١١-أحبني وكفى

3.3K 67 3
                                    

الفصل الحادي عشر :
أحبني كما أنا..بلا مساحيقَ..ولا طلاء..أحبني بسيطةً عفويةً..كما تحبَّ الزهرَ في الحقول..والنُّجوم في السماء..فالحبُّ ليس مسرحاً نعرضُ فيه آخر الأزياء..وأغربَ الأزياء..لكنهُ الشمس التي تضيئ في أرواحنا..والنبلَ والرُّقي والعطاء..أحبني بكلِّ ما لدي من صدقٍ ومن طفولة..وكلّ ما أحمل للإنسان من مشاعرَ نبيلة أحبني غزالةً هاربة من سلطةِ القبيلة..أحبني قصيدةً ما كُتبت..وجنةً على حدودِ الغيم مستحيلة..أحبني لذاتي..وليس للكحلِ الذي يمطرُ من العينين..وليسَ للوردِ الذي يلوِّن الخدين..وليسَ للشَّمع الذي يذوب من أصابع اليدين..أحبني تلميذة تعلمت مبادئ الحبِّ على يديك وكم جميل معكَ الحوار..أحبني إنسانةً من حقها أن تصنع القرار..أحبني من أجل فكري وحده..لا لامتداد قامتي..أو لرنين ضحكتي..أو لشعري الطويل..والقصير أو جسدي المغزول من ضوءٍ ومن حرير..أحبني شريكةً في الرَّأي والتفكير..أحبني حضارةً وقيمةً وموقفاً..وامرأة شجاعةً تحلمُ بالتَّغيير! - نزار قباني

كانت تطل من نافذتها بشرود، و عقلها يحيك العديد من الأفكار التى تأرقها، فترفض عيناها الإستسلام لإغراء النوم...فالنوم ترافقه الأحلام، و هي قد اكتفت من الأحلام، فواقعها لا يعترف بأحلامها الحمقاء الوردية..."فالقلب ينشد الخيال، و العقل متشبثًا بالواقع!"
تنهدت مهرة قبل أن تغلق عيناها بشدة، علها تمحي تلك الأفكار العالقة خلف مقلتيها تعذبها، فترى وجهه الخشن المحفور داخل عقلها...لتسخر من نفسها مؤنبة
" هنيئاً لكِ بالألم..فلقد انشغل قلبك بغريب لا تعرفينه حتى..هل أنا لهذا الحد يأسة! لماذا يعتريني شعور أن ذلك الرجل سوف يحدث فرقاً بحياتي؟..هل مشاعري هشة لدرجة الإنسياق خلف أياً يكن، أم هذا الغريب هو المميز.. لكن كيف و متى؟ هل خرافة الحب من أول نظرة حقيقية؟..لكني أرفض هذا الحب الأهوج، حب بدون أساس ثابت..حب يبعثر كياني من مجرد نظرة، و يجمعه بالأخري..لا هذا الحب سوف يصيبني بالجنون حقاً! "
هكذا كانت أفكار مهرة تموج بداخل عقلها، لكنها نحتها جانباً ثم تحركت نحو خزانة ملابسها..إختارت ثوب طويل يلف جسدها بأكمله بإتساع لا يظهر مفاتنها...لكنه يظهر أناقة صاحبته، ارتدت حجابها ثم خرجت من الغرفة، ثم من المنزل بأكمل بعد أن استأذنت من والدتها بالخروج.
كانت تسير بعزم و نظراتها تنطق بالإصرار، و لسان حالها يقول  " تلك المواجهة تأخرت بما يكفي...لكن حان الأن فقط وقتها، لهذا الحد و كفى!"
سارت بطريقها تقطع المسافات سريعاً، و يساعدها بذلك طول قامتها، و ذلك العزم المرافق لها...تدعو أن تتوفق في ما تنويه.
*******
كان مازال بمكانه جالساً تحت نفس الشجرة، حين سمع صوت خطوات سريعة تقترب منه..اعتدل جمزة واقفاً، و عيناه تدور حوله يفحص المكان، و إذا هناك من يمكن أن يراه هنا...و عندما تأكد من خلو الطريق إلا منهما، سار نحو ذلك الزائر المنتظر حتى توقفا متواجهين...ينظر كل منهما للأخر بغموض، قبل أن يقطع الشخص الآخر الصمت بأن أردف بصوت منخفض نسبياً، و هو ينظر حولها كما فعل حمزة.
- حمزة باشا، ممكن نروح تحت الشجرة إلى هناك دي و نتكلم..حرصاً بس أن حد يشوفنا َ يشك فينا.
نظر له حمزة بجدية، قبل أن يومأ بحفة و سار معه حتى وقفا خلف جزع الشجرة.
ليتذكر حمزة شئ حدث منذ عدة أيام، و يبدو انه أتى بثماره الآن!
Flash Back...
بيوم كان حمزة يتمشى مع معتصم جهة الأراضي الزاعية...يتأملا المحاصيل، و يتحدثا عن القضية...ليلفت نظرهم شاب يجلس أسفل احد الأشجار المقابلة لبركة ماء، و يلقي كل فترة حجرة بقوة و غيظ...كان يبدو عليه الحزن الشديد، و ما أن اقتربا منه حتى شرع فى البكاء بقهر و غضب، و هما ينظران له بحيرة و شفقة...و عندما اقتربا بما فيه الكفاية، لاحظا تلك الكدمات التى أعادت تشكيل وجهه، و بعض الدماء تقطر من شفتاه، و من انفه، و هناك جرح بجبينه يحتاج لتقطيب مؤكداً.

امرأة بعثرت كياني🌹(سمر خالد) مـكتــملة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن