الإخلاص المزدوج

76 6 0
                                    

مسح كسار العرق عن جبینه وهو یقول بإرهاق:


- جنزیر، لم تقل لنا إلى أین نتجه بالضبط.

لم یلتفت جنزیر وهو یجیب:


- ستعرف عندما نصل.

تساءل كسار وهو یلهث:


- ومتى نصل؟

أجاب جنزیر:


- بأسرع مما تتصور.

وبعد لحظة بدأ كسار یسمع صوت خریر الماء فدب فیه نشاط مفاجئ وهو

یجري نحو الصوت ویهتف:


- هناك ماء سأشرب وأعود.

التفت جنزیر إلى مریع وهو یقول:


- لن یعود بالطبع؛ لأن النهر هو ما نرید.

وكعادة مریع ظل صامتا كالمقبرة ولم یعلق، شعر جنزیر بالاستیاء من حالة

الموت هذه، ولكنه لم یعلق وتابع طریقه حتى وصل النهر، وكان كسار غامسا

وجهه في الماء ولم یلتفت إلیهم حتى ارتوى ثم نهض وكرشه یصدر خضخضة

من كثرة ما شرب من الماء.

نظر إلیه جنزیر بدهشة قبل أن یقهقه ضاحكا ویشیر بیده إلى كسار.

بعد أن ارتوى، رفع كسار رأسه إلیه وهو یبتسم ابتسامة عابسة ویقول:


- لقد كنت عطشانا جدا.

توقف جنزیر عن الضحك فجأة وتحولت ملامحه إلى الجد دون مقدمات وهو

یقول:


- حسنا لقد وصلنا النهر.

وأشار إلى النهر وهو یتابع:


- سیأخذنا مجراه إلى مكان خمنت أن مارق قریب منه. لقد أضاع باسم ما یكفي

من وقتي الثمین، وعلینا الإسراع.

ودون أي كلمة ضربة كسار بفأسه شجرة كبیرة لیسقطها أرضا ثم قطع طرفیها

العلوي والسفلي وهو یقول:


- سأعد القارب حالا.

الهاربحيث تعيش القصص. اكتشف الآن