الفصل الخامس

3.6K 130 3
                                    

(رواية :إذا كنت قاتلاً، لا تُحب!)

الفصل الخامس 💛💛

وقفت في المطبخ بسرعة قياسية تخرج الخضروات التي اشترتها من السوق تعصر الطماطم  وتضعها على النار تهرول تنظر إلى الباب الخارجي تتأكد أنها بأمان وتعود مهرولة تقطع باقي الخضروات في سرعة قياسية. كان الطعام الشهي جاهز بعد ساعة وضعته في صينية الطعام بطريقة دافئة، مسحت العرق عن جبينها برضى وصعدت تحمل صينية الطعام نظرت متجمدة للصورة الضخمة على السلم والتي بها امرأة بارعة الجمال وكأنها أميرة ما..
ومن الوهل الأولى تعرفت على صاحبة الصورة..
صعدت درجتين  أخفضت رأسها بعينين تجمعت بهما الدموع
"آسفة"
كيف عندما تواجه صورة من قتلته؟
صعدت ووضعت الطعام على الأريكة العلوية وهرولت تهرب ووصلت غرفتها في سرعة قياسية بالوقت المناسب، راقبت من عقب الباب سيارته الضخمة تدخل وأغلق البوابة الحديدية، فاستدارت تسند ظهرها للباب بقلب خافق وانتظرت لوقت ليس بكبير قبل سماع الصراخ والطبع هذا من أجل صينية الطعام..
"اخرجي لي.. اخرجي حتى استطيع قتلك ببطء لا بل ببشاعة حتى تصرخين طالبة الرحمة.."
ذهبت تجلس على مكتبها تخفض المصباح المكتبي نحو حاسوبها الشخصي بينما تسمع صراخه المتواصل بالخارج، كانت تتابع صفحتها ببطء لعلها تشتت تركيزها عن صراخه هتفت بصوت هامس وكأنها أمامه:
"لا بأس.. ستتعافى رغم ألمك "
أخرجت الصورة التي بها طفلة صغيرة تبتسم لها بألم
" اشتقت لكِ "
ضرب الباب بقوة وعنف صارخاً عندما لم تجبه :
" افتحي.. افتحي .. افتحي هذا الباب وإلا كسرته فوق"
ويستمر بصراخه :
" لماذا أنت التي لا زالت على قيد الحياة لماذا أتيت لهنا لا أريد رؤيتك تذكريني بكل شيء تذكريني أنه ليس بكابوس أن ما حدث حقيقة "
وقفت وذهبت للباب تسمع كلماته وتضع يدها الاثنين على صدرها هي بمفردها معه في هذا القصر..!
مسكت هاتفها فجأة حين رأت الباب يكاد ينشق من ركله  لقد فقد سيطرته ولعلها حالة هلوسة ستؤدي بهلاكها وهي الآن ليس إلا شيطانه المريد،
صرخت بفزع حين ضرب الباب ثانية من الخارج بهياج أكبر
" سأقتلك مثلما فعلت بها.. سأقتلك"
سقط الهاتف من يدها وأغمضت عينها بقوة حين سمعت صوته فجأة ...
يبكي بصوت مرتفع!
" فيوليت افتحي الباب اتوسل إليك اسمعيني"
نظرت حولها في الغرفة بخوف حتى ذهبت لمذكرتها تستنجد بها تفتحها وتكتب (  لم يسبق لي أن يبكي رجلاً على بابي وينادي على حبيبته السابقة، لم يسبق لي أن يقسم لي رجلا بالقتل ولا أخاف، لم يسبق لي أنني أشعر أنني أريد الخروج له الآن لمساعدته ولكن امنع نفسي بالقوة، لم يسبق أن أتمنى لو كنت انا من مت بالحادث وبقيت حبيبته أي لعنة حب سقطت عليّ)
حين عم الهدوء من الخارج تركت قلمها وذهبت للباب تضع أذنها عليه فسمعت صوته لا زال يبكي!
وكانت تخاف من صوت بكاءه، لأنه صوت مقهور وقاهر.. قوي كرجل وضعيف كطفل خافق وضائع.. يجمع بين كل شيء ونقيضه..
يجعلها لا تستطيع التنفس ولا التصرف ولا التفكير بحكمة ولا هي حتى بقادرة أن تستعين بأحد لمساعدتها ، ربما كان يخاف أي أحد آخر لو كان مكانها لكن ليست هي وليس خوفها منه هو خوف معتاد وإنما كان خوفها من شتى المشاعر التي يجعلها تشعر به..
أمسكت مقبض الباب والمفتاح بثورة وتهور وكادت تفتح الباب ثم تجمدت للحظات تغمض عينها تهدأ أنفاسها وروحها المبعثرة من بكاءه، فتراجعت تجلس على الأرض وتسند ظهرها للباب تستمع له وهو يبكي من الطرف الآخر يجلس على الأرض هو الآخر ويسند ظهره لبابها من الناحية الأخرى.
لم تعرف كم مر من الوقت عليهما يفصلهما الباب المغلق قبل أن تهتف بصوت هامس :
" إذا قتلتني هل ستصبح بخير؟"
هتفت بها بصوت منخفض لكنه وصل إلى أذنه واخترق صمت المكان.. وأكملت..
" أنت لا تشعر أنك بخير الآن لأنك في بداية الطريق للعلاج الدواء مر لكنه شافي.. ستكون بخير"
وتكمل :
" أشعر بك وأشعر بطعم بالمرارة التي تقف الآن في حلقك"
فتحت سورينا الباب فجأة وبقوة دون رادع دون رجوع وهتفت به:
"ولست خائفة منك أبداً، إذا كان قتلي سيجعلها تعود للحياة فأتوسل لك أن تفعل الآن"
نظر لها قائد ثم عاد ونظر لليل الذي حل بصوت لا شعور به سوى العجز والاستسلام..
" لقد ماتت "
أغمضت عينها وتنفست بقوة لقد أدرك واعترف أخيراً وتلك كانت أول درجة يخطوها.
رأته يضع رأسه بين يديه وأسندها على ركبتيه مخفياً وجهه عنها.. بتلك اللحظة أثار مشاعر عاطفتها فودت بكل ما تملك من حنان وعاطفة محرومة منهما، كما لو كانت أمه أن تحتضن رأسه بين يديها وعلى صدرها، أن تمسح على رأسه وتخبره " لا تخف كل شيء سيصبح بخير"
وكان هذا الشعور الأول نحوه لم تره الآن سوى كطفل تائه يحتاج أمه تطمئنه..
وتجمدت حين سمعت صوته الخافت " ليت أمي تأتي لي"
وعلمت بتلك اللحظة أن القدر ما ألقاها في طريقه سوى لحكاية رسمها ببراعة منذ البداية
مهما حاولوا أن يحاربوا ويعترضوا على القضاء فللقدر قوة ورأي آخر. منذ ذلك الحين وعند ظهور الشعور الأول تأكدت سورينا أنها اختارت الطريق الصحيح رغم طوله وظلمته وأنه يبدو بلا بداية ولا نهاية فهذا العالم الذي رسمه لها قدرها..
وعليها ملئ هذا العالم بحكاية جديدة ..

إذا كنت قاتلاً لا تحب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن