13

161 15 5
                                    

فتـــــاة الربيع |💙🕊️
حلقة - 13 -

في المنزل فتح مصطفى هاتفه مسجلاً الدخول بإسم علاء، فجاءته الرسالة من ريحانة :
- السلام عليكم أخي علاء، لدي سؤال عن مسألة الإكراه في الدين، أوليست هناك آية واضحة وصريحة في الكتاب الكريم عن حرمة إجبار وإكراه الناس على دخول الدين الإسلامي وهو في قوله تعالى ( لا إكراه في الدين) فلماذا إذن نرى الرسول والخلفاء من بعده يشنون الحروب على الدول الأخرى لإدخالها ضمن نفوذ الدولة الإسلامية؟ وهذا الأمر إلى الآن موجود وما تنظيمات ( القاعدة) و( داعش) إلا دليل على كلامي!
بدأ مصطفى بالكتابة :
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلا وسهلا بك أخيتي..
قبل أن أورد لك الأدلة على أن الإسلام هو دين السلام وليس دين الحرب والقتال يجب أن تعلمي بأن مسألة الفتوحات الإسلامية لم تكن في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله ولا في زمن الإمام علي عليه السلام بل كانت في زمن الخلفاء الثلاثة الذين إستلموا زمام الحكم بعد رسول الله!
ولقد شجع هذا المفكرين الغربيين ومن ورائهم الإعلام الصهيوني ولسنواتٍ طويلة من نشر مقولة فارغة مفادها : إن الإسلام دين السيف والقتال!
وسأورد لك هنا الأدلة الدامغة من القرآن وسيرة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والتي تُثبت لنا أن الإسلام يدعو الى السلام لا غير..
لنبدأ من مسألة ( هل الإسلام دين السلام أم دين الحرب والقتال) وكما أوردها السيد الدكتور التيجاني في كتابه ( وأكثرهم للحق كارهون) حيث يقول :
هل أن الحرب هي الأصل في الإسلام وأن السلام هو الإستثناء ؟ أم أن السلام هو الأصل في الإسلام وأن الحرب هي الإستثناء ؟
يجيبنا عن هذا التساؤل قول الله عز وجل في قرآنهِ الحكيم ( والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيم ) سورة يونس - ٢٥ وكذلك قوله عز وجل ( يا أيها الذين آمنوا أدخلوا في السلمِ كافة ) سورة البقرة - ٢٠٨
فها هو القرآن يصدح بالحقيقة الناصعة بأن الله سبحانه وتعالى يدعو من خلال هذا الدين إلى السلام لا غيره ..
كما أنه سبحانه عندما أرسل نبيه محمد ( صلى الله عليه وآله ) إلى عبادهِ أراد لهم الهناء والرحمة لا العذاب والنقمة وذلك قوله تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين ) سورة الأنبياء - ١٠٧
إذاً ماذا نُفسر الآيات التي نزلت تُحرض الرسول والمسلمين على القتال ؟
وهنا يجيبنا القرآن أيضاً في قوله تعالى ( قاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين ) سورة البقرة - ١٩٣
ومن هذه الآية نستنتج أمرين في غاية الأهمية هما :
١- لا يكون هناك قتال إلا إذا كانت هناك فتنة يجب إخمادها .
٢- لا عدوان إلا على الظالمين .
أما إذا لم تصدر الفتنة من غير المسلمين ولم يكونوا ظالمين في تعاملهم مع الإسلام فإن الدين في هذه الحالة ينهى المسلمين من التعرض لهم بل ويأمرهم أن يبروهم ويُقسطوا إليهم!
قال تعالى ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يُقاتلوكم في الدين ولم يُخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتُقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ) سورة الممتحنة - ٨
وقد نهى رسول الله المسلمين عن إيذاء أهل الذمة من اليهود والنصارى الذين لا يُظهرون العداوة للإسلام حتى اعتبر إيذائهم إيذاءاً لَهُ حين قال ( من آذى ذمياً فقد آذاني ) !
إذاً كل الحروب التي خاضها رسول الله محمد ( صلى الله عليه وآله ) لم تكن لإجبار الكفار والمشركين وأهل الديانات الأخرى على دخول الإسلام حيث أن الثابت في الإسلام أن ( لا إكراه في الدين ) ولكن كانت لقطع دابر الظلم وقمع الفتنة بل واستئصالها عن طريق استئصال من يدعو لها من المنافقين والظالمين .
وبهذا نعرف أن ( السلام ) هو الأصل في ديننا وأن الحرب هي الإستثناء على عكس ما يحاول أعداء الدين إظهاره للعالم بأن الأصل في الإسلام هو الحرب والدماء!!
وما أروع ما أثبته الله لنفسهِ ولدينهِ من دعوته للسلام حين جعل هذه اللفظة بالذات تحية المؤمنين في هذه الحياة الدنيا بل وفي تلك الدار الآخرة حينما قال ( وتحيتهم فيها سلام ) سورة يونس - الآية ١٠
وإليك هذه الهمسة الأخيرة :
قد يلجأ الإسلام للحرب عندما تكون الحرب هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق ( السلام) .
كتبت ريحانة :
- أشكر لطفك أخي علاء في إيضاح كل هذا وحقيقة فلقد كنت أجهل هذه الأدلة القرآنية التي تؤكد لنا فعلا أن أصل الدين هو السلام وليس الحرب والقتال! فهل ذكر هذا الكتاب شيئا عن أدلة بطلان الفتوحات الإسلامية؟
جاءها الرد :
- نعم بالتأكيد!
- وما هي إن أمكن؟
- في البدء يجب أن تعلمي أن الفتوحات الاسلامية التي يدعي البعض اليوم بأنها هي التي أسست لسبي النساء والغزو والسلب وإجبار الناس على إعتناق الإسلام وووو ...
هذه الفتوحات ما هي إلا عبارة عن خطة سياسية ماكرة لم يؤسس لها رسول الله أصلا وإنما إبتدعوها بعد وفاته لغرض مصالحهم الشخصية ليس إلا .. هذا الكتاب يؤكد تماما بالأدلة من كتاب الله لا غيره بأنه لا يوجد شيء في الاسلام الأصيل إسمه ( فتوحات اسلامية ) ... !!!
لأنها تؤسس لفكر الإكراه في الدين بينما يصدح القرآن عاليا ( لا إكراه في الدين ) .
مع الأسف الفتوحات الزائفة كانت البداية وداعش كانت الختام!
لقد حذر الله سبحانه وتعالى رسوله الكريم بعدم إكراه الناس وإجبارهم على الإيمان بل أمره بترك مطلق الحرية لهم أن يختاروا ما يشاؤون ، قال تعالى :
" لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي "
                                                             البقرة - 256
وقال عز وجل " وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " الكهف - 29
وكما جاء في بداية الدعوة الاسلامية " لكم دينكم ولي دين " الكافرون - 6
وقال تعالى " فذكر إنما أنت مذكر ، لست عليهم بمصيطر " الغاشية 21-22
وآية " ولو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين " يونس - 99
وقوله تعالى : " ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين " النحل - 125
وهذه الآيات تنفي تماما الدعوة لدين الله بالقوة أو العنف والإرهاب .
وأخيرا قوله تعالى :
" وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " الأنبياء - 107
فكيف يكون رحمة لكل الناس في العالم ( العالمين ) وهو لم يعمر في الرسالة إلا ثلاث وعشرين سنة ؟
ولم يخرج من الجزيرة العربية ولم يعرفه سكان الأرض إلا قليلا بل أن أغلب الناس يعادونه ويعادون الدين الذي جاء به ؟!
وقول الله سبحانه بأن محمدًا هو رحمة للعالمين فهو إذًا ليس محاربا لهم ولا منتقمًا منهم ، بل هو رحمة لهم جميعا ، وهذا يعني أيضا أن دعوته العالمية ستبقى ( رحمة ) إلى قيام الساعة .
والذي يجب أن نعرفه الآن انه " عليه وعلى آله الصلاة والسلام " لم يفتح أي بلد أو أي دولة سوى فتح واحد ذكره الله في سورة الفتح وهو فتح مكة مسقط رأسه ، وفيه بيت الله الحرام ، وقد سجل التاريخ بأن ذلك الفتح كان سلميًا الى أبعد الحدود فلم تهرق فيه قطرة واحدة من دم المشركين الذين هجموا عليه في عقر داره وقتلوا أصحابه ، بل سجل التأريخ له أسمى المواقف وأنبل الخلق عندما عفى عنهم جميعا وقال : إذهبوا فأنتم الطلقاء .
( أين هذا الموقف الانساني الرائع مما يفعله الفاتحون اليوم ؟ فهم بدعوى الفتوحات الاسلامية يقتلون ويمثلون بالجثث ، ينهبون ويسلبون ، يذبحون الرجال ويسبون النساء ويرهبون الأطفال ويتاجرون بهم وبأعضائهم .. كل هذا بحجة الفتح الإسلامي ) !!!!!
وأما بخصوص فتح المدن والدول البعيدة فلم يأخذ رسول الله جيشًا لفرض دينه ودعوته بل بعث إلى حكامها وملوكها رسائل في السنة السادسة أو السابعة للهجرة إلى المقوقس عظيم القبط في مصر ، وإلى هرقل عظيم الروم ، وإلى كسرى عظيم الفرس ، وإلى النجاشي عظيم الحبشة ، كما بعث إلى ملك اليمن وملك البحرين وملك الغساسنة ، فالرسائل متعددة والمضمون واحد .
وقد كتبها رسول الله بخط يده وختمها بخاتمه وبعض هذه الرسائل بقي إلى اليوم في متحف ( TopKapi ) في اسطنبول بتركيا وقد اطلعت عليها شخصيا - والكلام للتيجاني - وإليك أيها القارىء العزيز نص الرسالة ومضمونها :
                  بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد بن عبد الله ، عبد الله ورسوله الى المقوقس عظيم القبط سلام على من اتبع الهدى ..
أما بعد فإني أدعوك بدعوة الاسلام ، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فعليك إثم القبط جميعا .
( قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) آل عمران - 46
فهذه  الرسائل بمضامينها والتي بعث بها رسول الله الى كل الملوك الذين يحكمون العالم وهي كما نرى ليس فيها تهديد من قريب أو من بعيد ، وقد حمل رسول الله الحكام مسؤولية شعوبهم ، لأن الناس على دين ملوكهم فإذا اهتدى الملك وأسلم فإن شعبه يتبعه بدون شك ، ولذلك يقول الرسول في رسالته : أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، وقوله " أسلم تسلم " يعني اذا اعتنقت الاسلام تسلم يوم القيامة من عذاب الله " ويؤتك أجرك مرتين " يعني يعطيك الله أجرا لهداية نفسك وأجرا ثانيا لهداية شعبك ، وهكذا هو دين الإسلام .
نعم فلقد لبى رسول الله نداء ربه بهذه الرسائل حين قال في محكم كتابه ( قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل ) يونس - 108

#يتبع...💙✨

فتاة الربيع رويدة الدعمي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن