الحلقة ١٦

32 5 0
                                    

استيقظ مؤمل على صوت صراخ وضجيج يملأ أرجاء المنزل.. في البداية لم يكن يميز الأصوات والكلمات التي كانت تعلو تارةً وتنخفض تارةً أخرى فالنعاس مازال مهيمنًا على عيونهِ وأجفانهِ!


إلا أنه الآن وبعد أن سكب كوباً من الماء البارد على وجههِ صارَ يميز مايجري..


إنه ضياء يطلب مفاتيح سيارة والده من أمهِ التي ترفض أن تعطيها إياه!


صرخ في وجهها وهو يهم بالخروج:


-اسمعي! سوف لن تري وجهي مرة أخرى.. ولن أظهر لكِ بعد سنة كاملة كما حدث مع ابنكِ الأكبر!


بل صدقيني ستكون هذهِ آخر مرة تريني فيها طوال حياتك.. هل فهمتي؟!


وبعد هذهِ الكلمات التي سمعها مؤمل وهو مايزال في غرفتهِ


سمع صوت الباب تصفق بقوة، فعرف أن ضياء قد ترك المنزل.. خرج مؤمل من غرفته وركض خلفُهُ ليرجعُهُ لكنه لم يفلح إذ أن ضياء كان في حالة من الهستريا والعصبية مما أدى بمؤمل إلى العودة للمنزل مطأطأ الرأس مذهول الفكر مما رأى وسمع!


وما أن دخل إلى غرفة الجلوس حتى رأى والدتُهُ في حالة من البكاء والنحيب، حاول تهدأتها ليعرف منها ما جرى مع أخيه الأصغر.. قالت الأم وهي تمسح دموعها :


- لقد منعني والدك من إعطائه مفاتيح السيارة فهو ما يزال صغيرًا على قيادتها، نحن نخاف عليه وخاصة بعدما تعرضتَ له أنت من حادث مفجع .


سألها مؤمل:


- وهل هذا هو أسلوبه معكِ دائمًا يا أماه؟!


قالت الأم وهي تنظر إلى وجه مؤمل بدهشة:


- أي أسلوب تقصد يا ولدي؟


- أسلوبه هذا.. الذي تحدث به معكِ قبل قليل!


- اوه.. تقصد قسوته وعصبيته! إنها شيء طبيعي كما أنك كنت أكثر منه قسوة وعصبية!


- وهل كنتُ أتفوه بهذه الكلمات التي سمعتها منه اليوم؟!


- مثل ماذا؟


- سمعته يصرخ في وجهك ويقول : اسمعي! وهل فهمتي!


ابتسمت الأم ابتسامة حزينة مصحوبة بالألم والحسرة وقالت:


- هذا أسلوب قديم تعلمه منك يا ولدي!


قال بألم:


- وهل كنت اتجرأ على تلفظ مثل هذه الكلمات معك يا أماه؟!


- بل أكثر منها!


وهنا أمسك بيد أمه وقبلها باكيًا.. بللت دموعه يدها النحيلة فأحست بحرارة تلك الدموع، مسحت باليد الأخرى على رأسه وهي تقول:


- هل تريدني أن أسامحك؟ رفع رأسه وهو ينظر إليها ويقول:


- نعم أرجوكِ أماه!

وداعا أيها الماضي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن