الفصل الأول :
تقف أمام تلك الواجهة الزجاجية تنظر بإنبهار لذلك الفستان الأخضر بلون ورق الشجر بأكمامه الطويلة و تلك الماسات التي تزينه بتناغم خطف بصرها..لينتهى حتي أخر القدم و أكثر لكنه يستطيل من الخلف قليلاً خالقاً ثوب أحلامها !
لتبتلع غصة عبر حلقها الجاف من كثرة المشي في ذلك الجو الخانق.
فهي كانت في طريقها للمنزل بعد عملها طول النهار،و كالعادة لم تكن تملك ما يكفي حتي تستقل الموصلات العامة.
لتتنهد بحسرة ثم تطرق برأسها لأسفل عند تلك الشارة المكتوب عليها سعر الفستان..لتتوسع عيناها في جزع و تشيح ببصرها ثم تلتفت و تعاود سيرها المعتاد و هي تتمتم بغيظ شئ عن الإحتيال و السرقة و أن الفقراء لا يحق لهم شئ!تصل أخيراً لمنزلها ذلك المبني الضخم ذو الطوابق المرتفعة التي كانت تقطن بمثلها فيما سبق، حتي اضطرتها ظروفها السيئة أن ترتقي و تحتل أعلي مكان في هذا المبنى..السطح!!
نعم فهي عندما تراقم عليها الديون و خسرت عملها السابق كمساعدة للشيف في مطعم راقي يحمل خمس نجمات كتقيم!
تُركت بدون عمل و بدون منزل يأويها أيضاً.. لكنها تماسكت لأجل( أنس ) ذلك الصغير الذي يشكل كل حياتها، فهو كل ما تبقى لها في هذه الدنيا.. لأجله فقط يهون كل صعب و تتحدى كل العقبات حتي لا يشعر بالحزن تمثل له الأب و الأم الأن بعد أن فقدهما و صار مثلها وحيد..
تصعد الدرج فهي تخشى المصاعد دائماً.. تتوجه للطابق الخامس القاطن به صديقتها و جارتها( إسراء ) تلك الفتاة الطيبة التي تساعدها بمجالسة الطفل حتى عودتها من عملها الذي يستغرق ساعات طويلة...تقوم بالطرق على باب المنزل و تنتظر قليلاً، ثم تستمع لصوت أنس الصغير يهتف : أنا هفتح
تبتسم بحنين فقد اشتاقت لرجلها الصغير كما تلقبه دائماً فيعترض هو علي كلمة صغير فهو يرى نفسه رجل كبير و دائماً ما يذكرها بذلك!
يفتح الباب ثم تشرق ملامح وجه الصغير عندما يرى من جاء ليصرخ بسعادة و هو يلقي نفسه بين ذراعيها : كارماااا
تبتسم كارما بعد أن تلقفته برحابة ثم تتنشق رائحته لتفكر أن كل ألمها ووجعها ذهب برؤيته.
تقاطع إسراء لقائهم الحار لتقلب عيناها و تقول بملل مصطنع: كل يوم المشهد الرومانسي ده بيتكرر علي باب الشقة..طيب ما تدخلوا جوا افضل من جو بير السلم ده يا بنتي!
تبعد كارما أنس قليلاً ثم تنظر لصديقتها بإبتسامة ثم تقول هي بخبث : في ناس هتموت من حبنا يا انوس.
يقطب أنس ثم يقول بضيق : بس متقوليش أنوس دي تاني أنا راجل ناديني بإسمي من غير دلع.
تضحك إسراء على حديث الصغير بشدة ثم تحرك حاجباها بغيظ : احسن علشان تعرفي تغيظيني تاني اهو الواد الأوزعة ده خدلي حقي منك.
كارما بضحك : عجبك كدة يا أستاذ أنس فرحت فيا البت دي و هي ما بتصدق أصلاً.
يدخل الجميع لمنزل إسراء ثم يغلق الباب، لتجلس كارما على أقرب مقعد و هي تزفر بتعب..
تنظر لها إسراء بحزن شديد فصديقتها تحمل علي كتفايها مسئولية طفل في السابعة من عمره بالكاد تستطيع أن تتحمل نفقاته بعد أن خسرت كل ما كانت تملك من قبل!
إسراء بجدية : أنس حبيبي أدخل جمع ألعابك في الشنطة بتاعتها يلا.
لينظر أنس إليهم ثم يهم بالذهاب و هو يقول : عارف على فكرة انك بتوزعيني علشان تتكلمي مع كارما لوحدكم.
تضحك كارما و تنظر في أثره بإندهاش لتتنهد ثم تنظر لصديقتها بقوة..
تبادلها كارما النظر لتختفي ابتسامتها : إسراء بلاش النظرة دي بالله عليكي أنا ما ناقصة اتكلمي على طول و قولي إلي عاوزة تقوليه.
إسراء بجدية : أنتِ شوفتي نفسك بقيتي عاملة ازاي؟ ده منظر واحدة عندها 25 سنة؟.. عمالة تبهدلي في نفسك ليه كل ده؟
لتقطب كارما ثم تعتدل في جلستها و تقول بإنفعال : المفروض اعمل ايه يا إسراء مانتي عارفة كل إلي حصلي و كنتِ معايا دايماً و عارفة إن أنس مسؤول مني و لازم أخليه يعيش نفس المستوى إلى اتعود عليه طول حياته؟
إسراء بعصبية : طيب و انتي فين من كل ده؟.. كان في ايدك ترتاحي يا بنتي ليه العند كان ممكن تتفقي مع آ...
تقاطعها كارما : لا.. أنس مش هيبعد عني لحظة ده كل إلي بقيلي في الدنيا من ريحة الغالي.. إسراء لو سمحتي بلاش تتكلمي في الموضوع ده تاني لاني قفلته خلاص.
يعود أنس ثم يقول : أنا خلصت يا إسراء.. لينظر لكارما..يلا يا كارما نطلع أنا عاوز أنام علشان المدرسة!
تخرج كارما و أنس صاعدين لغرفتهما بعد أن ودعوا إسراء ثم توجها الإثنين حتى الطابق الأخير.
تضع يدها في حقيبتها الصغيرة و تلتقط مفتاح تلك الغرفة ثم تدخل و خلفها أنس تسير بتثاقل تجر قدميها بصعوبة، تقوم بتبديل ملابس الصغير ببيجامة للنوم .. ثم تذهب للمرحاض و تغتسل سريعاً وتبدل هي الأخرى ملابسها ثم تعود سريعاً و تستلقي على فراشها بتعب...
لتفكر انها لن تعتاد علي كل هذا المشي أبداً.
تغمض عيناها تستدعي النوم لكن تأتي ذكريتها و تلغي الفكرة لتستسلم للماضي الذي شكل حياتها هكذا، ماضي دمرها و هدم حياتها التي ظلت سنوات تبنيها و تنظمها لتتحطم و تتناثر في كل مكان!
" كارما أحمد عبد الغني..في الخامس والعشرون من عمرها..تخرجت من كلية السياحة منذ ثلاث أعوام..شغوفة جداً بفن الطبخ..عملت سابقاً في مطعم ضخم و مشهور كمساعدة شيف ثم تركت عملها لسبب ما!
لديها أخ و أخت ووالديها توفيا من أعوام ..
(محمد أحمد عبد الغني) أخ كارما و والد أنس.. توفى منذ عامين هو و زوجته في حادث مؤلم و قد كان الصغير يمكث مع كارما حينها و ذهب الوالدين لزيارة عائلة زوجة أخيها( سهام مراد الألفي) في احدي محافظات الصعيد و لم يعودا..
اختها( كاميليا أحمد عبد الغني) في 29 من عمرها جميلة جداً ذات أناقة و جاذبية تلتفت لها الأنظار عكس كارما ذات الجمال الهادئ و الوجه الطفولي و الملابس الشبابية العادية التي لا تعتمد فيها علي لفت الأنظار.
كاميليا الأخت الكبرى المدللة التي تريد كل ما يعجبها فتعمل علي ان يصبح ملكها فوراً..كانت تعمل سكرتيرة في شركة ضخمة وبعد فترة تزوجت رئيسها الثري و بعد عام واحد ملت زوجها..و هو رأى ما خلف قناع الجمال و الجاذبية من مكر و استبداد فرأى انه أخطأ بإرتباطه بها و تم الإنفصال بهدوء بعد أن حصلت كاميليا على مبلغ مالي ضخم كمؤخر صداق..لم يتفق الأختين أبداً فدائماً كانتا متناقضتان في الرأي و الصفات و الإختيارات..( ياسر الشافعي ) 30 عام، يعمل شيف رئيسي في المطعم ذاته مع كارما و كان قد أعجب بها و بموهبتها وشغفها في الطبخ و قرر الإرتباط بكارما بعد فترة من العمل سوياً..ترددت كارما في الإرتباط بياسر قليلاً ثم اقتنعت انه مناسب لها فهي تثق فيه و معجبة بعمله و بشخصيته، و قد كان..تم الإتفاق و تقابلت أسرة ياسر مع أخيها و تمت خطبتهما في حفل صغير...)في محافظة كفر الشيخ يجلس شاب على مقعد خلف مكتب خشبي ضخم يضغط بكف يده على الهاتف وهو يصرخ بغضب و وجهه يتلون بأثر غضبه و عيناه تطلق شرارات خطيرة..
أدم بغضب : يعني حتة بنت زي دي مش عارفين تجيبوهالي؟..ينصت للطرف الأخر قليلاً ثم يستطرد بعصبية و حزم : مش مشكلتي انك مش قادر توصل لعنوانها و مكان شغلها..تقلبلي عليها الدنيا لحد ما تلاقيها و تجبهالي هي و ابن سهام هنا بسرعة!
يغلق الهاتف بغضب ثم يصرخ بصوت مرتفع : بديعة..يا بديعة.
تأتي سيدة بسيطة أربعينية ترتدي جلباب أسود و غطاء رأس من نفس اللون تركض نحوه و عيناها لأسفل لتقول بهدوء : أيوة يا أدم باشا تأمرني بإيه حضرتك؟
أدم بتسأل : الحاجة عاملة ايه.. و صحتها كيفها دلوقت؟
بديعة بحزن : لسة زي ما هي مش بتأكل إلا القليل و دايماً شاردة و مش بتوقف بكا.
لمحة حزن تشوب عيناه ثم يتنهد بحزن و هو يلتقط قلم و يضغط عليه بغيظ حتى ينكسر بيده.
( أدم مراد الألفي..35 عام..خريج تجارة و بعد وفاة والده صار كبير عيلته..لديه أخت واحدة و هي سهام زوجة محمد..كان أدم و محمد زميلان بنفس الجامعة كما أن محمد دائماً ما كان يتردد على البلد لزيارة جده و قد اعجب محمد بسهام بشدة وهي أيضاً بادلته الإعجاب و ما أن صارح صديقه أدم برغبته بالزواج من أخته..حتي رفض الأخير لان أخته موعودة بالزواج من ابن عمه و لا يصح كسر عاداتهم..لتثور اخته و تعترض علي رأي أخيها التي كانت تظن انه سوف يباركلها علاقتها من صديقه لتصدم سهام من موقف أخيها الشاب المتعلم من عادتهم العقيمة..لتقرر الهرب من المنزل، لتسافر للأسكندرية عند محمد بدون علمه..ليتفاجأ بها الأخير أمام باب منزله و هي تخبره انه لو أرسالها بعيد ورفض مساعدتها و قرر اعادتها لعائلتها سوف تقتل حالها علي أن تتزوج من شخص تبغضه كإبن عمها هذا الموعودة له.. ليتزوجا و يصدم أدم من فعلتهما و يقرر أنه خسر اخته و صديقه فلا علاقة تربطه بهم بعد ما حدث.
ثارت العائلة كلها بعد فعلة اخته و خصتاً ابن عمه( جمال عماد الألفي ) الذي غضب بشدة و قرر أن ينفصل بحصته من أعمال العائلة و قطعت العلاقات في الباطن لكنها موجودة في الظاهر فقط )في مبنى ضخم و أنيق يحمل لافتة كتب عليها( مديرية آمن الأسكندرية)
يدلف شاب وسيم داخل المبنى بعد أن صف سيارته السوداء ذات الدفع الرباعي..يسير بثقة عبر اروقة المبني و الأعين تتبعه بإحترام و اعجاب، ليدلف لغرفة مكتبه..و بعد فترة يسمع صوت هاتفه ليرفعه ثم يجيب عليه
- تمام يا فندم دقيقة و أكون عند حضرتك.
( حمزة مصطفي الوكيل..35 عام ضابط شرطة ممتاز ذو جسد عضلي ضخم..أصلع..عيناه خضراء..يخشاه الجميع، عائلته معروفة بأصلها و ثرائها..لديه أخت واحدة فقط متزوجة، كان زير نساء فيما سبق لكنه يحاول أن يهتدي..والديه دائماً ما يطلبان منه الزواج لكنه لم يجد بعد الفتاة التي تجعله يود الزواج منها..فهو متأكد انه عندما يجدها لن يتركها أبداً! )
طرق علي باب مكتب رئيسه ثم دلف للغرفة برسمية..أدى التحية العسكرية : تمام يا فندم.
رئيسه بجدية : استرح يا حضرة الضابط..قضية دسوقي رزق وصلت فيها لايه يا حمزة؟
حمزة برسمية : كله تحت السيطرة سعادتك و قدرت أنا والرجالة نعرف معاد و مكان تسليم الأسلحة و إن شاء الله هنقدر نوقعهم متلبسين.
رئيسه بإعجاب : هايل يا حضرة الضابط كنت متأكد ان انا اقدر اعتمد عليك في اي قضية.يتبع....
فوت وكومنت برأيك بقى❤️
أنت تقرأ
امرأة بعثرت كياني🌹(سمر خالد) مـكتــملة
Humorالملخص : اعترف لنفسه بوقعه بالحُب! ذلك الشعور الغامض ،الذي لم يحسبُ له حساب... فقط سقط لأُذنيه به، و مع من؟ مع إمرأةً تُمثل كل ما يبغضهُ بالنساء، لكنه الآن تأكد أن الموازين انقلبت... و صار يعشقُ كل ما كان يكرهه... لقد بدلته، صنعت منهُ شخص لا يعرفه...