اليوم السابع

216 22 87
                                    

04/04/2016

«نحن البشر لا نهتم لأولئك المساكين وقت معاناتهم، ولكن لحظة ارتكابهم أي خطأ، حتى ولو كان بغير إرادة منهم، سنكون لهم بالمرصاد»


«بقيت في ذلك الميتم حتى سن الرابع عشرة ولن أحكي ما عشت فيه، لأن جمع كل ذكرى أليمة عشتها في يوم واحد فوق قدرةِ احتمالي، كل ما أستطيع قوله أننا لو كنا يهودًا لما عاملونا بهذه الطريقة، كانوا أشد رأفةً بالحيوانات منَّا، وكأننا لسنا بيتامى أوصى الله بهم، كنت أرى أن كل فتاة تبلغ تلك السن تختفي ولا تعود بعد ذلك مرة أخرى، ولِمَ تعود وقد نجت من الجحيم؟ توقعت أنهم يطلقون سراحنا في سن الرابعة عشر، وكم انتظرته بفارغ الصبر، ويا ليتني لم أفعل ذلك»


وجهت نظراتها إلى الجدار المقابل لها بشرود دام بضع ثوان، ولم أحاول التكلم حتى لا أزعجها، بل آثرت الصمت إلى أن بدأت في جولتها الثانية من الكلام: 

 «وصل ذاك اليوم المشؤوم، استدعيت من طرف مديرة الميتم وطرقت الباب فأمرتني بالدخول، جلست على المقعد وأنا أنتظرها كي تتكلم، إلى أن أعطتني ورقة وقلمًا وألزمتني بأن أوقع تلك الورقة، لم أستطع قراءة محتواها بسبب نقص التعليم عندي، فوقعت وأنا كلي أمل أنني سأخرج بعدها. أمرتني بالانتظار بضع دقائق، خرجت ثم عادت ومعها امرأة وأخبرتني أن أذهب معها، وخرجت من ذلك السجن وكلي تفاؤل بحياة جديدة، ولكن العكس حصل، ولعب القدر لعبته السيئة معي مرّةً ثانيةً، ومنذ ذلك اليوم وأنا أعيش هنا مع هذه المرأة وأعمل معها غصبًا عني»


أنهت كلامها، وشهقة تلتها شهقات كثيرة خرجت من جوفها، وشلال من الماء المالح انهمر من مقلتيها، أن تعيش كل تلك المعاناة من فقدان الأهل وغياب كل وسائل العيش بكرامة وإنسانية، وأن يحكم على مصيرك بسلاسل وأغلال من حديد ليس بالسهل على المرء تحمله.


«أرفع القبعة احترامًا لك يا شيماء، ما مر عليك لم أكن سأستطيع تحمله»


مسحتُ دمعةً سقطت على كف يدها في محاولة مني لمواساتها، لطالما كنت سيئةً في المواساة. ظهر الألم جليًّا على عسليتي وغزا الوجع جل ملامحي، شعرت بالخزي من نفسي، الفرق كبير بيني وبينها، لدي كنز ثمين يسمى بالأسرة ضيعته من يدي، وهناك من أخذ بلا قوة منه.


«عندما سمعت قصتك، شعرت بالغضب من القرار الذي اتخذتِه، أنا أحسدك على العائلة التي تملكينها وتركتها بسبب أفكار وأسباب غير منطقية، لو كنت مكانك كنت تشبثت بها حتى آخر نفس يخرج مني»

سجينة الماضيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن