الجنرال

36 3 0
                                    

وقف كسار على تل مطل على مدینة النرجس، مدینة ضخمة ومكتظة بالسكان
والمباني الممیزة، قال بصرامة:
- ها قد وصلنا. مدینة النرجس.
نزل عن التل فور انتهاء كلامه فتبعه صندید وجنزیر والأخیر یتساءل
باقتضاب:
- هل صعدنا إلى هنا لكي تقول لنا هذه السخافة بطریقة روائیة؟ كان ممكنا أن
تقول هذا عندما ندخل المدینة بالفعل.
رد كسار بسرعة:
- أفضل أن تكون لدیكما فكرة عن المكان ولو بسیطة قبل دخوله، فلقد رأیتما
حجم المدینة وزحامها، نحن نرید أن نعبر فقط ولن نأخذ طعاما حتى؛ ففي الجهة
المقابلة توجد الطیور الضخمة التي حدثتكما عنها.
دخل الفریق إلى المدینة، وتوقف جنزیر أمام أحد محلات التحف وهو ینظر إلى
سفینة في زجاجة وهو یقول:
- أتساءل كیف أمكنهم ذلك ؟
جذبه كسار من یاقته من الخلف وسحبه وهو یقول:
- یمكننا العودة للتعجب لاحقا.
أبعد جنزیر ید كسار جانبا واعتدل في وقفته وعدل یاقته وهم بمتابعة السیر،
فجأة سمعوا صوت تحطم وبدأ الناس یتراكضون نحو مصدر الصوت.



تقدم جنزیر وهو یقول:
- ما الذي یحصل؟
أسرع صندید وهو یقول:
- سأذهب لأرى.
رد جنزیر بجدیة:
- یجدر بك.
هتف كسار باستیاء:
- یجدر به؟ ارجع، لیس لدینا الوقت لهذا.
تجاهله صندید ومضى نحو الصوت.
وصل لیرى حلقة من الناس تتجمع أمام باب منزل أبیض، ولسرعته كان من
أول المتجمعین، نظر صندید حول المكان لیرى جثة رجل قوي البنیة یرتدي
قمیصا أسود وبنطالا أحمر مرمیا على الأرض والدماء تنهمر من فمه، رفع
بصره قلیلا لیرى مجموعة من سبعة رجال أشداء متیني البنیة، یرتدون زي
مماثلا للمقتول، یتجمهرون حول رجل یرتدي زیا قتالیا أبیض بلحیة بیضاء
طویلة لا یقل قوة وبأسا عنهم رغم كبر سنه، لكن في سبعة ضد واحد، كان ذلك
الرجل، ممدا على الأرض وأحد الرجال یدوس وجهه ویقول بسخریة:
- انظر إلى نفسك كیف تبدو الآن، كانت تبدو علیك الشهامة قبل لحظة، أتظن أن قتل واحد منا سیخیف الآخرین؟
قهقه زملاؤه بسخریة، ونظر بعضهم إلى بعضهم نظرة خبیثة للحظة قبل أن
ینقضوا علیه دفعة واحدة لیثبتوه ویمنعوا حركته، سحب أحدهم خنجره بسرعة
خاطفة، وفي اللحظة التالیة كان یرفع رأس الرجل المقطوع عالیا ویقول
بسخریة وغرور:




- ما هذا؟ هل هذا كل ما لدیك ؟
بشكل لا إرادي امتدت ید صندید إلى مقبض سیفه وهم بالتحرك، لكنه توقف
فجأة وهو یرى لمعة نصل حاد تخترق رقبة الرجل ثم تختفي خلف نافورة من
الدماء.
تهاوى الرجل أرضا لتظهر من خلفه طفلة بشعر ذهبي یلمع بشدة حتى بدا
وجهها الأبیض أصفرا من لمعان شعرها، ترتدي معطفا طویلا أحمر تحته كنزة
سوداء، وبنطالا أحمر وتنتعل حذاء ریاضیا أحمر. وفي كفها الصغیرة سكین
تقطر دما.
نظر الرجال بهلع إلى زمیلهم وهو یسقط بعد أن اخترقت سكین تلك الطفلة رقبته
من یسارها إلى یمینها، حدقوا فیها بمزیج من الذهول والغضب وهي تمسح
سكینها بمندیل أنیق، وتقول بصوت جامد:
- یمنع التحرك، الذین شاهدوا علیهم أن یتابعوا، الذین لم یتدخلوا لا یحق لهم
التدخل بعد أن حسم الأمر.
قفز فجأة فتا في عمر صندید تقریبا شدید سواد الشعر والعینین، یرتدي قمیصا
أسود بلا أزرار وتحته كنزة حمراء ویرتدي بنطالا أسود وحذاء أحمر، مدیرا
ظهره إلى المعركة ومواجها للمتفرجین، فرد ذراعیه وفي كل كف من كفیه
سیف هلالي الشكل مقبضه في مركز نصله وقال بصوت واثق:
- كما سمعتم، لا یسمح بالتدخل.
لحظتها أفاق الرجال من غفلتهم وسحب أحدهم سیفه منقضا نحو الطفلة وهو
یقول:
- تبا. من تظنین نفسك؟


الهاربحيث تعيش القصص. اكتشف الآن