11

146 16 2
                                    

فتـــــاة الربيع |💙🕊️
حلقة - 11 -

مضت الأيام والأمور بين ريحانة ومصطفى هادئة جدًا، لا يوجد بينهما غير السلام!
إلا أن أتى ذلك اليوم الذي وصل فيه والده من السفر، فعادت الأمور للتوتر عندما طلب الوالد من إبنه أن يضع حدًا لكل ما يجري، لم يعرف مصطفى ما الذي يفعله فلقد أخبر والدته وكذلك مروة وريحانة بأنه لا يريد لهذا الزواج أن يتم وبأنه سيفسخ الخطوبة ما أن يأتي والده من السفر، أما اليوم فهو يشعر بأنه غير مرغم على فسخ تلك الخطوبة!
قال له والده :
- لماذا هذا الصمت؟
ألم تكن قد قررت أن تفسخ تلك الخطوبة حال رجوعي من السفر؟
ها أنا الآن بقربكم وبكامل قوتي وصحتي ولله الحمد، هيّأ نفسك يوم غد للذهاب إلى الحاكم الشرعي لفسخ العقد بينكما.
لم يحصل الأب على أي جواب من ولده، صاح به بكل عصبية :
- لماذا لا تقل شيئًا؟!
إلى متى تبقى صامتًا يا فتى!
إتجهت صفا نحو زوجها وهي تمسك بذراعه وتتوسل إليه أن يهدأ فقد تعود حالته الصحية للتدهور مرة أخرى!
قام مصطفى من مكانه وهو يقول :
- لن أطلقها.. إلا إذا هي أرادت ذلك!
نظر أبو مصطفى لزوجته وهو يقول :
- إتصلي بها الآن وأخبريها بما تحدثنا به ولتعطيك رأيها النهائي.
إتصلت صفا بريحانة وفاجأتها بالقول :
- لقد عاد عمك من سفره وعرف بكل ما حصل بينكما أقصد أنتِ ومصطفى، كان قرار ولدنا بأنه سيفسخ الخطوبة حالما يأتي والده..
صارت ضربات قلب ريحانة تتراكض من الخوف، انها تخشى أن تنطق صفا بقرار مصطفى النهائي، ولكن ألم تكن هي أيضا تتمنى فسخ هذه الخطوبة؟
فما الذي جرى الآن ولماذا هي خائفة من مسألة الانفصال؟!
أكملت صفا :
- أما الآن.. فلقد ترك مصطفى القرار النهائي لكِ أنتِ!
تنفست ريحانة الصعداء وعادت الابتسامة لوجهها وهي تقول :
- دعيني أفكر يا خالتي، أرجوكِ!
- ولكن يا ريحانة أكثر من ثلاثة أشهر وأنتِ معه في نفس الكلية وكلما سألته هل إلتقيتما؟
جلستما؟
تحدثتما معًا أنت وخطيبتك؟؟
يقول لا!
حتى إنكِ يا إبنتي لا تلبسي خاتم الخطوبة!
- لكن يا خالة كيف ألبسه وهو قد قرر فسخ خطوبتنا؟
- نعم صحيح.. لا بأس الآن تستطيعي التفكير ليوم أو يومين.. سننتظرك.
خرجت صفا من غرفتها وبيدها الهاتف.. كان مصطفى ينظر لوالدته بكل ترقب، وفي تلك الأثناء تمنى لو أن الأرض تنشق وتبلعه قبل أن يسمع قرار ريحانة النهائي برفضه!!
قال بكلمات متقطعة :
- ها.. يا ماما؟ ما الذي قالته لكِ؟
إنتبه والده إلى اضطرابه وقلقه، إلتفت إلى زوجته وهو يقول :
- هيا يا صفا.. أخبرينا!
أجابت صفا وهي تلاحظ أيضًا إضطراب ولدها الشديد:
- طلبت أن نعطيها فرصة ليوم أو يومين!
ضرب الأب كفًا بكف وهو ينظر لمصطفى ويقول :
- عجيب أمركما يا ولدي.. لا أحد منكما يريد أن يعطي القرار النهائي بفسخ الخطوبة، وهذا يعني أنكما لا تريدان الانفصال عن بعضكما أصلًا!
خفض مصطفى رأسه ودخل إلى غرفته وأغلق الباب خلفه ليتجه إلى سجادة صلاته فرشها وسجد سجدة طويلة لله وهو يشكره فيها إذ لم تعطِهم ريحانة قرارها بالإنفصال عنه!
في صباح اليوم التالي إتجه نحو قاعتها فوجدها تجلس مع يقين تذاكر في أحد الكتب.. ألقى التحية، ثم استأذنها للحديث على إنفراد، قامت ومشت خلفه بحذر، وفي الممر الذي يجمع بين القاعات قال لها بأدب :
- أشكركِ لأنكِ لم تعطنا قرارك بالإنفصال.
- لكني قلت لخالتي صفا، إنتظروني ليوم أو يومين!
إصفر لون وجهه وهو يسألها :
- هل يعني هذا بأنكِ قد.. قد توافقين على الانفصال؟
بلعت ريقها بصعوبة وهي تقول :
- إحتمال!
- والسبب؟
- خائفة منك ومن دينك!
- وهل ديني يختلف عن دينك؟ أولستِ مسلمة؟
- نعم لكن ما زالت أمور كثيرة خافية عني بخصوص الدين السائد فأنا أشعر بأن لي دين سمح يحب الجميع.
- هل دينكِ يقول أن تحبي الجميع ما عدا خطيبك!
- هل تتذكر علاء؟
بلع ريقه هو هذه المرة بصعوبة وهو يقول :
- نعم أذكره .. ما به؟
- أريد أن ألقي عليه بعض الأسئلة حول الدين، وإن شعرت بالإطمئنان النهائي فسأعطي موافقتي عليك.
- الإطمئنان النهائي؟ هذا يعني أنه هناك الآن بعض الاطمئنان؟
- نعم تقريبا!
نظر إلى يديها وهو يقول :
- متى تقررين إرتداء الخاتم؟!
- عندما يحصل الإطمئنان أيضًا.
- لا بأس الآن.. أدعو الله أن يحصل ذلك الاطمئنان بأسرع وقت!
- بالعكس يا مصطفى!
- ماذا تقصدين؟
- أعتقد أن اليوم واليومين غير كافيين، علاء الآن غير متواجد على الإنترنت لا أعرف لماذا، اليوم طلبت من يقين أن تحدثه لعله يفتح بريده الخاص! وحتى إن فتحه فسأحتاج إلى أسبوع أو أكثر للتحدث حول الأمور التي أريد معرفتها!
- ولكن لماذا قلتِ لأمي يوم أو يومين؟! ماذا سأقول لأبي الآن؟
- أخبره بأي شيء، حاول إقناع أهلك لينتظروني فترة أطول.. رجاءًا!
في هذه الأثناء لمح مصطفى زميله حسن وهو يراقبهما من بعيد، ودَّع خطيبته وإتجه نحو حسن قائلا له :
- ما الخبر حسن؟
إرتبك حسن بعض الشيء ثم قال :
- قلت أن ريحانة من معارفك.. صحيح ؟
- ومن أين عرفت اسمها؟
- سألت الشباب في مرحلتها..
- ولماذا سألتهم؟
- لأني.. لأني معجب بها!
كانت ريحانة مازالت تنظر إليهما من بعيد لأنها هي أيضا كانت منتبهة لنظرات حسن طوال الفترة السابقة!
أمسك مصطفى بقميص صديقه وهو يصيح بوجهه :
- إسمعني يا حسن.. هذه آخر مرة أسمعك تلفظ اسمها على لسانك، صدقني سترى مني ما لم تره طوال حياتك!
مدّ حسن يده نحو مصطفى وضربه بقوة في وجهه، دخل مصطفى في شباك وعراك قوي معه وريحانة تنظر إليهما لا تعرف ماذا تفعل!
إتجهت نحو مصطفى وأمسكته من ذراعه وهي تبعده عن ذلك الشاب وتتوسل إليه أن يتركه.
إبتعد مصطفى عن حسن وهو يصرح في وجهها :
- منذ يوم غد لن تدخلي الجامعة إلا وخاتم الخطوبة في يدكِ.. هل فهمتي؟
خفضت ريحانة رأسها وقد تطافرت الدموع من عينيها وهي تردد :
- سأفعل ذلك، هيا الآن لنبتعد عنه، الجميع صار ينظر إلينا!
قام حسن من مكانه وهو يتساءل بدهشة :
- ما معنى أن تلبس خاتم خطوبتها؟
قال مصطفى وهو يعيد ترتيب ملابسه :
- إنها خطيبتي.. بل إمرأتي شرعًا!
فغر حسن فاهه وقام عن الأرض بصعوبة وهو يردد :
- أعتذر جدًا، لو أن امرأتك إرتدت خاتم الخطوبة ما حدث كل هذا!
ذهب حسن بعيدًا وترك مصطفى مع خطيبته التي بدت مرتبكة كثيرًا، قال مصطفى بأسى :
- هل هذا يريحكِ الآن؟!
قالت ودموعها تسبق كلماتها :
- ولكن ما ذنبي أنا؟ ألم تكن تنتظر والدك لفسخ خطوبتنا بحجة أنني عنيدة ولا أنفع أن أكون زوجتك؟! كيف لي أن أعلم بأنك ستغير رأيك!
- والآن أنا غيرت رأيي.. فهلا لبستِ الخاتم منذ يوم غد!
مدّت ريحانة يدها نحو حقيبتها وقد غسلت الدموع وجهها قائلة :
- بل سألبسه منذ الآن.. هو في حقيبتي! كل يوم أقرر أن ألبسه ثم أؤجل الموضوع، أما الآن فالأمر لم يعد يحتمل التأجيل.
لبست ريحانة خاتم الخطوبة ومسحت دموعها بيدين مرتجفتين ثم إتجهت إلى قاعتها الدراسية في حين كان مصطفى يراقبها بكل إهتمام.

#يتبع...💙✨

فتاة الربيع رويدة الدعمي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن