن؟ "
صححت له بلطف: "نصف عربية"
فابتسم لها مرحباً تلك الابتسامة اللطيفة جعلتها تشعر بالقلق أكثر:
"هل تعانين من مشكلة ؟ "
هزت رأسها بالنفي ثم باغتته بالسؤال :
" هل أنتَ بخير ؟"
أثارت حيرته وتركيزه أكثر وأعتدل ينظر لغطاء رأسها وملابسها متجاهلاً سؤالها الغريب عن حاله:
"أنتِ مسلمة؟ "
"نعم "
أخبرها بلطف وقد نالت احترامه ربما لأنها المرة الأولى التي يقابل بها مسلمة وعربية بهذا المظهر المتكامل في هذا البلد لذا رحب بها:
"مرحباً بكِ "
ابتسمت له بحفاوة تهز رأسها ترحيباً فطلب منها ثانية معتقداً أنها تعمل بالمشفى:
"هل يمكنك أن تنادي ثائر الذي كان معي بالتأكيد هو ينتظر بالخارج "
عادت للخلف خطوة ـ خطوة واحدة ـ وقبضة ما تقبض على قلبها بقوة لأنها تعلم بالضبط ماذا سيحدث الآن، وأن هذا الرجل اللطيف سيتحول في تلك اللحظة إلى شيطان إذا علم عن هويتها الحقيقية..
ولم تكد اللحظة تمر وثائر يدخل..
وقفت بقوتها وإصرار ظاهر في نظراتها حين تطلع لها هذا الطبيب النفسي ابن عمه والمدعو " ثائر" للمرة الأخيرة لعلها تتراجع عما اتفقت عليه معه..
علمت أن اللحظة الحاسمة حانت وأن هذا هو الوقت هو الراهن يا (سورينا)!
" هل أنت بخير؟؟"
سأله ثائر ليجب قائد بنعم..
نظر قائد لسورينا بتساؤل عن وقوفها لهذه اللحظة فهتف ثائر بقلق:
" لم تتعرفا بعد؟؟ "
هذا الشهيق الذي أخذته للتو حبسته داخل صدرها حين هتف ثائر باسمها..
" إنها تكون سورينا الغناتي"
لماذا أصبحت العتمة تغطي الغرفة بل من أين يأتي هذا الصقيع المخيف؟
سورينا .. سورينا.. سورينا ؟!
سمع الاسم مراراً لكن لم يتجرأ برؤية صاحبته! كيف يفعل وهو ينكر من الأساس وجودها، لكن هي أمامه الآن، نظر بعينيها فكانت بهما نفس النظرة التي رآها سابقًا في هذا اليوم، كانت النظرة الأولى والأخيرة..النظرة المرعبة
نظرة الموت !
وبتلك اللحظة وكأن عينيها أخذته لهذا اليوم الملعون وتفاصيل الحادث البطيئة تتكرر بعقله، السيارة السوداء، السرعة كقدر مهرول نحوه.. وفيوليت خطيبته السابقة التي تجري نحوه تمر من الطريق.. وصوت ارتطام مرعب وجسد يطيح في الهواء ثم يهبط فوق الطريق.. دماء كثيرة تنزفها فيوليت التي بين يديه،
ثم نظرة مفجوعة من هذه الوقفة التي خرجت من السيارة السوداء تبادلاها كلاهما، هذا كان لقائهما الأول والأخير..
عادت له تفاصيل الحادث الذي طالما تهرب ذاكرته منه، المرتين الذي تذكر بهما تلك التفاصيل كانت النتيجة هي:
محاولتين انتحار!
والآن يشعر بأن دمه يُسحب من شرايينه ببطء، بطء مؤلم جداً. نهض من الفراش لكنه ترنح كاد يسقط على الأرض حين لم تتحمله قدماه.
"قائد؟؟؟؟"
صرخ ثائر يسنده واهتزت تلك البعيدة لكن لا مفر هذا هو قدرها لن تهرب منه هذا هو دينها الثقيل وجاءت لتنهي الحكاية!
هتف ثائر وهو ينظر لسورينا التي يبدو أنها لا تنوي على التراجع:
" لقد أخبرتك لا حالته النفسية لا تسمح"
أوقفه ثائر فكانت عيناه كفيلة لتعرف سورينا بالضبط ما يشعر به هذا الرجل أمامها..
قهر وغضب، هذا هو قهر الرجال..
وبينما يرتجف تراه من عندها دون أن تجرؤ على التقدم صرخ بها:
" كيف تجرئين؟؟؟"
تقدمت سورينا منه وهتف ثائر :
"تلك المرة الثانية لك التي تحاول بها الانتحار لولا أنقذتك في للوهلة الأخيرة؟ هي أتت لك لتكفر عن ذنبها وتساعدك"
تماسك قائد يدفع ثائر عنه بعنف.. وجهه أحمر بشدة حتى باتت عروقه ظاهرة للعيان.. وعيناه متسعة مفجوعة،
والآن يتقدم نحو سورينا يسألها بحسيس أنفاس غير مصدق :
" بأي جبروت أتيتِ به لعندي؟؟ "
صرخ وصرخته شقت الجدران :
" كيف يجرؤ القاتل أن يأتي بقدميه لي أنا"
هتفت سورينا له :
-هذه فرصتك الأخيرة سوف أساعدك –
ابتسم قائد بجنون ثم الابتسامة تحولت لضحكة يعلو صوتها انتهى ينظر لسورينا بعين متسعة:
" بأي طريقة تريدين اللحاق بها؟؟؟؟؟ لن يكفيني دهسك بالسيارة مثلما فعلتِ لن يكفيني قتلك أبداً"
أغمضت سورينا عينيها بقوة وأفصحت عن قنبلتها الغادرة التي رتبت لها جيداً :
(تزوجني هذا سيكون كافي لعقابي.. ربما سيكون أكبر عقاب يمكنك به أن تأذيني بحرية هو أن تتزوج من تلك القاتلة.....)
اتسعت عين ثائر لم يصدق ما نطقت به سورينا بل لم يحسب حساب لهذا أبداً..
تقدم مذهولاً بما سمع وبدت له أن تلك الفتاة ليست أبداً كما أعتقد يبدو أنها درست كل خطواتها وليست لحظة تهور منها كما أعتقد!
صدرت فجأة ضحكات قائد ترتفع حتى دمعت عينه مخيفاً الجميع استدار ينظر لثائر سائلاً :
- هل سمعت ما قالته؟؟؟؟ -
ودون أن يتيح لأي أحد فرصة كان يرفع يده وينزل بها على وجهها بكل قوته.... الصفعة المدوية تسري على خدها حتى شعرت للوهلة أنها فقدت حاسة السمع وهذا الصفير يعلو بأذنها ترنحت على أثر الصفعة وقبل أن تسقط كان يمسك ذراعها كمجنون وسحبها إليه :
" لنحفر قبرك لماذا الزواج ويمكنني قتلك الآن؟؟! "
صرختين وشهقة فجأة حين هجم عليها أمسك بعنقها.. وخنقها بيدين قويتين!
صرختين صدرنا من سورينا وممرضة دخلت في التو وصرخ ثائر:
"سيقتلها!!! "
هتف ثائر يهرول يمسك قائد المجنون يبعد يده عنها..
"قائد.. قائد أهدأ أتوسل إليك.."
تشعر بالاختناق روحها تسحب منها لكن هذا ليس شيء أمام ما شعرت به في حياتها ليس مؤلماً كالألم التي شعرت به تلك الليلة التي قتلت بها خطيبته والليالي التي تسبقها !
ويده بدأت ترتخي وسقط قائد مغشياً عليه صرخ ثائر بها :
" أخبرتك حالته سيئة ولن يتحمل انظري المصيبة التي وقعنا بها "
بينما هي وقفت مكانها جامدة قرارها سليم إنقاذ هذا الرجل أملها الوحيد للتكفير عن ذنبها..!
،،،،
بخارج الغرفة جلس ثائر بجانب سورينا هاتفاً ينظر لأثار الأصابع الحمراء على وجهها:
" أنتِ بخير؟؟"
أخذت نفساً عميقاً وأومأت برأسها بنعم..
أخبرها ثائر بقلق :
"لا أعلم كيف وافقت على مثل هذا الشيء المجنون إنه بالكاد يتعافى من محاولة الانتحار الأخيرة أقوم أنا أحضرك له بنفسي؟ "
" أنت طبيب نفسي أليس كذلك؟؟"
أومأ ثائر بنعم فهتفت سورينا :
" وجودي أمامه ومواجهته بالحقيقة هل يساعده أم لا؟"
أعترف ثائر بتأنيب ضمير :
"أشعر أنني مقيد أمام قائد، قبل أن يكون ابن عمي فهو أخي تربينا سوياً وبمفردنا لذلك لا أرفض له طلباً حتى وأنا أعلم انه يضره ويضرني، ربما أنتِ الوحيدة التي يمكنك مساعدته عني. "
رفعت رأسها تخبر ثائر بصدق :
"صدقني ليس هو فقط من تدمرت حياته، هذه محطتي الأخيرة أنا أيضاً لأجل أن أعيش عليّ أن أنقذه أريد ذلك، إذ وجودي أمامه يقنع عقله أن فيوليت ماتت لأنني القاتلة سأبقى أمامه، لكن لا أستطيع أن أكون بجواره وحوله دون زواج كما تعلم أنا مسلمة "
أحاط ثائر رأسه يتذكر رد فعل قائد العنيف ما باله بالمرأة التي سبب بكل ما يمر به..
" اعلمي أن هذا سيمثل خطورة على حياتك إنه ليس بحالته العقلية السليمة يعاني من اكتئاب مزمن نتج عنه أكثر من محاولة انتحار واضطراب ما بعد الصدمة لم يخرج منها بعد وحالات هلوسة متفرقة"
صمت قليلاً وأخبرها :
"هو ليس بخير أبداً"
" أنا أعرف كل شيء عنه"
نظر لها ثائر بتساؤل..
"من أخبرك ؟؟ "
جاوبته تتذكر الفتاة غريبة الأطوار :
" تلك الفتاة صاحبة القبعة عرفت نفسها على أنها أخت فيوليت المقربة هي من أدلتني على العنوان وعلى عنوان والدة فيوليت أنا بحثت عنكم كثيراً وفشلت في الوصول لكم من بعد خروجي من السجن ومنذ الحادث.. وهي قابلتني حديثاً وأخبرتني كل شيء عنه "
خلعت سورينا العوينات تسند رأسها للخلف وهتفت بأمل :
" أنا سوف أساعده رغم خطورة ذلك "
***********
"هزيم"
شعر قصير للأذن وحلة رياضية ووجه متلاعب شرير في ملعب المدرسة الثانوية كانت بمفردها تجمع الكرات بعصبية بداخل السلة ومئات الخطط الشريرة تتداول بخاطرها ..
هذا عقاب تلك المديرة الحقيرة لها وكل هذا بسبب هؤلاء الحمقاوات المستفزات، كان عليها أن تجرهن من شعرهم وتمسح بهن المدرسة ليس فقط سبهم ..
جلست على الأرض بعد أن انتهت تنظر أمامها بقسوة وفكت رباط شعرها القصير بسوء، ثم مسكت شعرها بعصبية..
سمعت صوت خطوات خائفة تقترب منها فصرخت وهي تعلم هويتها جيداً..
"اغربي عن وجهي"
لكن الخطوات الخائفة اقتربت أكثر بخوف أكبر وبصوت متردد
"هزيم.."
نظرت لها هزيم بشر..
لم يكن اسمها على فراغ سوى أنها منذ الصغر لم تكن فتاة هادئة ولم تكن الظروف تسمح أن تكون فتاة مطيعة، فكانت كصوت الرعد أينما ذهبت تجلب الصرخات من مصائبها،
هتفت جيري ذات البشرة السوداء الأفريقية والشعر المجعد بخوف :
" لقد تنمرن عليكِ بسببي، آسفة يا هزيم لا تدافعين عني ثانية حقاً أنا لا أهتم بهن وبسخافتهن"
نهضت هزيم من مكانها صارخة بها:
" لماذا تتركين حقك مهدور؟؟؟ أنا أكره هذا إذا رأيت أي منهن يضايقكِ ثانية سوف أنتف شعورهن ليس لأننا لا نشبههن يعطيهم الحق بالتنمر علينا.. "
حاولت جيري صد تهورها الذي يوقعها دوماً في المصائب..
" أنا لا أهتم يا هزيم أنتِ تعاقبين كل يوم بسببي وبسبب هؤلاء لا تدعيهم يفسدون عامك الأخير أنها فرصتك الوحيدة للتخرج من الثانوية "
وقفت هزيم تجمع أشيائها :
" لا يشغلني سواء تخرجت أم رسبت للعام الثالث على التوالي أو حتى فصلت، وأنت يا جيري منذ أن كان حظك الجلوس بجانبي في المقعد أي أنك بحمايتي.. "
غادرت هزيم وابتسمت جيري منذ جاءت لهذا البلد مع والديها كلاجئين لم تألف الحياة هنا، ولا التعليقات السخيفة من سكان المدينة ولا التنمر اليومي بسبب بشرتها السوداء لكنها تصمت وتتحمل لأجل أسرتها،
فقد كانت هزيم تشبه ظروفها إلى حد ما عربية مسلمة مختلفة ثلاث كلمات كفيلة أن تلقبك بالمنبوذ وخصوصاً في مكان مراهقين كهذا كمدرسة ثانوية، لذلك اختارت الجلوس بجانبها ولم تحسب أن تحمل هزيم كل هذه القوة في الدفاع عن نفسها وعنها.!
لمحتها تخرج وقد بدلت ثيابها الرياضية بزي المدرسة الثانوية المعتاد وعادت وربطت شعرها ..
فقط منذ عامين كان هذا الشعر مخفي أسفل غطاء للشعر يبدو أن الكثير مر على هزيم لتتخلى عن حجابها ..
أخذت هزيم نفس عميق تخرج من المدرسة بمفردها
" أنتِ أيتها العربية.."
وابتسمت هزيم بشر وهي تضع حقيبتها على الأرض وتستدير لهؤلاء الفتيات :
"تعالوا لأنني سأرسل جثثكن لأمهاتكن اليوم"
وابتدأ القتال خارج حدود المدرسة إذن لن يستطيع أحد أن يتدخل..؟
،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،
فتحت هزيم الباب تدخل بملابس رثة ووجه مزين باللكمات الزرقاء وشعر ثائر..
قابلتها عمتها صارخة :
"يا للمصيبة من فعل هكذا بك؟؟"
أكملت سيرها فجذبتها عمتها من شعرها..
" ألا أكلمك يا عديمة الشرف كل يوم تأتين خلفك بمصيبة بحجم رأسك الصلب هذا، لقد طفحت الكيل والمر بسببك "
أغمضت هزيم عينها ولم يكن لديها من القوة للدفاع عن نفسها فتحملت صامتة..
" إلى متى ستظلين على هذا الحال الأسود متى سأتخلص من وجهك وأرتاح؟؟ "
هتفت هزيم ببرود وهي تجذب شعرها القصير من قبضة الأخرى ومعالم الألم على وجهها :
" حين تحصلين على أموالي "
صرخت عمتها بوجهها :
"هل رأيت من وجهك شيء أي أموال تلك، أربع أعوام تأكلين وتشربين ولا تجلبين لي سوى المصائب والكوارث وندور خلفك في أقسام الشرطة.. لتذهبي أنتِ وأموالك في مصيبة بعيداً عن بيتي "
جرت هزيم قدمها كما جرت حقيبتها وصعدت لغرفتها الصغيرة العلوية ..
أخذت دميتها الضخمة "مومو " كما تطلق عليه في أحضانها ونامت على الأرض تغمض عينها تنظر للسقف وكأنها تكلم السماء..
" اجعلني أرى حلم جميل.. أريد أن أرى بابا وماما يا رب.. الآن أتوسل إليك "
وذهبت مع هوة النوم لحلم لم يكن به سواها و...
هو.. ؟!
لا أمها ولا ابيها..؟
لماذا أحلم به هو لا أرغب بتذكره وهو السبب في كل هذا.. هو السبب منذ سلمني لعمتي بحجة أنني بأمان هنا ؟
استيقظت تزّم فمها بغضب من هذا الذي احتل حلمها عنوة..؟
الحلم أشعل فتيل الذكرى الأخيرة له حين ولى بظهره بعد أن صدر القرار أن تبقى تحت عهدة عمتها حتى سن الواحد والعشرين.. السن الذي به تستطيع أن تحصل على ميراثها كاملاً، لم يستدير لها حتى..
اغتسلت وبدلت ثيابها أخذت نفس عميق تستعد لحرب أخرى يومية مع عمتها والباقين..
نزلت وقررت أن لا ترد على أي حديث موجه لها.. لولا زئير معدتها الجائعة لم تكن لتخرج من غرفتها حتى الصباح..
دخلت المطبخ وهي تسمع أصوات ضحكات تأتي من غرفة المعيشة لذلك حاولت أن لا تخرج أي صوت حتى لا يشعرون بها، وبينما تملأ طبقها بالطعام سمعت صوت تكرهه من أعماقها يأتي من الخلف فقد كان زوج عمتها أجنبي الجنسية :
"ماذا تفعلين أيتها السارقة الصغيرة"
اقترب منها فابتعدت وهتفت بقوة مزيفة :
" أتناول طعامي "
بات قريباً ولامس شعرها:
" جريئة "
أبعدت يده بعنف صارخة :
" لا تلمسني"
مسكها من ذراعيها يعنفها :
" لا ترفعي صوتك هذا وإلا كسرت عظامك"
ضغطت على أسنانها تحاول ألا ترمي هذا الطبق الذي بيدها في وجهه لكن يده تجرأت على جسدها فخافت رغم عنها ودفعته صارخة :
" أقسم أن أقطع يدك هذه إن لم تبعدها عني"
أتت عمتها مهرولة وخلفها دانة ابنتها ذات التسع سنوات :
"ماذا يحدث؟!!
"عديمة الشرف تعتقد أنني اتحرش بها وهذا لأنني عاملتها بلطف لديك الحق يا فريان هذه الفتاة الشيطان بنفسه "
صرخت هزيم :
" لا تكذب إنك تلمسني بطريقة كريهة لم أعد صغيرة حتى لا أفرق بين نيتك الدنيئة في لمسي "
لكمتها عمتها على ظهرها بقوة حتى سقطت هزيم على الأرض.. ووبختها بقرف :..
" اخرسي وضعي لسانك في فمك القذر الآن عرفت لماذا جُنت أمك وتركتك ومات أبيكِ كيف كان سيتحملون شيطانة مثلك..؟؟"
استندت هزيم تقف وسقط قلبها ربما تتحمل كل شيء إلا ذكر أبيها وأمها لطالما سألت نفسها لماذا رحلوا عنها؟
وقفت لكن وجدت يد غليظة كان زوج عمتها يدفعها من ظهرها إلى باب المنزل صارخاً بتشفي :
" ولكنني أعلم كيف أربي عديمة الشرف هذه "
دفعها بقوة عنيفة خارج المنزل حتى سقطت على الأرض ولم يكن تريد مقاومتهما لذا استسلمت لهما.. أغلق الباب بوجهها بالمفتاح..
" تجمدي من البرد يا شيطانة "
نظرت فريان لزوجها بقلق :
" دعنا ندخلها ربما تجلب لنا مصيبة لنحبسها بأعلى السطوح أفضل.."
" دعيها لتذهب للجحيم "
وقفت هزيم بالخارج تنظر حولها لليل شديد السواد كان الليل مخيفاً حتى مع حبات الثلج المتساقطة على أشجار الحديقة التي تبدو في تلك العتمة كأعجاز مظلمة خاوية جلست القرفصاء بجانب الباب تنظر أمامها لا يوجد شيء كان فقط هناك الظلام والبرد مخيفين،
لم تكن "هزيم" سوى مراهقة خائفة ولم تفلح قوتها وعنادها بلجم دموعها فبكت وأكثر ما أبكاها
"هل رحل أبي وتركتني أمي بسببي؟"
مرت ساعة ربما تشعر أن دمائها تتجمد من الصقيع ومعدتها لا زالت تصرخ من الجوع كل محاولاتها بتدفئة نفسها فاشلة، بالآخر العقاب فوق السطح أرحم من هنا..!
دقائق وسمعت الصوت المعهود كما تفعل تلك الصغيرة ابنة عمتها "دانة "..
ذهبت هزيم ببطء أسفل النافذة ناولتها دانة سترة ضخمة ثم أخرجت الصغيرة وعاء طعامها التي تركته في تلك الأحداث وهتفت بشفقة :
" خذي مومو أيضاً.. لا تخافي سيحميكِ"
أخذت هزيم دميتها تحضنها بقوة هتفت الصغيرة :
" هزيم هل أنتِ بخير؟"
هزت هزيم رأسها تهتف لها بصوت مبحوح :
"شكراً يا دانة ادخلي حتى لا تراك عمتي، سأكون بخير"
ربما أكثر ما تتصف به دانة ذكائها..
أشارت لها هزيم ثم دخلت الصغيرة بسرعة وأغلقت النافذة بخوف من والديها..
وعادت هزيم بمكانها وارتدت سترتها الثقيلة وبدأت في تناول الطعام بغير لهفة.. مع كل ملعقة صغيرة تدخل فمها الصغير تشاركها دمعتين والسؤال الذي يخطر في ذهنها :
" لماذا تخلى بابا وماما عني؟! "
هل سعيدان وهم ينظران لي من السماء؟
وضعت وعاء الطعام بجانبها تهتف للسماء وكأنها تراهم
" أنا لست بخير ساعدوني"
نظرت حولها لهذا الظلام والبرد
سيمر الليل يا هزيم
سيمر البرد والظلام
سيمر الحزن
سيمر كل شيء
رفعت عينها للسماء
" أريد معجزة أنقذني أرجوك "
وربما كانت السماء مفتوحة الله لم يرد دعوتها أو أن ملاك ردد على دعوتها المقهورة التي خرجت من صدر يتيمة صغيرة، وكانت الاستجابة – رسالة –
(أنا هنا في السويد، أنتِ بخير؟)
لم تصدق هو هنا!
نظرت للسماء في هذا البرد تتأوه
"شكراً.. شكراً كثيراً "
مضى الليل بظلامه مضى الصقيع بألمه وباتت تحتضن مومو على الأرض حتى أتى الصباح رحيماً لها لكن جسدها الغض خذلها فشعرت ببوادر رجف دمائها مع شفاه بنفسجية اللون وجه شاحب وأطراف بيضاء لا يصل لها الدم معلنة عن ليالي ستقضيها طريحة الفراش تعاني .
******
ومع شروق شمس يوم جديد
خارج المحكمة هتفت صديقتها :
" لا أستطيع أن أتصور ما حدث في القاعة منذ قليل لقد فجرت القاعة يا محامية سورينا.. للنهاية قُلت أننا خسرنا القضية أعترف أنك ذكية جداً "
نظرت سورينا لصديقتها بثقة :
" لقد راهنت أن أكسب تلك القضية على وجه الخصوص وحدث فعلت كل ما بوسعي...! "
" هل لأن موكلك كان يرفض أن تمسك قضيته امرأة وعربية ومسلمة أيضاً.. "
اعترضت سورينا تهتف :
" وافق موكلي عندما أخبرته أنني نصف عربية فقط "
ضحكت سورينا بعد جملتها،
حين مر عليها رجل مظهره الخارجي صلب وخشن مع شعره ولحيته البيضاء القصيرة.. أراها الويل من بداية القضية منذ طلبت من رئيسها في المكتب أن تتولى هي هذه القضية رفضها كونها مسلمة حتى أنه نعتها بمتخلفة رجعية مستعبدة ضد الحرية لكونها ترتدي الحجاب ..
لكن كلما تطلعت للقضية وتعاملت معه عرفت كم يخفى هذا القبطان المتقاعد من حنان خلف تلك القسوة والجفاء ومن أفضل منها في التعامل مع هؤلاء الأشخاص حتى ان تطلعها بعلم النفس وحبها للقراءة به أتى بثماره كثيراً بعملها، وخطى مقترباً بخطوات ثقيلة بوجه ممتن وعين دامعة منها
ابتسمت له مرحبة :
" مبارك يا قبطان جوزيف "
" أيتها المحامية سورينا لقد أعدت لي أموالي المنهوبة شكراً لك "
ابتسمت له سورينا :
"كان حقك.."
أخبرها بصوت أجش حنون :
" هل تعرفين حكاية الجميلة والوحش"
نظرت له سورينا بحيرة وأجابت بابتسامة:
" بالطبع أعرفها"
أخبرها بحنان أبوي :
"كل هذا العالم حولك وحش وكنت تلك الجميلة فكوني هي دائماً، الوحش ضخم لكنك تملكين ابتسامة قوية قاتلة كفيلة بهزيمته "
ابتسمت له من قلبها بضراوة غادر وتركها بعد كلماته الدافئة المحيرة ، قد لا تتلاقى مع هؤلاء الأشخاص الذين تدافع عنهم ثانية وتغلق حكايتهم معها عند كل آخر جلسة أمام باب المحكمة لكن تبقى كلماتهم وذكرى الامتنان لنصرهم عالقة بذاكرتها،
وتنفست بعمق شديد تشير لسيارة أجرة :
" اليوم سوف نلتقي ثانية سوف أذهب إليه .."

***

في المدينة على حدود جزيرة السلاطين
" اليوم كان الموعود لخروجه من السجن طليقاً "
من بعيد كانت هي تتلحف السواد تجلس على القبر يسمع من مكانه صوتها المهتز بحروف القرآن لا يعلم إذا كانت تبكي أم تركت البكاء والحزن لبعد الانتقام ،
ستضعك الحياة أمام حافة هاوية كأن تقف أمام قبر صديقك الوحيد تختبئ ولا تستطيع أخذ عزائه ولا حتى أن تلمس قبره وترتل وحرام الحزن لفقده،
لأنك ببساطة القاتل!"
للتو خرج بعد أن قضى أيام عقوبته وهذا أول مكان ذهب إليه، وكما قالت غسق له :
- القاتل دوماً يولي وجهه نحو جريمته - ، هذه كانت جملتها له في السجن وصدقت – غسق- وإن قست.
وحتى رآها تنهض قوية من مكانها ورغم ملامحها الباكية لكنها لم تنهار تمشي وبعينها نظرة واحدة الثأر وهذا ربما أفضل ما تتصف به من المؤكد علمت بخروجه وتنتظر،
غسق لا تقع ولا تنهار
غسق كما عاهدها ترحب فقط بالأقوى والأشجع والأوفى، أم الخائن فيحرم عليه الولوج لحدودها !
وهو الخائن وهو المحكوم عليه بالثأر وهو القاتل،
ابتعد حتى وصل لعدة رجال ينتظرونه..
"الآن أستطيع العودة للجزيرة.. غير مطمئناً، ستبحث عني غسق حتى تجدني.. "
وهذا ما استشفى من عينها – الثأر - ، ستجده لتقتص..!
سنلتقي ثانية يا غسق وسيشعل لقائنا حرباً في فيان بجزيرة السلاطين ..!

.................................................
نهاية الفصل


إذا كنت قاتلاً لا تحب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن