٦-حياة أخرى

3.8K 72 2
                                    

الفصل السادس:
"فشلت جميع محاولاتي
في أن أفسر موقفي
فشلت جميع محاولاتي
فتقبلي عشقي على علاته
وتقبلي مللي ..وذبذبتي..وسوء تصرفاتي
فأنا كماء البحر في مدي وفي جزري وعمق تحولاتي
إن التناقض في دمي وأنا احب
تناقضاتي" <نزار قباني>

أنهى عمله لليلة أخيرًا...كان يشعر بالإستنزاف و التعب، لكن رغم ذلك كل يوم ينتظر موعد ذهابه للعمل بلهفة...و بعد أن يأتي موعد العودة للجحيم رغم الإرهاق و التعب، لكنه يحاول قد ما يمكنه أن يأجل العودة...و لمن سوف يعود؟
لتلك الدمية المدعية، ذات الرأس الفارغ، و الجسد الذي لم يعد يغريه...و بماذا يفيد جمال الجسد إذا كانت النفس مريضة، اصابها العطب بفعل الحقد و الكراهية.

زفر بتعب و هو يخلع مئزره، ثم قبعته البيضاء...جلس فوق أحد المقاعد، و أغلق عيناه بإسترخاء لم يكد يهنئ به...لينتفض بعينان متسعتان، واقفاً ينظر حوله غاضباً متأهباً...لتقع عيناه على تلك الفتاة التي تقف مصدومة، تنظر بفزع لأكوام الأطباق المهشمة...و اصبحت شظايا اسفل قدميها!
يتقدم نحوها بقدمين تحفر الأرض أسفله، و وجه يرتسم على صفحته الغضب، ليتوقف أمامها للحظات، علها تخرج من صدمتها لتواجهه...لكن لم يحدث!

ليصيح بها بعصبية ،جعلت جسدها يرتعش خوفاً.
- ايه إلى أنتِ هببتيه ده؟ ايه إلى شغلك هنا مادام مش عارفة تمسكي كام طبق؟
اغمضت الفتاة عيناها بألم، علها تجد ذلك الغاضب أختفى من أمامها...لكن عندما فتحتهما وجدته كما هو ينظر لها بغضب يكاد يحرقها بمكانها!
تبدأ الفتاة تتحدث، متلعثمة لا تكاد تكمل كلمة.
- أااانا...آسـ...فـ..ـة، واااا
يقاطعها بقسوة، و هو يصيح بوجهها يقاطع تلعثمها.
- كمان مش عارفة تتكلمي؟ أنا عاوز أفهم ازاي دخلتي هنا من الأساس.

دلف للغرفة احد الشباب المساعدين له، أسرع نحوهما يتفحص ما يجري بينهما بتعاطف موجه نحو تلك الفتاة المسكينة، التى تكاد أن تسقط بأرضها من الخوف.
يربت الشاب على كتف رئيسه، يطلب انتباهه.
ينظر له رئيسه بعينان تطلق الشرار.
- أهدى يا شيف ياسر، صلى على النبي...و تعالى معايا بس و سيب "مروج " تلم الأطباق إلى اتكسرت دي.
دفعه الشاب برفق، تحرك ياسر معه و مازالت عيناه شاخصة نحو تلك المروج بعدائية خالصة موجهة نحوها.
خرجا ياسر و ذلك الشاب، تاركين خلفهم مروج التى سمحت لعبراتها بالهطول أخيرًا.
انخفضت مروج تلتقط القطع الكبيرة المنكسرة، ثم تذهب و تلقي بهم بالقمامة...بقيت تجمع القطع هكذا، و تبكي بحرقة لما تعرضت له...و تلعن بداخلها كل شئ، جعلها كما هي الأن.
لعنة حظها، لعنة حاجتها، لعنة ضعفها، لعنة تلعثمها الذي لا يد لها به...كل شئ ساعد على أن تكون هكذا...بقيت ترثى حالها هكذا حتى جمعت كل القطع ، ثم وضعتهم بسلة واحدة...لتخلع مئزرها ببطء، ثم خرجت من المطعم من الباب الخلفي، حتى لا تواجه ذلك المتجبر مرة أخرى.
   ***********
تجلس بالمقعد الخلفي للسيارة، و بجوارها أنس الغارق في نوم عميق...و يستند على صدرها الرحب بإرتياح، توجه نظرها للنافذة بجانبها...تتطلع على الطريق بشرود، تسترجع ذلك اليوم عندما رأت أدم يقف أمامها بغرفة ضابط الشرطة، و يساومها على حياتها.
يعاد المشهد داخل رأسها، كأنه يعرض بشاشة أمامها مراراً...بدأً بظهوره الغير مريح، مروراً بصرفه للمحامي فريد!
- ايه إلى جابك هنا يا أدم؟ و اشمعنا دلوقتي بس ظهرت!
ينظر لها أدم بإعجاب، لم يتخطى أفكاره ليصل لها...بل أحسن هو في إظهار لا مبالاته و البرود.
- أكيد مش جاي علشانك مثلاً...ممكن تقولي جاي علشان أنقذ ابن سهام، من تهورك و حياتك الملغبطة...جاي أرجع الأمانة لأصحابها.

امرأة بعثرت كياني🌹(سمر خالد) مـكتــملة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن