الحلقة السادسة

45 4 0
                                    

عاد مؤمل إلى المنزل في تلك الظهيرة وقد أخذ الحزن منه كل مأخذ، قالت له كريمة وهي تصب الشاي بعد وجبة الغداء:


- وضعك اليوم يا ولدي ليس على ما يرام!


انتظرت منه أي تعليق على كلامها لكن دون جدوى فصمته ظل مستمرًا.


قال أحمد:


- هل جاءت ميساء إلى المكتبة اليوم؟ قال بحسرة:


- نعم جاءت!


أردف أحمد:


- وهل تأكدت من أنها اختك؟


- نعم تأكدت!


قال أحمد بامتعاض:


- وهل سنبقى نجر الكلمات من فمك جرّا؟!


ابتسم مؤمل ابتسامة شاحبة ثم قال:


- لقد كنت إنسانًا ملحدًا..!


صاح الاثنان بدهشة:


- ماذا؟ ُمُلحد!


قال وقد استعدَّ لدخول غرفته :


- انظرا.. أولستُ محقّا بحزني وتعاستي؟!


قال أحمد محاولًا مواساته، وقد سحبه من ذراعه ليعيده إلى المائدة :


- لا تيأس يا مؤمل فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون!


قال بكلمات متقطعة:


- كنت فضًّا.. قاسي القلب!


قالت كريمة في محاولة لتشجيعه:


-لكنك الآن شخصًا آخر!


قال وقد أطلق العنان لمشاعره:


- انظرا إلى رحمة ربي.. لو تركني أموت في ذلك الحادث، هل تعلمون ما معنى ذلك؟ ذلك يعني خلودي في نار جهنم!..


قال أحمد وقد بدى جادًا في كلامه :


- اتركنا من كل هذا الآن.. المهم هو ماذا ستفعل للتكفير عن ذنوبك الماضية؟


- لا أعرف يا أبتي، فعلًا لا أدري هل سيغفر الله ذنوب الماضي؟!


قالت كريمة وهي ترفع أكواب الشاي :


- ما دمتَ نادمًا على كل ذلك فلقد تحقق أهم شرط من شروط التوبة وهو الندم!


قال أحمد وهو يشد من أزر مؤمل :


- أن الله تعالى يقول في محكم كتابه الكريم : " يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانًا ويُكفِّر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم" وأنت الآن يا ولدي من المؤمنين المتقين الذين أشارت إليهم الآية بإذن الله تعالى .


قام مؤمل من مكانه واتجه إلى غرفته، حينها قال أحمد لزوجته:


- مسكين! حتما أنه الآن يشعر بأن عليه التكفير عن ذنوب إنسان لا يعرفه!

وداعا أيها الماضي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن