الفصل التاسع

3.5K 126 7
                                    

رواية :إذا كنت قاتلاً ،لا تُحب! 🌼

الفصل التاسع ..
..
نفس المكان المكتظ نفس السهرات نفس الوجوه الشاحبة والعيون الماكرة والنفوس الخبيثة.. ونفس الموسيقى المرتفعة حتى أنك لن تسمع أي شيء بالعالم سواها..
دخلت هزيم بينهم لم يكن يجمع كل هؤلاء الأشخاص من مختلف الأعمار سوى شيء واحد أبيض اللون يجثون حوله، كانوا هم أقلهم عمراً
هزيم وهارد وغيرهم من مجموعة الثانوية  بينما خارجها لا يعترفون بمعرفتهم لبعض يمكن وضع قوسين حول أصحاب المصلحة..
والمصلحة هنا تعني شيء واحد  المزاج..!
هزيم لم تكن سابقاً منهم لم تكن تشبههم أبداً لا بثيابها  ولا بروحها النقية التي أفسدتها هي بيدها ، وفي هذا المكان حتى تكون بطل الحفل يجب أن تكون شبيهاً لهم فإلى دورة المياه ذهبت حيث تخلصت من تنورتها المدرسية  ولم يهمها قصر قميصها العلوي فتحت أعلاه وأطلقت شعرها القصير مع حمرة قانية؛ الآن يمكنها أن تكون بينهم تشبههم تماماً، يصطدمون بها في زحمة ونظرات مقرفة لمسات تتجاهلها لقد اعتادت أن تتغاضى عن كل شيء لأجل شيء واحد فقط..
ما أحضره هارد الآن والتي أخذته بلهفة مسحوق أبيض تطلق عليه العاصفة لا تهم الطريقة التي تتعاطاه بها ما يهمها هي النتيجة السعادة المزيف والنشوة المؤقتة يزيد حماسها لأعلى درجة وتضحك بجنون كما لو أنها لم تضحك قط بحياتها وتنسى معه كل شيء..
الجرأة تعم هنا وتسوق الجميع إلى الرقص المجنون  مع الموسيقى التي تزداد وتزداد وتستمر بالتزايد
ملابس ثمينة ونفوس رخيصة شهوات مؤقته وعبيد الشيطان الرجيم !
ولم تكن هزيم في تلك اللحظات سوى واحدة منهم مثلهم وتشبههم وإن لم يكن هارد معها خلفها لكانت مزقت منذ زمن طويل بين أنيابهم  كانوا سيسحقونها تحت أحذيتهم،
ومع كل سهرة تسقط روح ولم يكن الأمر بتلك الفظاعة التي افتعلتها أول مرة لها أن ترى أحد يموت ضحية المخدرات،
أصبح مشهد العين تخبو والجسد يهمد شيء عادي لعينها
تأخر الوقت كثيراً كي تتراجع لا يمكن إصلاح روحها التي أفسدتها هي، لا يمكن إصلاح أي شيء بتاتاً..!
*****

اقترب ثائر مسرعاً يستقبلها وتجمد عن المشي مفزوعاً  ماذا ترتدي؟ ما هذا.. ؟.. وكأنها فتاة أخرى..!
اقترب مذهولاً منها :
" هزيم.. ؟؟؟ "
انتفضت من مكانها ونظرت بفزع لثائر،
ماذا يفعل هنا والآن؟
ثم نظرت خلفه فكان قائد دب الرعب بقلبها أكثر لأنها ليست بحالتها الطبيعية للتو  أخذت جرعة كافية لذهاب عقلها،
تراجعت للخلف فهتف ثائر ينظر لقطعة الملابس اليتيمة التي لا تترك شيء للعين؟
" هزيم..!.. ما هذا؟ كيف ترتدي هذا الثوب وأين كنتِ لهذا الوقت"
هتفت بتشتت كاذبة :
"كنت عند جيري "
" أخبرت من قبل إذا ذهبت لمكان اتصلي بي اخبريني.."
كانت لا تستطيع أن تتنفس وعلامات الذعر بادية على ملامحها مما جعل ثائر يشك بها أكثر :
" لقد اتصلنا عليك أنا وقائد اكثر من عشرين مرة ولم تجيبي على أحد... ؟"
" آسفة.. آسفة.. أخبرتك كنت برفقة جيري "
" اعطيني هاتفك "
سقط قلبها برعب فهتف بغضب :
" الآن يا هزيم "
فتحت حقيبتها الصغيرة ويدها ترتجف بقوة لكن ليس بفعل الخوف وإنما مما كانت تحقنه بدمائها منذ قليل، سألها ثائر مستفسراً :
" لماذا ترتجفين هكذا.. ؟ "
سقطت حقيبتها أرضاً وتبعثرت أشيائها انخفضت تجمع أشيائها بسرعة :
" انا مريضة قليلاً..  لذلك ذهبت لجيري لأنني خفت أنا يزيد المرض وأنا بمفردي "
مسك هاتفها، فهتفت به بذعر وهي ترتجف كلها :
" هل لا تصدقني.. ستتصل بها؟"
أغمض عينيه يتمالك أعصابه بصعوبة لم يعد قادراً وهزيم تفاجئه كل مرة بما وصلت له..!
" ادخلي ارتدي شيئاً وتعالي لنتحدث"
اعترضت تبتلع ريقها :
" أنا لست على ما يرام لنتحدث غداً أرجوك "
أخذت حقيبتها وذهبت من أمامهما تكتك أنفاسها عندما مرت على قائد كان ينظر لها بطريقة متفحصة، تخطته بصعوبة ودخلت المنزل تغلقه بالمفتاح وجلست على الأرض تطلق أنفاسها،
اقترب قائد من ثائر الواقف بوجوم كصنم سأله :
" بماذا تفكر؟"
" أريد هاتف جيري اتصل بسورينا لأخذه منها"
فعل قائد ما أخبره به ثائر،
أخذ ثائر الرقم يتصل على جيري التي كانت في عمق نومها حين رن هاتفها برقم غريب لعدة مرات متتالية أجابت بنعاس
" من معي..؟"
" أنا ثائر الصياد هل تتذكريني؟"
نهضت بفزع تهتف :
" هل حدث شيء لهزيم.. ؟! "
سألها مترقباً :
" ألم تكن عندك الليلة..؟"
ابتلعت ريقها يبدو أن هزيم أوقعت نفسها بمشكلة ما فهتفت كاذبة :
" أجل.. أجل كانت هنا وقد غادرت.. "
صمت ثائر قليلاً وهتف :
" لست تكذبين يا جيري..! "
" ولماذا سأكذب هي كانت هنا "
أغمضت عينها تشعر بالذنب العميق وتلعن تهور هزيم الذي أشركتها في تلك الجريمة..
تنهد ثائر يمسح وجهه :
" لا تخبري هزيم أنني اتصلت رجاءً"
" حسناً "
أغلق ثائر الهاتف ينظر لقائد :
" كانت عندها لكني لا زلت غير مطمئن هل رأيتها كيف تبدو "
" أخبرها أن تتناول الغداء معنا غداً يجب أن تكون برفقتنا وتحت أنظارنا كل يوم وإذا لزم الأمر تنتقل للقصر معي أنا وسورينا"
هز ثائر رأسه مقتنعاً بكلام قائد مئة بالمئة وهو يكذب شعور يراوده وأفكار سامة بشأن هزيم يحاول أن لا يصدق ما يمليه عليه عقله..
أما هزيم دخلت بعين متسعة وجسد هزيل بالي يرتجف للحمام جلست في حوض الاستحمام تفتح الصنبور وهي لا زالت بثوبها القصير العاري، الماء يتدفق كالثلج لكنها لا تشعر بشيء وما حدث منذ قليل ضيع مفعول المخدر من سعادة زائفة وبقي الشعور بالفزع والقلق والعنف والوحدة يسيطر عليها ضمت جسدها أسفل المياه المتدفقة فوقها وبكت بقوة منهارة وبصوت صارخ عنيف تتذكر أشياء بشعة تعدي زوج عمتها الشعور بالقهر والعجز التنمر الذي تتعرض له هنا وفقد والديها الوحدة المريرة معاملة عمتها السيئة..
أصدرت آهات مرتفعة بقلق هلع وكأنها ترى ثائر يجلس أمامها بهدوئه مبتسم لها بلطف ينظر بتلك الطريقة الهادئة المحبوبة أمسكت حافة الحوض تهتف بهلوسة بعقل مغيب من أثر المخدر لخيال ثائر الوهمي :
" لم أختار أن أكون سيئة لم يكن اختياري أنا.. أنا آسفة أرجوك لا تشمئز مني.. لا تشك بي.. لا تكرهني.. لا تبعدني عنك أنت وقائد.."
****
وحين أتاها صوته خرجت سورينا من غرفتها تشير لأتالي بالصمت التام :
" قائد.."
"مع من تتحدثين لقد سمعت صوت آخر يخرج من الغرفة.."
"هل تتنصت على غرفتي ؟"
كانت تريد أن تشغله لكنه اقترب منها
"هذا القصر لي، وأنتِ ليس إلا دخيلة يوم أو آخر وسترحلين عما قريب"
زفرت سورينا بصبر وكادت أن تنهي الحوار بينهما بسرعة، لكنها تجمدت حين خرجت أتالي باندفاع كالعاصفة :
"لا تطردها بسببي أرجُوك أنا من ضغطت عليها حتى تقبل "
اتسعت عين أتالي وفغر قائد فمه يشير إليها :
" من تلك؟؟!! "
كزت سورينا على أسنانها :
" ألم أخبرك لا تخرجي من الغرفة"
نزلت سورينا درجة واحدة تهتف بصوت رقيق :
"سأشرح لك.."
ويصرخ بها مهدداً :
"من هذه؟؟؟"
أغمضت سورينا عيناها تجيبه :
" إنها عميلة عندي أعمل على قضيتها.."
والإجابة كانت شيء ما أخذه من الأرض وقذفه بهما لولا أنها أخفضت رأسها بصدمة :
" هل هذا بيت أبيكم "
فزعت أتالي وصرخت تمسك بذراع سورينا التي كانت هادئة بشكل مثير للأعصاب :
" سيقتلنا.. سيقتلنا من هذا الرجل"
أخبرتها سورينا هامسة :
" لا تخافي سيهدأ بعد دقائق لكن سيكون كسر نصف الأشياء حوله  "
" كيف أنت هادئة هكذا بالله.. ؟؟؟ لقد قذف بغصن الشجرة
فوق رؤوسنا"
هتفت سورينا بصوت هامس :
"هل كان غصن شجرة حقاً؟؟.."
"هل هذا ما يهمك..."
ابتسمت سورينا ،وللحظ الأسود رآها قائد وجن أكثر مما هو
" تضحكين؟؟؟ ثانية.. ؟!! "
اقترب منهما يهتف بجنون
" كم مرة أخبرتك لا تضحكين حين أكون غاضب بل لا تضحكين أبداً..؟ كم مرة أخبرتك بهذا أم هذه خططك لإصابتي بالجنون أكثر وقتلك.! "
شهقت أتالي فاغرة فمها بصدمة لما تسمعه، هل تتعرض المحامية سورينا للعنف في هذا المنزل ؟
أي كان الذنب الذي ارتكبته المحامية لا يحق لهذا الرجل المجنون بمعاملتها بهذه الطريقة..!،
ثارت أتالي وقد تلبسها قوى روحية امتدت من روح المحامية سورينا التي تقف بصمود مهلك للأعصاب أمامه ،
" هيا نذهب من هنا يا محامية سورينا أنا لن أتركك لحظة مع هذا المريض.. ؟"
والتفت قائد نحوها يشير إليها كمن يوشك على القتل
" هل دعتني هذا الشيء بالمريض؟؟"
خافت أتالي وذهبت القوى أدراج الرياح تحت أنظار قائد تراجعت أتالي بخوف تهتف :
" إياك أن تقتلني.."
هرول غامد من الخارج حيث الأصوات الصارخة وما إن رآه قائد حتى هجم عليه :
" كيف تسمح لتلك بالدخول لمنزلي دون إذن مني؟؟"
وكذب غامد رافعاً يديه..
" لا أعرف كيف دخلوا صدقني"
وكادت سورينا تبتسم للمرة الثانية لكنها أخذت نفساً عميقاً ونظرت إلى أتالي التي تختبئ خلفها
" أتالي انتظريني مع غامد بالخارج حتى أعود لك"
توترت أتالي قليلاً أن تترك المحامية سورينا بمفردها مع رجل مجنون كهذا..؟
لكن سورينا أومأت لها برأسها تطمئنها أن كل شيء بخير،
خرجت أتالي وبقيت سورينا في مواجهة قائد وجنونه
"اسمعي لا أعرف بأي عين تتصرفين بهذه التلقائية وكأن المنزل منزلك تأتين بضيوفك هنا ودون إذن مني من تظنين نفسك؟"
ظلت صامتة حتى انتهت ثورته وحين نزلت له تعرقلت قدمها وكادت تسقط حين هرول يمسكها كالأخرق :
"انتبهي.."
في تلك اللحظة انتبهت هي إلى وجهه الحاد ليناً ولذقنه الطويلة ولعطره الكثيف عابقاً، وابتعدت عنه وكل ما كانت تود قوله تبخر من عقلها فرغم كل شيء كان جذاب لعينيها..!
وساد القليل من الصمت قطعته بصوت معاتب :
" لقد أفزعتها هل تعلم كم عمرها حتى لا تستطيع التحكم بنفسك أمامها؟"
صمت قائد فهتفت سورينا بصوت لين :
"لن تمكث طويلاً هنا فقط لعدة أيام إذا وافقت.."
ويعقد حاجبيه برفض وغضب :
" البنت بالكاد تجاوزت الثمانية عشر أي أنك أكبر منها بعشرين عام وتتصرف أنت هذه التصرفات الغير ناضجة أمامها "
فتح قائد فمه ليتحدث لكن سورينا لم تعطه الفرصة :
" الفتاة ليس لها مكان آخر تذهب إليه بعد أن قامت أمها بالتخلي عنها ولا تستطيع التصرف لأن ليس لديها مال كما أنها مشهورة"
نظر قائد نحوها بجدية يكرر خلفها :
" قامت أمها بالتخلي عنها؟؟"
" نعم المرأة تستغل ابنتها دون إحساس وباعتها لشركة غنائية وأنت تفهم الباقي من سوء معاملة وضغط في هذا السن الصغير عليها لذا لجأت الفتاة لي "
شعر بالذنب العميق دون أن يظهر هذا أمام سورينا التي أخبرته:
" إذا كنت لن تستطيع التحكم بأعصابك لفترة قصيرة سوف أخذها ونذهب من هنا "
" إلى أين؟ "
" إلى أي مكان أحافظ به على سلامة أتالي التي أتت لي بمفردها وكل ما ترغب به حريتها في العيش والتي سلبوها منها.. "
أخبرها قائد بانفعال يدير لها ظهره :
" لم يخبرني أحد بكل هذا... وإلا لم أكن أقم بهذا العرض المخزي أمامها "
وأرادت أن تبتسم له من قلبها كما تفعل أي أم مع طفلها حين يعترف بخطئه ، سألته تقترب منه:
" هل نذهب من هنا أم ماذا ..؟ "
" إذا كنت لا تريد سأحجز في أي فندق لكلانا"
استدارت تغادر فأوقفها بهتافه
" لا أريد أن اصطدم بها أمامي .. "
توقفت سورينا تنظر له فهتف دون أن ينظر نحوها :
" لا أعرف إذا كُنت المرة القادمة سأكون بوعي أم بحالة جنون جديدة .. لا أريدها أن تخاف مني.."

إذا كنت قاتلاً لا تحب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن