الفصل الحادي عشر

813 44 3
                                    

الفصل الحادي عشر

غضب منها تارة وممن أذاها تارة أخرى ، و حزن شديد على حبيبته ممن هم أقرب الناس إليها مشاعر مغلفة بقلب موجوع ويتألم من رؤية ياسمينته بهذا الوضع المرضي بسببها هي أولًا ، هي " حلا " التي طعنت شقيقتها بكل برود يمتلكه أمثالها ، والأن تزرف بعضًا من دموع حمقاء لن تُشفي ولن تُغني من جوع ،
تجلس أمامه الأن تنظر له بتعجب وهي تشير نحوه بعدم تصديق ، كما كانت تفعل دومًا مع شقيقتها الوحيدة ،
لم يستطيع كتمان غضبه بعدما سمعه منها من خلف الباب ،
لقد اتخذت هذه الغبية الطريق الأسهل وهو اتهام شقيقتها بالكذب والمرض بدلًا من أن تستمع لها ولو قليلًا أو تحاول مجرد محاولة أن تتفهمها ،
جلس على المقعد المُقابل لحلا ، ووضع ذراعيه على ركبتيه وهو يقرب وجهه منها قائلًا :
- طبعًا اتفجأتي  ، مكنتيش متخيلة أن اختك صادقة !
نظرت لأكثم الذي يتابع مواجهتهم بتركيز تام ، لتتسأل بحيرة وهي تنتقل بنظرتها للأثنين  :
- أنا مش فاهمه حاجه ! هو إيه اللي جابك هنا ؟!
اشار أكثم نحو ريان ليجيب هو :
- ريان مشكورًا هو اللي جابها هنا بعد تأخر حالة ياسمين الصحية ،
لم تعلق على حالتها الصحية وتوقفت عند النصف الأول من الجملة لتردد :
- ايوه جابها منين بقى ؟! يعني هي هربت من جوزها وراحت له !
وقف ريان وضرب بكفه على مكتب الطبيب ليوقفها بتهديد صريح ، وقد فاض غضبه منها :
- اخرسي .. وإلا مش هعمل اعتبار للصلة بيها ولا هعمل اعتبار إنك ست اساسًا وهيكون تصرفي غير مقبول بالمرة ،
اوقفه أكثم بينما هي وقفت أمامه بحنق شديد قائلة :
- ماهو يا هي اللي جاتلك وبعد الحبتين دول والكلمتين الفارغين اللي قولتهم ، هنستبعد الاحتمال دا يبقى أنت اللي خطفتها و و قتها أنا اللي هوديك في داهيه ،
تعالت ضحكته فارتبكت حلا بينما اكثم يلتزم المراقبة بدقة ، ليقترب ريان من حلا خطوة جعلتها تصطدم بالمقعد خلفها وهي تبتعد عنه وقد لمح أكثم ارتعاش حدقتيها من الخوف ،
وريان يهتف بها :
- تمام وانا مستني أشوف الداهية اللي هتوديني فيها ، يا مدام سليم بيه الحرامي
قضبت حاجبيها بغضب ورفعت كلتا يديها بتشنج وهي تصرخ به :
- انت اتجننت يا بتاع أنت عشان تتكلم عن جوزي كدا ولا حتى تذكر اسمه ،
رفع كفه ليتحسس به ذقنه فارتجفت رغمًا عنها من المفاجأة ، ليبتسم هو من اهتزازها قائلًا :
- جوزك دا اللي متجوزك ومستحملك رغم عشقه لأختك عشان فلوس ابوكِ ،
احتقن وجهها بالدماء حتى كادت أن تتفجر شرايينها ، لتتعالى انفاسها وتفقد النطق ليٌكمل ريان وهو يقرب وجهه منها ويحدق بعينيها :
- وروحتي جوزتيها لصاحبه المُختل ، اللي اتجوزها وهو عارف أن جوزك بيحبها واتعرض لها بدل المره عشره ، وبرده عشان فلوس أبوكِ .. يا ترى أنتِ عارفه الكلام دا ومقسمه معاهم ولا أول مره تسمعيه ، رفع زاوية فمه بابتسامة تهكمية وهو يردد :
-  ولو أني اشك في الاحتمال دا ..
ثم ضيق عينيه قائلًا :
-  أأقصد التاني طبعًا
لم يتوقع رد فعلها السريع وهي تصفعه على وجهه صارخة به :
- أنت كدااااب
عيناه جحظت من حركتها وقبل أن يرفع كفه ليرد لها صفعتها وقف أكثم بينهما يُمسك كلتا يديه ليهتف به :
- سيبني يا أكثم أما اعرف البني آدمه دي مقامها
اخذت حقيبتها بعنف وقد بدأ بالبكاء ، ثم فتحت باب الغرفة لتخرج منها وهي تزعق بهم :
- أنا اصلًا اللي غلطانه إني قاعدة من ساعتها أتكلم معاكم ..
ليصلهم صوتها العالي وهي تُكمل حديثها :
- أنا طالعه على القسم ابلغ عنكم يا شوية لصوص
امسكه أكثم حتى لا يتبعها وهو يقول له :
- سيبك منها مش هتقدر تعمل حاجه .. بس للإطمئنان هننقل ياسمين مستشفى تانية ،
دفعه ريان في صدره ليرتد للخلف بينما ريان ينفث غضبه به :
- قولتلك م الأول يا أكثم إن اختها معاهم وهي اللي ساعدتهم ، برده نفذت اللي في دماغك وجبتها هنا ،
رغم حنقه من تهور ريان به وتجاوزه حدوده معه ، إلا إنه تفهم حالته الثائرة وخاصة بعدما صفعته حلا بدلُا من أن يصفعها هو على ما فعلته بأختها ،
التف حول مكتبه ليجلس على مقعده وهو يشير لريان أن يجلس هو الأخر قائلًا :
- اقعد بس واهدى .. المقابلة دي كان لازم تتم ، وكان لازم اشوفها وهي بتقرا مذكرات ياسمين ،
وضع ريان كفه على وجنته ليسأله باستهزاء واضح :
- ووصلت لحاجه بقى !
امال أكثم رأسه لجانبه وهو ينظر إليه بعتب قائلًا :
- أكيد يعني يا فنان .. أنا دكتور نفسي مش دكتور مسالك بولية  ،
وقف ريان وهو يستعد للخروج قائلًا :
- أنا داخل لياسمين اشوفها واقولها اننا هننقلها مستشفى تانيه ،
أومأ ليعود له ريان بعدما فتح باب الغرفة ليسأله :
- هي اللي اسمها حلا دي شافت ياسمين ؟!
هز رأسه نافياً ، ليردد :
- احسن برده
ابتسم أكثم وهو يقول :
- ما استغربتش يعني !
خرج من الغرفة وهو مازل يُمسك بابها وينظر إليه وعلامات التقزز تُزيين وجهه :
- استغرب أنت يا دكتوور .. أنا حافظ الأشكال دي كويس
ثم اغلق الباب خلفه تاركًا اكثم يردد :
- لسه قدامك كتيير عشان تحفظ الأشكال دي يا فنان ..
وقف ريان أمام باب غرفتها وقلبه ما زال يؤلمه كلما تذكر حالتها التي جعلته يرضخ في النهاية ويهاتف أكثم كي يساعدها ،
واضطر للموافقة في نقلها لمشفاه الخاص حتى تظل تحت مراقبته ،
تنهد بوجع وهو يذكر رفضها التام للحديث معه أو مع الطبيب حتى اقترح عليها أكثم أن تكتب كل ما تريده في مذكرة ، ليتفاجأ الأثنان بما كتبته هي من أحداث معظمها مزيف ،
ليعلل أكثم هذه الأحداث بأنها مشوشة من آثار الدواء وقد صنع لها عقلها ذاكرة بديلة لأحداث كانت تتمنها ،
ورغم كل ما تمر به حبيبته إلا انها لم تزيف شيء يخصه على الإطلاق ورغم دهشته وتعجب أكثم إلا أنه سعيد من ذلك ، وما اسعده أكثر هو اعتراف شقيقتها بأنها شعرت بانجذابه لها من أول لقاء بينهما ، رغم وجود هشام في حياتها في هذا الوقت إلا انها  بادلته نفس الشعور ، ولولا تجاهل أختها لمشاعرها وتقديم زفافها على هذا الحقير كان سيختلف وضعها الأن ،
فتح باب الغرفة بعدما طرقه عدة طرقات خفيفة ،
ليجدها تجلس على فراشها وعيناه لا تحيدان النظر عن الجدار وكأنها لم تشعر لا بطرقه ولا بدخوله الغرفة ،
نادها برقة ، فلم تستجيب .. اقترب منها بخطوات بطيئة حتى وقف أمامها يناديها ثانية :
- ياسمين أنتِ مش سمعاني !
حركت حدقتيها ببطيء حتى تلاقت اعينهما ، لتردد هي :
- اذيك يا ريان
جر المقعد الخشبي ، ثم وضعه امامها ليجلس عليها مجيبًا :
- مش كويس
هزت رأسها وهي تتسأل :
- ليه ؟ ايه اللي حصل !
فكر فكل ما يريد إخبارها به ولكنه تراجع وهو يتذكر تحذير أكثم له عن حديثه معها وعدم ذكر اي معلومة خارج ما كتبته هي في المذكرة ، فأبدل إجابته بسؤال :
- أنتِ عامله إيه هنا ؟
تنهدت بعمق وهي تجيب :
- كويسه
اكمل سريعًا :
- طب تحبي نروح مستشفى تانيه ؟
ضمت حاجبيها مرددة :
- ليه ؟!
لم يجد ما يقوله سوى :
- يعني .. مستشفى أقرب للبيت لان دي بعيد
ضيقت عينيها بتساؤل :
- بيت مين ؟!
فهم ما ترمي إليه ليجيب ببساطة :
- بيتنا .. أنا وأنتِ
وقفت بغضب تردد :
- أنا ماليش بيت معاك يا ريان .. أنا بيتي مع جوزي وفي وسط ولادي ،
فقد آخر ذرة تعقل ليصرخ بها :
- قولتلك ميت مره ما تجيبش سيرة الزفت دا وتقولي عليه جوزي ، ثم أنت معندكيش عيال منه .. فوقي بقى ..
وضعت كفيها على أذنها واهتز جسدها بتوتر من صوته المرتفع وهو يردد كلماته هذه على مسامعها  ، وبدأت تهز رأسها بضطراب وهي تردد :
- متصدقيهوش .. متصدقيهوش
شعر بالندم عندما رأى حالتها ليقف مرة أخرى عاجزًا أمامها وهي تكرر كلماتها ليعلوا صوتها حد الصراخ الذي جعل أكثم والممرضات يقتحمون عليهم الغرفة ليزعق به أكثم طاردًا إياه فخطى ريان على الفور تجاه الباب دون أن يتمالك نفسه ،
خرج ريان ودموعه تتساقط على وجهه من رؤيتها هكذا ، مشوشة ومضطربة وتعيش في وهم كبير كلما حاول أن يُخرجها منه ينقلب حالها للأسوء ،
مسح دموعه وهو يُخرج هاتفه الذي يهتز منذ كثير في جيبه ، ليجد المتصل لم يكن سوى أنيسة التي ترك رقمها خارج قائمة حظر المتصلين ،
اجابها والحزن يغلب على صوته ، لتشعر هي بالألم من أجله وهي تنصحه :
- طب والحل يا ابني في اللي بتعمله في نفسك دا !
انهى المحادثة وهو يرى أكثم يخرج من باب غرفتها :
- نتكلم لما ارجع يا امي .. سلام
وضع الهاتف في جيبه وانتظر تقريع أكثم الذي بدأ للتو :
- يعني إن مكنتش منبه عليك ميت مره .. يا ابني حرام عليك كل ما اقول خلاص هتبدأ تتحل تقوم أنت معقدهالي  ،
ليزفر بضييق وهو يردد :
- يعني امنعك من زيارتها وارتاح
نظر لها ريان بغضب قائلًا :
- اكثم .. خلاص أنا عارف أني غلط واتسرعت .. متأفورش بقى
هز أكثم رأسه بيأس وهو يقول له :
- الممرضات بيجهزوها وهننقلها في عربيتي .. انزل انت استنانا في عربيتك عشان تمشي وريا وتعرف المكان الجديد ، هو مش بعيد عن هنا ..
لم ينتظر ريان كلمة أخرى وتركه وخطى ناحية مخرج المشفى وهو يعاهد نفسه أن يتحلى بالصبر حتى تطيب حبيبته تمامًا .. ووقتها سوف ينتقم شر الانتقام  من كل من ساهم في وصولها لهذه المرحلة ومؤكد سيبدأ بالتي تسمى شقيقتها  .......

إيروتومانياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن