-
-
_الثَّامِن، مِن مايو 1945
نِيويورك
"يُهيِّئوا أنفُسَهُم لِلمهامِ الجِدية التي تَنتظِرهُم"
أقفَلَ المِذياع، وهُوَ ينظُرُ للحَشدِ المُحتَفِل في شوارِعِ نِيويورك، يَرقُصونَ ويُغَنون مُنتَصِرين بعدَ عِدة سنَواتٍ مِنَ الخَوفِ والحُزن
يُحدِّقُ في كلِّ مَكانٍ بعَيناهِ المُنكَسِره، الخالِية مِنَ الحَياةِ تَماماً، ينتَشِرُ أسفَلها السَّوادُ منَ الإرهاقِ والتَّفكير، خَمسُ سنَوات، منَ الحَسرةِ البُكاء، مِنَ الإشتِياقِ النَّدم، خَمسُ سنَواتٍ كَفيلةٌ بِجَعلِ زرقاويَّتاه تَنطَفيء
أذَنبُ الحالِمِ أن يُكسَر..؟!
فتَحَ البابَ لتَخطوا أقدامٌ مُترَدِّده، قَبلَ أن يتَنهَّد صاحِبُها، سائلاً بِحُزن
:"الَكَ أن تتَوقَّف يا جِيمين، فتَكادُ أن تُزرَع جُذورُكَ على هذا الكُرسي لكِثرَةِ جُلوسِك"
أجابَهُ بِالصَّمتِ ككُلِّ مرة، فأيُّ حَديثٍ هذا الذي سيَنطِقُ بهِ لِسانه..؟!
تقدَّمَ صاحِبهُ ليَجلِسَ على السَّريرِ يُحدِّقُ باِنطِفاء عَيناه :"أخبِرني"
حرَّكَ زَرقاوِيتاه نَحوَه، ليَتنهَّدَ صاحِبُهُ مُكمِلاً حَديثَه:" هَل جُلوسُكَ سيُحدِثُ امراً..؟!"
لم يُجِبه الآخَر فلقَد تاهَ لِوَهلةٍ بَينَ حُروفِه، هَل حقاً سيَحدِثُ أمراً جُلوسه هذا..؟!، ام انهُ يَقومُ بِتَحطيمِه أكثَر وقَتلِ روحه أسرَع..؟!"
:" تِيهيونغ يُريدُ رؤيتَك هوَ في الخارِج"
:"لا نيَّتَ لي برؤيَتِه تومَس، ولا الحَديثِ معه، لِذا أخبِرهُ أن يُغادِر"
بأهدءِ نَبرَةٍ حادَثهُ وهُوَ يُعيدُ عَيناه نَحوَ النَّافِذه، مُحاوَلات تِيهيونغ ستَكونُ دائماً وابداً فاشِله
:"تومَس هَل لي بِلحظَةٍ معَ جِيمين..؟!"
إبتلعَ غضبهُ في حُنجرَتِه وشدَّ بقَبضَتِه، راغِباً ولَو للحظَةٍ أن يَلكُمَ الواقِفَ خَلفَهُ بكُلِّ ثِقَةٍ
إستَقامَ تومَس ليُغادِر، تارِكاً لهُما مَجالاً للحَديثِ بأريَحية، أغلَقَ تِيهيونغ الباب، وتقدَّمَ بِضعَ خطُوات
:" أتزالُ غاضِباً مِني..؟!"
لَم يتلقَّى رداً ليَتنهَّد مُدلِّكاً جِسرَ أنفِه:" دَعني أفسرُ لكَ كلَّ شَيء علَّكَ تَهدَءُ ولَو قَليلاً"
أنت تقرأ
سِّيمْفُونِيَّة الْحَربُ الْثانية
Historical Fiction- - تليق لك الحرية والإندفاع ، التحليق كطائر حر ، يليق لك ياحبيبي السعادة والراحة الأبدية ،يليق بك يا زهرة الزنبق التألق بلمعان .