كان صباحًا يختلف عن كل الصباحات.. فها هو اليوم الذي سيُمارس فيه مؤمل حياةً طبيعيةً كباقي الشباب ..
دخل مع الأستاذ أحمد ذلك الصرح الكبير الذي ُيُعرف بالجامعة!
وما أن حطَّت قدماه على أرضها حتى تساءل مع نفسه :
- هل كنتُ في حياتي الماضية طالبًا جامعيًا؟ هل مارستُ الحياة الجامعية كطالب فيها أم كموظف أم إنني لم أدخلها من قبل أبدًا؟! هل هذه أول مرة أدخل فيها هذا الصرح الكبير؟ الله أعلم!
ومباشرةً ذهب به أحمد إلى رئيس الجامعة وفي الطريق إلى مقر رئاسة الجامعة كان مؤمل ينظر إلى الناس هنا وهناك فهو لأول مرة بعد ذلك الحادث يشاهد أناسًا كثيرين هكذا!!
كان الارتباك والاضطراب باديًا عليه مما حدى بالأستاذ أحمد إلى أن يُسرع الخطى باتجاه مقصده .
وما أن وصلا حتى تم إدخالهما إلى الدكتور رئيس الجامعة، وفعلًا فقد كان ذلك الرجل كما وصفه أحمد لمؤمل!
فقد بدت عليه سيماء الصلاح والوقار والطيبة.. كان ترحابه قويًا جداً مما جعل مؤمل ينظر إلى وظيفته الجديدة بتفاؤلٍ كبير، ومما جعل تفاؤله هذا يزداد أنه إستلم في نفس ذلك اليوم وظيفته كأمين مكتبة الجامعة!
دخل مؤمل المكتبة وهو يردد " وعلى الله فليتوكل المؤمنون" بعد أن حمد الله وشكره على كل هذا التيسير في أموره.
جلس خلف المكتب الذي أعد مخصوصاً لأمين المكتبة..
قضى مؤمل ذلك اليوم - بعد أن تركه أحمد - بين قراءة السجلات الخاصة بمحتويات المكتبة وبين إعارته للكتب التي يطلبها الطلاب الذين ارتادوا المكتبة في ذلك اليوم ..كل هذا كان بمساعدة كبيرة من موظف آخر هو مساعد الأمين .
عاد مؤمل إلى المنزل بعد أن انتهى الدوام الرسمي، وكان بانتظاره أحمد وزوجته، دخل المنزل وألقى التحية بصوتٍ ينم عن الشكر والامتنان لكل ما قاما به من أجل إسعاده..
قال بشيء من المزاح : خلتُك يا أبا مؤمل ستنتظرني حتى أنهي عملي ونعود سوية إلى المنزل ،لكن الظاهر إنك أردت إيقاعي بمأزق زحمة الطريق وانتظار السيارات في هذا الوقت المتأخر .
قال أحمد بدهشة:
- ماذا؟ لم توصلك سيارات الجامعة الخاصة بنقل الموظفين!!
- وهل هناك سيارات خاصة بموظفي الجامعة؟ أجاب أحمد مبتسمًا :
- اعذرني يا ولدي.. فعلًا الخطأ خطأي أنا.. كان المفروض أن أطلعك على كل شيء في الجامعة .
في الحقيقة كان الأستاذ أحمد متعمدًا لتركه وحده في طريق العودة فهو يريد أن يجعله أكثر ثقة بنفسه .
أنت تقرأ
وداعا أيها الماضي
Spiritualبعد تعرضه لحادث افقده الذاكرة اطلق عليه اسم مؤمل ليبدأ حياته الجديدة بهذا الاسم ولكن مع معرفته بحقوق العباد بدأ رحلة البحث عن شخصيته ومن كان في الماضي لينصدم بالكثير من أفعاله... ومن هنا تبدأ رحلة مؤمل الشاب المؤمن في رداع ماضيه للتكفير عن ذنوبه...ف...