الوليمة الجيدة

36 4 0
                                    

بعد مدة من السیر خارج مدینة النرجس بدأ الضباب یلف المكان، تساءل
جنزیر:
- هل وصلنا ؟
رد كسار:
- تقریبا.
أسرع كسار الخطى وسبق زمیلیه قلیلا متوجها نحو واد عمیق وهو یقول:
- هنا أسفل الوادي.
نظروا إلى أسفل الوادي لیروا طیورا ضخمة بحجم مبنى من طابقین، منقارها
كالصقر ولكنه أطول بالنسبة إلى حجمه. تساءل صندید بقلق وهم یقتربون من
قدمي الطائر حیث یقف مروضه:
- هل سنركب هذا ؟
علق جنزیر بدهشة:
- ماذا یطعمونه ؟
تجاهل كسار هذه الأسئلة وهو یقول لغول صغیر یقف على أحد أصابع قدم
الطیر الیمنى:
- السلام علیكم، هل أنت صاحب هذا الطیر ؟
رد المروض:
- وعلیك السلام، نعم أنا صاحبه.


تساءل جنزیر فورا:
- ماذا یأكل ؟
رد صاحب الطیر:
- أي شيء.
نظر كسار بغضب إلى جنزیر وهو یقول:
- تستطیع أن تسأل أثناء الرحلة.
ثم قال لصاحب الطیر:
- بكم تنقلنا إلى مدینة میزان ؟
رد الغول على الفور:
- بخمسین إبریزة، ولكنني لن أهبط هناك سأهبط بالقرب منها، لا أرید أن
یلاحظوا طائري فقد یسعون إلى صیده.
أجاب كسار:
- اتفقنا أین ستهبط بالضبط ؟
رد الغول:
- في قریة الذئاب الزرقاء.
أجاب كسار بسعادة:
- عظیم إنها قریتي.
رد جنزیر بغضب:
- عظیم في عینك، قریتك تبعد یوما كاملا عن مقر جیش العدالة.
رد الغول المروض:
- لا أستطیع الهبوط أقرب من ذلك.

علق كسار باستیاء:
- لماذا أنت غاضب هكذا ؟ سندعوك للغداء معنا.
رد جنزیر باستیاء:
- لدینا عمل یا كسار، لا نستطیع تناول الغداء الفاخر في منزلك قبل أن تنتهي
المهمة.
رد كسار:
- المهمة انتهت بالفعل ونحن الآن في مهمة أخرى ولسنا على عجلة من أمرنا.
رد جنزیر بغضب:
- نحن على عجلة فعلینا العثور على مارق للشهادة.
رد كسار باستهتار:
- لقد أرسلت بطلبه بالفعل.
تساءل جنزیر بغضب ودهشة وهو یلصق وجهه بوجه كسار:
- كیف فعلت ذلك ومتى ؟
ربت كسار على رأس جنزیر وهو یقول باستهزاء:
- لا یزل أمامك الكثیر لتتعلمه یا صغیري.
رد جنزیر بیأس:
- محق.
التفت كسار إلى المروض وقال:
- هل ننطلق الآن؟
رد المروض:
- بالطبع.

ثم صاح:
- شارو!
التفتت العین الضخمة للطائر نحو المروض، ثم أنزل رأسه الهائل بهدوء نحوه.
صعد كسار فورا وتبعه مریع، تردد جنزیر قلیلا فقال له المروض:
- هیا ما بك ؟
رد جنزیر وهو یستجمع شجاعته ویقول:
- لا بد أنني فقدت عقلي.
ضحك المروض ثم قال ممازحا:
- لا تخف أنت ستركب فوق رأسه ولیس في منقاره.
لم یعلق جنزیر وربط نفسه بحزام للركاب فقال كسار باستهتار:
- ماذا ستفعل لو كان طائر مثله خارجا عن العدالة ؟
أجاب جنزیر:
- لن یكون علي الركوب حینها.
رفع الطائر رأسه بسرعة بعد أن هز مروضه اللجام ثم ضرب الهواء بجناحیه
بقوة هائلة، وفي ثوان كان یحلق بهم في الفضاء.
تساءل جنزیر وهو یتشبث بقوة:
- یا صاحب الطیر!
رد صاحب الطیر باسترخاء:
- نادني كامش.
قال جنزیر بارتباك:
- حسنا كامش، هل هذا الطیر لك

رد كامش بهدوء:
- هل یهمك هذا حقا ؟
رد جنزیر بغضب:
- أرید التحدث لأبدد خوفي قلیلا.
رد كامش وهو یتكئ على یساره:
- أجل، وأنا مروضه أیضا.
تساءل جنزیر بدهشة:
- كیف استطعت ذلك ؟
رد كامش:
- هذا أحد أسرارنا.
تساءل جنزیر:
- هل أنت من یطعمه ؟
رد كامش:
- لا، هو یذهب بنفسه لتناول الطعام ثم یعود، قد یغیب ثلاثة أیام إذا كان یرید أن
یأكل السمك من البحر.
قال جنزیر بدهشة:
- رائع، وماذا یأكل أیضا ؟
رد كامش:
- أي شيء،وهو مزاجي جدا، قد یأكل الأشجار أو الفاكهة أو الثیران...
ثم التفت إلى جنزیر بخبث وهو یكمل:
-أو الناس.

علق جنزیر بارتباك:
- هذه لیست دعابة.
ضحك كامش ثم قال:
- هذه الحقیقة، الطائر غیر المروض یأكل الناس أو الغیلان متى ما توافق هذا
مع مزاجه، ولكن من النادر أن یلتفت إلیهم بسبب حجمهم الضئیل، كما أنه یعي
خطورة فعل كهذا.

-*-*-*-*-*-*-*-*-*
-*-*-*-*-*-*-*-*-*
-*-*-*-*-*-*-*-*-*

توقف رعد (مارق) قرب شجرة كثیفة الأغصان وهو یتلفت حوله بحذر، دار
مرتین حول الشجرة قبل أن یقفز ویندفن بین الأغصان، أخرج بعض الخبز
والجبن وبدأ یأكل بهدوء، سمع شخصا ینادیه من بین الأغصان:
- هل أنت رعد أو مارق سابقا ؟
رد مارق وهو یهب من مكانه:
- من أنت ؟
برز غراب أسود بذیل أبیض من بین الأغصان وأجاب:
- أنا غراب الرسائل، مرسل من كسار إلیك.
رد رعد بارتیاب:
- لم أسمع عن هذا من قبل.
رد الغراب:
- خذ رسالتك.
وأخرج الرسالة بمنقاره من خلف جناحه وناولها لرعد، أخذ رعد الرسالة
وأبعدها عن وجهه وهو یفتحها ثم بدأ یقرأ:
- ( من كسار إلى رعد، لقد تأكد جنزیر من براءتك وعرف الأمر بالتفصیل من
صندید، ونال صندید حریته، ونحن الآن نتوجه إلى مقر الجیش لمقابلة الرئیس
ومحاكمة باسم، نرجو منك التوجه إلى هناك، والسلام
ملاحظة: لا تدخل المدینة قبلنا، سنأتي من ناحیة القریة التي فیها حداد المتین،
لقد أصلحت سیفك هناك سابقا.
یرجى إرفاق ردك مع الغراب )
نظر رعد إلى الغراب وقال:
- هل معك قلم ؟



رد الغراب بفوریة:
- أستطیع نقل رسالة شفهیة.
تساءل رعد:
- هل ذاكرتك قویة كفایة ؟
رد الغراب:
- هذا عملي، وأنقل رسائل صوتیة أكثر من المكتوبة.
قال رعد بثقة:
- حسنا، سأقابلهم في القریة. مع التحیة.
رفرف الغراب بجناحیه مبتعدا عن المكان.
عاد رعد لتناول طعامه وهو یتساءل:
- كیف عرف مكاني ؟

* * * * * * *

تمناياتي لكم قراءه ممتعه

أنتظروا الفصل القادم والاخير بعنوان (الوليمه الجيده 2)

الهاربحيث تعيش القصص. اكتشف الآن