الحلقة السابعة

39 4 0
                                    

قال لها أخيرًا بعد أن لاحظ نظرات الفضول والاستغراب من الطلبة :


- لا أظن أن المكان أصبح مناسبًا لإتمام الحديث يا ميساء.. وخاصة أنه ما زال لدي ما أقوله لكِ، فهل يمكنكِ مرافقتي إلى نادي الجامعة؟ قالت بثقة:


- اعذرني يا مؤمل.. فأنا لا أرتاد هذه الأماكن إلا للضرورة القصوى.


شعر بالخجل والفخر معًا، فشعوره بالخجل كان نابعًا من إحساسه بالمسؤولية تجاه أخته فكيف يأخذها إلى مكان قد يأتي بالسمعة السيئة لها خاصة إن كانت برفقة شاب غريب كما هو الظاهر!


أما شعوره بالفخر فكان لِما رأى في أخته الوحيدة من حياء وعفة تمنعانها من إرتياد أماكن غير لائقة بالفتيات الملتزمات .


قال لها بعد صمتٍ قليل :


- ولكني أريد محادثتك بخصوص ..


- بخصوص ماذا؟


- بخصوص خالد .


- ولكن ما الذي تريد أن تقوله بخصوص أخي رحمه الله؟!


- أتمنى أن أعرف طبيعة علاقته مع الناس.. هل كان ظالمًا لهم؟ أم كان مسالمًا طيبا؟


- ولكن عجيب أمرك يا مؤمل! فما الذي يشدك هكذا لمعرفة ماضي أخي؟!


قال وهو يخفي دموعه:


- منذ أن تحدثنا عنه في المرة الأخيرة وخياله لا يريد مفارقتي.. في كل لحظة يتراءى أمامي وكأنه يقول لي : حقوق الله والناس قد أثقلت ظهري!


تفاجأت ميساء من هذا الكلام وشعرت بصدق مؤمل فقالت بلهفة : وماذا نفعل برأيك؟ شجعه تفاعلها هذا على المواصلة قائلا:


- أنتِ فقط أخبريني بحقيقة كل شيء والباقي اتركيه علي! أصدقيني القول يا ميساء .. هل كان خالد ظالمًا للناس؟ وهل فعلًا كانت للناس عليه حقوق لم يكن يؤديها إليهم؟!


أجابت ميساء وهي تنظر للماضي القريب:


- نعم.. وأول هؤلاء الناس أبي وأمي .


أردفت ولم تكن تعلم بأن كلماتها كانت تنزل كطعن السكين في قلب مؤمل:


- لقد كان خالد - سامحه الله - لا يحترم والدينا ولا يؤدي لهما حقًا.. حتى أن أبي كان يدعو عليه كثيرًا وفي بعض الأحيان كان يطرده من المنزل، فيضطر حينها للنوم عند بعض أصدقائه.


أما أمي المسكينة فكانت تدعو له بالهداية والعودة إلى طريق الله.. رغم أنه كان يقسو عليها ويهينها في أغلب الأحيان!


صُعِق مؤمل لسماع هذه الحقائق عن ماضيه الأسود، تساءل بكلماتٍ متقطعة ترتجف في لسانه :


- يقسو عليها! يهينها!


- نعم يا مؤمل.. فكلما كانت تتكلم معه حول الصلاة أو ترك أصدقاء السوء كان لا يجد وسيلة لإسكاتها إلا إهانتها بأبشع الكلمات! ولذلك كان أبي يطرده من المنزل، ويدعو عليه بالموت والهلاك.. وللأسف فقد استجاب الله دعاء أبي ولم يستجب دعاء أمي المسكينة التي كانت ما تفتأ تدعو له بالهداية والصلاح .

وداعا أيها الماضي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن