013

2.3K 246 188
                                    


-
-
-

الرابع عشر، من مايو 1945

أُحضِّرُ لها عزاءً، تِلك الروح الغالية، وأودِّعها وداعاً يَليقُ بِها، مع النجومِ والقَمرُ المُكتَمل، الشاهِدُ على وعدِنا بأن نبقى معاً لآخرِ العُمر..

أحملِقُ للِحركة الطَّفيفة للبُحيرة بِفعل الرياح، إنها تَشتد، رياح مايو، غريبةٌ هي هذهِ الرياح، تهدأ لحظةً، وتَهيج لحظةً أخرى، كما لو أنها تُحادِثُ عواصِفي الداخلية.

تُخاطِبُ انكِساراتي، وخُذلاني، تواسيني وتُخبِرني أن أمضي فقط، كما تفعل هي.

اتساءل، هل سأندَّمُ إن تَحرَّكت مضياً في حياتي، مُتناسياً الاشتياق والألم؟ أم أبقى ريثما يعودُ؟ وهَل سَيعود حتى إلي أم أنه غادرني للأبد؟ الأسئلةُ تتراكَم بِرأسي، كثيرةٌ هي ويَكادُ عقلي ينفَجِر.

أخذتُ المذياع الصغير، الذي كان يبثُّ بعض الأغاني لأحد المُغنين، والذي بِصدق، لم أتعرَّف على صوته، ولم أميزهُ ابداً، فبدأت بتغيير المَحطَّات الواحدة تَليها الأخرى، حتى توقَّفت للحظة على إحدى المَعزوفات.

أنا أعرفها جيداً، معزوفة الحُبِّ السَّرمدي، الحُبًِّ النَّقي، الحُبِّ البائس كبؤسِ أيامي، معزوفَةُ روميو وجوليت.

"وهَل يُحاسَبُ المَرءُ على ما يَهواهُ قَلبُه..؟!"

هَل يُحاسَبُ قلبي يا عَزيزي على حُبِّي لك؟ اشتياقي وحُزني الشديدينِ على فُراقِك، هل أحاسَب؟

وَضعتُ بِصدغي على رُكبتاي، أإنُّ مُتوجِّعاً، كما لو أن أحداً غرز بسكينٍ في صدري، فَلَم يُنقِذني احد، ولَم أمت بها.

يومٌ آخرٌ مِن خيبة الأمل، يومٌ آخرٌ مِن الانكِسار والضياع بِفِكري، يومٌ آخرٌ كَباقي أيام الخمسةِ سنواتٍ التي مرَّت، أقضيها وحيداً أمام البُحيرة.

..

الخامس عشر، من مايو 1945

وَقفتُ لِلحظةٍ في الطريق، بينما كُنت عائداً من البحيرةِ كعادتي، بعد أن جَذبني لحنٌ مُوسيقي، أيقظ شعوراً قديماً كاد يموت في داخِلي، أهذا هو مسرحُ البَجعة؟ هل أدخل؟ هل لي أن أكون جُزءاً مِنه؟

سِّيمْفُونِيَّة  الْحَربُ الْثانيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن