20

133 13 0
                                    

فتــــاة الربيع |💙🕊️
حلقة - 20 -

بعد الإعتداءات المتكررة لقوات مكافحة الشغب قرر مصطفى إعادة نساءه للمنزل فهو لا يدري في أي لحظة سيتم تصفيتهم!! خاصة بعد أن إنتشرت حوادث قتل الناشطين وخطفهم وتغييبهم عن أجواء الثورة!
في تلك الليلة التي أصرَّ فيها مصطفى على عودة أهله وخطيبته ووالدتها إلى منازلهن وبينما كان يجلس هو واصدقائه كما في كل مرة يتسامرون ليلًا وإذا بقوات مكافحة الشغب وبزيهم المعروف ذلك حيث لا تظهر من وجوههم إلا العيون! هجموا على خيام المعتصمين وصاروا يضربونهم بالهراوات والعصي الكهربائية وهم يصرخون : أين المندسين!!
حاول الشباب أن يكونوا أكثر صمودًا لكن تلك القوات استطاعت أن تفرقهم وإبعادهم عن الخيام باستخدامها الغازات السامة، شعر مصطفى بأن أعصابه لا تتحمل مزيدًا من هذا الغاز فلقد إستنشق منه الكثير خلال هذا الأسبوع!
سقط أرضًا بعد أن تشنجت جميع أعصابه فسحبه أصدقائه بعيدًا عن الخيام وصاروا يغسلون وجهه بشراب البيبسي الذي كان يقلل من تأثير ذلك الغاز!
ومن هناك صاروا يراقبون ما تفعله تلك القوات فإذا بها تضرم النار في الخيام وتحرق كل شيء في تلك الساحة حتى المصاحف الشريفة!!
في الصباح وبعد أن عرف أهالي كربلاء بما جرى للمعتصمين من تعذيب وحرق الخيام هبوا إلى تنظيف المكان والعودة بقوة إلى مساندة المعتصمين فلقد انقلب السحر على الساحر!
حاولوا إنهاء الاعتصام بأي طريقة فإذا به يزيد عن السابق وإذا بالمشاعر تلتهب أكثر فأكثر والكل يصدح بحب الوطن والموت للخونة!
في المنزل إتصلت تقوى بريحانة لتخبرها بكل ما جرى لمصطفى واصدقائه وبأن مصطفى الآن في المنزل بعد أن تأذت أعصابه كثيرًا من الغاز السام وبعد أن أشبعوه ضربًا وصعقًا بالعصي الكهربائية .
أسرعت ريحانة ووالدتها إلى منزل مصطفى وهناك رأت خطيبها بحالة يرثى لها، وما أن رآها حتى خاطبها ودموعه تسبق كلماته :
- لقد أحرقوا المصاحف الشريفة وتعدوا كل حدودهم!
صارت ريحانة تضمد له جراحه وهي تبكي وتقول :
- هل هناك أمل في نجاح الثورة بعد كل هذا؟
قال لها وهو يتألم من حرارة المادة المعقمة :
- نعم بإذن الله.. ما دام التجاوز وصل لكتاب الله الكريم - وهم يعلمون جيدًا بأن خيمنا تحتوي على المصاحف لأننا نعمل يوميًا محفل قرآني على أرواح الشهداء - فصدقيني لن يدوم حكمهم!
ومهما بلغت قوتهم في العراق فهناك رب أقوى منهم.. ثقي بذلك.
- أتساءل كثيرًا يا مصطفى.. هل الإمام المهدي عليه السلام سيقوم بثورة مشابهة لهذه عند ظهوره؟
وهل هو يدعو للثورة الآن؟!
- جزاكِ الله خيرًا يا ريحانة على ذكركِ لصاحب الأمر روحي فداه .. هو حتمًا يدعو لنا بالنصر لأننا نقوم بمحاربة - الظلم - وهو  نفس الهدف الذي سيظهر لأجله روحي فداه، ألم تخبرنا الروايات الشريفة بأنه سيظهر ليملأ الأرض قسطًا وعدلا بعد أن ملئت ظلما وجورا؟
صحيح أننا لن نستطِع بثورتنا هذه أن نملأ أرضنا عدلاً لكننا نحارب الظلم والجور كما سيفعل بالضبط.
- أتمنى أن أعرف يا مصطفى كيف ستكون الحياة عند مقدمه الشريف؟
قال بلهفة :
- ستكون ربيعًا.. يا ريحانة!
سألته بدهشة :
- ربيعًا ؟!
- نعم.
- وكيف ذلك.. أتمنى أن أعرف ماذا تقصد بالربيع؟!
- إسمعي ما تصفه لنا الروايات عن الحياة التي سنعيشها في زمانه - روحي فداه - وستعرفين ماذا اقصد بذلك..
عن أبي سعيد الخدري ( وهو من الثقاة عند أخواننا من أهل السنة والجماعة) حيث ينقل لنا هذه الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : " يخرج رجل من أهل بيتي، ويعمل بسنتي، وينزل الله له البركة من السماء وتخرج الأرض بركتها، وتملأ الأرض عدلًا كما ملئت ظلمًا وجورا" .
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله في نفس المعنى :" يتنعم أمتي في زمن المهدي نعمة لم يتنعموا قبلها قط، يرسل السماء عليهم مدرارا، ولا تدع الأرض شيئًا من نباتها إلا أخرجته".
وعن الإمام علي عليه السلام :" ولو قد قام قائمنا لأنزلت السماء قطرها، ولأخرجت الأرض نباتها، ولذهبت الشحناء من قلوب العباد، واصطلحت السباع والبهائم، حتى تمشي المرأة بين العراق والشام لا تضع قدميها إلا على نبات! ".
وعن الإمام علي عليه السلام أيضًا :" يبعث الله رجلًا في آخر الزمان.. يدين له عرض البلاد وطولها.. وتخرج الأرض نبتها، وتنزل السماء بركتها، وتظهر له الكنوز.. ".
سألت ريحانة بدهشة :
- كنوز؟!
أجابها مصطفى :
- نعم.. قد تكون كنوز من العلم والاكتشافات المعدنية التي عن طريقها تظهر لنا الأرض كنوزها الحقيقية! ولا يأتي هذا حتمًا إلا عن طريق العلم الحقيقي ..
عن أبان عن الإمام الصادق عليه السلام قال :
( العلم سبعة وعشرون حرفًا، فجميع ما جاءت به الرسل حرفان فلم يعرف الناس حتى اليوم غير الحرفين، فإذا قام قائمنا أخرج الخمسة والعشرين حرفًا فبثها في الناس وضم إليها الحرفين حتى يبثها سبعة وعشرين حرفًا).
عادت ريحانة للتساؤل :
- أظن أن الحرف بمعنى القِسم أو الفرع، أي أن العلم الحقيقي 27 قِسمًا أو فرعًا..؟
أيدها مصطفى بالقول :
- نعم.. اعتقد ذلك.
قالت ريحانة بفضول :
- لدي سؤال أخير حول رواية العراق والشام! وسؤالي عن تلك الرواية يتكون من شقين : الأول لماذا إختار الإمام علي عليه السلام العراق والشام مثالًا عن الدولة المهدوية رغم أنها عالمية وستشمل جميع بقاع الأرض؟!
أما الشق الثاني من السؤال : فما الذي يريده الإمام من عبارة : أن المرأة لا تضع قدميها إلا على نبات؟
أجابها خطيبها بالقول :
- أما جواب الشق الأول من السؤال فأعتقد بأن إختيار الإمام علي عليه السلام بلاد ( العراق والشام) بالذات للتحدث عن الأمان الذي سيحل فيهما وذلك بسبب ما ستشمله هذه البلدان العربية من أوضاع متوترة ما قبل ظهور الإمام عليه السلام وها نحن نرى الآن أوضاعًا متدهورة في كلا المنطقتين وأكثر من أي مكان في هذا العالم فعساه يكون زمن ما قبل الظهور فعلًا! كما يجب أن تعلمي أن لفظة الشام لا تُطلق في ذلك الوقت على سوريا فقط بل تشمل ( سوريا، لبنان، الأردن وفلسطين).
أما الشق الثاني من سؤالكِ فأعتقد بأن الإمام علي عليه السلام إختار لفظ ( النبات) دلالة الخصب والخير الكثير الذي يأتي من الزرع والحصاد والأرض الخضراء الواسعة.
قالت ريحانة بسعادة بالغة :
- وبهذا يكون معنى هذه الرواية بأن المرأة ستسير بين العراق والشام دون أن يعترضها أي شيء يدعو للخوف، بل ستكون آمنة ومطمئنة وهي تمشي بين الأزهار والحقول الخضراء!
أخذت ريحانة حسرة طويلة لكن الابتسامة ما زالت مرسومة على محياها.. أردفت بشغف واشتياق :
- فعلًا هو الربيع بعينه! وكما وصفته لي يا مصطفى.. إنه ربيع الكون! ما أجمل أن نعيش زمن الظهور وأن تتصل أيامنا بأيامه.. وما أروعها من أيام!

#يتبع...💙✨

فتاة الربيع رويدة الدعمي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن