مواجهة الهارب

120 17 4
                                    


اهتزت أرض مدینة الغول بشدة، وبدأ یظهر في الأفق رأس غول ضخم، لونه
أخضر زیتي ، طویل الشعر، متین البنیة، عیناه جاحظتان، ویضع حلقة في
شفته السفلى، یحمل فأسا هائلا، والجانب الآخر من الفأس مطرقة، تقدم بثیابه

-الممزقة الرثة وهو یزأر بقوة مخیفة. ارتعد أهالي مدینة الغول فألقوا ما بأیدیهم

-وتناثروا یختبئون في منازلهم. وقف الغول فوق الهضبة المطلة على المدینة
وصاح بصوت هادر تردد في أرجاء المدینة كلها:

- أیها السكان الحمقى، لقد قتلتم الغول تابعي، ووضعتم أنفسكم في مواجهة ممیتة
معي، ستدفعون ثمن جرأتكم هذه غالیا.
هب نسیم خفیف حمل معه ذرات من الغبار، وصوتا یقول بهدوء:

- لكنني وحدي قمت بذلك.
التفت الغول الهائل بغضب نحو مصدر الصوت لیرى شخصا معتدل القوام،
یرتدي ثیابا واسعة حمراء، ووشاحا وحذاء أسودین، ویضع لثاما أخضر على
وجهه موصولا بربطة خضراء على جبهته، وقبعة مفرودة الجوانب تغطي
معظم رأسه ذي الشعر البني، ویعلق على جانبه الأیسر سیفا طویلا یكاد یلامس
الأرض.

-نظر المقاتل ببرود إلى الغول الهائل الغاضب برغم من أن حجمه لا یساوي
عشر حجم الغول ، همس الغول بهدوء غاضب:

- ما هذه الجرأة ؟
ثم صاح وهو یضرب الأرض بفأسه بغضب:

- هل تعتقد أن الموت تحت فأسي شجاعة ؟
أجاب ذلك الشخص بهدوء مخیف:

- أعتبره ضربا من الوهم.
هتف الغول وهو ینقض بقوة نحو ذلك الشخص:

- هل تتحداني أیها التافه ؟
وثب الرجل جانبا لتفادي ضربة الغول وانغرس فأس الغول في الأرض بقوة،
ولكن الغول الهائل سارع بانتزاعه من الأرض بسهولة لیسدد ضربة جانبیة نحو

-خصمه الذي قفز قفزة صغیرة إلى الخلف متفادیا الضربة، وعاد سلاح الغول
إلى الخلف وهو یزمجر بغضب ویحاول ضرب الخصم بمطرقته، ولكن الأخیر
ضرب المطرقة بسیفه وقفز قفزة خفیفة فطار بعیدا عن الغول لیسقر معتدلا دون
أیة مشاكل، ثم اندفع نحو الغول یجري بسرعة وهو یرفع سیفه على یمینه،

ضرب الغول الهائل ضربة قویة بمطرقته ولكن المهاجم انحرف جانبا لتفادیها

ثم قفز عالیا وغرس سیفه عمیقا في بطن الغول فصرخ الغول بألم وغضب،
ولكن السیف لم یوغل في جسم الغول، لأنه أمسك مهاجمه وسحبه مع سیفه
ورماه أرضا وأسرع بضربة عنیفة نحوه بالمطرقة، وثار الغبار بشدة عند
ضربته، ثم هدأ الغبار والغول یلهث ویضع یده على جرح بطنه ویقول:


- أیها الوقح، كدت تقتلني.
تلاشى الغبار ببطء من حول ضربة الغول، لیظهر العدو واقفا فوق المطرقة
مقطوعة العصا. نظر الغول بدهشة وغضب إلى العصا ثم انقض بیدیه
الغلیظتین نحو خصمه وهو یصرخ بغضب ووحشیة ، وثب الخصم عالیا،
والتقط الغول رأس سلاحه وانهال بضربة نحو عدوه الذي كان ینقض بسیفه

بسرعة، وأصابت الضربة سیف المهاجم، وطار مع سیفه بقوة ولكنه سقط على
كتفیه من أثر الضربة، ثم نهض بسرعة وهو یحدق في الغول بغضب. تبادل
الاثنان نظرات الغضب والمقت بعض الوقت، ثم جرى كل منهما بقوة نحو
خصمه بسلاحه، وصاح الغول بقوة وأبرقت عیناه ببریق مخیف ووحشي، وثار
الغبار بشدة خلف خطواتهما المتسارعة، الغول ضربة عنیف تفاداها خصمه،
وسدد الأخیر ضربة بسیفه نحو الغول، ولكن الغول ضرب خصمه بیده الفارغة
لیبعده ویضیع فرصته، ونزل الخصم على الأرض ثانیا ركبتیه ولكن قوة الرمیة
أجبرته على السقوط أرضا على ظهره، وأسرع الغول لیستغل سقطة خصمه
موجها ضربة من مطرقته الثقیلة، ولكن الخصم دفع نفسه بیدیه منزلقا نحو
الغول وعندما اقترب من الغول وثب بسرعة متفادیا المطرقة، وسدد ضربة
سریعة بسیفه ثم استقر أرضا. تراجع الغول وهو یطوي جسده حول یده القابضة
على جرح عمیق من كتفه الأیمن إلى جانبه الأیسر، وانقض الخصم بسرعة
هائلة لیمر سیفه من بین یدي الغول مخترقا قلبه، ولأن الغول ضخم فلم یخرج
من ظهره إلا ذبابة السیف الدامي، وجحظت عینا الغول وفتح فمه بصرخة
متألمة عالیة وتطایرت منه الدماء، وظل فمه مفتوحا فترة من الوقت ثم تهاوى
صریعا. سحب قاتله السیف بسرعة أثناء سقوطه وابتعد جانبا لیترك جثة الغول
الهائلة تسقط أمامه مبعثرة حولها غبارا كثیفا.

-وبهدوئه المعهود قطعة رقعة من ثیاب ضحیته، نظف سیفه تماما ثم ألقى الخرقة
أرضا وأعاد السیف إلى غمده، ثم توجه نحو حافة الهضبة حیث توجد شجرة
كبیرة، قفز متسلقا وجلس على غصن وربط نفسه بحزام حول الغصن، وأغلق
عینیه بهدوء.

* * * * * * *
اتمنا لكم قرائه ممتعه

الهاربحيث تعيش القصص. اكتشف الآن