الطفل القاتل

96 13 5
                                    

وقف طفل صغیر في العاشرة في قاعة مظلمة وضیقة. كان زیه یشبه مارق
كثیرا إلا أن سیفه على ظهره ولا یضع شیئا على وجهه أو رأسه. ملامحه
عدیمة الفحوى تائهة ویائسة. وحیدا لیس معه في القاعة إلا عشرون أسدا
تزمجر بجوع وغضب.تقدم أسد نحوه مزمجرا فتمتم في حزن:

- هل علي حقا فعل ذلك؟
تزایدت زمجرة الأسود المتقدمة نحوه، وضع یده على مقبض سیفه وهو یقول
بتوتر:

- یبدو أنه لا خیار.
وانقض أسد نحوه یزأر بقوة ولكنه تمدد فورا مقطوع الرقبة، قال بتوتر وخوف
ویده ترتجف حول مقبض سیفه:

- لا تدفعوني إلى المزید، أرجوكم.
ولكن لغته لیست مفهومة لدى أسود جائعة، فانقضت نحوه تزأر بغضب ولعابها
یتطایر حول أفواهها ومن حول أنیابها المكشرة، ولم یكن أمامه إلا الهجوم بسیفه
وتطایرت الدماء في كل مكان، وبكل قوة.
_______________________

وصل الغولان القریة وبرفقتهما جنزیر، الذي أخذ یتلفت یمینا ویسارا وهو یتأمل
تلك البیوت الحجریة المتینة، وأخرى خیم هشة، ولكنها جمیلة وأنیقة، حتى
توقف كسار عن المشي ووقف أمام باب خیمة كبیرة، امتدت یده بهدوء واحترام
نحو جرس صغیر للتنبیه وقبل وصول یده إلیه بقلیل تشنجت یده متراجعة إلى
الخلف تحت تأثیر صراخ أخیه:

- لقد عدت أخیرا.
وقفز إلى الداخل بسعادة، وكانت الأسرة مجتمعة حول المائدة فنهضوا فورا
مرحبین به، دخل كسار خلف أخیه بینما ظل جنزیر واقفا في الخارج بجوار
الباب، خرج كسار وهو یقول:

- تفضل یا جنزیر، أنت ضیفنا.
أجاب جنزیر بهدوء غاضب:

- لا وقت لهذا؛ أرید شراء المعدات بأسرع وقت.
خرج والد كسار لیرحب بابتسامة بجنزیر:

- ما بك ؟ لن تخسر شیئا في یوم نستضیفك فیه.
ومد یده لمصافحة جنزیر الذي مد یده باحترام وهو یقول بتردد:

- أخشى أنه هناك ما...
قاطعه والد كسار بسعادة:

- لا تخشى شیئا، نحن نرید الترحیب بك فقط.
ثم حدق في عیني جنزیر وهو یتابع بتأثر:

- أنت أول مخلوق أراه یدخل قریتنا من غیر صنفنا.
استجمع جنزیر شجاعته وهو یقول:

- حسنا سیدي، هناك أحدهم سیهرب فعلا وسأخسر كثیرا من التعب لأجده مرة
أخرى.
أجاب والد كسار بثقة:

- لا تقلق سنساعدك.
رد جنزیر بفوریة:

- أعتقد أن أفضل مساعدة الآن هي السرعة، أین الحداد ؟
بدا على والد كسار الیأس وهو یقول:

- كما تشاء.
تم أشار بیده إلى جهة وهو یتابع:

- حداد المتین في ذلك الاتجاه ویعلق حوله بعض المعدات التي تدل علیه ولوحة
باسمه.
هز جنزیر ید والد كسار مصافحا بقوة وهو یقول:

الهاربحيث تعيش القصص. اكتشف الآن