الضباب

30 5 2
                                    

نحن في القرن الواحد والعشرين ولكن من يرى حال مدينتي البائسة التي تحولت إلى خراب سيظن أننا في عصر الظلام أو في واحد من القرون الوسطى  المرعبة

في بداية الأمر حين ظهر الضباب فجأة، لم يكترث الناس له  و واصلوا حياتهم بشكل طبيعي، كان الطعام متوفرا والمياه أيضا

وكان الشباب يتمازحون في ما بينهم في مواقع التواصل الاجتماعي، وينكتون على هذا الضباب الكثيف جدا

حيث إنك بالكاد تستطيع أن ترى ما هو أمامك، وحين ترى شخصا قادما من المكان المعاكس لك، تظنه شبحا فارا من العالم الآخر وجاء ليأخذك معه

أنا بالفعل كنت أضيع طريقي طوال الوقت، لأنني لم أستطع تبين الاتجاهات

بالمناسبة لم أعرفكم بإسمي بعد، لنقل إنني من الناس القليلون الناجين من تلك الكارثة، واسمي هو دعاء، وليس مهما كم هو عمري  المهم أنني نجوت وها أنا ذا أحكي لكم تفاصيل ما جرى

                                ☆☆☆

في اليوم الأول للكارثة استيقظت بحماس وقد كان الجو جميلا ومشرقا، كما أحبه دائما، تناولت فطوري مع والديّ ،وكل منا ذهب إلى عمله

بعد انتصاف النهار بدأ زملائي في العمل يتجهون نحو النوافذ وهم يلقون عبارات الإستغراب والتعجب

نهضت باهتمام من مكاني وسألت أحدهم وقال لي بحماس طفولي "لقد انتشر ضباب كثيف فجأة بالكاد تظهر معالم المدينة، وهو يقترب منا الآن "

عاودت الجلوس في مكاني وقلت بعدم مبالاة "ومالجديد في الأمر، مجرد ضباب وسيختفي بعد قليل "

أو هذا ما ظننته حينها، لأنه استمر لوقت طويل وفي كل يوم تزداد كثافته، اختفت الشمس واسودت السماء واستحال الصيف شتاءً فجأة، هل لك أن تتخيل ذلك؟ولا أنا...ولكنني عشت كل هذا ورأيته بعيني  ...ولو لا ذلك لما صدقت أيضا

كما قلت سابقا الناس لم يكترثوا في الأيام الأولى للأمر، ظنوا أنها سحابة صيف وستمضي ولكن بعد أن  استمر ذلك لشهر كامل بدأت الأمور تتغير بشكل كبير ومرعب

                                 ☆☆☆

كنت جالسة في غرفة المعيشة أنظر نحو الشارع من خلال النافذة، وبالطبع لم أتمكن من رؤية أي شيء تنهدت بإحباط وعدلت جلوسي وقلت بضيق "يا إلهي  متى ينتهي هذا الجو الكئيب؟"

خرجت أمي من المطبخ بطبق من الطعام وقالت بخوف "أخشى أن الأمر لن ينتهي على خير "

نظر إلينا والدي بحدة وقال "ما بالكما هذا اليوم؟كل شيء سيكون بخير إن شاء الله "

فجأة توقفت كل الأجهزة الكهربائية، وعرفنا ذلك من التلفاز الذي انطفئ على غفلة

نظرت إلى أبي بمعنى "كل شيء سيكون بخير  ها؟.."

باناشيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن