البارت الثالث.. الذكريات

30 2 0
                                    

الولايات المتحدة.. ماساتشوستس.. كامبريدج.. آدم براون

اليوم سأحتفل بعيد ميلاده الرابع.. وأنا في السادسة والعشرين من عمري.. أخذت إجازة من الشركة التي أعمل بها واستقلت سيارتي ثم توجهت الى الحضانة التي أتركه بها قبل ذهابي للعمل.. ترجلت من سيارتي ووقفت أمام سور الحضانة، تلفت يمنة ويسرة متفحصا وجوه الأطفال لعلي ألمحه بينهم هنا او هناك.. رأتني المربية ورسمت على وجهها إبتسامة قبل أن تدخل إلى الداخل.. لتخرجه ماسكة بيده الصغيرة، ارتسمت ابتسامة بتلقائية على شفتاي وأنا أراه ممسكا بقطعة شوكولاه داكنة ووجهه ملطخ بها، جلست القرفصاء وفتحت ذراعاي له ليهرول إلي بعد أن أفلت يد مربية الحضانة الحسناء.. حملته على ذراعي ثم توجهت للسيارة.

# # # # # #

توقفنا أمام المنزل وترجلت من السيارة بعد أن فككت حزام الأمان له.. فتحت له الباب لينزل بذات الحذر الذي ينزل به كل مرة وهو متمسك برجلي.. ثم انطلق يجري نحو باب المنزل وعيناي تراقبه خائفة من ان يقع.. فتحت باب المنزل ودخل قبلي.. أطلقت نحنحة غليظة لينتبه فعاد ليخلع أحذيته عند الباب، ضحكت منه وحملته أداعبه في الهواء وأنا أتوجه الى غرفته المفروشة بالأزرق، وضعته على الأرض واقفا وقلت: استعد لأخذ حمام.
نظر إلي نظرة متذمر لأحسم الأمر بقولي: وإلا سأتركك وحيدا في المنزل هذه الليلة.
خرجت من الغرفة لأسمع صرخة تذمر مفرطة تجاهلتها وذهبت لغرفتي أغير ملابس العمل بملابسي المنزلية.
أمسكت سماعة الهاتف وطلبت وجبتين سريعتين وعلبة آيسكريم بالمكسرات.. أطبقت السماعة ثم توجهت لغرفته نظرت فيها ولم يكن موجودا.. وضعت أذني على باب الحمام فسمعت صوت الماء، طرقت الباب ثم دخلت وأنا أمسك بالمنشفة فأخرجته بعد أن أكملت له استحمامه.. أخرجت له ملابسه المنزلية ليرتديها وأمرته باللحاق بي عند انتهائه.
وصل الطلب أخيرا وأخذته للمطبخ لأجهز السفرة.. وضعته على طاولة الطعام وتوجهت لغرفته لأراه فلم أجده.. فذهبت الى حيث توقعت وجوده وبالطبع لم أخطئ، في غرفتي وقد رش عطري عليه واستخدم من دهان شعري وهاهو يسرحه.. اسندت جسدي على الباب وأنا أنظر إليه راسما على وجهي تكشيرة مصطنعة وقلت: ماذا تفعل فيغان؟
أبتلع ريقه وهو ينظر إلي برعب وقال بتأتأة: كنت أبحث عنك.
أمسكت نفسي من الابتسام وقلت: رششت من عطري أليس كذلك؟
هز رأسه بسرعة وهو يقول: لم أفعل.
آلمني لجؤه للكذب عندما شعر بالخوف.. لم أكن كأب أن أرضى برؤية طفلي يكذب بشيء مهما كان صغيرا أو غير مهما، لم أعلم مدى ظهور الاستياء على وجهي لأنه فاجأني بقوله: رششت القليل.
نظرت إلى عينيه.. فتابع: ودهانك أيضا.
بالطبع سعدت لصدقه معي وليس من العدل أن أغضب منه بعد ذلك.. أمسكت بفرشاة الشعر وسرحت له شعره بسرعة.. ثم قلت: أتشبهني الآن؟
نظر إلى نفسه بالمرآة وهز رأسه بنعم مبتسما.. أمسكت بيده وتوجهت به الى طاولة الطعام.. في بادئ الأمر طلب الجلوس بجانبي فلم أمانع.. وعندما بدأنا بالأكل نظر الى رجلي وأمسك بها وهو ينظر الي فقلت له: هذه المرة فقط.
وأخذته ليجلس عليها ويأكل من صحني وأطعمه البعض بيدي.. أراهن بأنه لا يريد لهذه الوجبة أن تنتهي فقد كنا في غاية الاستمتاع وحماسه المفرط في الحديث والضحك يؤيدان ذلك.. وبالفعل مرت ساعة سريعة منذ جلوسنا على الطاولة.. ونهضت أنظف المكان والأطباق.

أنا أنت.. أنت أناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن