5

174 15 2
                                    

فتـــــاة الربيع |💙🕊️
حلقة - 5 -

عادت صفا من عملها وتفكيرها منشغل بمصير ولدها وخطيبته، لماذا لم تخبرها مروة بكل هذه الأمور؟!
ما الذي يجب أن تفعله الآن وسط كل هذه الأوضاع المتأزمة؟ فالحالة الصحية لزوجها ليست على ما يرام والحالة النفسية لولدها سيئة جدًا، توسلات صديقتها المقربة وحاجتها الماسة إليها، كل هذه الأمور باتت تشعرها بثقل كبير يجثم على صدرها..
دخلت غرفة ولدها فوجدته ما زال نائمًا على غير عادته، نادته بصوت منخفض فالتفت إليها..
- مصطفى هل ما زلت نائمًا يا ولدي؟
- لا يا ماما!
- لم أنم منذ ليلة أمس، التفكير سيقتلني!
- إسمعني يا ولدي، لقد تحدثت مع مروة وظهر بأنها على علم بحال ريحانة لكنها لم تخبرنا، لعلها فكرت بأنك ستكون الوسيلة التي أرسلها الله لهداية ابنتها!
- ولكن يا ماما؟ إنها ومنذ البداية أعلنت عن عدم رغبتها بأي نقاش؟
- نعم وهذا ما قلته لمروة لكنها قالت لي بأن ثقتها بك كبيرة وبأن شهامتك ومروءتك وأخلاقك العالية ستأبى أن تتركها هي وابنتها في تلك الدوامة!
ثم صارت صفا تتحدث مع ولدها عن الظروف التي مرت بها ريحانة والتي جعلتها تتجه هذا الاتجاه البعيد عن الدين، قال وهو يهز رأسه رافضًا كلام والدته :
- صدقيني لا أستطيع، لقد حاولت سابقًا مع صديقي عماد والذي كان له نفس أفكارها، لكني لم أوفق لأنهم للأسف أخذوا صورة قاتمة عن الدين ساعدهم بذلك سوء أوضاع البلاد التي من المفترض أن يكون حكامها متدينين ينتمون إلى أبرز القوى الدينية!!
-وما الحل برأيك؟!
- الانفصال.. لا غير!
- لكن مروة وضعت ثقتها فيك يا ولدي!
-إعذريني يا ماما، ريحانة فتاة عنيدة للأسف الشديد وهكذا فتاة من الصعب ترويضها.
هنا دخلت تقوى وهي تقفز من الفرح وتنادي بأعلى صوتها :
- تعالوا وإنظروا نتائج القبولات ، لقد تم قبولي في كلية الهندسة، أما ريحانة فتم قبولها في كلية الصيدلة كما كانت تتمنى والظاهر إنها وضعته أول إختيار في قائمة التقديم وكل هذا لأجلك يا مصطفى ، مبارك عليك يا أخي ستقضي خطيبتك سنوات دراستها الجامعية معك في نفس الكلية!
وضع مصطفى كفيه على وجهه وهو يردد : يا إلهي، ما هذه الورطة؟!
تفاجأت تقوى من ردة فعله فهي لم تكن تعلم بالتطورات السلبية التي حدثت لعلاقة أخيها مع خطيبته.
اقتربت صفا من ولدها وصارت تربت على كتفه وهي تقول :
- لا بأس يا حبيبي.. تذكر قوله تعالى ( لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا).
*******
بدأ العام الدراسي الجديد وكانت ريحانة مسرورة جدًا بقبولها وخاصة أن صديقة عمرها ( يقين) قد قبلت معها في نفس الكلية..
كانت تتوقع أن مصطفى سيرحب بها عند رؤيتها بعد كل هذه الفترة، إلا أنه لم يأبه لوجودها مما زاد من المسافة بينها وبينه، حاولت مرارًا أن تتصل به لكنه لم يكن يفتح الخط أبدًا!
أوصلت له خبرًا بيد تقوى بأنها تريد الانفصال لكنه كان يؤجل الموضوع إلى حين عودة والده من السفر، وها هو الآن يراها ويتصرف كأنه لا يراها!!
لم يجذب نظره إلا وجود ( يقين) تلك الفتاة صاحبة العباءة والتي كانت ترافق ريحانة أينما ذهبت، وعندما عاد من الكلية في أحد الأيام سأل اخته تقوى والتي كانت كليتها قريبة أيضًا على كليتهم :
- هل حصل بينكما أي لقاء بينكما أنتِ وريحان هذه الأيام؟
- نعم!
- هل لاحظتِ وجود تلك الفتاة صاحبة العباءة معها؟
- نعم.. إنها يقين الصديقة المقربة لريحانة!
صمت مصطفى وكأنه يفكر بشيء ما!
سألته تقوى بحذر :
- ما الذي تفكر به يا أخي؟
- برأيكِ.. هل أفكارها تشبه أفكار ريحانة؟
- لا أعلم حقًا!
- هل يمكنكِ أن تتحدثي معها غدًا لعلها تستطيع مساعدتنا.
- أهاا.. الآن فهمت، تريد منها أن تتحدث مع ريحانة حول نظرتها تلك عن الدين والمتدينين.. صحيح ؟
- لا يا حبيبة أخيك!
- وكيف تساعدنا إذن؟
-أريد منها أن تقنع ريحانة بقبول صداقة أحدهم على الإنترنت، ليكن ابن خالتها مثلًا..
- إبن خالة ريحانة؟
- لا يا تقوى.. أقصد إبن خالة يقين.
-ومن يكون هذا؟ وكيف عرفته أنت؟
- ما بكِ يا أختي ، أرجوكِ ركزي أكثر معي، إنها أشبه بالخطة، أنا سأقوم بدور ذلك الشخص أقصد إبن خالة يقين وخطيبها المستقبلي..
- ماذا؟ خطيبها المستقبلي! ولكن ما الذي تقوله يا مصطفى؟
- قلت لكِ إنها مجرد خطة لا أكثر يا حبيبتي!
- أهاا.. حسنًا، أكمل!
- ستخبرها يقين بأنني خطيبها المستقبلي.. أقصد خطيب يقين! فقط حتى تطمأن ريحانة لمراسلتي عبر الإنترنت، وسأدخل بإسم مستعار بحيث لن تشك في أمري مطلقًا.
- الآن فهمت.. ستكون الخطة كالتالي :
(( تتناقش يقين مع ريحانة حول حقيقة الدين، وعندما لا تقتنع ريحانة ستطلب منها يقين أن تسمح لابن خالتها وخطيبها المستقبلي في التحدث معها عبر الإنترنت لعله يستطيع إقناعها، وهذا الشخص هو أنت)).
- أحسنتِ يا أختي الحبيبة، ليس لدي غير هذه الخطة لأجعل ريحانة تنصت لكلامي دون أن تتحسس أو تتوجس مني خيفة!
- نعم فعلا.. خطة ذكية كيف خطرت على بالك!
- لا أعلم حقًا، لكن اليوم وما إن شاهدت استمرار مصاحبة ريحانة لتلك الفتاة الملتزمة حتى جاءت هذه الفكرة في بالي.
- ولكن كيف إن كانت يقين مرتبطة بشخص آخر وكانت ريحانة على علم مسبق بالأمر؟ كيف إن لم يكن لها ابن خالة أصلًا وكانت ريحانة تعرف بهذا أيضًا؟!
- أوه يا تقوى لا تعقدي الأمر أرجوكِ أخية، لتخبرها بأنني قريبًا لها وليس شرط أن أكون ابن خالتها! أنتِ فقط توكلي على الله وهو سبحانه - إن كان في الأمر مصلحة - سيسهل علينا الأمور.
قالت تقوى بابتسامة خجلة :
- ولكن ألم تكن قد اتخذت قرارًا نهائيًا بفسخ الخطوبة حالما يأتي والدنا من الهند، فما الذي جرى وغيرت رأيك هكذا؟!
اخذ مصطفى حسرة طويلة وهو يقول :
- آه يا تقوى، لقد كسرت ظهري خالتي مروة، اتصلت بي أكثر من مرة وهي تتوسل إليَّ أن لا افسخ خطوبتي بريحانة، هذه فرصتي الأخيرة فإن رأيت فيها مجالًا لتغير فكرتها عن الدين وإلا فسأمضي بما عزمت عليه!
- بإذن الله سيوفقك الله في إيصال الصورة الناصعة لديننا الحبيب لهذه الإنسانة الطيبة، لكني اقترح عليك أن تكون نيتك في النقاش معها هو إيصالها إلى بر الامان وليس لتغير أفكارها من أجل الارتباط بك!
- نعم يا حبيبتي إطمأني، وهذا ما طلبته من الله تعالى عندما خطرت لي هذه الفكرة، وهو أن يساعدني في إنقاذها لأجل مصيرها الأخروي وليس لأجل شيء آخر، أدعو الله أن يوفقني في ذلك حتى وإن لم يكن قد كتب لنا الارتباط ببعضنا.

#يتبع...💙✨

فتاة الربيع رويدة الدعمي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن