الحلقة ١٧

40 5 0
                                    

بعد العشاء جلس مؤمل مع ضياء كما وعده وقد بدأ ضياء الحديث بالقول:


- قبل أن نقرأ دعاء الإمام السجاد عليه السلام هناك سؤال بقى عالقًا في ذهني عند حديثنا قبل ساعة!


- وما هو؟ هاته!


- قلت إن الشيطان يحب أن تشيع العداوة والبغضاء بين الناس؟ فكيف عرفت ذلك!؟ قال مؤمل وقد فهم قصد أخيه :


- لقد ذكر الله ذلك في كتابه الكريم، ففي سورة المائدة - آية 91 نقرأ ) إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء(.. .


سأل ضياء باهتمام:


- حسنًا وكيف يمكن أن نتخلص من الشيطان في هذا الأمر؟


- الإجابة نجدها في قوله تعالى ) خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين، وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم، إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون( الأعراف آية 199 - 201 قال ضياء:


- وما الذي تقصده هذه الآيات؟


- أنه تعالى يوضح لنا أهم الخطوات التي يجب أن نتبعها في حال نزغ الشيطان بيننا وبين الآخرين لزرع العداوة والبغضاء والخطوات هي كالتالي: العفو عنهم، والأعراض عن جهلهم ،والاستعاذة بالله من الشيطان ما أن نتذكر دوره في كل هذا!!


ولا تكون الاستعانة فقط بقول" أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" بل يجب أن تكون الاستعاذة قولًا وفعلًا بعدم الاستماع الى وساوسه التي يريد بها إشعال نار الفتنة بين المؤمنين .


بعد هذا النقاش حول دور الشيطان في حصول أي نزاع بين المؤمنين دعا مؤمل أخاه ليشاركه في قراءة ) دعاء الإمام السجاد عليه السلام لوالديه( كما اتفاقا قبل العشاء..


ولقد رحب ضياء بهذه الدعوة وجلس بالقرب من أخيه الذي صار يقرأ الدعاء بدموع حرى وبعبرة تعتصر القلب على كل التقصير في حق الوالدين .



بعد أن اكملا ذلك الدعاء الشريف قال مؤمل وهو يرى تأثر ضياء بكلمات الإمام السجاد عليه السلام:


والآن لنفسر ما جاء في هذا الدعاء المبارك لعلَّ الله ينفعنا به في الدنيا والآخرة، قال ضياء باهتمام:


- حسنًا لنبدأ.. وكلي آذانٌ صاغية.


لنبدأ من المقطع الأول : " اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وأهل بيته الطاهرين وأخصصهم بأفضل صلواتك ورحمتك وبركاتك وسلامك واخصص اللهم والديَّ بالكرامة لديك والصلاة منك يا أرحم الراحمين ..


يبدأ إمامنا السجاد عليه السلام بعد الصلاة والسلام على رسول الله وأهل بيته الطاهرين بالدعاء لوالديه بأن يكونا مكرمين عند الله، فلم يطلب لهما الصحة وطول العمر أو الرزق وما شابه ذلك بل طلب لهما ) الكرامة عند الله( وهو بذلك يطلب لهما المنزلة الرفيعة عند الخالق جل وعلا ،وفي هذه موعظة عظيمة لنا فهو عليه السلام يعلمنا أن ندعو للآخرة قبل دعائنا للدنيا، وأن أهم وأعظم حاجة يمكن أن نطلبها من الله تعالى هي ) مرضاته عنا وعلو منزلتنا لديه سبحانه( وهو ما عبر عنه الإمام عليه السلام بالكرامة لدى الله .

وداعا أيها الماضي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن